الحزن معادلة طبيعية في الحياة
| أسامة الماجد
قد تتيبس فروع كثيرة من شجرة حياة الإنسان بسبب الحزن والهموم، ومثلما يثير الحزن غضب السماء كلها، فإنه في الوقت نفسه كالمزمار الذي لا يفارق شفاه البشر، فالحزن معادلة طبيعية في الحياة، وكلنا نعرفه جيدا، فساعة يلكمنا بيديه الغضة، وساعة أخرى بأصابعه الرقيقة، لكن الأهم كيفية التعامل معه لرأب الصدع وتجنب اللهب المر، فكما هو معروف لكل إنسان طاقة ومساحة، والناس حسب علماء النفس يختلفون في رد الفعل بإزائه، فالبعض يصبح هيستيريا، والبعض الآخر يقف منه موقفا فلسفيا، في حين أن الكثيرين يصبحون وقد استولت عليهم الكآبة، بل يتولاهم المرض كنتيجة لحزنهم وكمدهم، کالأرملة التي يقضي زوجها نحبه ولا يترك لها شيئا تعيش منه، ومثل هذه المرأة من السهل أن تصبح عصابية، يرثي الناس لفجيعتها في البداية، ثم يتجنبونها لمظهر الحزن الدائم الذي تبدو فيه.
أخبرني أحد الأصدقاء يعمل دكتورا في مستشفى السلمانية الطبي قبل سنوات، أنه أشرف على مريض آسيوي مصاب بالسرطان وكان يعرف قرب أجله وانعدام فرص العلاج، وكلما كان يدخل عليه، كان يجده يقرأ كتابا والابتسامة تشرق من وجهه، فسأله.. ألا تخاف من الموت وأنت تعرف أنه ينظر إليك من النافذة، فأجابه المريض بثقة: ولماذا أخاف من قدر مكتوب ورغيف سيأكله كل البشر يوما بطريقة أو بأخرى. الموت يسير وراء الإنسان بمجرد ولادته، ولا يمكن أبدا أن تتعثر خطواته إذا جاء دورك، ويضيف الدكتور أنه بعد تلك الكلمات تناول المريض عشاءه في شهية عظيمة ولم يترك شبح اليأس والحزن أبدا يسيطر عليه حتى فارق الحياة.
من واجب الإنسان أن يعتبر الحزن مسألة عامة، وظاهرة تعم الناس جميعا، دون أن نفقد شعورنا ونصبح عدیمي المبالاة، كما يمكن القضاء على الحزن بأن نحول النشاط العاطفي الناشئ عنه، والذي يقوض الصحة إلى عزم لتحقيق هدف أساسي.