الموظف “الآلة”

| منير الشهابي

من‭ ‬الواجب‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬الإنسان‭ ‬وأن‭ ‬يكون‭ ‬منتجاً،‭ ‬وما‭ ‬أروع‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬العمل‭ ‬بإخلاص‭ ‬وضمير‭ ‬صادق؛‭ ‬ولو‭ ‬قام‭ ‬كل‭ ‬شخص‭ ‬بعمله‭ ‬على‭ ‬أكمل‭ ‬وجه‭ ‬لتطورت‭ ‬الحياة‭ ‬ولعُمِّرت‭ ‬الأرض‭ ‬وأصبحت‭ ‬معيشتنا‭ ‬أكثر‭ ‬جمالاً‭ ‬وسهولة‭.‬

لكن‭ ‬للأسف‭ ‬الشديد‭ ‬يسيء‭ ‬البعض‭ ‬فهم‭ ‬الإخلاص‭ ‬والجد‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬فيتحولون‭ ‬إلى‭ ‬آلات‭ ‬تعمل‭ ‬ليلا‭ ‬ونهارا‭ ‬بلا‭ ‬توقف‭ ‬ولا‭ ‬راحة،‭ ‬فيتحول‭ ‬العمل‭ ‬بالنسبة‭ ‬إليهم‭ ‬إلى‭ ‬هوس‭ ‬وإدمان،‭ ‬فيفكرون‭ ‬فيه‭ ‬طوال‭ ‬يومهم‭ ‬ويعطونه‭ ‬كل‭ ‬جهدهم‭ ‬وجُل‭ ‬وقتهم‭ ‬ويعتبرون‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬في‭ ‬عملهم‭ ‬مهما‭ ‬وضروريا‭ ‬وعاجلا‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬قابل‭ ‬للتأجيل،‭ ‬ولو‭ ‬سنحت‭ ‬لهم‭ ‬الفرصة‭ ‬لباتوا‭ ‬في‭ ‬أماكن‭ ‬عملهم‭.‬

الأسوأ‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬أن‭ ‬كل‭ ‬مهمة‭ ‬توكلُ‭ ‬إليهم‭ ‬يقبلونها‭ ‬بل‭ ‬يرحبون‭ ‬بها‭ ‬حتى‭ ‬ولو‭ ‬زاحمت‭ ‬دورهم‭ ‬الرئيس،‭ ‬فمن‭ ‬شؤون‭ ‬الإدارة‭ ‬والمراقبة‭ ‬والتنظيم‭ ‬إلى‭ ‬الأعمال‭ ‬المكتبية،‭ ‬وإذا‭ ‬تطلب‭ ‬الأمر‭ ‬المسح‭ ‬والتنظيف‭ ‬والغسل‭ ‬فلا‭ ‬مانع،‭ ‬وإن‭ ‬تجاوز‭ ‬الوضع‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬وتطلب‭ ‬القيام‭ ‬ببعض‭ ‬الأمور‭ ‬الشخصية‭ ‬للمسؤول‭ ‬من‭ ‬أخذ‭ ‬الملابس‭ ‬للمغسلة‭ ‬وشراء‭ ‬الفواكه‭ ‬والخضروات‭ ‬للبيت‭ ‬وترتيب‭ ‬بعض‭ ‬البرامج‭ ‬للأطفال،‭ ‬فيقول‭ ‬ذاك‭ ‬الموظف‭ ‬هل‭ ‬من‭ ‬مزيد‭ ‬مبرراً‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬بأنه‭ ‬إخلاص‭ ‬وولاء‭ ‬للعمل‭ ‬والمسؤول‭.‬

يجب‭ ‬علينا‭ ‬العمل‭ ‬والجد‭ ‬واستثمار‭ ‬ساعات‭ ‬العمل‭ ‬بصورة‭ ‬فعّالة‭ ‬ولكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬نكون‭ ‬عبيداً‭ ‬للوظيفة‭ ‬وننسى‭ ‬أننا‭ ‬ومن‭ ‬حولنا‭ ‬بشر‭ ‬فنسيء‭ ‬لأنفسنا‭ ‬ولهم،‭ ‬فنخسر‭ ‬بذلك‭ ‬ديننا‭ ‬وصحتنا‭ ‬وحياتنا‭ ‬الأسرية‭ ‬والاجتماعية‭ ‬فنصحوا‭ ‬متأخرين‭ ‬محاطين‭ ‬بالأوراق‭ ‬وحواسيب‭ ‬آلية‭ ‬لا‭ ‬تسمن‭ ‬ولا‭ ‬تغني‭ ‬من‭ ‬جوع‭.‬