التكرار أصبح ينخر عظام الفن الخليجي

الأعوام تمر والظروف تصعب أكثر على الفنان البحريني

| أسامة الماجد

يرى‭ ‬الفنان‭ ‬والمخرج‭ ‬عادل‭ ‬شمس‭ ‬أن‭ ‬التكرار‭ ‬ينخر‭ ‬عظام‭ ‬الفن‭ ‬الخليجي،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الأعمال‭ ‬نموذجا‭ ‬واحدا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬“الشللية”‭ ‬شيء‭ ‬مألوف‭ ‬وجزء‭ ‬من‭ ‬الطبيعة‭ ‬البشرية،‭ ‬فكل‭ ‬شخص‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬يوجد‭ ‬معها‭. ‬“البلاد”‭ ‬التقت‭ ‬بالفنان‭ ‬شمس‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الصراحة‭:‬

حدثنا‭ ‬عن‭ ‬مشاركتك‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬دفعة‭ ‬بيروت‭ ‬وماذا‭ ‬أضاف‭ ‬لك‭ ‬فنيا؟

دعني‭ ‬أكن‭ ‬صريحا،‭ ‬العمل‭ ‬أضاف‭ ‬لي‭ ‬إنسانيا‭ ‬أكثر‭ ‬منه‭ ‬فنيا،‭ ‬وظروف‭ ‬المشاركة‭ ‬جاءت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬ضنك،‭ ‬إذ‭ ‬الجائحة‭ ‬والعمل‭ ‬يتطلب‭ ‬السفر‭ ‬وبخط‭ ‬غير‭ ‬مباشر،‭ ‬ثم‭ ‬التغرب‭ ‬لأسبوع‭ ‬على‭ ‬الأقل‭. ‬لذا‭ ‬كان‭ ‬قرار‭ ‬الموافقة‭ ‬لاعتبارات‭ ‬تقديرية‭ ‬لمخرج‭ ‬العمل‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬العلي‭ ‬وكنوع‭ ‬من‭ ‬إنقاذ‭ ‬موقف،‭ ‬لكن‭ ‬تطور‭ ‬الأحداث‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬من‭ ‬انفجارات‭ ‬وتظاهرات،‭ ‬وبالتالي‭ ‬زيادة‭ ‬نسبة‭ ‬الإصابات‭ ‬بكورونا‭ ‬كلها‭ ‬أسباب‭ ‬أدت‭ ‬إلى‭ ‬انطوائنا‭ ‬في‭ ‬الفندق‭ ‬وإطالة‭ ‬أمد‭ ‬السفر‭ ‬إلى‭ ‬شهر‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭. ‬

هل‭ ‬تؤمن‭ ‬بالشللية‭ ‬في‭ ‬الوسط‭ ‬الفني؟

إن‭ ‬كان‭ ‬القصد‭ ‬من‭ ‬الإيمان‭ ‬هو‭ ‬التأييد،‭ ‬فانا‭ ‬لا‭ ‬أؤيد‭ ‬ذلك،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬القصد‭ ‬هل‭ ‬هي‭ ‬موجودة،‭ ‬فأقول‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬شيء‭ ‬طبيعي‭ ‬وجزء‭ ‬من‭ ‬الطبيعة‭ ‬البشرية،‭ ‬فكل‭ ‬شخص‭ ‬يميل‭ ‬إلى‭ ‬مجموعة‭ ‬يحب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬معها‭ ‬وليس‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬مع‭ ‬الكل،‭ ‬فميول‭ ‬الناس‭ ‬تختلف‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬اكبر‭ ‬من‭ ‬الشللية‭ ‬أن‭ ‬ينعكس‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬اختيار‭ ‬المنتج‭ ‬أو‭ ‬المخرج‭ ‬للطاقم‭ ‬عموما‭ ‬دون‭ ‬إجراء‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬“الكاستنغ”‭ ‬لاختيار‭ ‬الأفضل‭ ‬للدور،‭ ‬فلم‭ ‬نصل‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الثقافة‭ ‬في‭ ‬صناعة‭ ‬العمل‭ ‬الفني‭ ‬بعد‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬الاختيارات‭ ‬تقع‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬يقفز‭ ‬إلى‭ ‬ذهن‭ ‬المخرج‭ ‬من‭ ‬ممثلين‭ ‬عند‭ ‬قراءة‭ ‬النص،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬ليس‭ ‬بخطأ‭ ‬محض،‭ ‬إذ‭ ‬إنه‭ ‬افضل‭ ‬من‭ ‬اختيار‭ ‬لاعتبارات‭ ‬غير‭ ‬الدور‭.‬

ماذا‭ ‬لو‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬يدك‭ ‬نص‭ ‬ميت؟

ليس‭ ‬دائما‭ ‬الحي‭ ‬يحييك،‭ ‬وليس‭ ‬دائما‭ ‬الضرب‭ ‬في‭ ‬الميت‭ ‬حرام،‭ ‬فتقدير‭ ‬موت‭ ‬النص‭ ‬المسرحي‭ ‬عملية‭ ‬نسبية‭ ‬تختلف‭ ‬من‭ ‬معالج‭ ‬لآخر‭.‬

