أقوم بتحويل الضوضاء إلى طاقة في يدي

روان: لوحاتي تعرفني أكثر من أي شيء آخر

| أسامة الماجد

تتسم‭ ‬أعمال‭ ‬الفنانة‭ ‬روان‭ ‬الساعاتي،‭ ‬بطابع‭ ‬واقعي‭ ‬يحمل‭ ‬روحا‭ ‬جميلة‭ ‬طورته‭ ‬بطريقتها‭ ‬الخاصة،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬اللون‭ ‬عندها‭ ‬غني‭ ‬ودسم‭ ‬وله‭ ‬شخصية‭ ‬خاصة‭ ‬به‭ ‬وهذا‭ ‬دليل‭ ‬على‭ ‬الخلق‭ ‬الفني‭ ‬الرفيع‭.‬

“البلاد”‭ ‬سجلت‭ ‬هذه‭ ‬الوقفة‭ ‬مع‭ ‬الفنانة‭ ‬روان‭ ‬الساعاتي‭.‬

ماذا‭ ‬تعني‭ ‬لك‭ ‬اللوحة،‭ ‬روح‭ ‬تنطق‭ ‬أم‭ ‬نص‭ ‬مكتوب؟

اللوحة‭ ‬تعني‭ ‬لي‭ ‬روح‭ ‬تنطق،‭ ‬فأنا‭ ‬أُعدها‭ ‬روحي‭ ‬ولغتي‭ ‬الخاصة‭ ‬التي‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬أعبر‭ ‬عما‭ ‬بداخلي‭ ‬بكل‭ ‬أريحية،‭ ‬أما‭ ‬ألواني‭ ‬وفرشاتي‭ ‬فجزء‭ ‬لا‭ ‬يتجزأ‭ ‬من‭ ‬عالمي‭ ‬الخاص‭ ‬“الكانفاس”،‭ ‬ولا‭ ‬أبالغ‭ ‬إن‭ ‬قلت‭ ‬إنهم‭ ‬أساس‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الخاص‭ ‬بي‭ ‬لأنني‭ ‬بواسطتهم‭ ‬أكون‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬التعبير‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬ينطق‭ ‬لساني‭ ‬بكلمة‭.‬

‎فأعمالي‭ ‬تكون‭ ‬مستوحاة‭ ‬من‭ ‬الواقع‭ ‬المحيط‭ ‬بي‭ ‬ولوحاتي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬أجزاء‭ ‬مني‭ ‬وعندما‭ ‬أجمعها‭ ‬أشعر‭ ‬بأنها‭ ‬تمثلني،‭ ‬إنها‭ ‬تعرفني‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬كالمرآة‭ ‬التي‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تعكس‭ ‬ما‭ ‬بداخلي‭ ‬التي‭ ‬يصعب‭ ‬على‭ ‬إظهارها‭ ‬بالكلام‭.‬

ويأتي‭ ‬إلهامي‭ ‬دائمًا‭ ‬من‭ ‬الخارج‭ ‬فيدخل‭ ‬في‭ ‬نفسي‭ ‬ويتسلل‭ ‬إلى‭ ‬ذهني‭ ‬ببطء‭ ‬ويحدث‭ ‬فيها‭ ‬ضوضاء‭ ‬غريبة،‭ ‬وأقوم‭ ‬أنا‭ ‬بتحويل‭ ‬الضوضاء‭ ‬وضجيج‭ ‬إلى‭ ‬طاقات‭ ‬في‭ ‬يدي‭ ‬تحركها‭ ‬في‭ ‬حركات‭ ‬اللاوعي‭ ‬في‭ ‬اللوحة‭.‬

ما‭ ‬طقوسك؟

أقوم‭ ‬بالاستماع‭ ‬لموسيقى‭ ‬هادئة‭ ‬لأشهر‭ ‬الموسيقيين‭ ‬ومنهم‭ ‬بيتهوڤن،‭ ‬وعندما‭ ‬استمع‭ ‬للموسيقى‭ ‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬مشاعري‭ ‬الداخلية‭ ‬تتحرك‭ ‬طالبة‭ ‬الخروج‭ ‬من‭ ‬الداخل‭ ‬فأساعدها‭ ‬على‭ ‬ذلك،‭ ‬وأدخل‭ ‬مباشرة‭ ‬في‭ ‬عالمي‭ ‬الخاص‭ ‬لأتجول‭ ‬فيه‭ ‬ويكون‭ ‬فيه‭ ‬أنا‭ ‬ولوحتي‭ ‬وألواني‭ ‬لوحدنا‭ ‬نتحاور‭ ‬فيما‭ ‬بيننا‭.‬

وأحيانًا‭ ‬فقط‭ ‬يراودني‭ ‬شعور‭ ‬مفاجئ‭ ‬ورغبة‭ ‬شديدة‭ ‬في‭ ‬إنتاج‭ ‬عمل‭ ‬فني‭ ‬يكون‭ ‬مرسومًا‭ ‬في‭ ‬عقلي‭ ‬في‭ ‬اللحظة‭ ‬الراهنة،‭ ‬وقد‭ ‬أحلم‭ ‬بتلك‭ ‬اللوحة‭ ‬في‭ ‬مراحلها‭. ‬

كيف‭ ‬تنظرين‭ ‬إلى‭ ‬دور‭ ‬الجمعيات‭ ‬التشكيلية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬المواهب؟‭ ‬

