أخطائنا نعم

| زينب إسماعيل

لحظات متناثرة من حياتنا كتبت لنا أعمارا جديدة حتى وإن كنا طوال حياتنا أمواتا، لحظات أرسلت لنا على شكل دروس توعوية، مصائب، نعم، خيانات وأخطاء اقترفناها بحق أنفسنا بقصد أو من غير قصد، مرت بنا عبر الحياة من أجل تطويرنا سواء تألمنا أو حتى كسرنا من فشل، جرح، فراق، فقد، حرمان صدمة وذنب.

حين تأخذنا الذكريات والذاكرة إلى طفولتنا في عمر الثالثة، نتذكر تلك اللحظات التي بدأنا فيها بالاعتماد على أنفسنا في الذهاب إلى دورة المياه ونفقد أنفسنا أحيانا بالتبول الاارادي بسبب انغماسنا في اللعب أحيانا أومقاومتنا للأوامر فنواجه التوبيخ وأحيانا الضحك والسخرية، فندرك خطأ النسيان والتسويف أو الفوضى التي نخلقها في حياتنا اليومية قد تراكم علينا واجبات تنهش أيامنا فنتعلم معنى نعمة تنظيم وتوزيع يومنا.

نكبر حتى نصبح في الخامسة من العمر، نبدأ بتلوين الرسومات في الروضة وأصبحت أخطائنا بخروج الألوان الزاهية من هذه الرسومات لرغبتنا العامرة لرؤية النتيجة بسرعة فنحصل على النتيجة الغير مرغوبة لخروج الألوان الزاهية من الرسومات، ثم نتعلم الصبر والتأني والدقة في تلوين تلك الرسومات فنحصل على نتيجة افضل ،ثم نكبر لندرك أن الصبر على مصاعب الحياة والتأني والدقة في طلب العلم والعمل والحياة اليومية هو من يعطينا النتائج المرضية.

 ها نحن دخلنا المدرسة وبدئنا بكتابة الكلمات بالقلم الرصاص نصيب ونخطأ في الكثير من الأوقات وكلما أخطأنا مسحنا الخطأ فنعاود الكتابة بالقلم إلى أن يصغر حجمه فندرك فقدانه قريبا ثم نحرص على الدقة في الكتابة ثم نتعلم المحافظة على النعمة قبل فقدانها عبر ألم الفقد والخسارة حتى لأنفسنا فلا تفرط بالعطاء على حساب أرواحنا مثلا.

نكبر ونبدأ بالتفاخر بالكتابة بالقلم الأزرق، فتزداد أحجام أخطائنا التي تبدأ بأخذ كتلة متحجرة بيضاء بأستخدام " البلانكو" فتترك لنا الأخطاء أثر قبيح في دفاترنا وقد نضطر أحيانا إلى تمزيق الورق فيترهل دفترنا الأنيق ويأخذ شكلا غير لائق . ندرك أخطائنا ونحرص أن نكون أكثر وعيا حتى لا تشكل الدروس التي تعلمناها ألما في أرواحنا وأثر قبيح في حياتنا.

وها نحن نضجنا ولازلنا نخطأ ثم ندرك الخطأ حتى نقع في الحب ونغوص في أعماقه ننسى كل ما فات حتى نحفر في قلوبنا جروح بذلك العمق من الغوص، تفرط في العطاء، الاهتمام والمودة حتى يختل توازننا ونسقط موجعين متهالكين فيأتينا الدرس على شكل صفعة تصحينا من غفلتنا بعد أن فقدنا ارواحنا لعدم توازن الأخذ والعطاء فنصحى نبحث عن أنفسنا المتعطشة للحب، فنعي أن نحب ونسامح أنفسنا أولا ونرويها ما شائت من الحب والعطاء حتى لا تصبح صحراء قاحلة تبحث عن الارتواء الخارجي بالحب.

الحياة تمتحننا ثم تعلمنا الدروس لا من أجل توبيخ أنفسنا بل من أجل التعلم من نعمة تلك الأخطاء فلا أحد يتطور وينمو دون مواجهة التصادمات الحياتية ولكن علينا أن لا تفرط في الخطأ بحق أنفسنا أو بحق غيرنا أيضا لان الدروس ستعود لنا على صفعات كارما مهما طال الزمن.