وأنا‭ ‬مؤمن‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يثير‭ ‬المخرج‭ ‬للتصدي‭ ‬لأي‭ ‬نص‭ ‬هو‭ ‬خياله‭ ‬وليس‭ ‬خيال‭ ‬المؤلف،‭ ‬فعندما‭ ‬يرى‭ ‬ذلك‭ ‬الخيط‭ ‬الذي‭ ‬يلامس‭ ‬خياله‭ ‬في‭ ‬النص‭ ‬مهما‭ ‬يكن‭ ‬النص‭ ‬ضعيفا‭ ‬بإمكانه‭ ‬أن‭ ‬يحول‭ ‬العمل‭ ‬إلى‭ ‬عبقرية‭.‬

‏ما‭ ‬الذي‭ ‬ينقص‭ ‬الدراما‭ ‬الخليجية؟

الرسالة‭.. ‬نعم،‭ ‬ولا‭ ‬أقصد‭ ‬هنا‭ ‬الرسالة‭ ‬التوعوية‭ ‬فقط‭ ‬بل‭ ‬الرسالة‭ ‬الفنية‭. ‬أعتقد‭ ‬يجب‭ ‬ان‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬لجنة‭ ‬داخلية‭ ‬لدى‭ ‬كل‭ ‬فنان‭ ‬ليسأل‭ ‬نفسه‭ ‬ماذا‭ ‬أريد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العمل؟‭ ‬ما‭ ‬رسالتي‭ ‬التوعوية‭ ‬والفنية؟

التكرار‭ ‬أصبح‭ ‬ينخر‭ ‬عظام‭ ‬الفن‭ ‬الخليجي،‭ ‬وأصبحت‭ ‬الأعمال‭ ‬نموذج‭ ‬واحد‭ ‬ولا‭ ‬يوجد‭ ‬به‭ ‬ما‭ ‬يضاف،‭ ‬ولا‭ ‬أدري‭ ‬هل‭ ‬أتحسف‭ ‬أو‭ ‬افرح‭ ‬إلى‭ ‬كون‭ ‬التغيير‭ ‬دائما‭ ‬يأتي‭ ‬من‭ ‬فئة‭ ‬الشباب‭ ‬الجاد‭ ‬الذي‭ ‬يحمل‭ ‬الهم‭ ‬والرسالة،‭ ‬ولكنه‭ ‬لا‭ ‬يحمل‭ ‬الخبرة‭ ‬والدراية‭ ‬التامة،‭ ‬فبالتالي‭ ‬عندما‭ ‬تشاهد‭ ‬أعمال‭ ‬الشباب‭ ‬يأتيك‭ ‬إحساس‭ ‬أنك‭ ‬أمام‭ ‬وردة‭ ‬جميلة‭ ‬لكنها‭ ‬موضوعة‭ ‬في‭ ‬مزهرية‭ ‬مكسورة‭.‬

كلمة‭ ‬أخيرة‭.‬

الفن‭ ‬هو‭ ‬مرآة‭ ‬الصدق‭ ‬والحرية‭ ‬والتعبير‭ ‬والانطلاق،‭ ‬والأعوام‭ ‬تمر‭ ‬والظروف‭ ‬تصعب‭ ‬أكثر‭ ‬على‭ ‬الفنان‭ ‬البحريني،‭ ‬وفي‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬الإنتاج‭ ‬والتسويق‭ ‬الصعبة‭ ‬وعدم‭ ‬الاستفادة‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬التسعينات،‭ ‬أصبح‭ ‬الفنان‭ ‬البحريني‭ ‬يحفر‭ ‬في‭ ‬صخور‭ ‬كثيرة‭ ‬تزداد‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭. ‬أعتقد‭ ‬على‭ ‬الهيئة‭ ‬المسؤولة‭ ‬عن‭ ‬الدراما‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬الاهتمام‭ ‬والسعي‭ ‬أكثر‭ ‬لدعم‭ ‬الدراما‭ ‬في‭ ‬خطة‭ ‬عامة‭ ‬قصيرة‭ ‬المدى‭ ‬للإنتاج‭ ‬وتثبيت‭ ‬الدراما‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬الخانة‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬تشغلها‭ ‬في‭ ‬التسعينات،‭ ‬ويتزامن‭ ‬ذلك‭ ‬بالاستفادة‭ ‬من‭ ‬أخطاء‭ ‬التسويق‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الحقبة،‭ ‬وبعدها‭ ‬سيتمكن‭ ‬المنتج‭ ‬البحريني‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬له‭ ‬طريقا‭ ‬يشقه‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬الإنتاج‭ ‬وحينها‭ ‬فقط‭ ‬سيكون‭ ‬بالإمكان‭ ‬الاعتماد‭ ‬على‭ ‬المنتج‭ ‬البحريني‭.‬

وهنا‭ ‬أيضا‭ ‬أشد‭ ‬على‭ ‬يد‭ ‬المنتج‭ ‬أحمد‭ ‬الكوهجي‭ ‬وابنه‭ ‬يوسف‭ ‬في‭ ‬مؤسسة‭ ‬حوار‭ ‬للإنتاج‭ ‬الفني‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬ترمي‭ ‬الراية‭ ‬البيضاء‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬واقفة‭ ‬في‭ ‬وسط‭ ‬الحلبة‭ ‬رغم‭ ‬تكالب‭ ‬الضربات‭.‬