الشباب العربي يحتاج للإيمان بنفسه دون الآخرين والمرونة في حياته

الأنصاري: هذا الوقت سيمضي.. بخيره وشره

|  وديعة الوداعي

"أرى نفسي فتاة بسيطة، تحب الحياة، تؤمن بالحب والجمال والشغف، تعشق الطموح والتحدي، أسعى لتبسيط الحياة رغم تعقيداتها، ولفهم المواقف رغم غموضها، ولتجميل كل شيء رغم قسوة وبشاعة الواقع والمعطيات أحيانًا. أجد نفسي فتاة قوية عندما يتعلق الأمر بالتخلي والاستئصال". هذا ما قالته أسرار زكريا الأنصاري الفتاة البسيطة والشغوفة في مجالها بمختلف تخصصاته، في لقائها مع مسافات "البلاد" هذهِ المرة من الكويت: 

شعوب وأسرار.. عالم أختزِل في عددٍ من الحلقات، ما الذي تركته هذه التجربة؟

تركت فيّ الكثير الذي مازلت إلى يومنا هذا أنتشي وأندهش بأثره. فالحضارات أعمق مما نتخيل، ومهما بحثنا واطلعنا فالعالم دومًا سيفاجئنا بما هو خارج توقعاتنا وتصوراتنا. العالم كبير، كبير جدًا، والغوص فيه تجربة تستحق العناء.

هل لنا أن نعرف خلطة أسرار السحرية في التغلب على العزلة والحزن؟ 

ما من خلطة سرية أو سر دفين، المسألة أني أعطي كل شيء في حياتي حقه، سواء حزن، غضب، فرح وسعادة. لا أكثر ولا أقل، أعطيه حقه ليتسرب مني بشكل صحيح ويعينني على المضي قدمًا دون أن يعيش في أكثر من اللازم فيوهمني بما هو ليس واقعي.

أنت من الشخصيات التي تعشق الغوص في أعماق الحياة لذلك جئت بتفاصيل، دعينا نُبحِر في تفاصيل تفاصيل قليلًا؟ 

تفاصيل تجربة أعتز بها جدًا، كانت أبعد من التخطيط أساسًا وخارج توقعاتي المهنية. كنت محظوظة بثقة "القبس" و"الراي" لأتحاور بعمق مع شخصيات رائعة ذات أبعاد فكرية وثقافية ووجدانية رهيبة، كل حوار كان عبارة عن إثراء مشاعري وروحي يطير بالإنسان ويجعله يتماهى. تجربة استمتعت بها بشكل جديد عليّ.

ماذا تغير بك بعدها؟ 

كانت التجربة أبعد من حوار وسؤال وجواب، وجدتُ نفسي أبحث في عقول وقلوب الضيوف عن إجابات وجدانية، إجابات أحتاج - أنا شخصيًا- إليها، أسئلة علقت في رأسي ولم أجد لها جوابًا أو بالأحرى لم أطرق باب السؤال بعد، فاستفزني الحوار العميق مع الشخصيات الرائعة لأسأل. تغيرت، نظرتي للحياة اختلفت، عشت -لمدة ٤٥ دقيقة- في حياة الآخر ورأيت نفسي من خلالها. صعب التحديد الآن، لكن صدقيني تغير الكثير.

الصحافة، التلفزيون، وشؤون الشباب أينَ مكثت روح أسرار؟

تجدين روح أسرار في كلماتها التي تكتبها بمذكراتها، بمشاعرها التي تنطقها عينها وملامحها، بالأغنيات التي تطرب لها والقصائد التي تبكيها، في غرفتها السوداء ومكتبتها الكلاسيكية. كل ما في حياتها من محطات، ليست أكثر من محطات، لكن تجدين أسرار في تفاصيلها ومسراتها الصغيرة.

ورقة وقلم ومساحة حرة للكتابة.. ماذا سيُخبرنا شيطانك الأخرس؟ 

سأكتب ما كتبه جبران يومًا "هذا الوقت سيمضي". وسأضيف؛ بخيره وشره.

الخروج من منطقة الراحة هو راحة بحد ذاتها، كيف استطعتِ طرّد الخوف في هذهِ الخطوة؟ 

في أول لقاء صحافي أجريته في حياتي صيف 2008، كان مع الفلكي القدير صالح العجيري. عندما سألته عن سر ولعه بالفلك أخبرني بأن الفلك "كان" يخيفه، كان يخاف الظواهر الطبيعية كالمطر والبرق والرعد، حتى قرر الذهاب إلى مخاوفه لدراستها وفهمها فأصبح ما هو عليه اليوم. كلما هممت لأخطو خطوة جديدة، كلما شعرت بالخوف، يرن جوابه هذا في أذني ويدفعني لطرد الخوف دفعًا وتجاهل كل صوت داخلي يقول بأني "لن أستطيع".

برأيك ما الذي يحتاجه الشباب العربي اليوم؟ 

الإيمان بقدراته ومواهبه دون الحاجة للاعتراف بذلك من الآخرين، الشجاعة لمواجهة الصعوبات، والمرونة للتكيف مع الحياة.

ما دور التطوع في حياتك؟ 

له الدور الأساس، هو ما صنعني، هناك سعادة عظيمة وعمق رائع في أن تعطي للآخرين، وفي اللحظة التي تهب نفسك فيها للمجتمع، لرسالة، لفكرة ما أو لقضية، لن تعود أبدًا.

من الصحافة إلى التقديم كيف كان ذلك؟

فرصة جاءت في وقتها، وكنت مستعدة لها. تركت القلم لبرهة من الزمن لأقدم المعلومة والإلهام بشكل مرئي ومسموع وليس مكتوبا فقط، أقدم كل شيء أمام كاميرا تنقل تعابيري وصوتي، دهشتي وإعجابي، شغفي وحماسي ولمعة عيني لكل من يشاهد عبر الشاشة. بدأت بمكتبات وأسرار الوثائقي ومن ثم شعوب وأسرار الوثائقي وأخيرًا تفاصيل الحواري.

مالذي أضافته لكِ التجربة التلفزيونية؟ 

جعلتني أعيش في الواقع، لا في الخيال كما أفعل وأنا أقرأ دائمًا. جميل أن تقرأ عن صرح تاريخي وحضارة ما، لكن الأجمل أن تذهب لها بنفسك وتراها بعينك. جميل أيضًا أن تقرأ لمفكرٍ ما أو شخص عميق، وتشاهد أحاديثه، لكن الأجمل أن تحاوره أنت.

"الشعور هو سيد اللغة" ما المعنى المخبئ فيما قالته أسرار؟ 

يقول إيليا أبو ماضي "أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا، لولا الشعور الناس كانوا كالدمى". الشعور هو سيد كل شيء، وليس اللغة فقط، ولولا الشعور واحساس الإنسان وتفاعله مع كل ما يدور حوله، لما كان ولولا حزنه لما عرف قيمة الفرح، ولولا يأسه لما عاش بالأمل ولولا تعاسته لما تعلم كيف يصنع السعادة. هناك فرق بين أن تحيا وأن تعيش، فأن تحيا يعني أن يكون لك مساحة حقيقية في هذه الحياة، بينما أن تعيش يعني أن تختصر حياتك في البحث عن لقمة عيش. وكل ما يصنع المنطق في ذلك هو الشعور. لذلك هو السيد، سيد لغتي. 

قلم أسرار ماذا يحركه؟ 

طغيان مشاعرها.