لا أنسى موقف جلالة الملك في زيارته لشرم الشيخ
| أجرى الحوار: سعيد محمد (تصوير: رسول الحجيري)
تعاون وتواصل بين القطاعات الثقافية حتى في ظل الجائحة مواقف البلدين متطابقة حيال قضايا “الهم العربي” وأبرزها الفلسطينية نجاح البحرين يستحق التطبيق كنموذج يحتذى به في مواجهة “كورونا”
تصدر الحديث عن العلاقات البحرينية المصرية الوطيدة، وكذلك المحاور الاقتصادية والاستثمارية بين مملكة البحرين وجمهورية مصر العربية، وآفاق التعاون المشترك وجذب الاستثمارات بين دول مجلس التعاون ومصر محطات الحوار مع السفير المصري في البحرين ياسر شعبان في الحلقة الأولى، علاوة على خطوات طموحة يمكن ترجمتها على أرض الواقع مستقبلًا لتعزيز التعاون الاقتصادي.
وفي هذا الإطار، لفت السفير إلى رؤية طموحة بوجود مجموعات اقتصادية مصرية كبيرة تعمل خارج مصر بحجم استثمار يصل إلى 5 مليارات دولار في 28 إلى 30 دولة، وبالإمكان استقطاب جزء من هذه الاستثمارات إلى مملكة البحرين؛ باعتبارها بيئة جاذبة للاستثمارات الأجنبية وشعبها يتمتع بقوى عاملة تمارس كل المهن، وهي منصة تصدير للمنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، ومنها إلى دول مجلس التعاون الخليجي.
وفي هذه الحلقة، سنتوقف عند محطات أخرى مهمة للغاية، لاسيما على صعيد التعاون الثقافي والسياحي، فيما تتجلى المواقف المتطابقة بين البلدين تجاه قضايا العالم العربي، سنقرأها في هذه السطور:
موقف لا أنساه لجلالة الملك
على مستوى التعاون الثقافي والسياحي بالطبع تأثر الجميع بجائحة كورونا، إلا أنه من الأهمية بمكان أن نتحدث عن المستقبل، والمرئيات بشأن الترويج السياحي من جهة، وتنظيم الأيام الثقافية، كيف يمكن أن نراها في المستقبل بعد انقضاء الجائحة؟
يحضرني موقف لا يمكن أن أنساه، وهو يجسد الدعم الكبير من لدن عاهل البلاد صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، للسياحة في مصر، فأعود بالذاكرة إلى العام 2015 وهو عام السياحة المصرية وقتذاك، وقد شرفنا جلالته بزيارة إلى مصر في إطار المحبة والمودة بين جلالته وفخامة الرئيس السيسي، وبالطبع، المحبة الكبيرة بين الشعبين، ولهذا أعبر عن خالص شكري وتقديري لجلالته واعتزازنا بإطلاق اسم جلالته على شارع في خليج نعمة بشرم الشيخ، وفي تلك الزيارة الميمونة التقى جلالته بالسياح الأجانب وتحدث معهم وكانت السعادة غامرة.. كنت آنذاك سفيرًا لمصر في المكسيك، ونقلت هذه المشاهد للزملاء في لقاءاتنا مع أعضاء السلك الدبلوماسي كتعبير عن الشكر الجزيل والثناء لجلالة الملك الذي له محبة كبيرة لدى الرئيس السيسي والشعب المصري، ولا ننسى هذا الدعم الكبير.
لست غريبًا عن البحرين
وإذا تحدثنا عن التعاون الثقافي، فأنا لست غريبًا عن البحرين وأعتبر نفسي ابن هذا البلد الكريم، ابني إياد يبلغ من العمر 21 سنة وهو في السنة النهائية في كلية علوم الحاسب الآلي في الجامعة الأميركية بالقاهرة، أما ابني تميم فهو من مواليد البحرين ويدرس حاليًا في الصف الثاني ثانوي بمدرسة سانت كريستوفر، ولأنني ابن البلد حيث سبق لي الخدمة في هذه السفارة كمستشار ونائب للسفير في الفترة من عام 2003 وحتى العام 2007 ، لكن يوم 26 أغسطس 2019 كان يومًا لا ينسى حيث تلقيت خبر تعييني سفيرا لدى مملكة البحرين بترشيح من السيد رئيس الجمهورية، وعلى المستوى الشخصي والأسري حمل لي ذلك اليوم سعادة كبيرة وطموحا كبيرا، حتى لوالدتي رحمة الله عليها، والطموح هو استكمال خطوات وانجازات سفراء وأخوة أعزاء سبقوني ولهم كل التقدير والاعتزاز.