من‭ ‬وجهة‭ ‬نظري،‭ ‬اليوم‭ ‬الجمعيات‭ ‬التشكيلية‭ ‬لا‭ ‬تلتفت‭ ‬بشكل‭ ‬قوي‭ ‬للجيل‭ ‬الشبابي‭ ‬الموهوب،‭ ‬وعند‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬استشفيت‭ ‬أن‭ ‬حركة‭ ‬الجمعيات‭ ‬سابقًا‭ ‬تجاه‭ ‬الشباب‭ ‬كانت‭ ‬تشبه‭ ‬المغناطيس‭ ‬الذي‭ ‬يجذبهم‭ ‬وتتبناهم‭ ‬لتطور‭ ‬من‭ ‬قدراتهم‭ ‬وتنمي‭ ‬موهبتهم‭ ‬الفنية‭ ‬وتقوي‭ ‬حضورهم‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭ ‬كعائلة‭ ‬جمعية‭ ‬معينة،‭ ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فقلت‭ ‬رؤيتي‭ ‬إلى‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الدعم،‭ ‬وأصبح‭ ‬الشباب‭ ‬يواجهون‭ ‬صعوبة‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬الانخراط‭ ‬مع‭ ‬فنانين‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية‭.‬

وهذا‭ ‬لا‭ ‬يعني‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬هناك‭ ‬دعم‭ ‬للفنانين‭ ‬الشباب،‭ ‬فنحن‭ ‬لا‭ ‬ننكر‭ ‬فضل‭ ‬هيئة‭ ‬البحرين‭ ‬للثقافة‭ ‬والآثار‭ ‬التي‭ ‬تقوم‭ ‬بمجهود‭ ‬جبار‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الشباب‭ ‬الفني‭ ‬واستهدافهم،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬تطرحها‭ ‬سنويًا،‭ ‬ولكن‭ ‬نحن‭ ‬نأمل‭ ‬أيضًا‭ ‬من‭ ‬الجمعيات‭ ‬التشكيلية‭ ‬الأخرى‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الدعم‭ ‬لأننا‭ ‬نريد‭ ‬أن‭ ‬نعيد‭ ‬للفن‭ ‬مجده‭ ‬السابق‭ ‬وهدفنا‭ ‬التقدم‭ ‬وليس‭ ‬التراجع‭.‬

‭ ‬بمن‭ ‬تأثرت‭ ‬من‭ ‬الفنانين‭ ‬المحليين؟

تأثرت‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الفنانين،‭ ‬منهم‭ ‬الفنان‭ ‬عبدالرحيم‭ ‬شريف‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬محطاتي‭ ‬في‭ ‬مسيرتي‭ ‬الفنية‭ ‬وتعلمت‭ ‬منه‭ ‬الكثير‭ ‬وتدربت‭ ‬تحت‭ ‬يده،‭ ‬إضافة‭ ‬للفنانين‭ ‬عباس‭ ‬الموسوي‭ ‬وراشد‭ ‬سوار‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬أعمالهما‭ ‬لطبيعة‭ ‬البحرين‭ ‬وسواحلها‭.‬

وكنت‭ ‬وإلى‭ ‬الآن‭ ‬حريصة‭ ‬على‭ ‬الالتقاء‭ ‬برواد‭ ‬الفن‭ ‬التشكيلي،‭ ‬وتأثري‭ ‬بهم‭ ‬واضح‭ ‬فهم‭ ‬المدارس‭ ‬والإرث‭ ‬الثمين‭ ‬لفن‭ ‬البحرين‭ ‬الذي‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتوارثه‭ ‬الأجيال‭.‬

لكل‭ ‬فنان‭ ‬أسلوب‭ ‬يمتاز‭ ‬به‭.. ‬ما‭ ‬أسلوبك؟

أقوم‭ ‬بتجربة‭ ‬كل‭ ‬الأساليب‭ ‬الفنية،‭ ‬والأسلوب‭ ‬التعبيري‭ ‬الذي‭ ‬اتبعه‭ ‬في‭ ‬الطبيعة‭ ‬لاسيما‭ ‬طبيعة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬من‭ ‬شواطئها‭ ‬وتصوري‭ ‬لأسواقنا‭ ‬القديمة،‭ ‬كما‭ ‬أميل‭ ‬أحيانًا‭ ‬إلى‭ ‬الأسلوب‭ ‬الواقعي‭ ‬والتجريدي‭ ‬في‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬ما‭ ‬بداخلي‭ ‬وترجمتها‭ ‬بلغتي‭ ‬الفنية‭ ‬الخاصة‭ ‬على‭ ‬القماش‭ ‬الأبيض‭.‬

هل‭ ‬تضعين‭ ‬عنوان‭ ‬اللوحة‭ ‬قبل‭ ‬أم‭ ‬بعد‭ ‬إنجازها؟

نادرا‭ ‬ما‭ ‬أختار‭ ‬عنوانًا‭ ‬للعمل‭ ‬قبل‭ ‬البدء،‭ ‬فتردد‭ ‬العنوان‭ ‬في‭ ‬ذهني‭ ‬قادر‭ ‬على‭ ‬رسم‭ ‬اللوحة‭ ‬لي‭ ‬ذهنيًا‭ ‬وأصورها‭ ‬في‭ ‬عقلي‭ ‬الباطن‭. ‬أما‭ ‬أغلب‭ ‬أعمالي‭ ‬فكنت‭ ‬قبل‭ ‬البدء‭ ‬بالعمل‭ ‬أكتب‭ ‬فكرة‭ ‬العمل‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أجعل‭ ‬مشاعري‭ ‬تتحرك‭ ‬معها‭ ‬ولا‭ ‬أحد‭ ‬من‭ ‬حريتي،‭ ‬بل‭ ‬أنطلق‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬أصل‭ ‬إلى‭ ‬النتيجة‭ ‬التي‭ ‬ترضي‭ ‬روحي‭ ‬الفني،‭ ‬ثم‭ ‬تبدأ‭ ‬العناوين‭ ‬تتشكل‭ ‬وتفرض‭ ‬نفسها‭.‬