الذكرى 30 للغزو العراقي

"البلاد سبورت" تفتح جرح الرياضة الكويتية (2)

قصة‭ ‬استشهاد‭ ‬الأب‭ ‬الروحي‭ ‬للرياضة‭ ‬الكويتية ما‭ ‬هي‭ ‬آخر‭ ‬كلمة‭ ‬قالها‭ ‬الشهيد‭ ‬فهد‭ ‬الأحمد‭ ‬قبل‭ ‬وفاته؟ الشطي‭ ‬قابله‭ ‬باتحاد‭ ‬الكرة‭ ‬قبل‭ ‬24‭ ‬ساعة‭ ‬من‭ ‬الغزو‭ ‬وهكذا‭ ‬كان‭!‬ الشهيد‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬دسمان‭ ‬للاطمئنان‭ ‬على‭ ‬الأمير‭

تزامنا‭ ‬مع‭ ‬الذكرى‭ ‬الـ‭ ‬30‭ ‬للغزو‭ ‬العراقي‭ ‬على‭ ‬الكويت‭ ‬نستعرض‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬بعض‭ ‬الحقائق‭ ‬المتعلقة‭ ‬بالغزو‭ ‬ومدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬الرياضة‭ ‬الكويتية‭ ‬بهدف‭ ‬التوثيق‭ ‬وعرض‭ ‬حقبة‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬هذا‭ ‬الزلزال‭ ‬السياسي‭ ‬الذي‭ ‬ضرب‭ ‬المنطقة‭ ‬وخلف‭ ‬تصدعات‭ ‬كبرى‭ ‬لا‭ ‬زالت‭ ‬آثارها‭ ‬باقية‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭.‬

وكان‭ ‬لنا‭ ‬وقفة‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬الأمس‭ ‬مع‭ ‬المؤرخ‭ ‬الكويتي‭ ‬مرزوق‭ ‬الغانم،‭ ‬الذي‭ ‬كشف‭ ‬بالوثائق‭ ‬والمستندات‭ ‬مدى‭ ‬الدمار‭ ‬الذي‭ ‬لحق‭ ‬بالرياضة‭ ‬الكويتية،‭ ‬وسرقة‭ ‬كؤوس‭ ‬دورة‭ ‬كأس‭ ‬الخليج،‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬تورط‭ ‬لاعبين‭ ‬دوليين‭ ‬عراقيين‭ ‬في‭ ‬نهب‭ ‬مقتنيات‭ ‬الأندية‭ ‬والاتحادات‭ ‬الكويتية‭ ‬التي‭ ‬تحولت‭ ‬إلى‭ ‬معتقلات‭ ‬للتعذيب،‭ ‬كما‭ ‬تحدثنا‭ ‬عن‭ ‬سيرة‭ ‬أول‭ ‬شهيد‭ ‬رياضي،‭ ‬وهو‭ ‬قشيعان‭ ‬المطيري‭ ‬نادي‭ ‬النصر‭ ‬ومنتخب‭ ‬الكويت‭ ‬لكرة‭ ‬السلة،‭ ‬أما‭ ‬اليوم‭ ‬فسوف‭ ‬يكون‭ ‬حديثنا‭ ‬عن‭ ‬الشهيد‭ ‬فهد‭ ‬الأحمد‭ ‬الأب‭ ‬الروحي‭ ‬للرياضة‭ ‬الكويتية،‭ ‬وسوف‭ ‬نتوقف‭ ‬في‭ ‬محطة‭ ‬الرياضي‭ ‬والإعلامي‭ ‬عبدالحميد‭ ‬الشطي‭ ‬ليكشف‭ ‬لنا‭ ‬جانبا‭ ‬مظلما‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬للكويت‭:‬

شهادة‭ ‬الإعلامي‭ ‬عبدالحميد‭ ‬الشطي

فقدت‭ ‬الكويت‭ ‬والرياضة‭ ‬العربية‭ ‬والآسيوية‭ ‬والعالمية‭ ‬قامة‭ ‬رياضية‭ ‬بارزة‭ ‬باستشهاد‭ ‬الشيخ‭ ‬فهد‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬في‭ ‬صبيحة‭ ‬يوم‭ ‬2‭ ‬أغسطس‭ ‬1990‭ ‬عندما‭ ‬توجه‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬دسمان‭ ‬للإطمئنان‭ ‬على‭ ‬شقيقه‭ ‬أمير‭ ‬الكويت‭ ‬الأسبق‭ ‬الشيخ‭ ‬جابر‭ ‬الأحمد‭ ‬الصباح‭ ‬لكنه‭ ‬القدر‭ ‬لم‭ ‬يمهله‭ ‬عندما‭ ‬باغتته‭ ‬رصاصة‭ ‬غادرة‭ ‬من‭ ‬أحد‭ ‬قناصي‭ ‬الجيش‭ ‬العراقي‭ ‬ليسقط‭ ‬شهيدا‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬أرضه‭ ‬ووطنه‭.‬

الرياضي‭ ‬والإعلامي‭ ‬عبدالحميد‭ ‬الشطي‭ ‬حارس‭ ‬مرمى‭ ‬نادي‭ ‬القادسية‭ ‬الشهير‭ ‬وأحد‭ ‬أبرز‭ ‬الإعلاميين‭ ‬الرياضيين‭ ‬بدولة‭ ‬الكويت‭ ‬الشقيقة‭ ‬يعتبر‭ ‬واحدا‭ ‬من‭ ‬المقربين‭ ‬للشهيد‭ ‬وعائلته‭ ‬وكان‭ ‬ملازما‭ ‬له‭ ‬أثناء‭ ‬حياته‭.‬

‭ ‬يقول‭ ‬الشطي‭ ‬إن‭ ‬اللقاء‭ ‬الأخير‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يجمعه‭ ‬بالشهيد‭ ‬في‭ ‬مقر‭ ‬اتحاد‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الكويتي‭ ‬يوم‭ ‬الأربعاء‭ ‬1‭ ‬أغسطس‭ ‬1990‭ ‬أي‭ ‬قبل‭ ‬يوم‭ ‬واحد‭ ‬تقريبا‭ ‬من‭ ‬الاجتياح‭ ‬العراقي،‭ ‬حيث‭ ‬التقى‭ ‬الشطي‭ ‬بعدنان‭ ‬بوحمد‭ ‬مدير‭ ‬مكتبه‭ ‬وكان‭ ‬يريد‭ ‬لقاء‭ ‬الشيخ‭ ‬فهد‭ ‬الأحمد‭ ‬ليعرض‭ ‬عليه‭ ‬فكرة‭ ‬اشهار‭ ‬ناد‭ ‬للتصوير‭ ‬الضوئي‭ ‬والحصول‭ ‬على‭ ‬دعمه‭ ‬ومساندته‭ ‬وتسهيل‭ ‬اشهار‭ ‬نادي‭ ‬عند‭ ‬وزير‭ ‬الشؤون‭ ‬الاجتماعية‭.‬

ويضيف‭ ‬“‭ ‬شعرت‭ ‬بأن‭ ‬الأجواء‭ ‬كانت‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ ‬و”متكهربة”‭ ‬نوعا‭ ‬ما،‭ ‬ويبدو‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬معلومات‭ ‬لدى‭ ‬الشهيد‭ ‬بوجود‭ ‬تهديد‭ ‬حقيقي‭ ‬تجاه‭ ‬دولة‭ ‬الكويت‭ ‬ولذا‭ ‬كان‭ ‬يشعر‭ ‬بالضيق‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يرام‭ ‬فقررت‭ ‬عدم‭ ‬الدخول‭ ‬عليه‭ ..‬”‭.‬

