حِكاية تشبهها حكايات

| عباس العمران

انصرفتُ‭ ‬عن‭ ‬لقائه‭ ‬مُظهراً‭ (‬أي‭ ‬عند‭ ‬الظهيرة‭) ‬وفي‭ ‬خاطري‭ ‬طوفانٌ‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬أستسلم‭ ‬لها،‭ ‬بل‭ ‬قاومتها‭ ‬بحسن‭ ‬النوايا،‭ ‬وحملتها‭ ‬على‭ ‬محامل‭ ‬الخير،‭ ‬أُدركُ‭ ‬أن‭ ‬الوقتَ‭ ‬قد‭ ‬يُغيّر‭ ‬بعض‭ ‬أفكارنا‭ ‬واتجاهاتنا‭ ‬في‭ ‬سير‭ ‬الحياة،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬عتابهُ‭ ‬لي‭ ‬كان‭ ‬بلسانٍ‭ ‬رطب‭ ‬ترتاح‭ ‬له‭ ‬الأذن،‭ ‬ويسكن‭ ‬به‭ ‬القلب،‭ ‬أظن‭ ‬أن‭ ‬شيئاً‭ ‬آخر‭ ‬يشغل‭ ‬باله‭ ‬ويكدره،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬السبب‭ ‬الأول‭ ‬لذلك‭ ‬العتاب‭ ‬عدم‭ ‬اتصالي‭ ‬به‭ ‬مدةً‭ ‬طويلة‭! ‬غير‭ ‬أن‭ ‬مكانته‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬قلبي‭ ‬جعلتني‭ ‬أستقبل‭ ‬كل‭ ‬الكلام‭ ‬برحابة‭ ‬صدر‭.‬

يقول‭ ‬صاحبُ‭ ‬الحكاية‭ ‬هذه‭ ‬إنهُ‭ ‬تمكّن‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬حقيقة‭ ‬العتاب‭ ‬بعد‭ ‬أيام،‭ ‬عندما‭ ‬علِمَ‭ ‬من‭ ‬صديقٍ‭ ‬مُشترك‭ ‬بينهما‭ ‬أن‭ ‬سبب‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬الضيق‭ ‬خسارة‭ ‬ذلك‭ ‬الصديق‭ ‬ترقية‭ ‬وظيفية‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬عَمل‭ ‬بإخلاصٍ‭ ‬تام‭ ‬طيلة‭ ‬المدة‭ ‬الماضية،‭ ‬لكنها‭ ‬الأقدار‭ ‬حين‭ ‬تمضي‭ ‬أحيانا‭ ‬خلاف‭ ‬المأمول‭ ‬وفقا‭ ‬للشروط‭ ‬المهنية‭.‬

أطرقتُ‭ ‬حينها،‭ ‬وسرحتْ‭ ‬في‭ ‬خاطري‭ ‬الأفكار‭ ‬دون‭ ‬قصدٍ‭ ‬وعمد،‭ ‬ما‭ ‬منطقية‭ ‬ما‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬الترقيات‭ ‬والتحفيز؟‭ ‬وهل‭ ‬نظام‭ ‬المكافآت‭ ‬الذي‭ ‬تتبعهُ‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬قائم‭ ‬على‭ ‬معايير‭ ‬ومؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬الاحترافية‭ ‬دائما،‭ ‬أم‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬فقط؟‭ ‬وما‭ ‬الآثار‭ ‬المترتبة‭ ‬من‭ ‬المنهج‭ ‬المهني‭ ‬على‭ ‬الفرد‭ ‬وعلى‭ ‬المؤسسة‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬على‭ ‬ثقافة‭ ‬التنافس‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬جميع‭ ‬المؤسسات‭ ‬للوصول‭ ‬إليها‭ - ‬كما‭ ‬تردده‭ ‬المؤسسة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬أدبياتها‭ ‬ومضامينها‭ ‬وتحرص‭ ‬دائما‭ ‬على‭ ‬إعلانه؟

الطريقُ‭ ‬نحو‭ ‬خلق‭ ‬بيئةٍ‭ ‬تنافسية‭ ‬تسيرُ‭ ‬فيها‭ ‬منطقية‭ ‬التحفيز‭ ‬لا‭ ‬يحتاجُ‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬العبث‭ ‬المؤذي‭ ‬في‭ ‬جسد‭ ‬المؤسسة،‭ ‬وطالما‭ ‬وجدت‭ ‬لدى‭ ‬المؤسسة‭ ‬معايير‭ ‬أداء‭ ‬محددة‭ ‬وواضحة‭ ‬فلا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬عذر‭ ‬أو‭ ‬تبرير‭ ‬لعدم‭ ‬التطبيق‭ ‬المنصف‭. ‬أعلمُ‭ ‬جيداً‭ ‬عزيزي‭ ‬القارئ‭ ‬أنه‭ ‬ستذهلك‭ ‬هذه‭ ‬المعلومة‭ ‬التي‭ ‬سأقولها‭ ‬لك‭ ‬الآن؛‭ ‬وهي‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬المؤسسات‭ ‬تحرص‭ ‬على‭ ‬بقاء‭ ‬أمر‭ ‬الترقيات‭ ‬والحوافز‭ ‬المهنية‭ ‬أمراً‭ ‬سرياً‭ ‬غير‭ ‬قابل‭ ‬للبوح‭ ‬به‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسة‭! ‬لتسد‭ ‬باب‭ ‬الاستفسار‭ ‬من‭ ‬الموظفين‭ ‬عن‭ ‬سبب‭ ‬ترقية‭ ‬موظف‭ ‬ما،‭ ‬وعن‭ ‬شروط‭ ‬الاستحقاق‭ ‬التي‭ ‬مكنته‭ ‬من‭ ‬الترقية‭.‬

 

في‭ ‬الختام‭ ‬يقولُ‭ ‬علماء‭ ‬الإدارة‭ ‬ويؤكدون‭ ‬أن‭ ‬مؤشرات‭ ‬الأداء‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬الفيصل‭ ‬في‭ ‬تقرير‭ ‬الترقيات‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬عدم‭ ‬ذلك‭ ‬وهذا‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬مميزات‭ ‬بيئات‭ ‬الأعمال‭ ‬المتطورة‭ ‬الساعية‭ ‬نحو‭ ‬التميز‭.‬