الذكرى الـ 30 للغزو العراقي

“البلاد سبورت” تفتح جرح الرياضة الكويتية (3)

| حسن علي

البحرين‭ ‬تفتح‭ ‬أحضانها‭ ‬للأشقاء‭ ‬الكويتيين عباس‭ ‬عبدالرضا‭ ‬يستعيد‭ ‬شريط‭ ‬الذكريات‭ ‬بالبحرين‭ ‬أثناء‭ ‬الغزو البحرينيون‭ ‬فتحوا‭ ‬بيوتهم‭ ‬وقلوبهم‭ ‬للكويتيين‭ ‬وأشكر‭ ‬القيادة‭ ‬والشعب ودعت‭ ‬الشهيد‭ ‬قبازرد‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬واقتلع‭ ‬العراقيون‭ ‬عينه‭ ‬وعذبوه الرفاع اعتذر عن ضمي فمثلت نادي المنامة عيسى بن راشد احتضننا وكنا نتابع أخبار “CNN” بمجلسه

منذ‭ ‬الساعات‭ ‬الأولى‭ ‬للغزو‭ ‬العراقي‭ ‬لدولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬في‭ ‬2‭ ‬أغسطس‭ ‬1990‭ ‬أعلنت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬قيادة‭ ‬وحكومة‭ ‬وشعبا‭ ‬موقفها‭ ‬الرافض‭ ‬للاجتياح‭ ‬العراقي‭ ‬وتأييد‭ ‬شرعية‭ ‬حكم‭ ‬آل‭ ‬الصباح‭ ‬الكرام،‭ ‬والدعوة‭ ‬إلى‭ ‬انسحاب‭ ‬القوات‭ ‬المحتلة‭ ‬فورا،‭ ‬وحق‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي‭ ‬في‭ ‬أرضه،‭ ‬ودعم‭ ‬الموقف‭ ‬الكويتي‭ ‬بشتى‭ ‬الوسائل‭ ‬والطرق،‭ ‬وفتح‭ ‬البحرينيون‭ ‬بيوتهم‭ ‬وقلوبهم‭ ‬للأخوة‭ ‬الكويتيين‭ ‬وبذلوا‭ ‬الغالي‭ ‬والنفيس‭ ‬وسطروا‭ ‬أروع‭ ‬صور‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬أشقائهم‭.‬

واستقبلت‭ ‬البحرين‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬الكويتيين،‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬حارس‭ ‬منتخب‭ ‬الكويت‭ ‬والنادي‭ ‬العربي‭ ‬عبدالرضا‭ ‬عباس،‭ ‬الذي‭ ‬عاش‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬ولعب‭ ‬لنادي‭ ‬المنامة‭ ‬أثناء‭ ‬الغزو،‭ ‬وأجرى‭ ‬“البلاد‭ ‬سبورت”‭ ‬معه‭ ‬هذا‭ ‬اللقاء‭ ‬لنستعيد‭ ‬شريط‭ ‬الذكريات‭ ‬معه‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭:‬

كيف‭ ‬أتيت‭ ‬ولماذا‭ ‬اخترت‭ ‬البحرين‭ ‬تحديدا‭ ‬للإقامة‭ ‬فيها‭ ‬أثناء‭ ‬الغزو؟

في‭ ‬2‭ ‬أغسطس‭ ‬1990‭ ‬كنت‭ ‬أقضي‭ ‬الإجازة‭ ‬الصيفية‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬للسياحة،‭ ‬وقبل‭ ‬الغزو‭ ‬كانت‭ ‬الأجواء‭ ‬السياسية‭ ‬بين‭ ‬الكويت‭ ‬والعراق‭ ‬مشحونة‭ ‬ومتوترة،‭ ‬ونصحني‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬والأصدقاء‭ ‬بعدم‭ ‬العودة‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬بسبب‭ ‬تحرك‭ ‬الجيوش‭ ‬العراقية‭ ‬تجاه‭ ‬الكويت‭ ‬واحتمال‭ ‬حدوث‭ ‬الغزو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬لحظة‭ ‬ولكننا‭ ‬لم‭ ‬نتوقع‭ ‬أن‭ ‬يحدث‭ ‬الاجتياح‭.‬

