الثقافة الأمنية

تصوير الحوادث والمصابين

يعتبر‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬خصوصية‭ ‬الأفراد‭ ‬من‭ ‬الحقوق‭ ‬التي‭ ‬كفلتها‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭ ‬لحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وكما‭ ‬كفلها‭ ‬دستور‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬وبعد‭ ‬التطور‭ ‬المتنامي‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬تقنية‭ ‬المعلومات‭ ‬أصبح‭ ‬الاعتداء‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحق‭ ‬من‭ ‬البعض‭ ‬ظاهرة‭ ‬منتشرة‭ ‬لاسيما‭ ‬بعد‭ ‬ظهور‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وما‭ ‬حققته‭ ‬من‭ ‬انتشار‭ ‬واسع‭ ‬جعلها‭ ‬متاحة‭ ‬للجميع‭.‬

وانطلاقاً‭ ‬من‭ ‬واجب‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬في‭ ‬حفظ‭ ‬الأمن‭ ‬والنظام‭ ‬العام‭ ‬والآداب‭ ‬العامة،‭ ‬واتخاذ‭ ‬ما‭ ‬يلزم‭ ‬لمنع‭ ‬ارتكاب‭ ‬الجرائم‭ ‬وضبط‭ ‬ما‭ ‬يقع‭ ‬منها،‭ ‬وحرصاً‭ ‬منها‭ ‬على‭ ‬تعزيز‭ ‬مبدأ‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التوعية‭ ‬الأمنية‭ ‬والقانونية‭ ‬نتطرق‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬العمود‭ ‬للحديث‭ ‬عن‭ ‬سلوك‭ ‬يشكل‭ ‬خطورة‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وهو‭ ‬تصوير‭ ‬الجرائم‭ ‬أو‭ ‬الحوادث‭ ‬أو‭ ‬المصابين‭ ‬وكذلك‭ ‬المتوفين‭ ‬جراء‭ ‬الحوادث‭ ‬ونشرها‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مما‭ ‬يعد‭ ‬انتهاكا‭ ‬لخصوصية‭ ‬الأفراد،‭ ‬ناهيك‭ ‬عن‭ ‬عدم‭ ‬مراعاة‭ ‬مشاعر‭ ‬عائلاتهم‭ ‬ومشاعر‭ ‬المشاهد،‭ ‬إذ‭ ‬يستغل‭ ‬البعض‭ ‬وسائل‭ ‬التقنية‭ ‬لتصوير‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬ينبغي‭ ‬تصويره‭ ‬ونشره‭ ‬عبر‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬معرضاً‭ ‬نفسه‭ ‬للمساءلة‭ ‬الجنائية‭.‬

وتختلف‭ ‬الدوافع‭ ‬لارتكاب‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬السلوكيات‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬إلى‭ ‬آخر‭ ‬فمنها‭ ‬ما‭ ‬يكون‭ ‬إشباعاً‭ ‬لفضول‭ ‬الشخص‭ ‬أو‭ ‬للسبق‭ ‬الإخباري‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬وسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬مما‭ ‬يدعونا‭ ‬إلى‭ ‬التنويه‭ ‬بضرورة‭ ‬أخذ‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬من‭ ‬مصادرها‭ ‬الرسمية‭.‬

ولهذا‭ ‬السلوك‭ ‬الإجرامي‭ ‬جملة‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬المترتبة‭ ‬عليه‭ ‬ومنها‭ ‬انتهاك‭ ‬حرمة‭ ‬الأشخاص‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬تصويرهم‭ ‬وهم‭ ‬مصابون‭ ‬أو‭ ‬متوفون‭ ‬مما‭ ‬يسبب‭ ‬الضرر‭ ‬النفسي‭ ‬للمصابين‭ ‬وذويهم،‭ ‬بل‭ ‬وقد‭ ‬يتعدى‭ ‬هذا‭ ‬الضرر‭ ‬النفسي‭ ‬للمتابع‭ ‬لوسائل‭ ‬التواصل‭ ‬الاجتماعي‭ ‬وخصوصاً‭ ‬الأطفال،‭ ‬كما‭ ‬قد‭ ‬يسبب‭ ‬الوقوف‭ ‬لتصوير‭ ‬الحوادث‭ ‬إلى‭ ‬عرقلة‭ ‬وتأخير‭ ‬وصول‭ ‬سيارة‭ ‬الإسعاف‭ ‬والشرطة‭ ‬أو‭ ‬الدفاع‭ ‬المدني‭ ‬للقيام‭ ‬بواجبهم،‭ ‬حيث‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬تحاول‭ ‬الجهات‭ ‬المختصة‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬الموقع‭ ‬للقيام‭ ‬بواجبها‭ ‬هناك‭ ‬أشخاص‭ ‬يقومون‭ ‬بتصوير‭ ‬الحوادث‭ ‬بدوافع‭ ‬الفضول‭ ‬والسبق،‭ ‬ومن‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬لتصوير‭ ‬الحوادث‭ ‬ونشر‭ ‬الصور‭ ‬أو‭ ‬مقاطع‭ ‬الفيديو‭ ‬هو‭ ‬خلق‭ ‬رأي‭ ‬عام‭ ‬يضر‭ ‬بمجريات‭ ‬التحقيق‭ ‬في‭ ‬الجريمة‭ ‬أو‭ ‬الحادث‭ ‬المروري‭ ‬والذي‭ ‬ما‭ ‬يزال‭ ‬قيد‭ ‬التحقيق‭.‬

وأما‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بعقوبة‭ ‬هذا‭ ‬الفعل‭ ‬فقد‭ ‬تصدى‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬لهذا‭ ‬السلوك‭ ‬بعقوبة‭ ‬الحبس‭ ‬لمدة‭ ‬قد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬6‭ ‬أشهر‭ ‬وبغرامة‭ ‬لا‭ ‬تجاوز‭ ‬50‭ ‬دينارًا،‭ ‬حيث‭ ‬نصت‭ ‬المادة‭ ‬370‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البحريني‭ ‬الصادر‭ ‬بالمرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ (‬15‭) ‬لسنة‭ ‬1976‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬“يعاقب‭ ‬بالحبس‭ ‬مدة‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬ستة‭ ‬أشهر‭ ‬وبالغرامة‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تجاوز‭ ‬خمسين‭ ‬دينارا‭ ‬أو‭ ‬بإحدى‭ ‬هاتين‭ ‬العقوبتين‭ ‬من‭ ‬نشر‭ ‬بإحدى‭ ‬طرق‭ ‬العلانية‭ ‬أخبارا‭ ‬أو‭ ‬صورا‭ ‬أو‭ ‬تعليقات‭ ‬تتصل‭ ‬بأسرار‭ ‬الحياة‭ ‬الخاصة‭ ‬أو‭ ‬العائلية‭ ‬للأفراد‭ ‬ولو‭ ‬كانت‭ ‬صحيحة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬شأن‭ ‬نشرها‭ ‬الإساءة‭ ‬إليهم”‭.‬