“البلاد” تنشر حكمًا جديدًا لمحكمة التمييز عن مبدأ يتغافله التجار

“الكهرباء” تكسب قضية ضد مالك شركة مشطوبة: ادفع الفاتورة من جيبك

| راشد الغائب

شطب‭ ‬السجل‭ ‬التجاري‭ ‬لشركة‭ ‬لا‭ ‬يعفي‭ ‬مالكها‭ ‬من‭ ‬سداد‭ ‬ديونه‭ ‬مثل‭ ‬فاتورة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء‭... ‬مبدأ‭ ‬أكدت‭ ‬عليه‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬ويتغافله‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬المحلات‭ ‬والشركات‭ ‬بعد‭ ‬تصفية‭ ‬أعمالهم‭ ‬وإقفال‭ ‬نشاطهم‭ ‬التجاري‭.‬

واستندت‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬حكمها‭ ‬لمادة‭ ‬تنص‭ ‬بقانون‭ ‬الشركات‭ ‬التجارية‭ ‬تُحمِّل‭ ‬مالك‭ ‬الشركة‭ ‬بذلك،‭ ‬وأنه‭ ‬يكون‭ ‬مسئولا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أمواله‭ ‬الخاصة‭ ‬عن‭ ‬أيِّ‭ ‬أضرارٍ‭ ‬تصيب‭ ‬الشركةَ‭ ‬أو‭ ‬الغيرَ‭ ‬إذا‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬عجز‭ ‬الشركة‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬الضرائب‭ ‬والرسوم‭ ‬المستحقَّة‭ ‬للحكومة‭ ‬أو‭ ‬الهيئات‭ ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬العامة،‭ ‬وكان‭ ‬يعلم‭ ‬بذلك‭ ‬علمًا‭ ‬يقينيًّا‭ ‬أو‭ ‬مفتَرَضًا،‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬عجز‭ ‬الشركة‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬تلك‭ ‬الضرائب‭ ‬والرسوم‭ ‬بسبب‭ ‬إهماله‭ ‬أو‭ ‬خطئه‭ ‬الجسيم‭.‬

وتنشر‭ ‬“البلاد”‭ ‬حكما‭ ‬جديدا‭ ‬غير‭ ‬منشور‭ ‬لمحكمة‭ ‬التمييز‭ (‬الدائرة‭ ‬الثالثة‭) ‬نطبقت‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬21‭ ‬يناير‭ ‬2020‭.‬

طرفا‭ ‬القضية‭: ‬الطاعنة‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬والماء،‭ ‬والمطعون‭ ‬ضدهما‭: ‬شركة‭ ‬للتجارة‭ ‬العامة‭ ‬ومالكها‭.‬

‭ ‬الوقائع

أقامت‭ ‬هيئة‭ ‬الكهرباء‭ ‬على‭ ‬المطعون‭ ‬ضدهما‭ ‬دعوى‭ ‬بطريق‭ ‬أمر‭ ‬الأداء‭ ‬الذي‭ ‬قدّمته‭ ‬إلى‭ ‬قاضي‭ ‬المحكمة‭ ‬الصغرى‭ ‬المدنيّة‭ ‬تستصدر‭ ‬منه‭ ‬أمرًا‭ ‬بإلزام‭ ‬المطعون‭ ‬ضدهما‭ ‬بالتضامن‭ ‬بأن‭ ‬يؤدّيا‭ ‬لها‭ ‬مبلغ‭ ‬1192‭,‬780‭ ‬دينارًا‭ ‬وفائدتَه‭ ‬التأخيرية‭ ‬بواقع‭ ‬10‭ % ‬سنويًّا‭ ‬من‭ ‬تاريخِ‭ ‬المطالبة‭ ‬حتى‭ ‬السداد‭ ‬التام‭ ‬قيمة‭ ‬ما‭ ‬تداينهما‭ ‬به‭ ‬مقابل‭ ‬استهلاك‭ ‬المياه‭ ‬والكهرباء‭ ‬ورسوم‭ ‬البلدية‭ ‬خلال‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬27‭/‬7‭/‬2013‭ ‬حتى‭ ‬31‭/‬7‭/‬2016‭ ‬عن‭ ‬حسابهما‭ ‬لديها‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬رفضَا‭ ‬سدادَه‭ ‬وديًّا‭. ‬