وفي‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬اغسطس‭ ‬1990‭ ‬كنت‭ ‬أشاهد‭ ‬التلفاز‭ ‬وعرضت‭ ‬إحدى‭ ‬القنوات‭ ‬الألمانية‭ ‬صورة‭ ‬للشهيد‭ ‬فهد‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬أفهم‭ ‬اللغة‭ ‬الألمانية،‭ ‬فاتصلت‭ ‬بأحد‭ ‬الأصدقاء‭ ‬وهو‭ ‬طبيب‭ ‬يحمل‭ ‬الجنسية‭ ‬الألمانية‭ ‬من‭ ‬أصول‭ ‬لبنانية‭ ‬فأخبرني‭ ‬بنبأ‭ ‬استشهاده‭ ‬وغزو‭ ‬العراق‭ ‬للكويت‭ ‬فحزنت‭ ‬كثيرا‭ ‬حينها‭ ‬على‭ ‬الشهيد،‭ ‬لأنه‭ ‬رمز‭ ‬رياضي‭ ‬كبير‭ ‬وقامة‭ ‬رياضية‭ ‬خليجية‭ ‬وعربية‭ ‬ودولية‭ ‬يصعب‭ ‬تعويضها‭ ‬وبوفاته‭ ‬خسرت‭ ‬الكويت‭ ‬قائدا‭ ‬رياضيا‭ ‬من‭ ‬الطراز‭ ‬الرفيع‭ ‬و”ضاق‭ ‬خلقي‭ ‬عليه”‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬الوقت،‭ ‬لأننا‭ ‬كرياضيين‭ ‬عشنا‭ ‬معه‭ ‬أجمل‭ ‬أيام‭ ‬حياتنا‭ ‬وكان‭ ‬داعما‭ ‬للرياضة‭ ‬والرياضيين‭.‬

ـ‭ ‬وماذا‭ ‬حصل‭ ‬بعد‭ ‬ذلك؟

بعد‭ ‬5‭ ‬أيام‭ ‬تقريبا‭ ‬من‭ ‬الغزو،‭ ‬قررت‭ ‬المغادرة‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬عبر‭ ‬طيران‭ ‬الخليج،‭ ‬وقد‭ ‬اخترت‭ ‬البحرين‭ ‬بحكم‭ ‬وجود‭ ‬عمي‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬عائلة‭ ‬‭(‬الصراف‭) ‬التي‭ ‬تقيم‭ ‬بفريق‭ ‬المخارقة‭ ‬بالمنامة‭ ‬وبعض‭ ‬أقاربي‭ ‬الآخرين،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬قرب‭ ‬المسافة‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬انتهاء‭ ‬الاحتلال،‭ ‬وفور‭ ‬وصولي‭ ‬توجهت‭ ‬إلى‭ ‬سفارة‭ ‬الكويت‭ ‬بالبحرين‭ ‬وكان‭ ‬حينها‭ ‬سفير‭ ‬الكويت‭ ‬بالمنامة‭ ‬فيصل‭ ‬حجي،‭ ‬وقد‭ ‬مكثت‭ ‬مع‭ ‬أسرتي‭ ‬بإحدى‭ ‬الشقق‭ ‬بمنطقة‭ ‬القضيبية‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬بناية‭ ‬الكويتي،‭ ‬ثم‭ ‬انتقلت‭ ‬للإقامة‭ ‬بفندق‭ ‬الخليج‭ ‬حوالي‭ ‬شهرين‭ ‬ونصف،‭ ‬حتى‭ ‬انتقلت‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬للإقامة‭ ‬بمنطقة‭ ‬أم‭ ‬الحصم‭ ‬وكنت‭ ‬أتردد‭ ‬على‭ ‬السفارة‭ ‬كثيرا‭ ‬لإنهاء‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الإجراءات‭ ‬ومساعدة‭ ‬المواطنين‭ ‬الكويتيين‭ ‬الموجودين‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ببعض‭ ‬الأمور‭.‬