وأوضح‭ ‬الشطي‭ ‬بأنه‭ ‬علم‭ ‬بنبأ‭ ‬وفاته‭ ‬عبر‭ ‬الإذاعة‭ ‬فبكى‭ ‬كثيرا‭ ‬ودخل‭ ‬في‭ ‬نوبة‭ ‬حزن‭ ‬عميقة‭ ‬من‭ ‬شدة‭ ‬حبه‭ ‬وتعلقه‭ ‬بالشهيد‭ ‬فهو‭ ‬صاحب‭ ‬فضل‭ ‬عليه‭ ‬عندما‭ ‬كان‭ ‬حارسا‭ ‬لمرمى‭ ‬القادسية‭ ‬وهو‭ ‬من‭ ‬طالب‭ ‬بمشاركته‭ ‬ضد‭ ‬سانتوس‭ ‬البرازيلي‭ ‬العام‭ ‬1973،‭ ‬مضيفا‭ ‬“لولا‭ ‬الشهيد‭ ‬لما‭ ‬عرفني‭ ‬الناس‭ ‬لاعبا‭ ‬فهو‭ ‬من‭ ‬قدمني‭ ‬إلى‭ ‬الجمهور‭ ‬واعتبره‭ ‬بمثابة‭ ‬أبي‭ ‬وكان‭ ‬مصرا‭ ‬على‭ ‬مشاركتي‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬المباراة‭ ‬وكنت‭ ‬من‭ ‬رواد‭ ‬ديوانيته‭ ‬واعتز‭ ‬بعلاقتي‭ ‬معه‭..‬”‭.‬

وسرد‭ ‬له‭ ‬بعضا‭ ‬من‭ ‬تفاصيل‭ ‬استشهاده،‭ ‬موضحا”‭ ‬عندما‭ ‬وصله‭ ‬نبأ‭ ‬غزو‭ ‬الكويت‭ ‬أخذته‭ ‬الحمية‭ ‬والغيرة‭ ‬للإطمئنان‭ ‬على‭ ‬شقيقه‭ ‬سمو‭ ‬الأمير‭ ‬بقصر‭ ‬دسمان‭.. ‬وكان‭ ‬معه‭ ‬حينذاك‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬الحمود‭ ‬وشخص‭ ‬أسمه‭ ‬حامد،‭ ‬وأثناء‭ ‬توجهه‭ ‬للقصر‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعلم‭ ‬بأنه‭ ‬محاط‭ ‬بالجيش‭ ‬العراقي‭ ‬وفي‭ ‬أثناء‭ ‬دخوله‭ ‬تلقى‭ ‬رصاصة‭ ‬من‭ ‬قناص‭ ‬في‭ ‬رأسه‭ ‬لينزف‭ ‬دما‭ ‬وكان‭ ‬آخر‭ ‬كلمة‭ ‬قالها‭ (‬آاااخ‭ ‬انصدنه‭) ‬حتى‭ ‬فارق‭ ‬الحياة‭ ‬شهيد‭ ‬فيما‭ ‬تمكن‭ ‬مرافقاه‭ ‬من‭ ‬الفرار‭ ..‬”‭.‬

وذكر‭ ‬الشطي‭ ‬بأن‭ ‬هناك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المغالطات‭ ‬والروايات‭ ‬المثارة‭ ‬حول‭ ‬تلك‭ ‬الحادثة‭ ‬وهي‭ ‬غير‭ ‬صحيحة،‭ ‬مشيرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الشهيد‭ ‬دفن‭ ‬بإسم‭ ‬عبدالله‭ ‬المصري‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يتمكن‭ ‬الغزاة‭ ‬من‭ ‬معرفة‭ ‬قبره،‭ ‬وأكد‭ ‬بأن‭ ‬الشهيد‭ ‬كان‭ ‬يعلم‭ ‬بأن‭ ‬التوجه‭ ‬إلى‭ ‬قصر‭ ‬دسمان‭ ‬قد‭ ‬يعرضه‭ ‬للموت‭ ‬والخطر‭ ‬لكنه‭ ‬كان‭ ‬جريئا‭ ‬ومقداما‭ ‬رغبة‭ ‬منه‭ ‬في‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬شقيقه‭ ‬الأمير‭ ‬جابر‭ ‬الصباح‭ ‬رحمه‭ ‬الله،‭ ‬وذكر‭ ‬الشطي‭ ‬بأن‭ ‬الشهيد‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬وطيدة‭ ‬مع‭ ‬عدي‭ ‬صدام‭ ‬وكان‭ ‬داعما‭ ‬للعراق‭ ‬أثناء‭ ‬الحرب‭ ‬الإيرانية‭ ‬العراقية‭ ‬في‭ ‬الثمانينات‭ ‬لكنه‭ ‬قتل‭ ‬فيما‭ ‬بعد‭ ‬على‭ ‬أيديهم‭.‬

