إيران... قلب الحقائق رأسًا على عقب (1)

| عاتقة خورسند

لا‭ ‬يقتصر‭ ‬تخطي‭ ‬حدود‭ ‬الوقاحة‭ ‬وإهانة‭ ‬الوعي‭ ‬البشري‭ ‬في‭ ‬عصر‭ ‬الوعي‭ ‬والتواصل؛‭ ‬على‭ ‬موضوع‭ ‬روحاني‭ ‬المطنَّب‭ ‬في‭ ‬كلمته‭ ‬الافتراضية‭ ‬أمام‭ ‬الجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للأمم‭ ‬المتحدة،‭ ‬حيث‭ ‬ادعت‭ ‬وكالة‭ ‬“تسنيم”‭ ‬للأنباء‭ ‬في‭ ‬23‭ ‬سبتمبر‭ ‬2020،‭ ‬قياسًا‭ ‬على‭ ‬تقرير‭ ‬بي‭.‬بي‭.‬سي‭ ‬حول‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬الأميركية،‭ ‬أن‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬ديكتاتورية‭ ‬الملالي‭ ‬جيد‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬بعيد،‭ ‬ويتم‭ ‬تقديم‭ ‬الطعام‭ ‬الصحي‭ ‬واللذيذ‭ ‬للسجناء‭.‬

وبغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬“الأخذ‭ ‬والعطاء”‭ ‬والمغازلة‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬تبنتها‭ ‬وكالة‭ ‬“تسنيم”‭ ‬للأنباء‭ ‬التابعة‭ ‬لقوة‭ ‬القدس‭ ‬الإرهابية‭ ‬باللجوء‭ ‬إلى‭ ‬استخدام‭ ‬بوق‭ ‬الاستعمار‭ ‬الخرف،‭ ‬فإن‭ ‬ما‭ ‬يبدو‭ ‬مثيرًا‭ ‬للاشمئزاز‭ ‬تمامًا‭ ‬ويصدم‭ ‬القارئ‭ ‬من‭ ‬الوهلة‭ ‬الأولى،‭ ‬هو‭ ‬الإشادة‭ ‬بحراس‭ ‬السجون‭ ‬والجلادين‭ ‬وتقديسهم،‭ ‬والإشادة‭ ‬بالسجون‭ ‬القروسطائية‭ ‬لديكتاتورية‭ ‬دينية‭ ‬تمت‭ ‬إدانتها‭ ‬66‭ ‬مرة‭ ‬بسبب‭ ‬الانتهاكات‭ ‬الفادحة‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬فقط‭.‬

والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬أصدرت‭ ‬كل‭ ‬عام‭ ‬قرارًا‭ ‬حول‭ ‬انتهاك‭ ‬حقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬باستثناء‭ ‬عامين‭ ‬فقط‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬حكم‭ ‬هذا‭ ‬النظام‭ ‬العار‭ ‬للبلاد‭ ‬حتى‭ ‬الآن،‭ ‬والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يتسم‭ ‬به‭ ‬جميع‭ ‬الديكتاتوريين‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬فإن‭ ‬ديكتاتورية‭ ‬الملالي‭ ‬وحدها‭ ‬متسمة‭ ‬بكلها،‭ ‬وإذا‭ ‬كانت‭ ‬الديكتاتوريات‭ ‬الأخرى‭ ‬لا‭ ‬شأن‭ ‬لها‭ ‬بالحريات‭ ‬المدنية‭ ‬والشخصية،‭ ‬فإن‭ ‬نظام‭ ‬حكم‭ ‬الملالي‭ ‬لم‭ ‬يترك‭ ‬مجالًا‭ ‬من‭ ‬مجالات‭ ‬حياة‭ ‬أبناء‭ ‬الوطن‭ ‬إلا‭ ‬وتدخل‭ ‬فيه‭ ‬ولوثه‭ ‬بنحس‭ ‬وجوده،‭ ‬ففي‭ ‬الواقع،‭ ‬حوّل‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬الفاشي‭ ‬هذا‭ ‬إيران‭ ‬برمتها‭ ‬إلى‭ ‬سجن‭ ‬كبير‭.‬

في‭ ‬كل‭ ‬ساعة‭ ‬يُسجن‭ ‬50‭ ‬شخصًا‭ ‬في‭ ‬إيران

أشار‭ ‬أحد‭ ‬التقديرات‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2018‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬50‭ ‬شخصًا‭ ‬يُسجنون‭ ‬في‭ ‬سجون‭ ‬نظام‭ ‬الملالي‭ ‬كل‭ ‬ساعة،‭ ‬بمعنى‭ ‬أنه‭ ‬يُسجن‭ ‬1200‭ ‬شخص‭ ‬يوميًا‭ ‬بواقع‭ ‬438‭,‬000‭ ‬شخص‭ ‬سنويًا،‭ ‬والجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬يعادل‭ ‬5‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬عدد‭ ‬السكان‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬وبموجب‭ ‬هذا‭ ‬التقدير،‭ ‬فإنه‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬200‭ ‬شخص‭ ‬يُزج‭ ‬سنويًا‭ ‬بشخص‭ ‬واحد‭ ‬في‭ ‬زنزانة‭ ‬السجن‭. ‬ولابد‭ ‬من‭ ‬الإشارة‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دوريات‭ ‬الحراسة‭ ‬الليلية‭ ‬اعتقلت‭ ‬7000‭ ‬شخص‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬بضعة‭ ‬أيام‭ ‬أثناء‭ ‬أحداث‭ ‬انتفاضة‭ ‬نوفمبر‭ ‬2019‭ ‬فقط،‭ ‬وزجوا‭ ‬بهم‭ ‬في‭ ‬زنازين‭ ‬السجون،‭ ‬وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بوضع‭ ‬احتجاز‭ ‬السجناء‭ ‬في‭ ‬إيران،‭ ‬كتب‭ ‬الموقع‭ ‬الإلكتروني‭ ‬الحكومي‭ ‬“كسترش”‭ ‬في‭ ‬7‭ ‬يناير‭ ‬2020‭: ‬“إن‭ ‬عدد‭ ‬المجرمين‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬مرتفع‭ ‬جدًا،‭ ‬وعدد‭ ‬السجناء‭ ‬الثابت‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬القليلة‭ ‬الماضية‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬250‭,‬000‭ ‬شخص،‭ ‬ويصل‭ ‬عدد‭ ‬السجناء‭ ‬المتناوبين‭ ‬في‭ ‬السجون‭ ‬إلى‭ ‬حوالي‭ ‬700‭,‬000‭ ‬شخص،‭ ‬وهذا‭ ‬العدد‭ ‬كبير‭ ‬جدًا‭. ‬وإذا‭ ‬تقرر‭ ‬احتجازهم‭ ‬بالامتثال‭ ‬لمعايير‭ ‬السجانين،‭ ‬فيجب‭ ‬مضاعفة‭ ‬ميزانية‭ ‬بناء‭ ‬السجون‭ ‬في‭ ‬إيران‭ ‬ومرافقها‭ ‬بمقدار‭ ‬8‭ ‬مرات،‭ ‬وهذا‭ ‬أيضًا‭ ‬لا‭ ‬جدوي‭ ‬منه”‭. ‬“مجاهدين”‭.‬