سوالف

العالم يبكي عندما نخسر صديقا

| أسامة الماجد

ذات‭ ‬يوم‭ ‬قال‭ ‬الفيلسوف‭ ‬الهندي‭ ‬“أوشو”‭ ‬لأحد‭ ‬تلاميذه‭ ‬“الأرض‭ ‬بذرة،‭ ‬والأصدقاء‭ ‬هم‭ ‬الثمار،‭ ‬ارقص‭ ‬مع‭ ‬الموت‭ ‬وتوجع‭ ‬معه،‭ ‬لكن‭ ‬لا‭ ‬تخسر‭ ‬صديقا‭ ‬يحبك‭ ‬ويبادلك‭ ‬الإخلاص”،‭ ‬وهناك‭ ‬حكمة‭ ‬صينية‭ ‬قديمة‭ ‬وجدت‭ ‬في‭ ‬مخطوطة‭ ‬بأرض‭ ‬“التيبت”‭ ‬تقول‭.. ‬“تشدنا‭ ‬الحكمة‭ ‬دائما‭ ‬إلى‭ ‬كسب‭ ‬الأصدقاء،‭ ‬لأنهم‭ ‬مفاتيح‭ ‬سعادتنا”،‭ ‬وليس‭ ‬هناك‭ ‬أروع‭ ‬من‭ ‬العبارة‭ ‬التي‭ ‬قالها‭ ‬الشاعر‭ ‬العظيم‭ ‬بابلو‭ ‬نيرودا‭ ‬“الصديق‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬يكتب‭ ‬لحن‭ ‬الربيع‭ ‬ويمسح‭ ‬الدموع‭ ‬ويفجر‭ ‬روح‭ ‬الحياة‭ ‬فينا‭.. ‬فلا‭ ‬تخسروهم”‭.‬

أما‭ ‬دايل‭ ‬كارنيغي‭ ‬فيأخذنا‭ ‬إلى‭ ‬أفق‭ ‬أبعد‭ ‬حينما‭ ‬يخبرنا‭ ‬أننا‭ ‬جميعنا،‭ ‬سواء‭ ‬كنا‭ ‬جزارين‭ ‬أو‭ ‬خبازين‭ ‬أو‭ ‬أثرياء،‭ ‬جميعنا‭ ‬نحب‭ ‬من‭ ‬يقدرنا،‭ ‬خذ‭ ‬القيصر‭ ‬الألماني‭ ‬مثلا،‭ ‬ففي‭ ‬نهاية‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى،‭ ‬كان‭ ‬ربما‭ ‬أكثر‭ ‬الرجال‭ ‬توحشا‭ ‬وتفردا‭ ‬على‭ ‬الأرض،‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬بلاده‭ ‬انقلبت‭ ‬ضده‭ ‬حين‭ ‬فر‭ ‬إلى‭ ‬هولندا‭ ‬لينفذ‭ ‬بجلده،‭ ‬ازدادت‭ ‬كراهيته‭ ‬حتى‭ ‬تمنى‭ ‬الملايين‭ ‬تمزيقه‭ ‬إربا‭ ‬إربا،‭ ‬وفي‭ ‬وسط‭ ‬جحيم‭ ‬الغضب،‭ ‬كتب‭ ‬صبي‭ ‬رسالة‭ ‬بسيطة‭ ‬إلى‭ ‬القيصر،‭ ‬تتوهج‭ ‬بالحنان‭ ‬والإخلاص،‭ ‬قال‭ ‬الصبي‭ ‬إنه‭ ‬مهما‭ ‬فكر‭ ‬الآخرون،‭ ‬سيظل‭ ‬على‭ ‬حبه‭ ‬للقيصر،‭ ‬تأثر‭ ‬القيصر‭ ‬كثيرا،‭ ‬ودعا‭ ‬الصبي‭ ‬للمجيء‭ ‬لرؤيته‭. ‬جاء‭ ‬الصبي،‭ ‬وكذلك‭ ‬أمه‭ ‬“وقد‭ ‬تزوجها‭ ‬القيصر‭ ‬فيما‭ ‬بعد”،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬هذا‭ ‬الصبي‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬قراءة‭ ‬الكتب‭ ‬والتعلم‭ ‬فقد‭ ‬عرف‭ ‬ذلك‭ ‬غريزيا‭.‬

إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نكسب‭ ‬الأصدقاء‭ ‬حسب‭ ‬وصفة‭ ‬“كارنيغي”،‭ ‬لنكرس‭ ‬أنفسنا‭ ‬لخدمة‭ ‬الآخرين‭ ‬والقيام‭ ‬بأشياء‭ ‬تحتاج‭ ‬الوقت‭ ‬والطاقة‭ ‬وعدم‭ ‬الأنانية‭ ‬والتفكير‭.. ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬أن‭ ‬نكسب‭ ‬الأصدقاء‭ ‬لنخاطب‭ ‬الآخرين‭ ‬بود‭ ‬وحماس،‭ ‬إن‭ ‬أردت‭ ‬أن‭ ‬يحبك‭ ‬الآخرون،‭ ‬وجه‭ ‬اهتمامك‭ ‬نحوهم‭.‬

في‭ ‬الكتاب‭ ‬الهندي‭ ‬المقدس‭ ‬“الجيتا”‭ ‬هناك‭ ‬حكم‭ ‬عديدة‭ ‬عن‭ ‬الصداقة،‭ ‬كما‭ ‬تزخر‭ ‬الكونفوشيوسية‭ ‬بمثلها،‭ ‬وفي‭ ‬سائر‭ ‬الفلسفات‭ ‬التي‭ ‬مرت‭ ‬على‭ ‬تاريخ‭ ‬البشرية‭ ‬تجد‭ ‬للصداقة‭ ‬مقاما‭ ‬عاليا‭ ‬لأنها‭ ‬علاقة‭ ‬فريدة،‭ ‬ويكفي‭ ‬ما‭ ‬قاله‭ ‬“سادجورو”‭.. ‬العالم‭ ‬يبكي‭ ‬عندما‭ ‬نخسر‭ ‬صديقا‭.‬