الاتحاد الأوروبي يدشن “صندوق التعافي” لتقليل المخاطر

هل يصبح اليورو الملاذ الآمن الجديد؟

| دبي - مباشر

مع‭ ‬تمرير‭ ‬حزمة‭ ‬تحفيز‭ ‬تاريخية‭ ‬في‭ ‬أوروبا،‭ ‬انطلق‭ ‬اليورو‭ ‬بسرعة‭ ‬ملحوظة‭ ‬ليصل‭ ‬إلى‭ ‬أعلى‭ ‬مستوياته‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬عامين‭.‬

لكن‭ ‬هل‭ ‬تقترب‭ ‬العملة‭ ‬الأوروبية‭ ‬الموحدة‭ ‬من‭ ‬التحول‭ ‬إلى‭ ‬ملاذ‭ ‬آمن‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬التحركات‭ ‬التي‭ ‬تخالف‭ ‬المألوف‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة؟

لقد‭ ‬وافق‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬على‭ ‬تدشين‭ ‬“صندوق‭ ‬التعافي”،‭ ‬والذي‭ ‬يهدف‭ ‬إلى‭ ‬تخفيف‭ ‬الألم‭ ‬الذي‭ ‬أحدثه‭ ‬وباء‭ ‬كورونا،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يقلل‭ ‬من‭ ‬خطر‭ ‬مغادرة‭ ‬دولة‭ ‬ما‭ ‬لمنطقة‭ ‬اليورو‭.‬

ومن‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬يتم‭ ‬تمويل‭ ‬صندوق‭ ‬التعافي‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬سندات‭ ‬مدعومة‭ ‬بشكل‭ ‬مشترك،‭ ‬ما‭ ‬يعني‭ ‬أنها‭ ‬ستكون‭ ‬مجموعة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬الديون‭ ‬منخفضة‭ ‬المخاطر‭.‬

وبحسب‭ ‬المتفق‭ ‬عليه،‭ ‬فإن‭ ‬390‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬من‭ ‬إجمالي‭ ‬مبلغ‭ ‬صندوق‭ ‬التعافي‭ ‬البالغة‭ ‬750‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬ستكون‭ ‬في‭ ‬هيئة‭ ‬منح،‭ ‬بينما‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬إنفاق‭ ‬بقية‭ ‬الأموال‭ ‬في‭ ‬شكل‭ ‬قروض،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭ ‬بهدف‭ ‬مساعدة‭ ‬الدول‭ ‬الأوروبية‭ ‬الأكثر‭ ‬تضرراً‭ ‬من‭ ‬الوباء‭.‬

ماذا‭ ‬عن‭ ‬تحركات‭ ‬العملة؟‭ ‬قبيل‭ ‬إقرار‭ ‬حزمة‭ ‬التحفيز،‭ ‬كان‭ ‬الرأي‭ ‬السائد‭ ‬بين‭ ‬المحللين‭ ‬بأن‭ ‬اليورو‭ ‬سيصل‭ ‬إلى‭ ‬مستوى‭ ‬1‭.‬15‭ ‬دولار‭ ‬بحلول‭ ‬نهاية‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬طبقاً‭ ‬لوكالة‭ ‬بلومبرج‭.‬

لكن‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬ذلك،‭ ‬تسارع‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصعودي‭ ‬في‭ ‬العملة‭ ‬الموحدة‭ ‬لتكسر‭ ‬حاجز‭ ‬1‭.‬16‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬ساعات‭ ‬بعد‭ ‬إتمام‭ ‬الصفقة‭ ‬التاريخية‭ ‬البالغ‭ ‬قيمتها‭ ‬750‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬وتكون‭ ‬عند‭ ‬أعلى‭ ‬مستوى‭ ‬منذ‭ ‬سبتمبر‭ ‬2018‭.‬

وارتفع‭ ‬اليورو‭ ‬بذلك‭ ‬مقابل‭ ‬الدولار‭ ‬بنحو‭ ‬7‭ % ‬تقريباً‭ ‬منذ‭ ‬أوائل‭ ‬مايو‭ ‬الماضي‭ ‬وحتى‭ ‬الآن،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬العملة‭ ‬الأوروبية‭ ‬الموحدة‭ ‬صعدت‭ ‬بنسبة‭ ‬3‭ % ‬في‭ ‬شهر‭ ‬يوليو‭ ‬الماضي‭.‬

هل‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬يتعلق‭ ‬بصندوق‭ ‬التعافي؟‭ ‬بالطبع‭ ‬لا،‭ ‬حيث‭ ‬توجد‭ ‬قوى‭ ‬أخرى‭ ‬ساهمت‭ ‬في‭ ‬قوة‭ ‬اليورو‭ ‬مؤخراً،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬ضعف‭ ‬العملة‭ ‬الأميركية‭ ‬بسبب‭ ‬تضييق‭ ‬فروقات‭ ‬عوائد‭ ‬السندات‭ ‬ومعاناة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الوباء‭. ‬ويوجد‭ ‬سبب‭ ‬آخر‭ ‬يدفع‭ ‬العملة‭ ‬الأوروبية‭ ‬لأعلى،‭ ‬وهو‭ ‬أن‭ ‬صناديق‭ ‬التحوط‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬تتزاحم‭ ‬لتغطية‭ ‬المراكز‭ ‬البيعية‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬الخيارات‭ ‬والتعاملات‭ ‬الفورية،‭ ‬مع‭ ‬حقيقة‭ ‬أن‭ ‬المؤسسات‭ ‬الاستثمارية‭ ‬بدأت‭ ‬للتو‭ ‬في‭ ‬إضافة‭ ‬مراكز‭ ‬شرائية،‭ ‬وفقاً‭ ‬لتقرير‭ ‬نشرته‭ ‬وكالة‭ ‬بلومبرج‭ ‬نقلاً‭ ‬عن‭ ‬متداولين‭ ‬في‭ ‬أوروبا‭.‬

لقد‭ ‬دفع‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬اليورو‭ ‬خطوة‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬كونه‭ ‬ملاذاً‭ ‬آمناً،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬صندوق‭ ‬التعافي‭ ‬سيجعل‭ ‬الكتلة‭ ‬أكثر‭ ‬استقراراً،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬إصداراً‭ ‬السندات‭ ‬المدعومة‭ ‬بشكل‭ ‬مشترك‭ ‬سيعزز‭ ‬جاذبية‭ ‬العملة‭ ‬الموحدة‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬التوترات‭.‬

ومن‭ ‬الناحية‭ ‬النظرية،‭ ‬يعتبر‭ ‬اليورو‭ ‬بمثابة‭ ‬ملاذ‭ ‬آمن،‭ ‬حيث‭ ‬بلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬ديون‭ ‬الدول‭ ‬الأعضاء‭ ‬في‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬البالغ‭ ‬عددهم‭ ‬27‭ ‬دولة‭ ‬نحو‭ ‬78‭ % ‬نسبة‭ ‬للناتج‭ ‬المحلي‭ ‬الإجمالي‭ ‬قبل‭ ‬الوباء،‭ ‬وهو‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬أو‭ ‬اليابان‭.‬

كما‭ ‬أن‭ ‬منطقة‭ ‬اليورو‭ ‬تدير‭ ‬فائضاً‭ ‬في‭ ‬الحساب‭ ‬الجاري،‭ ‬مما‭ ‬يجعلها‭ ‬أقل‭ ‬اعتماداً‭ ‬على‭ ‬المقرضين‭ ‬الأجانب،‭ ‬فضلاً‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬ثلث‭ ‬المدفوعات‭ ‬العالمية‭ ‬مقومة‭ ‬باليورو‭.‬