وللعلم‭ ‬فإن‭ ‬بعثة‭ ‬فريق‭ ‬النادي‭ ‬العربي‭ ‬لكرة‭ ‬القدم‭ ‬كانت‭ ‬موجودة‭ ‬في‭ ‬ألمانيا‭ ‬وكان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬التحق‭ ‬بالبعثة‭ ‬هناك‭ ‬لخوض‭ ‬معسكر‭ ‬تدريبي،‭ ‬ولكن‭ ‬الفريق‭ ‬غادر‭ ‬من‭ ‬ألمانيا‭ ‬إلى‭ ‬البحرين‭ ‬وأقام‭ ‬بمنطقة‭ ‬القضيبية‭ ‬كذلك‭ ‬بسبب‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي،‭ ‬كما‭ ‬أتذكر‭ ‬بأن‭ ‬النجم‭ ‬جاسم‭ ‬يعقوب‭ ‬كان‭ ‬بالبحرين‭ ‬وأعتقد‭ ‬بأنه‭ ‬غادر‭ ‬إلى‭ ‬الإمارات‭ ‬أو‭ ‬ربما‭ ‬دولة‭ ‬أخرى‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭.‬

وطوال‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬عشت‭ ‬فيها‭ ‬بالبحرين‭ ‬لقيت‭ ‬كل‭ ‬المحبة‭ ‬والتقدير‭ ‬وكرم‭ ‬الضيافة‭ ‬وحفاوة‭ ‬الترحيب‭ ‬من‭ ‬الحكومة‭ ‬والشعب‭ ‬والأهل‭ ‬والأصدقاء‭ ‬ومعارفي‭ ‬من‭ ‬الرياضيين،‭ ‬كما‭ ‬كان‭ ‬المغفور‭ ‬له‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬يستقبلني‭ ‬على‭ ‬الدوام‭ ‬بمجلسه‭ ‬العامر‭ ‬بمنطقة‭ ‬الرفاع‭ ‬الغربي‭ ‬ويستقبل‭ ‬جميع‭ ‬الكويتيين‭ ‬وقابلنا‭ ‬بكل‭ ‬مودة‭ ‬واحترام،‭ ‬وكنا‭ ‬نتابع‭ ‬في‭ ‬منزله‭ ‬الأخبار‭ ‬عبر‭ ‬قناة‭ ‬CNN،‭ ‬وأنا‭ ‬أكن‭ ‬له‭ ‬محبة‭ ‬كبيرة‭ ‬ولن‭ ‬أنسى‭ ‬دعمه‭ ‬ووقوفه‭ ‬معي‭ ‬ومع‭ ‬كافة‭ ‬الكويتيين‭.‬

وكيف‭ ‬لعبت‭ ‬مع‭ ‬نادي‭ ‬المنامة‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة؟

في‭ ‬بادئ‭ ‬الأمر،‭ ‬عرض‭ ‬علي‭ ‬الشيخ‭ ‬عبدالله‭ ‬بن‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬اللعب‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الرفاع‭ ‬الغربي‭ ‬بموسم‭ ‬1990‭ - ‬1991‭ ‬وخضت‭ ‬عدة‭ ‬تدريبات‭ ‬مع‭ ‬الفريق،‭ ‬وأتى‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬اللاعب‭ ‬صلاح‭ ‬الحساوي‭ ‬مهاجم‭ ‬نادي‭ ‬الكويت‭ ‬والمنتخب‭ ‬الأول،‭ ‬فاعتذر‭ ‬لي‭ ‬نادي‭ ‬الرفاع‭ ‬وأخبرني‭ ‬بأن‭ ‬المدرب‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬مهاجم‭ ‬وليس‭ ‬حارس‭ ‬مرمى،‭ ‬ثم‭ ‬اتصل‭ ‬بي‭ ‬الأخوة‭ ‬بنادي‭ ‬المنامة‭ ‬وأبدوا‭ ‬رغبتهم‭ ‬في‭ ‬الاستعانة‭ ‬بخدماتي‭ ‬فرحبت‭ ‬بذلك‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬أرغب‭ ‬في‭ ‬اللعب‭ ‬وعدم‭ ‬التوقف‭.‬

حدثنا‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬قضيتها‭ ‬مع‭ ‬المنامة؟‭ ‬

كانت‭ ‬فترة‭ ‬جميلة‭ ‬ورائعة،‭ ‬لعبت‭ ‬خلالها‭ ‬مع‭ ‬نخبة‭ ‬من‭ ‬نجوم‭ ‬نادي‭ ‬المنامة‭ ‬أمثال‭: ‬محمد‭ ‬بهرام،‭ ‬موسى‭ ‬حبيب،‭ ‬عزيز‭ ‬فروتن،‭ ‬حميد‭ ‬درويش،‭ ‬مجيد‭ ‬عبدالرضا،‭ ‬بقيادة‭ ‬المدرب‭ ‬فيصل‭ ‬محمد،‭ ‬ومن‭ ‬سوء‭ ‬حظي‭ ‬أنني‭ ‬قيدت‭ ‬في‭ ‬كشوفات‭ ‬المنامة‭ ‬وكان‭ ‬لدينا‭ ‬مباراة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬مع‭ ‬المحرق‭ ‬ولم‭ ‬أكن‭ ‬أعرف‭ ‬اسماء‭ ‬لاعبي‭ ‬المنامة،‭ ‬وكنت‭ ‬أناديهم‭ ‬بأرقامهم،‭ ‬ولقد‭ ‬خسرنا‭ ‬حينذاك‭ ‬6‭ - ‬0‭ ‬وكانت‭ ‬هزيمة‭ ‬قاسية‭ ‬بالنسبة‭ ‬لي،‭ ‬قوبلت‭ ‬بردة‭ ‬فعل‭ ‬عنيفة‭ ‬من‭ ‬قبلي‭ ‬بغرفة‭ ‬الملابس‭ ‬عندما‭ ‬صرخت‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬اللاعبين‭ ‬و”زفيتهم”‭ ‬بعد‭ ‬المباراة‭ ‬وطالبتهم‭ ‬اللعب‭ ‬بروح‭ ‬قتالية‭ ‬وبتنظيم‭ ‬أفضل‭ ‬داخل‭ ‬الملعب،‭ ‬فأنا‭ ‬حارس‭ ‬منتخب‭ ‬الكويت‭ ‬والعربي‭ ‬ولم‭ ‬يشهد‭ ‬مرماي‭ ‬دخول‭ ‬3‭ ‬أهداف‭ ‬في‭ ‬مباراة‭ ‬واحدة‭ ‬فكيف‭ ‬أتلقى‭ ‬6‭ ‬أهداف‭ ‬دفعة‭ ‬واحدة‭!‬

بعد‭ ‬تلك‭ ‬الهزيمة،‭ ‬عززت‭ ‬صفوف‭ ‬المنامة‭ ‬بلاعب‭ ‬العربي‭ ‬الكويتي‭ ‬فاضل‭ ‬مطر‭ ‬وطلبت‭ ‬من‭ ‬المدرب‭ ‬أن‭ ‬ينظم‭ ‬خط‭ ‬الهجوم‭ ‬والوسط‭ ‬ويترك‭ ‬لي‭ ‬تنسيق‭ ‬خط‭ ‬الدفاع،‭ ‬واستطاع‭ ‬المنامة‭ ‬أن‭ ‬يحقق‭ ‬الانتصار‭ ‬تلو‭ ‬الانتصار‭ ‬وتطور‭ ‬مستوى‭ ‬الفريق‭ ‬بصورة‭ ‬كبيرة،‭ ‬وفي‭ ‬القسم‭ ‬الثاني‭ ‬التقينا‭ ‬مع‭ ‬المحرق‭ ‬وأفلت‭ ‬فريق‭ ‬حمود‭ ‬سلطان‭ ‬من‭ ‬هزيمة‭ ‬محققة‭ ‬بعدما‭ ‬أهدرنا‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الفرص‭ ‬السهلة‭ ‬لتنتهي‭ ‬المواجهة‭ ‬بالتعادل‭ ‬السلبي‭ ‬رغم‭ ‬أننا‭ ‬كنا‭ ‬الأحق‭ ‬بالانتصار‭.‬

