ياسمينيات

مريض بس “مو مريض”

| ياسمين خلف

كلما‭ ‬حاولنا‭ ‬إعادة‭ ‬الثقة‭ ‬بين‭ ‬المرضى‭ ‬وبعض‭ ‬الأطباء‭ ‬في‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية،‭ ‬كلما‭ ‬خرجوا‭ ‬لنا‭ ‬بمصيبة‭ ‬تجعلنا‭ ‬نفكر‭ ‬ألف‭ ‬مرة‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬نذهب‭ ‬إليهم،‭ ‬أو‭ ‬نثق‭ ‬في‭ ‬الوصفات‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬يصرفونها‭ ‬للمرضى،‭ ‬فكما‭ ‬يقال‭ ‬في‭ ‬الأمثال‭ ‬الشعبية‭ ‬“يجي‭ ‬يكحلها‭ ‬يعميها”‭!.‬

مريضة‭ ‬أجرت‭ ‬تحاليل‭ ‬طبية‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬أمرت‭ ‬بها‭ ‬طبيبتها‭ ‬بالمركز‭ ‬الصحي،‭ ‬وبعد‭ ‬قراءة‭ ‬نتائج‭ ‬التحاليل،‭ ‬أكدت‭ ‬أنها‭ ‬مصابة‭ ‬بداء‭ ‬السكري،‭ ‬وعليها‭ ‬أن‭ ‬تخضع‭ ‬لبرنامج‭ ‬علاجي‭ ‬دائم‭ ‬وحتى‭ ‬آخر‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬حياتها،‭ ‬مكون‭ ‬من‭ ‬أدوية،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬حقنتين‭ ‬مرة‭ ‬كل‭ ‬أسبوع،‭ ‬لم‭ ‬تجد‭ ‬المريضة‭ ‬بداً‭ ‬غير‭ ‬أن‭ ‬تتقبل‭ ‬الحياة‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬عليها‭ ‬رغماً‭ ‬عنها‭ ‬أن‭ ‬تعتاد‭ ‬عليها،‭ ‬والتي‭ ‬منها‭ ‬برنامج‭ ‬غذائي‭ ‬صارم،‭ ‬ولأن‭ ‬المريضة‭ ‬هذه‭ ‬إنسانة‭ ‬واعية‭ ‬ومثقفة،‭ ‬لم‭ ‬تقف‭ ‬عند‭ ‬نتيجة‭ ‬التحاليل‭ ‬الطبية،‭ ‬وبدأت‭ ‬تبحث‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬عن‭ ‬المرض،‭ ‬بغية‭ ‬تثقيف‭ ‬نفسها‭ ‬عن‭ ‬المرض‭ ‬الذي‭ ‬سيلازمها‭ ‬كظلها‭ ‬لآخر‭ ‬يوم‭ ‬في‭ ‬حياتها،‭ ‬لتُصدم،‭ ‬بأن‭ ‬كل‭ ‬الأعراض‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تظهر‭ ‬عليها‭ ‬لم‭ ‬تظهر،‭ ‬ولا‭ ‬تعاني‭ ‬منها‭ ‬إطلاقاً‭! ‬ساورها‭ ‬الشك‭ ‬في‭ ‬نتيجة‭ ‬تلك‭ ‬التحاليل‭ ‬وكفاءة‭ ‬تلك‭ ‬الطبيبة،‭ ‬فذهبت‭ ‬للطب‭ ‬الخاص‭ ‬وهناك‭ ‬كانت‭ ‬المفاجأة،‭ ‬أنت‭ ‬إنسانة‭ ‬سليمة‭ ‬ولا‭ ‬تعانين‭ ‬أبداً‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬مرض‭ ‬مزمن،‭ ‬ومن‭ ‬قال‭ ‬أصلاً‭ ‬إنك‭ ‬مصابة‭ ‬بداء‭ ‬السكري؟

السؤال،‭ ‬كم‭ ‬عدد‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬يراجعون‭ ‬المراكز‭ ‬الصحية،‭ ‬وتصرف‭ ‬لهم‭ ‬أدوية‭ ‬باعتبارهم‭ ‬مرضى‭ ‬لأمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬غير‭ ‬مزمنة‭ ‬وهم‭ ‬أصحاء؟‭ ‬ما‭ ‬الأضرار‭ ‬الصحية‭ ‬التي‭ ‬تلحق‭ ‬بالناس‭ ‬جراء‭ ‬صرف‭ ‬أدوية‭ ‬بالخطأ‭ ‬أو‭ ‬دون‭ ‬الحاجة‭ ‬أصلاً‭ ‬لاستخدامها؟‭ ‬كم‭ ‬من‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬تصرف‭ ‬على‭ ‬أدوية‭ ‬تذهب‭ ‬لغير‭ ‬مستحقيها؟‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬مرضى‭ ‬فعليين‭ ‬مصابين‭ ‬بأمراض‭ ‬مزمنة‭ ‬كداء‭ ‬السكري‭ ‬يجأرون‭ ‬بالشكوى‭ ‬لعدم‭ ‬توافر‭ ‬أدويتهم‭ ‬في‭ ‬مخازن‭ ‬وزارة‭ ‬الصحة،‭ ‬والتي‭ ‬وكما‭ ‬يبدو‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬حاجة‭ ‬له‭ ‬فيها؟

صاحبتنا‭ ‬هذه‭ ‬تقول‭ ‬إنها‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬كامل‭ ‬كانت‭ ‬تتناول‭ ‬أدوية‭ ‬وحقنا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬أصلاً‭ ‬بحاجة‭ ‬إليها،‭ ‬والتي‭ ‬كانت‭ ‬ستؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬القلب،‭ ‬والكلى‭ ‬والكبد‭! ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الوزن‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬فقدته‭ ‬جراء‭ ‬امتناعها‭ ‬عن‭ ‬تناول‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأطعمة‭ ‬الممنوعة‭ ‬عن‭ ‬مرضى‭ ‬السكري‭.‬

 

ياسمينة‭:

‬التشخيص‭ ‬الخاطئ،‭ ‬كالقتل‭ ‬البطيء‭.‬