آلام‭ ‬الرياضيين‭ ‬في‭ ‬عيون‭ ‬الصحافة‭ ‬الكويتية

نشرت‭ ‬صحيفة‭ ‬“الرأي”‭ ‬الكويتية،‭ ‬تقريرا‭ ‬حديثا‭ ‬يلخص‭ ‬الحالة‭ ‬المأساوية‭ ‬التي‭ ‬عايشها‭ ‬الرياضيون‭ ‬الكويتيون‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي،‭ ‬وسوف‭ ‬نقوم‭ ‬بنشر‭ ‬هذا‭ ‬التقرير‭ ‬ليعكس‭ ‬نظرة‭ ‬الصحافة‭ ‬الكويتية‭ ‬لتلك‭ ‬الفترة‭ ‬الغابرة‭ ‬من‭ ‬التاريخ‭ ‬ضمن‭ ‬هذا‭ ‬الملف‭ ‬الشامل‭:‬

“كما‭ ‬هي‭ ‬الحال‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬كل‭ ‬القطاعات‭ ‬في‭ ‬البلاد،‭ ‬عانت‭ ‬الرياضة‭ ‬الكويتية‭ ‬ومنتسبوها‭ ‬من‭ ‬أضرار‭ ‬الغزو‭ ‬العراقي‭ ‬الغاشم‭ ‬والذي‭ ‬بدأ‭ ‬فجر‭ ‬الثاني‭ ‬من‭ ‬أغسطس‭ ‬1990‭.‬

في‭ ‬الفترة‭ ‬التي‭ ‬سبقت‭ ‬ذلك‭ ‬التاريخ‭ ‬كان‭ ‬الرياضيون‭ ‬الكويتيون‭ ‬يستعدون‭ ‬لبدء‭ ‬موسم‭ ‬جديد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحضير‭ ‬للخروج‭ ‬في‭ ‬معسكرات‭ ‬خارجية‭ ‬للأندية‭ ‬والمنتخبات‭ ‬الوطنية‭ ‬وفي‭ ‬مختلف‭ ‬الألعاب،‭ ‬وكان‭ ‬الاستحقاق‭ ‬الابرز‭ ‬المشاركة‭ ‬في‭ ‬دورة‭ ‬الألعاب‭ ‬الآسيوية‭ ‬الحادية‭ ‬عشرة‭ ‬في‭ ‬العاصمة‭ ‬الصينية‭ ‬بكين‭ ‬في‭ ‬أكتوبر،‭ ‬حيث‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬تشارك‭ ‬الكويت‭ ‬بوفد‭ ‬كبير‭ ‬وبفرق‭ ‬عدة‭ ‬يتقدمها‭ ‬منتخب‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬المتوج‭ ‬بلقب‭ ‬“خليجي‭ ‬10”‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬من‭ ‬العام‭ ‬نفسه‭ ‬والذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬بالفعل‭ ‬بالاستعداد‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬معسكر‭ ‬خارجي‭ ‬في‭ ‬مدينة‭ ‬فيشي‭ ‬الفرنسية‭.‬