كما‭ ‬أننا‭ ‬فزنا‭ ‬على‭ ‬الأهلي‭ ‬بنتيجة‭ ‬2‭ - ‬0‭ ‬وهناك‭ ‬قصة‭ ‬طريفة‭ ‬حدثت‭ ‬لي‭ ‬عندما‭ ‬كنت‭ ‬أصلي‭ ‬بمسجد‭ ‬مؤمن‭ ‬بمنطقة‭ ‬المنامة‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬حي‭ ‬المخارقة‭ ‬المعروف،‭ ‬جاءني‭ ‬أحد‭ ‬الجماهير‭ ‬وقال‭ ‬لي‭ ‬سنهزمكم‭ ‬ولكننا‭ ‬فزنا‭ ‬على‭ ‬الأهلي،‭ ‬والمعروف‭ ‬لديكم‭ ‬أن‭ ‬مباريات‭ ‬الأهلي‭ ‬والمنامة‭ ‬تعتبر‭ ‬بمثابة‭ ‬ديربي‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬السلة‭ ‬ولكنني‭ ‬لم‭ ‬أسلم‭ ‬من‭ ‬جماهير‭ ‬الأهلي‭ ‬في‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭.‬

وكيف‭ ‬انتهت‭ ‬علاقتك‭ ‬مع‭ ‬المنامة‭ ‬فيما‭ ‬بعد؟

بعد‭ ‬التحرير‭ ‬بشهر‭ ‬فبراير‭ ‬1991‭ ‬بعثت‭ ‬أسرتي‭ ‬إلى‭ ‬الكويت،‭ ‬أما‭ ‬أنا‭ ‬فاستمررت‭ ‬مع‭ ‬المنامة‭ ‬حتى‭ ‬شهر‭ ‬ابريل‭ ‬تقريبا،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬يتبقى‭ ‬على‭ ‬الفريق‭ ‬سوى‭ ‬3‭ - ‬4‭ ‬مباريات‭ ‬بالدوري‭ ‬البحريني،‭ ‬وكنت‭ ‬مضطرا‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬الكويت‭ ‬بعد‭ ‬التحرير‭ ‬بعد‭ ‬استدعائي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الخطوط‭ ‬الجوية‭ ‬الكويتية‭ ‬لأنني‭ ‬كنت‭ ‬أعمل‭ ‬موظفا‭ ‬فيها،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬رغبتي‭ ‬في‭ ‬لقاء‭ ‬أسرتي‭ ‬وكل‭ ‬اهلي‭ ‬ومعارفي‭ ‬بعد‭ ‬8‭ ‬أشهر‭ ‬تقريبا‭ ‬من‭ ‬الفراق‭.‬

وهنا‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬لي‭ ‬أن‭ ‬أوجه‭ ‬كلمة‭ ‬شكر‭ ‬وتقدير‭ ‬إلى‭ ‬نادي‭ ‬المنامة‭ ‬الذين‭ ‬منحوني‭ ‬فرصة‭ ‬اللعب‭ ‬معهم،‭ ‬واستقبلوني‭ ‬بكل‭ ‬حفاوة‭ ‬وتقدير،‭ ‬كما‭ ‬أنهم‭ ‬وجهوا‭ ‬لي‭ ‬دعوة‭ ‬رسمية‭ ‬وكرموني‭ ‬بعد‭ ‬فوزهم‭ ‬بكأس‭ ‬جلالة‭ ‬الملك‭ ‬موسم‭ ‬2016‭ - ‬2017،‭ ‬وبالمناسبة‭ ‬فإن‭ ‬المدرب‭ ‬خالد‭ ‬تاج‭ ‬كان‭ ‬مدربا‭ ‬لنادي‭ ‬المنامة‭ ‬وعندما‭ ‬كنت‭ ‬العب‭ ‬مع‭ ‬المنامة‭ ‬أثناء‭ ‬الغزو‭ ‬كان‭ ‬يلعب‭ ‬في‭ ‬صفوف‭ ‬الأهلي‭ ‬وحاول‭ ‬جاهدا‭ ‬هز‭ ‬مرماي‭ ‬في‭ ‬عدة‭ ‬انفرادات‭ ‬لكنه‭ ‬لم‭ ‬يستطع‭ ‬ذلك‭.‬

