خليفة بن سلمان... مهندس الاستقلال ونهضة البحرين

| جاسم محمد سبت

ما‭ ‬أكثر‭ ‬ما‭ ‬كتب‭ ‬وما‭ ‬قيل‭ ‬عن‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬خليفة‭ ‬بن‭ ‬سلمان‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه،‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬وفي‭ ‬رثائه،‭ ‬كثيرون‭ ‬يسعون‭ ‬لأن‭ ‬تسجل‭ ‬أسماؤهم‭ ‬في‭ ‬كتب‭ ‬التاريخ‭ ‬ولو‭ ‬بأسطر‭ ‬قليلة،‭ ‬ولكن‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬الراحل‭ ‬دخل‭ ‬التاريخ‭ ‬من‭ ‬أوسع‭ ‬أبوابه،‭ ‬بأعماله‭ ‬وأقواله‭ ‬وبإنجازاته‭. ‬فقد‭ ‬كان‭ - ‬رحمه‭ ‬الله‭ - ‬أحد‭ ‬صناع‭ ‬التاريخ‭ ‬في‭ ‬مملكتنا‭ ‬وفي‭ ‬منطقتنا،‭ ‬منذ‭ ‬مرحلة‭ ‬ما‭ ‬قبل‭ ‬الاستقلال‭ ‬وبعده،‭ ‬وقد‭ ‬ساند‭ ‬بكل‭ ‬قواه‭ ‬مسيرة‭ ‬الإصلاح‭ ‬التاريخية‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬عاهل‭ ‬البلاد‭ ‬صاحب‭ ‬الجلالة‭ ‬الملك‭ ‬حمد‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬ال‭ ‬خليفة،‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬ومازال‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬ثمّن‭ ‬مواقفه‭ ‬التاريخية،‭ ‬وعشقه‭ ‬للبحرين‭ ‬وأهلها،‭ ‬وأنشد‭ ‬في‭ ‬محبته‭ ‬له‭ ‬قصيدة‭ ‬ردّدها‭ ‬كل‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬نعته‭ ‬فيه‭ ‬بـ”خليفة‭ ‬حليف‭ ‬المرجلة”‭.‬

من‭ ‬بين‭ ‬عشرات‭ ‬الألقاب‭ ‬التي‭ ‬لقب‭ ‬بها‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير،‭ ‬لقب‭ ‬مهندس‭ ‬الاستقلال‭ ‬لأنه‭ ‬وضع‭ ‬القواعد‭ ‬الأساس‭ ‬لبناء‭ ‬دولة‭ ‬ونهضة‭ ‬البحرين‭ ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬عاصر‭ ‬جميع‭ ‬التحديات‭ ‬والتهديدات‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬نصف‭ ‬قرن‭ ‬من‭ ‬الزمان،‭ ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬سموه‭ - ‬طيب‭ ‬الله‭ ‬ثراه‭ - ‬مؤسّسًا‭ ‬ومهندسًا‭ ‬لإدارة‭ ‬الدولة،‭ ‬وكان‭ ‬قريبًا‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬بحريني‭ ‬وبحرينية،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعل‭ ‬الجميع‭ ‬يعتبرونه‭ ‬أبًا‭ ‬حقيقيًّا‭ ‬لهم،‭ ‬وعرّابًا‭ ‬لكل‭ ‬من‭ ‬يحب‭ ‬البحرين‭.‬

‭ ‬ومنذ‭ ‬فجر‭ ‬الاستقلال‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي،‭ ‬حرص‭ ‬على‭ ‬وضع‭ ‬أسس‭ ‬التنوع‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والتحول‭ ‬الصناعي‭ ‬في‭ ‬الدولة،‭ ‬وترك‭ ‬إرثًا‭ ‬منفتحًا‭ ‬على‭ ‬المستجدات‭ ‬الناجحة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة،‭ ‬بأفكار‭ ‬كانت‭ ‬وليدة‭ ‬من‭ ‬عشقه‭ ‬لهذا‭ ‬الوطن،‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬أتم‭ ‬الاستعداد‭ ‬للذود‭ ‬عنه‭ ‬بكل‭ ‬قطرة‭ ‬في‭ ‬دمه‭.‬

‭ ‬إن‭ ‬القلم‭ ‬ليعجز‭ ‬عن‭ ‬رثاء‭ ‬الراحل‭ ‬الكبير‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وسيظل‭ ‬رمزًا‭ ‬نحكي‭ ‬عنه‭ ‬لأبنائنا‭ ‬وأحفادنا،‭ ‬ليستلهموا‭ ‬من‭ ‬مسيرته‭ ‬العطرة‭ ‬زاداً‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬الوطن،‭ ‬ولعلّ‭ ‬أجمل‭ ‬ما‭ ‬يمكننا‭ ‬أن‭ ‬ننشده‭ ‬لهم‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬سمو‭ ‬الشيخ‭ ‬ناصر‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬قصيدته‭ ‬التي‭ ‬رثى‭ ‬فيها‭ ‬حكيم‭ ‬هذه‭ ‬الأمة‭ ‬والتي‭ ‬قال‭ ‬فيها‭:‬

 

اسمه‭ ‬وذكره‭ ‬تفتخر‭ ‬فيه‭ ‬الأقطار

ومن‭ ‬سيرته‭ ‬يكتب‭ ‬للأمجاد‭ ‬سيره

هذا‭ ‬خليفة‭ ‬للوطن‭ ‬درع‭ ‬وأسوار

هذا‭ ‬سند‭ ‬للدار‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬ديره