دراسات تؤكد اختفاء 65 % من أراضي المملكة بعد 80 عام

إلى أين ستصل المياه في البحريـن عام 2100؟

| إبراهيم النهام

الناصر‭: ‬توقع‭ ‬بزيادة‭ ‬15‭ % ‬من‭ ‬منسوب‭ ‬مياه‭ ‬الأمطار‭ ‬بدول‭ ‬الخليج الاحتباس‭ ‬الحراري‭ ‬وذوبان‭ ‬جبال‭ ‬الجليد‭ ‬بالقطب‭ ‬الشمالي‭ ‬تنبئ‭ ‬بكارثة‭ ‬بيئية‭ ‬عالمية  

“نص‭ ‬ساعة‭ ‬مطر‭.. ‬والبحرين‭ ‬تغرق”‭... ‬“أمطار‭ ‬رعدية‭ ‬غزيرة‭ ‬تغرق‭ ‬شوارع‭ ‬البحرين”‭... ‬عناوين‭ ‬صحفية‭ ‬اعتيادية‭ ‬تخرج‭ ‬بها‭ ‬الصحف‭ ‬كل‭ ‬عام،‭ ‬بكنايات‭ ‬تصف‭ ‬الحال‭ ‬السنوي‭ ‬للأمطار‭ ‬والذي‭ ‬تتسبّب‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬والشوارع‭ ‬والساحات‭ ‬إلى‭ ‬برك‭ ‬آسنة‭ ‬غزيرة‭.‬

لكن‭ ‬الشاهد‭ ‬بالأمر،‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬طفت‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬نفسها،‭ ‬وتسللت‭ ‬بهدوء‭ ‬أو‭ ‬بصخب‭ ‬ربما‭ ‬إلى‭ ‬اليابسة،‭ ‬إلى‭ ‬الشوارع،‭ ‬والمدن‭ ‬والقرى،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬سيحدث‭ ‬حينها؟‭ ‬وما‭ ‬الذي‭ ‬سنفعله؟

في‭ ‬يوم‭ ‬السبت‭ ‬الموافق‭ ‬22‭ ‬سبتمبر‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬2019‭ ‬رصد‭ ‬مواطنون‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬نسبيًّا‭ ‬لمياه‭ ‬البحر‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬سواحل‭ ‬البحرين،‭ ‬كساحل‭ ‬المالكية،‭ ‬والزلاق‭ ‬والعكر،‭ ‬والدرة،‭ ‬حيث‭ ‬غطت‭ ‬المياه‭ ‬أجزاء‭ ‬منها‭ ‬حتى‭ ‬نفذت‭ ‬إلى‭ ‬بعض‭ ‬أكشاك‭ ‬الباعة‭ ‬هنالك،‭ ‬بصورة‭ ‬وصفها‭ ‬البعض‭ ‬بالمرعبة،‭ ‬مستذكرين‭ ‬بها‭ ‬حادث‭ ‬تسوماني‭ ‬والذي‭ ‬دمّر‭ ‬وأباد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المدن‭ ‬وأزهقت‭ ‬الأرواح‭.‬

هذا‭ ‬الحادث‭ ‬يقودنا‭ ‬بالذاكرة‭ ‬إلى‭ ‬حادثة‭ ‬أقدم،‭ ‬شهدتها‭ ‬شوارع‭ ‬قرى‭ ‬عسكر،‭ ‬جو،‭ ‬المالكية،‭ ‬المعامير‭ ‬العام‭ ‬2007،‭ ‬إذ‭ ‬رصد‭ ‬مواطنون‭ ‬ارتفاعًا‭ ‬ملحوظًا‭ ‬لمنسوب‭ ‬مياه‭ ‬البحر‭ ‬لأمتار‭ ‬عديدة‭ ‬بعيدة‭ ‬عن‭ ‬الساحل،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬مناطق‭ ‬عسكر‭ ‬وجو،‭ ‬علمًا‭ ‬بأنه‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬سبقتها‭ ‬حوادث‭ ‬شبيهه‭ ‬بتلك‭ ‬الفترة،‭ ‬ولكن‭ ‬بشكل‭ ‬أكبر،‭ ‬بكل‭ ‬من‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان‭ ‬وايران‭.‬

في‭ ‬الأثناء،‭ ‬أفادت‭ ‬دراسة‭ ‬علمية‭ ‬خلص‭ ‬بها‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الأكاديميين‭ ‬والخليجيين‭ ‬المختصين‭ ‬في‭ ‬علوم‭ ‬البيئة‭ ‬والبحار‭ ‬العام‭ ‬2011‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬دول‭ ‬ساحلية‭ ‬عديدة‭ ‬في‭ ‬العالم،‭ ‬ستفقد‭ ‬أجزاء‭ ‬منها‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬منسوب‭ ‬مياه‭ ‬البحر،‭ ‬منها‭ ‬البحرين‭ ‬وبنسبة‭ ‬11‭ %.‬

