التعليم بالمحرق “أم المدن” في 101 عام

| د. حسين المهدي

في‭ ‬مقالين‭ ‬سابقين‭ ‬استعرضنا‭ ‬التنمية‭ ‬التي‭ ‬حظيت‭ ‬بها‭ ‬المحرق‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسها‭ ‬الحديث‭ ‬قبل‭ ‬224‭ ‬عاما‭ (‬1796م‭)‬،‭ ‬مع‭ ‬نموها‭ ‬الحضري‭ ‬والعمراني‭ ‬والسكاني،‭ ‬ولتكتمل‭ ‬الصورة‭ ‬نتناول‭ ‬اليوم‭ ‬التعليم‭ ‬والنهضة‭ ‬التنموية‭ ‬للموارد‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬المحرق‭ ‬للبنين‭ ‬والبنات‭ ‬منذ‭ ‬نهاية‭ ‬العقد‭ ‬الأول‭ ‬من‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬حتى‭ ‬الوقت‭ ‬الحاضر،‭ ‬في‭ ‬101‭ ‬عام‭ (‬1919‭ - ‬2020‭).‬

كان‭ ‬نمط‭ ‬التعليم‭ ‬القديم‭ ‬بالمحرق‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وحتى‭ ‬نهاية‭ ‬القرن‭ ‬التاسع‭ ‬عشر‭ ‬ومطلع‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭ ‬مقتصراً‭ ‬على‭ ‬الكتاتيب‭ ‬فقط،‭ ‬وهي‭ ‬جلسات‭ ‬تعليمية‭ ‬تقليدية‭ ‬ركزت‭ ‬على‭ ‬تعليم‭ ‬قراءة‭ ‬القرآن‭ ‬للناشئة،‭ ‬ومع‭ ‬انتهاء‭ ‬الحرب‭ ‬العالمية‭ ‬الأولى‭ ‬وانفتاح‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬على‭ ‬التنمية‭ ‬التعليمية‭ ‬الحديثة،‭ ‬برزت‭ ‬الحاجة‭ ‬إلى‭ ‬تكوين‭ ‬مؤسسات‭ ‬تعليمية‭ ‬ذات‭ ‬أنظمة‭ ‬ومنهجية‭ ‬وأهداف‭ ‬محددة‭ ‬للرقي‭ ‬بالمقدرات‭ ‬المعرفية‭ ‬للموارد‭ ‬البشرية،‭ ‬فانطلق‭ ‬أهل‭ ‬المحرق‭ ‬للتشاور‭ ‬لتأسيس‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬حديثة،‭ ‬حيث‭ ‬دعمتها‭ ‬حكومة‭ ‬البحرين‭ ‬وحاكمها‭ ‬آنذاك‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬علي‭ ‬آل‭ ‬خليفة،‭ ‬وتم‭ ‬الاكتتاب‭ ‬لهذا‭ ‬المشروع‭ ‬وتبرع‭ ‬الأهالي‭ ‬بمبلغ‭ ‬200،000‭ ‬روبية،‭ ‬لإنشاء‭ ‬مدرسة‭ ‬الهداية‭ ‬الخليفية‭ ‬للبنين‭ ‬في‭ (‬1919م‭) ‬بمنطقة‭ ‬بشمال‭ ‬المحرق،‭ ‬ومع‭ ‬العام‭ ‬المدرسي‭ (‬1925‭ - ‬1926‭) ‬بدأت‭ ‬الحكومة‭ ‬بالدعم‭ ‬الشهري‭ ‬للمدرسة‭ ‬لتغطية‭ ‬مصاريفها‭ ‬التشغيلية‭ ‬والإنشائية‭. ‬

وتم‭ ‬إنشاء‭ ‬أول‭ ‬مدرسة‭ ‬نظامية‭ ‬للبنات‭ ‬في‭ (‬1928‭)‬،‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬التالي‭ ‬له‭ (‬1929‭) ‬بلغ‭ ‬عدد‭ ‬الطلاب‭ ‬240،‭ ‬منهم‭ ‬180‭ ‬بنين‭ ‬بنسبة‭ ‬75‭ %‬،‭ ‬وعدد‭ ‬الصفوف‭ ‬12‭ ‬منها‭ ‬8‭ ‬للبنين،‭ ‬والمدرسين‭ ‬10‭ ‬منهم‭ ‬8‭ ‬للبنين،‭ ‬وبلغ‭ ‬مجموع‭ ‬الرواتب‭ ‬الشهرية‭ ‬للمدرسين‭ ‬والمدرسات‭ ‬1825‭ ‬روبية‭ ‬منها‭ ‬87‭.‬4‭ % ‬للمدرسين،‭ ‬وبعد‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭ (‬1944‭) ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬طلبة‭ ‬المحرق‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬136‭ % ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬425،‭ ‬وارتفع‭ ‬عدد‭ ‬الطالبات‭ ‬400‭ % ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬300‭ ‬طالبة،‭ ‬عاكساً‭ ‬بذلك‭ ‬تقبل‭ ‬المجتمع‭ ‬تعليم‭ ‬الفتيات‭ ‬بصورة‭ ‬أكبر‭ ‬وإقباله‭ ‬على‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالمدارس‭ ‬بمعدل‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬البنين‭. ‬

وشهد‭ ‬منتصف‭ ‬الخمسينات‭ (‬1954‭ - ‬1956‭) ‬من‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬طفرة‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الطلاب‭ ‬والمدارس‭ ‬والمدرسين‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬المحرق،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬الطلاب‭ ‬2635‭ ‬للبنين‭ ‬والبنات‭ ‬في‭ ‬سبع‭ ‬مدارس‭ ‬منها‭ ‬أربع‭ ‬للبنات،‭ ‬واستقطب‭ ‬البنين‭ ‬نحو‭ ‬70‭ % ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬المدارس‭ ‬بالمحرق‭ ‬ولا‭ ‬يشمل‭ ‬مدارس‭ ‬الحد،‭ ‬وبلغ‭ ‬نصيب‭ ‬مدارس‭ ‬المحرق‭ ‬في‭ (‬2019‭) ‬38‭ ‬مدرسة‭ ‬بزيادة‭ ‬فاقت‭ ‬18‭ ‬ضعفاً‭ ‬في‭ ‬64‭ ‬عاماً‭ (‬1955‭ - ‬2019‭)‬،‭ ‬فكان‭ ‬عدد‭ ‬المدارس‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬المراحل‭ ‬التعليمية‭ ‬الثلاث‭ ‬209‭ ‬مدارس،‭ ‬كان‭ ‬نصيب‭ ‬محافظة‭ ‬المحرق‭ ‬18‭ % ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬المدارس،‭ ‬ثم‭ ‬31‭ % (‬64‭ ‬مدرسة‭) ‬في‭ ‬المنامة،‭ ‬و30‭ % (‬63‭ ‬مدرسة‭) ‬في‭ ‬الشمالية،‭ ‬وأخيراً‭ ‬21‭ % (‬44‭ ‬مدرسة‭) ‬في‭ ‬الجنوبية‭.‬