ما‭ ‬أبرز‭ ‬الخسائر‭ ‬والأضرار‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالكويت‭ ‬جراء‭ ‬الغزو؟

تعرضت‭ ‬الكويت‭ ‬لخسائر‭ ‬مادية‭ ‬وبشرية‭ ‬فادحة‭ ‬إبان‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي،‭ ‬فالأندية‭ ‬والاتحادات‭ ‬أصبحت‭ ‬معتقلات‭ ‬لتعذيب‭ ‬وأسر‭ ‬الكويتيين‭ ‬ومحلات‭ ‬للقيادة‭ ‬العسكرية‭ ‬العراقية،‭ ‬ومن‭ ‬ابرز‭ ‬تلك‭ ‬الأندية‭ ‬كاظمة‭ ‬والعربي‭ ‬والكويت‭ ‬والجهراء‭ ‬والصليبيخيات،‭ ‬ولك‭ ‬أن‭ ‬تتخيل‭ ‬أن‭ ‬ملعب‭ ‬العربي‭ ‬كان‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مدفعية‭ ‬طائرات،‭ ‬وسرق‭ ‬الجنود‭ ‬العراقيون‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الكؤوس‭ ‬والمقتنيات‭ ‬والمعدات‭ ‬الرياضية‭ ‬الثمينة‭.‬

كما‭ ‬استشهد‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الرياضيين،‭ ‬ويعتبر‭ ‬لاعب‭ ‬منتخب‭ ‬كرة‭ ‬السلة‭ ‬قشيعان‭ ‬المطيري‭ ‬أول‭ ‬شهيد‭ ‬من‭ ‬الأسرة‭ ‬الرياضية‭ ‬وكان‭ ‬ضابطا‭ ‬بالجيش‭ ‬العراقي،‭ ‬وقاتل‭ ‬القوات‭ ‬الغازية‭ ‬بقوة‭ ‬وبسالة‭ ‬ولقي‭ ‬حتفه‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬يوم،‭ ‬كما‭ ‬استشهد‭ ‬لاعب‭ ‬كرة‭ ‬السلة‭ ‬بنادي‭ ‬السالمية‭ ‬أحمد‭ ‬قبازرد‭ ‬وهو‭ ‬ضابط‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وقد‭ ‬كان‭ ‬الأخير‭ ‬موجودا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬ولقيته‭ ‬عدة‭ ‬مرات‭ ‬كان‭ ‬آخرها‭ ‬بالقرب‭ ‬من‭ ‬السفارة‭ ‬الكويتية‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬ديسمبر‭ ‬1990،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يتردد‭ ‬على‭ ‬الكويت‭ ‬والسعودية‭ ‬والبحرين‭ ‬وأخبرني‭ ‬بأنه‭ ‬سيعود‭ ‬إلى‭ ‬الكويت،‭ ‬وسألني‭ ‬إن‭ ‬كنت‭ ‬ارغب‭ ‬بالعودة‭ ‬معه‭ ‬لأنه‭ ‬يعرف‭ ‬المداخل‭ ‬والمخارج،‭ ‬فأخبرته‭ ‬عدم‭ ‬رغبتي‭ ‬بالعودة‭ ‬لأنني‭ ‬لا‭ ‬أجيد‭ ‬حمل‭ ‬السلاح‭ ‬والقتال‭ ‬ثم‭ ‬ودعته،‭ ‬وبعد‭ ‬أيام‭ ‬عدة‭ ‬وصلنا‭ ‬نبأ‭ ‬استشهاده‭ ‬بعدما‭ ‬اعتقله‭ ‬العراقيون،‭ ‬فلقد‭ ‬كان‭ ‬قبازرد‭ ‬وسيم‭ ‬المظهر‭ ‬صاحب‭ ‬عينين‭ ‬زرقاوتين‭ ‬وقد‭ ‬عذبوه‭ ‬كثيرا‭ ‬واقتلعوا‭ ‬عينيه‭ ‬وقطعوا‭ ‬أصابعه‭ ‬ومثلوا‭ ‬به‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭) ‬وأسكنه‭ ‬فسيح‭ ‬جناته‭.‬