وقْع‭ ‬نبأ‭ ‬الغزو‭ ‬كان‭ ‬كبيرا‭ ‬على‭ ‬لاعبي‭ ‬“الأزرق”‭ ‬في‭ ‬فرنسا،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬لم‭ ‬يصدق‭ ‬ما‭ ‬سمعه،‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتمكنوا‭ ‬من‭ ‬استيعاب‭ ‬الصدمة‭ ‬تدريجيا‭ ‬ويفكروا‭ ‬بالخطوة‭ ‬التالية،‭ ‬الاطمئنان‭ ‬على‭ ‬الأهل‭ ‬والأحبة‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محاولات‭ ‬اتصال‭ ‬تعثر‭ ‬أغلبها‭ ‬بعد‭ ‬قطع‭ ‬الاتصالات‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬وإلى‭ ‬الكويت‭.‬

قرر‭ ‬الجميع‭ ‬مغادرة‭ ‬فرنسا‭ ‬سواء‭ ‬بالاتجاه‭ ‬الى‭ ‬المملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬إو‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬تتواجد‭ ‬فيها‭ ‬أسرهم،‭ ‬أو‭ ‬محاولة‭ ‬دخول‭ ‬الكويت‭ ‬لمن‭ ‬لم‭ ‬يتمكن‭ ‬من‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬ذويه‭ ‬أو‭ ‬تأكد‭ ‬من‭ ‬عدم‭ ‬خروجهم‭ ‬من‭ ‬البلاد‭.‬

في‭ ‬هذه‭ ‬الأثناء‭ ‬كانت‭ ‬الأخبار‭ ‬تتوالى،‭ ‬استشهاد‭ ‬رئيس‭ ‬اتحاد‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬واللجنة‭ ‬الأولمبية‭ ‬الشيخ‭ ‬فهد‭ ‬الأحمد،‭ ‬وسقوط‭ ‬شهداء‭ ‬آخرين‭ ‬خلال‭ ‬المعارك‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬في‭ ‬محيط‭ ‬معسكر‭ ‬“جيوان”‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬نجم‭ ‬المنتخب‭ ‬الوطني‭ ‬لكرة‭ ‬السلة‭ ‬قشيعان‭ ‬المطيري‭.‬

كان‭ ‬قشيعان‭ ‬يستعد‭ ‬للمغادرة‭ ‬إلى‭ ‬المانيا‭ ‬في‭ ‬الرابع‭ ‬من‭ ‬أغسطس،‭ ‬لخوض‭ ‬معسكر‭ ‬تدريبي‭ ‬مع‭ ‬منتخب‭ ‬كرة‭ ‬السلة‭ ‬استعدادا‭ ‬لـ‭ ‬“الآسياد”،‭ ‬ولكنه‭ ‬وجد‭ ‬نفسه‭ ‬يلتحق‭ ‬بزملائه‭ ‬في‭ ‬رئاسة‭ ‬الأركان‭ ‬الذين‭ ‬اشتبكوا‭ ‬مع‭ ‬الجيش‭ ‬الغازي‭ ‬في‭ ‬معارك‭ ‬طاحنة،‭ ‬حتى‭ ‬جاءته‭ ‬قذيفة‭ ‬ثقيلة‭ ‬أصابته‭ ‬في‭ ‬بطنه‭ ‬ورجله‭ ‬فتم‭ ‬نقله‭ ‬بسيارة‭ ‬جيب‭ ‬عسكرية‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يفارق‭ ‬الحياة‭ ‬شهيدا‭.‬