تميز هيئة البحرين للثقافة والآثار
طوال تلك السنين، شهدت أيامًا ثقافية كبيرة، وعشت نشاطًا ثقافيًا دائمًا ومستمرًا، ويشرفني أن أحيي هذا الجهد المتميز من جانب رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة لما حققته من عمل يشار له بالبنان، وهو أمر مشهود لدى وزراء الثقافة المصريين الذين عملوا وتعاونوا معها، وشخصيًا شهدت مهرجان ربيع الثقافة وليالي صيف البحرين منذ العام 2003، وحتى أثناء تواجدي في مصر، ومن خلال تواصلي ومتابعتي وإطلاعي على الصحافة والإعلام في البحرين، كنت أتابع كل الفعاليات ومنها مهرجان البحرين للموسيقى ومشاركة الفنانين والمثقفين والأدباء والموسيقيين المصريين، أضف إلى ذلك المشاركات البحرينية الكبيرة كالحفلات في القاعة الكبرى بدار الأوبرا المصرية ومنها حفل المايسترو البحريني وحيد الخان في أواخر عام 2019، وسعدنا كثيرًا به، لهذا فالتواصل قائم حتى في ظل الجائحة من خلال الجهود المشتركة للقطاعات الثقافية في البلدين وهناك مشاركات مصرية تمت خلال العالم 2020، نتواصل من خلال الفضاء الالكتروني لمتابعة الفعاليات الثقافية سواء من جانب هيئة البحرين أو دار الأوبرا والمسرح القومي بوزارة الثقافة المصرية، بل ونسعى لتعزيز كثير من الأفكار والتعاون الثقافي بين مصر والبحرين ودول الخليج.
تطابق مواقف البلدين
سننتقل معكم سعادة السفير إلى دور مهم لا تزال مصر تحافظ عليه لثقلها في العالم العربي والإسلامي ودورها الكبير، هل تجدون أن الدولة المصرية تحظى بالمواقف الداعمة والمؤيدة من جانب الدول العربية تجاه ملفات كثيرة حساسة وساخنة في المنطقة.. لا نريد تحديدها لحساسيتها، ولكن نتحدث وفق منظور عام؟
الهم العربي هو الهم الأساسي لجلالة الملك وفخامة الرئيس ، فالقضايا العربية كثيرة ومتشعبة والسنوات العشر الأخيرة أتت بكثير من المشكلات أكثر مما أتت بحلول على مستوى عالمنا العربي.
وبالتأكيد، التنسيق وبدعم مملكة البحرين من جلالة الملك والحكومة برئاسة سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة، هو دعم تام وتطابق كامل للموقف المصري في كافة قضايا الهم العربي وأولها القضية الفلسطينية وهي قضية كل العرب، وموقفنا المتطابق هو التمسك بحق الشعب الفلسطيني بدولته المستقلة، وكذلك التمسك بحل الدوليتن وإقامة دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو 1967 عاصمتها القدس الشرقية، وهناك سعي دائم تجلى في الاجتماع الطارئ لوزارة الخارجية العرب في 8 فبراير 2021 وترحيب مملكة البحرين بالطرح المصري الأردني لاقامة هذا الاجتماع لتشكيل الزخم لدى المجتمع الدولي والإدارة الأميركية الجديدة بأن القضية الفلسطينية ستظل هي القضية العربية الأولى.
ولو تحدثنا عن الأزمة اليمنية فالمواقف متطابقة لدعم اتفاق الرياض، وجهود المملكة العربية السعودية والمجتمع الدولي، بالإضافة إلى دعم دور دولة الإمارات العربية المتحدة لتمكين الشرعية، ووقف كل الهجمات الإرهابية التي تقوم بها جماعة أنصار الله، وفي الشأن الليبي، لدينا ترحيب كامل بما أسفر عنه تشكيل المجلس الرئاسي المؤقت وتأييدنا الكامل للحكومة الانتقالية في مسعاها، وتأكيدنا على سيادة ليبيا وحق الشعب الليبي، وخروج كافة القوات الأجنبية والمرتزقة من التراب الليبي.
بالنسبة لسوريا، لقد دعمنا كل مسارات العمل السياسي الخاصة باستعادة العملية السياسية ومخرجاتها على مستوى الأشقاء في سوريا، وعمومًا، كل القضايا العربية بحمد الله، تتطابق فيها وجهات النظر البحرينية المصرية، على مستوى جلالة العاهل وفخامة الرئيس، وعلى مستوى التواصل والتنسيق بين وزير الخارجية سامح شكري ووزير الخارجية البحريني عبداللطيف الزياني كما تجلى في لقائهما بجمهورية اليونان يوم 11 فبراير 2021 على هامش انعقاد منتدى الصداقة، وكذلك في الاجتماع الوزاري الطارئ بالجامعة العربية يوم 8 فبراير بالقاهرة.