وهل‭ ‬لديك‭ ‬روايات‭ ‬وشواهد‭ ‬أخرى‭ ‬على‭ ‬مثل‭ ‬تلك‭ ‬الحوادث؟

أخبرني‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأصدقاء‭ ‬الرياضيين‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يعملون‭ ‬في‭ ‬السلك‭ ‬العسكري‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الجرائم‭ ‬والفظائع‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ ‬الجيش‭ ‬العراقي‭ ‬آنذاك،‭ ‬أحمد‭ ‬خلف‭ ‬هداف‭ ‬نادي‭ ‬العربي‭ ‬والضابط‭ ‬بالجيش‭ ‬الكويتي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬دخلوا‭ ‬قصر‭ ‬نايف‭ ‬وشهد‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬الإعدام‭ ‬والتعذيب‭ ‬واغتصاب‭ ‬النساء‭ ‬وتجريدهن‭ ‬من‭ ‬ملابسهن،‭ ‬وكان‭ ‬يخبرني‭ ‬عن‭ ‬أنين‭ ‬النساء‭ ‬والرجال‭ ‬من‭ ‬التعذيب‭.‬

صديقي‭ ‬الآخر‭ ‬اسماعيل‭ ‬ياسين‭ ‬وهو‭ ‬ضابط‭ ‬بالجيش‭ ‬الكويتي‭ ‬روى‭ ‬لي‭ ‬حادثة‭ ‬استشهاد‭ ‬قشيعان‭ ‬المطيري‭ ‬أول‭ ‬شهيد‭ ‬رياضي‭ ‬في‭ ‬الكويت‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬يقاتل‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬بمعسكر‭ (‬جي‭ ‬ون‭ ‬G1‭) ‬مضيفا‭ ‬بأنه‭ ‬بينما‭ ‬كان‭ ‬الاثنان‭ ‬يقومان‭ ‬بعملية‭ ‬الرمي‭ ‬تجاه‭ ‬القوات‭ ‬العراقية،‭ ‬غادر‭ ‬ياسين‭ ‬المكان‭ ‬لتبديل‭ ‬بزته‭ ‬العسكرية‭ ‬والقتال‭ ‬بملابس‭ ‬أخرى‭ ‬وعندما‭ ‬عاد‭ ‬إلى‭ ‬نفس‭ ‬المكان‭ ‬شاهد‭ ‬المطيري‭ ‬وهو‭ ‬مضرجا‭ ‬بدمه‭ ‬وجسمه‭ ‬مثقوب‭ ‬بالعديد‭ ‬من‭ ‬الرصاصات‭. ‬

هل‭ ‬لك‭ ‬من‭ ‬كلمة‭ ‬أخيرة؟

كلمة‭ ‬شكر‭ ‬وتقدير‭ ‬أوجهها‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬قيادة‭ ‬وحكومة‭ ‬وشعبا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬قدموه‭ ‬لنا‭ ‬من‭ ‬دعم‭ ‬وحسن‭ ‬استقبال،‭ ‬فأثناء‭ ‬وجودي‭ ‬لم‭ ‬أشعر‭ ‬بالغربة‭ ‬إطلاقا،‭ ‬وعشت‭ ‬ذكريات‭ ‬جميلة‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لن‭ ‬أنساها،‭ ‬كما‭ ‬لا‭ ‬أنسى‭ ‬الشيخ‭ ‬عيسى‭ ‬بن‭ ‬راشد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬الذين‭ ‬سيظل‭ ‬محفورا‭ ‬في‭ ‬ذاكرتي‭ ‬ووجداني‭ ‬وأشكر‭ ‬نادي‭ ‬المنامة‭ ‬وكل‭ ‬من‭ ‬وقف‭ ‬معنا‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المحنة‭.‬