إشكالية السجل التجاري والموظف العام

| حسن محمد زين العابدين

تدور‭ ‬منذ‭ ‬فترة‭ ‬نقاشات‭ ‬وحوارات‭ ‬عبر‭ ‬الصحف‭ ‬المحلية‭ ‬حول‭ ‬موضوع‭ ‬إعطاء‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭ ‬سجل‭ ‬تجاري،‭ ‬حتى‭ ‬نكون‭ ‬منصفين‭ ‬وعمليين‭ ‬وهنا‭ ‬نحتاج‭ ‬أيضاً‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬قانونيين،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬نتطرق‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬العناصر‭ ‬الثلاثة‭ ‬بكل‭ ‬دقة‭ ‬وحيادية‭ ‬تامة‭.‬

بداية‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬السجل‭ ‬التجاري‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬نعرف‭ ‬من‭ ‬يستحق‭ ‬السجل‭ ‬التجاري،‭ ‬حسب‭ ‬القانون‭ ‬التجاري‭ ‬البحريني‭ ‬الأسبق‭ ‬يعرف‭ ‬من‭ ‬يستحق‭ ‬السجل‭ ‬التجاري‭ ‬وهو‭: (‬كل‭ ‬من‭ ‬يمتهن‭ ‬التجارة‭ ‬مهنة‭ ‬يستحق‭ ‬السجل‭ ‬التجاري‭) ‬إذًا‭ ‬من‭ ‬يأخذ‭ ‬التجارة‭ ‬مهنةً‭ ‬له‭ ‬يستحق‭ ‬السجل‭ ‬التجاري‭ ‬وفقا‭ ‬للشروط‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬ذلك‭.‬

هنا‭ ‬نجد‭ ‬أن‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭ ‬مهنته‭ ‬ليست‭ ‬التجارة،‭ ‬ومن‭ ‬هنا‭ ‬نجد‭ ‬أنه‭ ‬يفتقد‭ ‬شرطا‭ ‬أساسيا‭ ‬وقانونيا‭ ‬ورئيسيا‭ ‬لممارسة‭ ‬التجارة‭ ‬وهكذا‭ ‬يتماشى‭ ‬هذا‭ ‬البند‭ ‬مع‭ ‬المهن‭ ‬الأخرى‭ ‬كالمهندس‭ ‬والطبيب‭ ‬والصيدلي‭.‬

أما‭ ‬الإشكالية‭ ‬الأخرى‭ ‬وهي‭ ‬التضارب‭ ‬بين‭ ‬مهنة‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭ ‬وبين‭ ‬الأعمال‭ ‬التجارية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬ربما‭ ‬تنحدر‭ ‬ضمن‭ ‬مهامه‭ ‬الوظيفية‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المحاباة‭ ‬–‭ ‬عدم‭ ‬الأمانة‭ - ‬وعدم‭ ‬المساواة‭ ‬وغيرها‭ ‬التي‭ ‬تعطي‭ ‬من‭ ‬بيده‭ ‬الأمر‭ ‬وهنا‭ ‬الوظيفة‭ ‬الأولوية‭ ‬والمحاباة‭.‬

الله‭ ‬سبحانه‭ ‬وتعالى‭ ‬أوصانا‭ ‬بمراعاة‭ ‬الوالدين‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬الأمور‭ ‬الحياتية‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬موقف‭ ‬واحد‭ ‬وذلك‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬يختص‭ ‬بك‭ ‬نفسك‭ ‬والدليل‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬بالصلاة‭ ‬عندما‭ ‬تقول‭ ‬اللهم‭ ‬اغفر‭ ‬لي‭ ‬ولوالدي‭. ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬قاطع‭ ‬وواضح‭ ‬بأن‭ ‬ميول‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬له‭ ‬شخصيا‭ ‬أولا‭ ‬ثم‭ ‬الآخرين،‭ ‬فماذا‭ ‬تكون‭ ‬الحالة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭ ‬لديه‭ ‬سجل‭ ‬تجاري‭ ‬ويقدم‭ ‬عطاء‭ ‬في‭ ‬قسمه‭ ‬أو‭ ‬وزارته‭ ‬بشراء‭ ‬بعض‭ ‬الحاجيات‭ ‬والسجل‭ ‬التجاري‭ ‬لهذا‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭ ‬يتعامل‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحاجيات‭!‬

