ومضة قلم

لا لتبرير الخطأ الطبي

| محمد المحفوظ

ثمة‭ ‬لبس‭ ‬يقع‭ ‬فيه‭ ‬المسؤولون‭ ‬في‭ ‬الحقل‭ ‬الطبيّ‭ ‬عندما‭ ‬يخلطون‭ ‬بين‭ ‬حق‭ ‬المريض‭ ‬في‭ ‬الرعاية‭ ‬الطبية‭ ‬الكاملة‭ ‬والأمان‭ ‬في‭ ‬المستشفيات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬ضمنه‭ ‬القانون‭ ‬وبين‭ ‬الإهمال‭ ‬إزاء‭ ‬الواجب‭ ‬وما‭ ‬ينجم‭ ‬عنه‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬كارثية‭ ‬يدفع‭ ‬ثمنها‭ ‬المرضى‭ ‬طوال‭ ‬حياتهم‭.‬

اعتاد‭ ‬المسؤولون‭ ‬في‭ ‬الصحة‭ ‬وجمعية‭ ‬الأطباء‭ ‬عند‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬الأخطاء‭ ‬الطبية‭ ‬القول‭ ‬إنها‭ ‬لا‭ ‬تشكل‭ ‬ظاهرة‭ ‬أو‭ ‬ضئيلة‭ ‬ولا‭ ‬تذكر،‭ ‬أما‭ ‬الأدهى‭ ‬ما‭ ‬صرّحت‭ ‬به‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬الأطباء‭ ‬من‭ ‬أنّ‭ ‬الخطأ‭ ‬وارد‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المجالات‭! ‬بيد‭ ‬أننا‭ ‬نود‭ ‬التذكير‭ ‬بأنّ‭ ‬الخطأ‭ ‬الطبي‭ ‬لا‭ ‬تجوز‭ ‬مقارنته‭ ‬بالأخطاء‭ ‬في‭ ‬المجالات‭ ‬الأخرى‭ ‬لأسباب‭ ‬جوهرية‭ ‬بالتأكيد،‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬الأولى‭ ‬ستنجم‭ ‬عنها‭ ‬كوارث‭ ‬تمس‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬ووجوده‭ ‬وقد‭ ‬تفضي‭ ‬إلى‭ ‬الوفاة‭ ‬أو‭ ‬إلى‭ ‬إعاقات‭ ‬مدى‭ ‬الحياة‭ ‬وهذا‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للمساومة‭ ‬بأي‭ ‬شكل‭. ‬

الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يدعو‭ ‬إلى‭ ‬الاستغراب‭ ‬عندما‭ ‬يلقي‭ ‬أي‭ ‬مسؤول‭ ‬الخطأ‭ ‬على‭ ‬جهة‭ ‬فنية‭ ‬حينا‭ ‬أو‭ ‬ميدانية‭ ‬في‭ ‬أحيان‭ ‬أخرى‭ ‬أو‭ ‬تحميل‭ ‬ممرض‭ ‬أو‭ ‬صيدلي‭ ‬الأمر،‭ ‬بينما‭ ‬المطلوب‭ ‬تحديد‭ ‬الجهة‭ ‬المتسببة‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭. ‬جمعية‭ ‬الأطباء‭ ‬عرّفت‭ ‬الخطأ‭ ‬الطبي‭ ‬بأنه‭ ‬عدم‭ ‬اتخاذ‭ ‬جميع‭ ‬الوسائل‭ ‬التي‭ ‬يستطيعها‭ ‬الممارس‭ ‬الطبيّ‭ ‬لتشخيص‭ ‬أو‭ ‬علاج‭ ‬المريض،‭ ‬كما‭ ‬أشارت‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬توفير‭ ‬البيئة‭ ‬الملائمة‭ ‬للطبيب‭ ‬للعطاء‭ ‬بإخلاص‭ ‬وبما‭ ‬يحتمه‭ ‬شرف‭ ‬المهنة‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬سيف‭ ‬الخوف‭ ‬من‭ ‬الوقوع‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬الطبيّ‭ ‬مسلطا‭ ‬على‭ ‬رقبته،‭ ‬طبعا‭ ‬مثل‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬يسقط‭ ‬حق‭ ‬المريض‭ ‬ويخلي‭ ‬مسؤولية‭ ‬المتسبب،‭ ‬وكان‭ ‬الأجدر‭ ‬أن‭ ‬يتلقى‭ ‬من‭ ‬هم‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬العلاج‭ ‬أقصى‭ ‬درجات‭ ‬الرعاية‭ ‬ذلك‭ ‬أنّ‭ ‬الإنسان‭ ‬ليس‭ ‬حقلا‭ ‬للتجارب‭. ‬

 

أشرت‭ ‬هنا‭ ‬غير‭ ‬مرة‭ ‬إلى‭ ‬أنّ‭ ‬هناك‭ ‬أفرادا‭ ‬أصيبوا‭ ‬بعاهات‭ ‬مستديمة‭ ‬ناجمة‭ ‬عن‭ ‬أخطاء‭ ‬طبية‭ ‬وإهمال‭ ‬وكان‭ ‬ثمنها‭ ‬فادحا‭ ‬جدا‭ ‬ليس‭ ‬على‭ ‬الضحايا‭ ‬وحدهم‭ ‬لكنه‭ ‬طال‭ ‬أهاليهم‭ ‬أيضا،‭ ‬والقول‭ ‬إنّ‭ ‬الأخطاء‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬إرادة‭ ‬الجهاز‭ ‬الطبيّ‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مبررا‭ ‬وحتى‭ ‬تصنيفا‭ ‬بكونها‭ ‬ليست‭ ‬ظاهرة‭ ‬ليس‭ ‬مقبولاً،‭ ‬بل‭ ‬يجب‭ ‬التعامل‭ ‬إزاءها‭ ‬بوصفها‭ ‬أخطاء‭ ‬كارثية‭ ‬تمس‭ ‬وجود‭ ‬الإنسان‭ ‬وليست‭ ‬أخطاء‭ ‬اعتيادية‭ ‬تندمل‭ ‬مع‭ ‬مرور‭ ‬الأيام،‭ ‬بينما‭ ‬الواقع‭ ‬أنها‭ ‬تخلف‭ ‬آلاما‭ ‬طوال‭ ‬العمر‭.‬