الأسرة الرياضية فقدت قائدا ومعلما وملهما

خليفة بن سلمان .. سيرة عطرة باقية في وجدان كل رياضي

| حسن علي

رحل المغفور له بإذن الله تعالى الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة عن هذه الدنيا وخلف وراءه إرثاء من العطاء وسجلا حافلا من التضحية والبناء لتحقيق الريادة للوطن والازدهار للشعب والخير للإنسانية. 

وعلى مدى نحو نصف قرن، نشر سموه المعاني الإنسانية والأبوية السامية، وكان للقطاع الشبابي والرياضي نصيب وافر من اهتمام ودعم سموه، ولذلك فإن الحزن عم الوسط الرياضي والشبابي تأثرا بفقدان قائد مسيرة النهضة الرياضية، فلا يمكن لأبناء الرياضة أن ينسوا داعمهم وعضيدهم ومن وضع القواعد الأساسية للحركة الرياضية في وطنهم.

أحاديث أبوية

اعتاد الراحل أن يحتضن في مجلسه العامر كل أفراد المجتمع ومن بينهم الرياضيين، وكان حريصا على استقبال الأبطال ليلقي عليهم الأحاديث الأبوية والإنسانية لينهلوا من مدرسة خليفة بن سلمان، فقد كان سموه في مقدمة مستقبلي منتخبنا الوطني لكرة القدم الحائز على المركز الرابع في كأس آسيا بالصين 2004 والعديد من المنتخبات الأخرى في شتى الألعاب، وهو ما يعكس تقدير سموه لما يحققه أبناء الوطن من إنجازات ونتائج طيبة، كما أن سيرته حافلة باللقاءات التي جمعته مع أبنائه الرياضيين في شتى الألعاب بعد كل إنجاز خليجي وعربي وقاري ودولي.

وكان سموه حريصا على دعم الأنشطة الشبابية والرياضية، و تهيئة كافة الظروف الملائمة لها من أجل إعداد جيل رياضي مؤهل في كافة الألعاب، لديه القدرة على رفع اسم مملكة البحرين عالياً في مختلف المشاركات الرياضية المحلية والإقليمية والدولية، انطلاقا من ايمان سموه بأهمية تعزيز دور الشباب باعتبارهم المحرك الأساسي للتنمية، ولمستقبل أكثر ازدهاراً للوطن.

دعم الأندية بالبنى التحتية

شهدت الرياضة البحرينية في عهد الأمير خليفة بن سلمان نهضة تنموية حديثة بفضل حنكته واهتمامه بأبنائه الشباب عموما والرياضيين خصوصا، حيث تأسست العديد من الاتحادات والأندية الرياضية وهو استوجب تهيئة البنية التحتية من ملاعب وصالات ومنشآت ومرافق متعددة لتشكل بيئة مثالية لاحتضان طاقات الشباب.

وكما أسلفنا في تقارير سابقة بأن الراحل اهتم ببناء المنشآت الرياضية، بل والعمل على تطويرها باستمرار وتوجيه وزارة شئون الشباب والرياضة منذ أن كانت تحت مسمى المؤسسة العامة للشباب والرياضة بدعم الأندية بأفضل المرافق، ومن أبرز الشواهد على ذلك توجيهاته الكريمة للمؤسسة في عام 2004 بالعمل على تطوير المنشآت الرياضية لنادي البديع، علاوة على صدور توجيهاته الكريمة بالموافقة على تعديل وضعية أحد عقارات نادي داركليب وضمه لملعب النادي وهو ما كان له أبلغ الأثر في نفوس جميع منتسبي وأعضاء مجلس إدارة النادي وأهالي المنطقة.