شيئا‭ ‬فشيئا‭ ‬بدأ‭ ‬الشباب‭ ‬الكويتي‭ ‬بالتعايش‭ ‬مع‭ ‬ظروف‭ ‬الغزو‭ ‬ومتطلبات‭ ‬التعامل‭ ‬معه،‭ ‬فعملوا‭ ‬في‭ ‬مهن‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬معتادين‭ ‬عليها،‭ ‬فنظفوا‭ ‬الشوارع‭ ‬وعملوا‭ ‬في‭ ‬المخابز،‭ ‬وقاوموا‭ ‬المحتل‭ ‬سلميا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الاحتفاظ‭ ‬بالهوية‭ ‬الكويتية‭ ‬وعدم‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬محاولات‭ ‬تغييرها‭ ‬والتي‭ ‬تركزت‭ ‬حول‭ ‬لوحات‭ ‬أرقام‭ ‬السيارات‭ ‬أو‭ ‬بطاقات‭ ‬التعريف‭.‬

لم‭ ‬يسلم‭ ‬الرياضيون‭ ‬الكويتيون‭ ‬من‭ ‬ملاحقة‭ ‬أزلام‭ ‬النظام‭ ‬الذين‭ ‬كانوا‭ ‬يرغبون‭ ‬في‭ ‬إضفاء‭ ‬الشرعية‭ ‬على‭ ‬الغزو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استقطاب‭ ‬واستمالة‭ ‬شخصيات‭ ‬كويتية‭ ‬مشهورة،‭ ‬وبالطبع‭ ‬كان‭ ‬اللاعبون‭ ‬الدوليون‭ ‬هدفا‭ ‬رئيسا‭ ‬بالنسبة‭ ‬لأجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬من‭ ‬لعبوا‭ ‬دور‭ ‬“المعرّفين”‭ ‬والذين‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬بينهم‭ ‬إعلاميون‭ ‬ولاعبون‭ ‬عراقيون‭ ‬أبرزهم‭ ‬عدنان‭ ‬درجال‭. ‬وقد‭ ‬تحولت‭ ‬منشأت‭ ‬الأندية‭ ‬إلى‭ ‬ثكنات‭ ‬عسكرية‭ ‬ومقار‭ ‬لتعذيب‭ ‬الشباب‭.‬

ويروي‭ ‬لاعب‭ ‬منتخب‭ ‬الكويت‭ ‬ونادي‭ ‬القادسية‭ ‬السابق‭ ‬محمد‭ ‬إبراهيم‭ ‬كيف‭ ‬تعرّض‭ ‬إلى‭ ‬ملاحقة‭ ‬من‭ ‬درجال‭ ‬وآخرين‭ ‬بدعوى‭ ‬رغبة‭ ‬الأخير‭ ‬بشراء‭ ‬سيارته‭ ‬“المرسيدس”،‭ ‬كما‭ ‬تعرض‭ ‬زميل‭ ‬إبراهيم‭ ‬ومدافع‭ ‬نادي‭ ‬الكويت‭ ‬عادل‭ ‬عباس‭ ‬إلى‭ ‬وضع‭ ‬مماثل‭.‬

لم‭ ‬يكن‭ ‬الرياضيون‭ ‬استثناء‭ ‬في‭ ‬حملات‭ ‬الأسر‭ ‬والاعتقال‭ ‬التي‭ ‬طالت‭ ‬جميع‭ ‬شرائح‭ ‬الشعب‭ ‬الكويتي،‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬تم‭ ‬أسره‭ ‬في‭ ‬الساعات‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬الغزو‭ ‬وغالبيتهم‭ ‬من‭ ‬العسكريين،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬وقع‭ ‬في‭ ‬قبضة‭ ‬المحتل‭ ‬خلال‭ ‬أيام‭ ‬الاحتلال‭ ‬الصعبة،‭ ‬وفي‭ ‬النهاية‭ ‬عاد‭ ‬البعض‭ ‬منهم‭ ‬أحياء‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬انهكتهم‭ ‬أيام‭ ‬وليالي‭ ‬الأسر‭ ‬القاسية،‭ ‬فيما‭ ‬طال‭ ‬غياب‭ ‬البقية‭ ‬حتى‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬رفاتهم‭ ‬في‭ ‬مقابر‭ ‬جماعية‭ ‬في‭ ‬مدن‭ ‬عراقية‭ ‬عدة‭.‬