وتوقعت‭ ‬الدراسة‭ ‬والتي‭ ‬أعدتها‭ ‬صباح‭ ‬الجنيد‭ ‬من‭ ‬جامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بأن‭ ‬تكون‭ ‬18‭ % ‬من‭ ‬المناطق‭ ‬المبنية‭ ‬والصناعية‭ ‬والتي‭ ‬تشكل‭ ‬2‭ % ‬من‭ ‬المساحة‭ ‬الكلية‭ ‬للأراضي‭ ‬تحت‭ ‬الماء،‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬منسوب‭ ‬المياه‭ ‬بنسبة‭ ‬0‭.‬3‭ ‬متر‭.‬

كما‭ ‬توقعت‭ ‬الدراسة‭ ‬أن‭ ‬تفقد‭ ‬البحرين‭ ‬65‭ % ‬من‭ ‬أراضيها‭ ‬غير‭ ‬المغمورة‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2100م،‭ ‬بسبب‭ ‬ارتفاع‭ ‬منسوب‭ ‬البحر‭ ‬بنسبة‭ ‬خمسة‭ ‬أمتار‭ ‬عن‭ ‬سطح‭ ‬الأرض،‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬ضرورة‭ ‬وضع‭ ‬استراتيجيات‭ ‬للتكيف‭ ‬مع‭ ‬التقلبات‭ ‬المناخية‭ ‬لزيادة‭ ‬المرونة‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬المقبلة،‭ ‬ووضع‭ ‬هذه‭ ‬السياسات‭ ‬في‭ ‬تحديد‭ ‬وتصميم‭ ‬وتنفيذ‭ ‬تدابير‭ ‬التكيف‭ ‬المحتملة‭.‬

ولفتت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬التكاليف‭ ‬ستكون‭ ‬عالية‭ ‬جدًّا‭ ‬لعملية‭ ‬التكيف‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭ ‬في‭ ‬المستقبل‭ ‬القريب،‭ ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مواجهة‭ ‬هذا‭ ‬الخطر‭ ‬بصفة‭ ‬الاستعجال‭ ‬لمواجهة‭ ‬التحدي‭ ‬المتمثل‭ ‬في‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭.‬

هذه‭ ‬الدراسة،‭ ‬تقودنا‭ ‬تلقائيًّا‭ ‬إلى‭ ‬تقرير‭ ‬صحفي‭ ‬نشره‭ ‬الموقع‭ ‬الإخباري‭ (‬لوبي‭ ‬لوق‭) ‬أخيرًا،‭ ‬وتداولته‭ ‬المنصات‭ ‬الإعلامية‭ ‬والذي‭ ‬أشار‭ ‬بأن‭ ‬تفاقم‭ ‬ظاهرة‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬سيؤدي‭ ‬مع‭ ‬الوقت‭ ‬إلى‭ ‬ارتفاع‭ ‬مستوى‭ ‬سطح‭ ‬البحر‭ ‬بشكل‭ ‬جاد‭ ‬يهدد‭ ‬البحرين،‭ ‬كونها‭ ‬تتكون‭ ‬من‭ ‬أرخبيل‭ ‬من‭ ‬الجزر،‭ ‬لافتًا‭ ‬إلى‭ ‬احتمالية‭ ‬غرق‭ ‬ما‭ ‬نسبته‭ (‬27‭ %-‬65‭ %) ‬من‭ ‬أراضي‭ ‬المملكة‭ ‬بحلول‭ ‬العام‭ ‬2100‭.‬

وينصح‭ ‬التقرير‭ ‬المذكور‭ ‬البحرين،‭ ‬بتنفيذ‭ ‬سياسات‭ ‬وقائية‭ ‬بيئية‭ ‬شاملة‭ ‬لتفادي‭ ‬مخاطر‭ ‬التغير‭ ‬المناخي،‭ ‬مستشهدًا‭ ‬بتجارب‭ ‬سلطنة‭ ‬عمان،‭ ‬واندونيسيا‭ ‬بهذا‭ ‬المضمار‭.‬