هنا‭ ‬لا‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬المناقصات‭ ‬العامة‭ ‬التي‭ ‬فيها‭ ‬الأسس‭ ‬والنظم‭ ‬المحكمة‭ ‬لها‭.‬    

إذن‭ ‬تنعدم‭ ‬المساواة‭ ‬والعدالة‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬وتنعدم‭ ‬المنافسة‭ ‬الشريفة‭ ‬وتبقى‭ ‬المحاباة‭ ‬لتكون‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرار‭.‬

ربما‭ ‬يقول‭ ‬قائل‭ ‬بأن‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭ ‬قد‭ ‬حرم‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬كثيرة‭ ‬نتيجة‭ ‬لعمله‭!‬

وهذا‭ ‬مردود‭ ‬عليه‭ ‬أيضا،‭ ‬فإن‭ ‬المجالات‭ ‬كثيرة‭ ‬وعديدة‭ ‬يستطيع‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭ ‬توظيف‭ ‬أمواله‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التجارة‭ ‬–‭ ‬المقاولات‭ ‬–‭ ‬البنوك‭ ‬–‭ ‬التأمين‭ ‬–‭ ‬الصناعة‭ ‬وغيرها‭ ‬الكثير‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬شراء‭ ‬الأسهم‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المجالات‭ ‬من‭ ‬البورصة‭ ‬في‭ ‬الشركات‭ ‬العامة‭ ‬وهنا‭ ‬أيضا‭ ‬تكتمل‭ ‬المعادلة‭ ‬وتكون‭ ‬له‭ ‬حرية‭ ‬توظيف‭ ‬أمواله‭.‬

ونقطة‭ ‬أخرى‭ ‬مهمة،‭ ‬فإذا‭ ‬كان‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭ ‬يريد‭ ‬فعلا‭ ‬ممارسة‭ ‬التجارة‭ ‬أي‭ ‬أخذ‭ ‬سجل‭ ‬تجاري‭ ‬عليه‭ ‬الاستقالة‭ ‬من‭ ‬الوظيفة‭ ‬والدخول‭ ‬في‭ ‬المجال‭ ‬التجاري‭ ‬وأخذ‭ ‬صفة‭ ‬مهنة‭ ‬التاجر‭ ‬ليسمح‭ ‬له‭ ‬في‭ ‬أخذ‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬السجل‭ ‬التجاري،‭ ‬وهنا‭ ‬يجب‭ ‬الإشارة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬اتباع‭ ‬هذه‭ ‬الخطوة‭ ‬يخلق‭ ‬وظائف‭ ‬عامة‭ ‬جديدة‭ ‬للمواطنين،‭ ‬وبطبيعة‭ ‬الحال‭ ‬لا‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬مناقشة‭ ‬السجلات‭ ‬المرنة‭ ‬والعمالة‭ ‬السائبة؛‭ ‬لأنها‭ ‬تمت‭ ‬مناقشتها‭ ‬كثيرا‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬معالجة‭.‬

والخلاصة‭ ‬النهائية‭ ‬في‭ ‬الموجز‭ ‬السابق‭ ‬يجب‭ ‬المحافظة‭ ‬على‭ ‬جوهر‭ ‬القانون‭ ‬التجاري‭ ‬وعليه‭ ‬صيانة‭ ‬السجل‭ ‬التجاري؛‭ ‬حمايةً‭ ‬للعمل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القطاع،‭ ‬وحمايةً‭ ‬لجميع‭ ‬الحقوق،‭ ‬وحفاظا‭ ‬على‭ ‬مكونات‭ ‬المجتمع‭.‬