وفي عام 2016 وجه سموه بدراسة احتياجات الشباب والرياضة بمنطقة قلالي وتحديدا المشروعات التطويرية لنادي قلالي ليقوم الوزير السابق للشباب والرياضة هشام الجودر بزيارة النادي ودراسة احتياجات وأثمر ذلك عن إنشاء مبنى متكامل للنادي، الأمر الذي يعكس اهتمام سموه بدعم الحركة الرياضية والشبابية؛ باعتبار الشباب ركيزة الوطن وثروته، وهو تقدير واضح للدور الذي تضطلع به الأندية الوطنية في تأهيل الشباب رياضيا وتوفير مختلف الظروف المثالية التي تكفل لهم القدرة على تفجير طاقاتهم وإبداعاتهم لخدمة وطنهم ومواصلة مسيرة الازدهار والتطور التي تشهدها المملكة.

ولم يكن سموه يكتفي بالدعم المادي، فقد كان يهتم بحل جميع مشاكل الأندية وتنقية أجوائها، ففي العام 2009 كلف سموه المغفور له بإذن الله تعالى نائب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة معالي الشيخ عيسى بن راشد آل خليفة ورئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة السابق الشيخ فواز بن محمد آل خليفة بالاجتماع مع مجلس إدارة نادي المحرق الرياضي والمسئولين فيه وممثلين عن رجالاته وجمهوره؛ لإيجاد حل يكفل عودة أعضائه وجماهيره وعودة الأجواء في هذا النادي العريق إلى سابق عهدها، وبما يكفل الحفاظ على مسيرة نادي المحرق وعراقته الرياضية لحل جميع الموضوعات الخلافية في النادي بما فيها تسديد رسوم الأعضاء.

وفي نفس العام كلف سموه نائب رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة ورئيس المؤسسة العامة للشباب والرياضة بالاجتماع بمجلس إدارة نادي البحرين الرياضي للنظر في طلبات واحتياجات هذا النادي العريق من التطويرانطلاقا من الحرص الذي يبديه سموه لدعم الأندية واستمرار عملها بالوتيرة التي تحقق الأهداف المنشودة وتعزيز دورها الفاعل في الحركة الرياضية في المملكة.

اهتمام سموه بالدور الثقافي للأندية

لقد كان سموه يؤمن بأن الأندية يمكن أن تؤدي دورا أكبر تجاه الوطن عبر بث الوعي الثقافي ليتعدى دورها الحيز الرياضي إلى الدور التثقيفي والإرشادي وأن تكون حاضنة للشباب وموجهة لطاقاتهم في خدمة الوطن، فالشباب هم أساس التقدم ومحرك التنمية ولهم من الحكومة كل الاهتمام والعناية، حاثاً الأندية الرياضية والشبابية على تكثيف أنشطتها وبرامجها التي تسهم في تنمية وتطوير وعي الشباب وتنويره، وتحفيزهم على المشاركة بإيجابية كل ما ينفع الوطن ويقيهم من الأفكار الهدامة وهو ما ساهم في تعزيز هذا الدور بفضل ما سخره سموه من إمكانات وموازنات من الحكومة الموقرة.

مآثر خالدة

ستبقى إنجازات ومآثر الأمير خليفة بن سلمان حاضرة بعدما ترك سيرة عطرة يلمسها كل رياضي عاش في عصر سموه وشعر بالإنجازات الكبيرة للرياضة البحرينية ، في ظل الرعاية والاهتمام الذي حظي بها قطاعي الشباب والرياضة وتوجيهات سموه المستمرة  بتذليل كافة الصعوبات أمام أبنائه الرياضيين وهو ما مهد الطريق أمام تحقيق العديد من المكتسبات والنجاحات التي وضعت البحرين على خارطة الرياضة العالمية.

الشعب البحريني والأسرة الرياضية فقدت معلما وملهما وقائدا عظيما نذر نفسه لخدمة الوطن والمواطنين وخلف وراءه تاريخا ناصعا في مسيرة التنمية وسيفتقد الرياضيون أميرا حكيما وأبا حانيا لطالما غمرهم بعطفه وحنانه ورعايته فرحم الله الأمير خليفة بن سلمان وأسكنه فسيح جناته.