“البلاد” تنظم ندوة عن خصائص ومميزات المسرح البحريني
| أسامة الماجد
نجم: المسرح البحريني موجود على الخريطة الثقافية وبقوة الحمدان: الحراك المسرحي متبعثر و “الصواري” أحدثت الانقلاب الرويعي: لا يوجد عندنا مسرح في البحرين وإنما تجارب وقفزات
لقد مضى على أول تجربة مسرحية في البحرين نحو 90 سنة، وإذا تصفحنا هذا التاريخ لابد أن نتساءل: هل استطاع المسرحيون في البحرين أن يكونوا مسرحا له خصائصه ومميزاته؟ هل عندنا المسرح الذي يعيش بين الشعب ويصبح جزءا من حياته؟ المسرح الذي يعمل لصالح الناس وينطلق من حاجاتهم ورغباتهم؟
تلك كانت محاور الندوة التي أقامتها “البلاد” عن بعد، وشارك بها كل من الأديب راشد نجم أمين عام أسرة الأدباء والكتاب، والناقد المسرحي يوسف الحمدان، والفنان خالد الرويعي رئيس مسرح الصواري، وفيما يلي نستعرض أهم ما جاء في الندوة:
راشد نجم:
العنوان في حد ذاته جميل جدا، وهو “مميزات وخصائص المسرح البحريني”. بلاشك لكل مسرح في أي بلد خصائصه ومميزاته يستند إليها، والبحرين ومن خلال السرد التاريخي وكل المراحل التي انتقل فيها للمسرح البحريني على مدى 90 سنة، هل استطاع أن يكون شاغل الناس؟
بالمقاييس والمفاهيم لابد أن نفصل بين مرحلة ما قبل 1970 وبعدها؛ لأني أعتقد أن التأسيس السليم للمسارح في البحرين بدأ في العام 1970 مع تأسيس مسرح أوال، ومن ثم المسارح الأخرى، والتي صاحبها تراخيص من الحكومة وانتخابات وإدارات ولجان عاملة، ولجان تشرف على العروض المسرحية، ولم يعد العرض المسرحي مزاجا فرديا مثلما كان الأمر في السابق.
وتابع نجم: بلاشك لقد أصبح المسرح البحريني قريبا من اهتمام الناس والجمهور وأصبح يناقش الكثير من القضايا المهمة، فعلى سبيل المثال ناقشت مسرحية “كرسي عتيج” الفساد الإداري، وهذا كان في العام 1970 وفي ذلك الوقت لم يكن أحد يجرؤ على طرح مثل هذه المسألة.
المسرح يشكل الآن دعامة مهمة جدا في حياة الناس، أولا في استمرارية العروض التي تقدمها المسارح، وأيضا بوجود النص المحلي بمفهومه الحقيقي، وهناك أسماء اختطت لنفسها نهجا في التأليف مثل عبدالرحمن المعاودة، عقيل سوار، عبدالرحمن بركات، خليفة العريفي، عيسى الحمر، يوسف الحمدان وغيرهم، وكذلك المخرجين والممثلين المحترفين الأكاديميين الذين ساهموا بشكل كبير في نشاط المسرح البحريني، وازدهاره.
كل ما تقدم هي أسس وظواهر مهمة جدا أكدت أن المسرح البحريني أصبح موجودا الآن على الخارطة الثقافية وبقوة بالرغم من كل مشاكله، وهذا موضوع آخر. هناك جوانب مضيئة في الحراك المسرحي البحريني الذي صمد طوال 50 سنة بالرغم من كل المعوقات؛ لأن هناك من يضحي.
يوسف الحمدان:
نظل نبحث عن أسئلة أخرى: هل الحركة المسرحية ومنذ السبعينات مع تأسيس الفرق الأهلية، استطاعت أن تشكل تيارا مسرحيا يحمل روحا حداثية مغايرة تتماشى مع الرؤى الحداثية الجديدة التجريبية في المسرح العربي والعالمي، أم ظل هذا الحراك رهن القضية والرسالة الدعوية ورهن الإمكانات المتواضعة التي تحاول أن تجتهد من أجل أن يظل هذا المسرح كهمزة وصل بين من يعمل فيه وبين الجمهور.
الحراك المسرحي في البحرين متبعثر ولم يستطع أن يخترق النواميس القهرية ، إذ لم يكن هناك مسرح يحمل اتجاه، إلى أن جاءت فرقة مسرح الصواري التي أحدثت انقلابا هائلا وخطيرا جدا في الحراك المسرحي البحريني، أولا بالاشتغال على مناطق التجريب، ومعالجة الرؤى المختلفة الجديدة، وأيضا في عدم الاتكاء على الحالة الأفقية السردية النصية الثابتة الجامدة.
وأشار الحمدان إلى ربان سفينة التجريب الفنان عبدالله السعداوي الذي قاد تلك المرحلة قبل تأسيس فرقة مسرح الصواري من خلال أنشطة نادي مدينة عيسى.
نستطيع القول “الكلام للحمدان” إن فرقة الصواري هي أول من أخرجت المسرح البحريني من إطاره الضيق إلى النطاق العربي والعالمي، وهي أيضا أول فرقة عربية تحصل على جائزة أفضل إخراج في مهرجان دولي، وهو مهرجان القاهرة التجريبي، وذلك بفوز عبدالله السعداوي بجائزة أفضل إخراج عن مسرحية الكمامة. ومن ثم توالت المشاركات للفرقة.
إلى جانب ذلك ظل الحراك المسرحي لا يعبأ ولا يهتم بأهمية الاشتغال على جانب الورش في المسرح، بخلاف الصواري الذي أثار هذا الحراك واشتغل على الورش المسرحية، وبالتالي صار هناك إعداد ممثل، وسينوغرافيا والتي لم تكن معروفة في مسرحنا البحريني، وإعداد للمخرج، وأيضا التواصل مع بعض الاتجاهات المسرحية العالمية.
لا يمكن أن نتحدث الآن في التعميم عن مسرح بحريني، ولكن ممكن أن نتحدث عن اتجاه وتجارب “السعداوي، إبراهيم خلفان” خالد الرويعي، وأسماء أخرى من الشباب” هي الاستثناءات في حراكنا المسرحي.
وأخيرا أشار الحمدان إلى أن المسرح البحريني ظل فترة طويلة مغيبا عن الأسئلة، مثل ماذا نعني بالمسرح، ماذا نعني بالإخراج، ما رؤيتنا الجديدة للمسرح، بيد أن الصواري دخل في هذه المنطقة.
خالد الرويعي:
لا أريد أن أكون قاسيا على أنفسنا ولا على الحركة المسرحية، ولكني أقول: لا يوجد لدينا مسرح في البحرين عندما نتحدث عن حركة مسرحية، فهذا يعني التحدث عن ذخيرة من الحراك والنقاشات، والنصوص والتوجهات. ودعني أضرب لكم مثلا من أسماء روادنا، فعندما أريد كباحث أن أدرس الفنان محمد عواد، ما التاريخ الذي سأستند إليه؟ سواء كمؤلف أو كمخرج أو كفان، ما الذخيرة التي يمتلكها...لا شيء..
ما عندنا مجرد تجارب وقفزات وليس حركة مسرحية، ومشكلتنا أيضا هي التمسك بتلك التجارب بحب وليس بمنطقية ودراسة وبمهنية.
وتساءل الرويعي: من هو كاتب النص الذي نشير إليه بالبنان من جميع النواحي، كالتطور في النص وغيره..لا يوجد.
حتى الذي قلب المعادلة في المسرح البحريني استاذنا السعداوي هو مجرد حالة فردية، وأيضا تجربة الصواري لم تتنامَ وتستمر، وبالنسبة لمسرح أوال، فهي التماعات بسيطة، فالفنان عبدالله يوسف” الله يعطيه الصحة والعافية” حصيلته وعلى مدى أربعين سنة أو أكثر 4 أو 5 أعمال فقط.
وتابع: أرجو أن لا يفهم كلامي على أنه تقليل من المسيرة، ولكن هذا هو المشهد ككل. فنحن ومنذ 15 أو 20 سنة لا يوجد عندما مسرح بالمفهوم الحقيقي بل تجارب، نفتقد إلى تراكم الخبرات وأشياء عديدة، وبالرغم من اقترابنا من مرور 100 سنة على المسرح البحريني، ولكن لا توجد ملامح لهذا المسرح.
وختم الرويعي: نفتقد إلى النظرة المستقبلية ولابد أن نعيد ترتيب أمورنا ككيانات منظمة، وليس العمل بالتطوع.