وفي‭ ‬تصريح‭ ‬لـ”البلاد”‭ ‬قال‭ ‬أستاذ‭ ‬الفيزياء‭ ‬التطبيقية‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين‭ ‬وهيب‭ ‬الناصر‭ ‬إن‭ ‬البحرين‭ ‬قدّمت‭ ‬البلاغ‭ ‬الأول‭ ‬والثاني‭ ‬والثالث،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مطلوب‭ ‬كل‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬بأن‭ ‬تقدم‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬بلاغها،‭ ‬منها‭ ‬حصر‭ ‬كمية‭ ‬ثاني‭ ‬أكسيد‭ ‬الكربون‭ ‬بها‭ ‬لأنها‭ ‬العنصر‭ ‬الأساسي‭ ‬في‭ ‬الاحتباس‭ ‬الحراري،‭ ‬وفق‭ ‬آلية‭ ‬معينة‭ ‬لحسبة‭ ‬هذه‭ ‬النسبة،‭ ‬ثم‭ ‬يحدد‭ ‬لهم‭ ‬آلية‭ ‬التعايش‭ ‬والعلاج‭ ‬لذلك‭.‬

وأضاف‭ ‬الناصر‭ ‬“من‭ ‬ضمن‭ ‬النماذج،‭ ‬أن‭ ‬تحدد‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬تأثيرات‭ ‬ارتفاع‭ ‬مناخ‭ ‬المنطقة‭ ‬عليها،‭ ‬من‭ ‬تزايد‭ ‬للأمراض،‭ ‬أو‭ ‬خروج‭ ‬أوبئة‭ ‬جديدة،‭ ‬أو‭ ‬أمطار‭ ‬كثيرة،‭ ‬رطوبة‭ ‬تزيد،‭ ‬وغيرها،‭ ‬ومن‭ ‬ضمنها،‭ ‬احتماليات‭ ‬النتائج‭ ‬المتوقعة،‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬وذوبان‭ ‬جبال‭ ‬الجليد،‭ ‬ومدى‭ ‬إمكانية‭ ‬تأثير‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬ارتفاع‭ ‬منسوب‭ ‬مياه‭ ‬البحر،‭ ‬والتي‭ ‬تصل‭ ‬وفق‭ ‬الدراسات‭ ‬حتى‭ ‬المتر‭ ‬الواحد”‭.‬

وزاد‭ ‬“تتبع‭ ‬هذه‭ ‬الدراسات‭ ‬سيحدد‭ ‬الضرر‭ ‬المتوقع،‭ ‬وإلى‭ ‬أين‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬وصولها‭ ‬إلى‭ ‬المتر‭ ‬الواحد،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬مطروح‭ ‬بنماذج‭ ‬رياضية‭ ‬بحال‭ ‬استمرار‭ ‬الوضع‭ ‬الراهن،‭ ‬نتائجها‭ ‬المتوقعة‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2100”‭.‬

وأردف‭ ‬الناصر‭ ‬“هذه‭ ‬النماذج‭ ‬الرياضية‭ ‬مأخوذة‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬البلاغ‭ ‬الثالث،‭ ‬وعليه‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تستعرض‭ ‬على‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬للبيئة،‭ ‬وعلى‭ ‬محكم‭ ‬عالمي،‭ ‬وبحيث‭ ‬تدرس‭ ‬بشكل‭ ‬منطقي‭ ‬وعميق،‭ ‬وليس‭ ‬جزافًا”‭.‬

وتابع‭ ‬“موضوع‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬أمر‭ ‬قائم‭ ‬وواقع،‭ ‬والعام‭ ‬الماضي‭ ‬ارتفعت‭ ‬حرارة‭ ‬الأرض‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬وغير‭ ‬مسبوق،‭ ‬ولقد‭ ‬رصد‭ ‬ارتفاع‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬في‭ ‬القطب‭ ‬الشمالي‭ ‬الى‭ ‬32‭ ‬درجة‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬خطير‭ ‬جدًّا،‭ ‬قد‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬خروج‭ ‬فيروسات‭ ‬مدفونة‭ ‬في‭ ‬الجليد،‭ ‬مسببة‭ ‬بأمراض‭ ‬جديدة‭ ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬عنها‭ ‬شيئًا”‭.‬

وقال‭ ‬“تفاقم‭ ‬الأوضاع‭ ‬البيئية‭ ‬الراهنة،‭ ‬قد‭ ‬يزيد‭ ‬من‭ ‬نسبة‭ ‬الأمطار‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬الى‭ ‬15‭ %‬،‭ ‬وهو‭ ‬أمر‭ ‬جيد،‭ ‬ولكن‭ ‬الإشكالية‭ ‬هو‭ ‬بنزولها‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬موزعة‭ ‬على‭ ‬العام‭ ‬بأكمله،‭ ‬تمامًا‭ ‬ما‭ ‬حدث‭ ‬بالسودان‭ ‬أخيرًا،‭ ‬وفي‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية”‭.‬