فوز المنتخب البحريني بكأس الخليج
سعادة السفير “ندردش” قليلًا قبل الختام في بعض المواقف والذكريات، يقال أنك تنبأت وأبلغت السفير هشام الجودر بفوز منتخب البحرين بكأس الخليج “خليجي 24”، كيف ذلك؟
لأنني أحمل للبحرين وقيادتها وشعبها كل الخير، كنت في حديث يوم 8 ديسمبر 2019 خلال لقائي بالأخ هشام الجودر قبل ذهابه إلى القاهرة وبدء مهام عمله كسفير للبحرين، فنحن سفيران نعمل في سفارة واحدة إن جاز التعبير ، وكنا آنذاك نحضر نهائي كأس الخليج وخلال حديثي قلت له - وأنا لست خبيرا كرويا، صحيح لعبت كرة القدم في مراحل الصبا والشباب حالي حال الجميع – لكنني قلت له بأن البحرين ستفوز بالكأس، حيث أنني رأيت الحماس والتنظيم وارتفاع مستوى المنتخب وروح الإصرار التي ظهرت في لقائهم مع المنتخب العراقي الشقيقي، وكانت سعادتي غامرة حينما فاز منتخب البحرين ومع صفارة الحكم وحارس منتخب البحرين محمد جعفر يصد ضربة الجزاء بطريقة احترافية ولا أنسى هذه اللقطة، ثم تبادلت التهاني مع السفير الجودر وكنت سعيدًا جدًا بفوز عزيز مستحق، وفي الحقيقة ما زلت أحمل السعادة وآثارها السعيدة وهي بمثابة حديث جميل في لقائي مع وزير الشباب والرياضة أيمن المؤيد أو مع رؤساء الاتحادات الرياضية واتحاد الكرة البحريني والمصري، وقد طرحت فكرة تنظيم لقاء بين منتخبي البحرين ومصر لكن ظروف جائحة كورونا أثرت، وبالطبع لا نستطيع تنظيم مثل هذا اللقاء بدون جمهور حيث سيبدو “دمه ثقيل”، لكن الفكرة موجودة والمنتخبان المصري والبحريني بنجومهم ومنهم “محمد صلاح” سيكون تتويجًا كبيرًا.
خلال وجودي في البحرين عام 2006 فاز النادي الأهلي المصري بالمركز الثاني في كأس العالم وفي عام 2012 فاز بالمركز الثالث بكأس العالم للأندية، والخلاصة هي أن المحبة تولد التفاؤل، والجهد يولد الانتصار والشعور الزهو والفخر لدى الشعبين الشقيقين.
البحرين في الجائحة: تعظيم سلام
سمعنا من سعادتكم كلامًا جميلًا حول جهود البحرين خلال الجائحة، لنختم لقاءنا الطيب بها؟
أعرب عن خالص التقدير لمملكة البحرين بتوجيهات جلالة العاهل، وفريق البحرين بقيادة صاحب السمو الملكي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء رئيس اللجنة التنسيقية العليا على الجهد المتميزة في مكافحة الفيروس، في الحقيقة، ظهرت البحرين على مستوى عالمي متقدم فهي الدولة الرابعة على مستوى العالم من حيث التطعيمات ونسب الشفاء، وخالص التقدير مني ومن أعضاء السفارة وكذلك الجالية المصرية على الرعاية الصحية الكاملة طوال فترة الجائحة بتوفير اللقاح المجاني بين المواطنين والمقيمين، وهذه الجهود الحثيثة بدأت منذ اللحظة الأولى واثمرت عن وعي لدى المواطنين والمقيمين، وعن تعاون كبير جاءت ثماره بإشادات دولية وإقليمية ومنظمات دولية لكل جهد مبذول وتهنئة على نجاحها.
حضرت حملات التطعيم مع كثير من أعضاء السفارة، ولقد رأينا التعاون الكامل على مستوى الوزارات والجهات والسلطات، ونعتز بالتجربة البحرينية الناجحة على مدار عام كامل، وتستحق التطبيق كنموذج يحتذى به على المستوى العربي والدولي.
لمتابعة الحلقة الأولى من الحوار:
جذب مجموعات اقتصادية مصرية دولية بـ 5 مليارات دولار