وتضم‭ ‬قائمة‭ ‬شهداء‭ ‬الرياضة‭ ‬مجموعة‭ ‬كبيرة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ ‬رئيس‭ ‬نادي‭ ‬القادسية‭ ‬يوسف‭ ‬المشاري‭ ‬والمدرب‭ ‬خالد‭ ‬ادريس،‭ ‬واللاعبون‭ ‬أحمد‭ ‬قبازرد،‭ ‬جمال‭ ‬الجزاف،‭ ‬ميثم‭ ‬المولي،‭ ‬احمد‭ ‬الطراروة،‭ ‬احمد‭ ‬الخواري،‭ ‬جمال‭ ‬السالم‭ ‬وعصام‭ ‬سعد‭ ‬الله،‭ ‬وغيرهم‭.‬

خارج‭ ‬الوطن‭ ‬المحتل،‭ ‬كان‭ ‬رياضيو‭ ‬الكويت‭ ‬يقومون‭ ‬بعمل‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬أهمية‭ ‬عن‭ ‬إخوانهم‭ ‬في‭ ‬الداخل،‭ ‬فمنهم‭ ‬من‭ ‬تطوع‭ ‬في‭ ‬القوات‭ ‬التي‭ ‬شاركت‭ ‬في‭ ‬التحرير،‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬حمل‭ ‬على‭ ‬عاتقه‭ ‬مسؤولية‭ ‬ابقاء‭ ‬اسم‭ ‬الكويت‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الرياضية‭ ‬الخارجية‭.‬

وتمكنت‭ ‬الكويت‭ ‬من‭ ‬ارسال‭ ‬وفد‭ ‬رياضي‭ ‬للمشاركة‭ ‬في‭ ‬“آسياد‭ ‬بكين”‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬ضمنه‭ ‬منتخب‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬الذي‭ ‬خاض‭ ‬3‭ ‬مباريات‭ ‬ضمن‭ ‬المجموعة،‭ ‬ففاز‭ ‬على‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ‭ ‬2‭ - ‬1‭ ‬وخسر‭ ‬من‭ ‬تايلند‭ ‬بنفس‭ ‬النتيجة،‭ ‬وتعادل‭ ‬مع‭ ‬اليمن‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬أهداف،‭ ‬ليتأهل‭ ‬إلى‭ ‬الدور‭ ‬ربع‭ ‬النهائي‭ ‬ويصطدم‭ ‬بالمنتخب‭ ‬الكوري‭ ‬الجنوبي‭ ‬القوي‭ ‬ويخسر‭ ‬أمامه‭ ‬بصعوبة‭ ‬بهدف‭ ‬وحيد‭.‬

وتكون‭ ‬المنتخب‭ ‬الذي‭ ‬قاده‭ ‬المدرب‭ ‬الوطني‭ ‬محمد‭ ‬كرم‭ ‬من‭ ‬اللاعبين‭: ‬سمير‭ ‬سعيد،‭ ‬أسامة‭ ‬حسين،‭ ‬سامي‭ ‬الحشاش،‭ ‬وائل‭ ‬سليمان،‭ ‬خالد‭ ‬الجار‭ ‬الله،‭ ‬نواف‭ ‬جابر،‭ ‬راشد‭ ‬بديح،‭ ‬وليد‭ ‬البريكي،‭ ‬نواف‭ ‬جديد،‭ ‬صالح‭ ‬المسند،‭ ‬عادل‭ ‬الخليفي،‭ ‬أحمد‭ ‬عسكر،‭ ‬علي‭ ‬مروي،‭ ‬عبدالعزيز‭ ‬الهاجري،‭ ‬حمد‭ ‬الصالح‭ ‬وعنبر‭ ‬سعيد”‭.‬

تقرأون‭ ‬في‭ ‬حلقة‭ ‬الغد‭: ‬“البحرين‭ ‬تفتح‭ ‬أحضانها‭ ‬للأشقاء”‭!‬