امتنع‭ ‬القاضي‭ ‬عن‭ ‬إصدارِ‭ ‬الأمر،‭ ‬وعرض‭ ‬النزاعَ‭ ‬على‭ ‬محكمة‭ ‬الموضوع‭ ‬فحكمت‭ ‬بإلزام‭ ‬المطعونِ‭ ‬ضدها‭ ‬الأولى‭ ‬بأداء‭ ‬المبلغ‭ ‬المطالَب‭ ‬به،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬فائدته‭ ‬التأخيرية‭ ‬التي‭ ‬قدّرتها،‭ ‬ورفضت‭ ‬إلزامَ‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬الثاني‭ (‬مالك‭ ‬الشركة‭) ‬به‭. ‬

استأنفت‭ ‬الطاعنةُ‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬فيما‭ ‬قضى‭ ‬برفضه‭ ‬بالاستئناف‭ ‬أمام‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬المدنية‭ ‬بصفتها‭ ‬الاستئنافية‭ ‬فحكمت‭ ‬بتأييدِه،‭ ‬فطعنت‭ ‬في‭ ‬حكمها‭ ‬بطريق‭ ‬التمييز‭.‬

الحيثيات

وحيث‭ ‬إن‭ ‬الطعنَ‭ ‬أُقيم‭ ‬على‭ ‬سببٍ‭ ‬واحدٍ‭ ‬تنعى‭ ‬به‭ ‬الطاعنة‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬مخالفة‭ ‬القانون‭ ‬والإخلال‭ ‬بحق‭ ‬الدفاع‭ ‬والقصور‭ ‬في‭ ‬التسبيب‭ ‬فيما‭ ‬قضى‭ ‬برفض‭ ‬طلبِها‭ ‬إلزام‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬الثاني‭ ‬بالتضامن‭ ‬مع‭ ‬المطعون‭ ‬ضدها‭ ‬الأولى‭ ‬بالمبلغ‭ ‬المطالَب‭ ‬به‭ ‬لما‭ ‬ذهب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المذكور‭ ‬لا‭ ‬يُسأَل‭ ‬عنه‭ ‬لخروجه‭ ‬عن‭ ‬الحالات‭ ‬الواردة‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬18‭ ‬مكررًا‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الشركات‭ ‬المضافة‭ ‬بالقانون‭ ‬رقم‭ ‬50‭ ‬لسنة‭ ‬2014،‭ ‬خلافا‭ ‬لما‭ ‬هو‭ ‬مقرَّر‭ ‬بالبندَينِ‭ ‬السادس‭ ‬والسابع‭ ‬من‭ ‬نص‭ ‬المادة‭ ‬18‭ ‬سالف‭ ‬الإشارة‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬مسئوليّة‭ ‬مالكِ‭ ‬الشركة‭ ‬في‭ ‬أموالِه‭ ‬الخاصة‭ ‬عن‭ ‬ديون‭ ‬الشركة‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬تسبب‭ ‬بإهماله‭ ‬في‭ ‬عجز‭ ‬الشركةِ‭ ‬عن‭ ‬أداءِ‭ ‬الضرائب‭ ‬والرسوم‭ ‬المستحَقَّة‭ ‬للحكومةِ‭ ‬أو‭ ‬للهيئاتِ‭ ‬أو‭ ‬المؤسساتِ‭ ‬العامة‭. ‬

وكان‭ ‬الثابتُ‭ ‬بالأوراق‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬المطعون‭ ‬ضدها‭ ‬الأولى،‭ ‬هي‭ ‬شركة‭ ‬الشخص‭ ‬الواحد‭ ‬ومملوكة‭ ‬للمطعونِ‭ ‬ضده‭ ‬الثاني‭ ‬وقد‭ ‬تم‭ ‬إلغاءُ‭ ‬السّجلِ‭ ‬التجاري‭ ‬لها،‭ ‬ولم‭ ‬يُجَدَّدْ‭ ‬بعدُ،‭ ‬وقد‭ ‬توقفت‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬نشاطِها‭ ‬التجاري‭ ‬ولم‭ ‬يعد‭ ‬لها‭ ‬ثمة‭ ‬وجودٌ‭ ‬فيكون‭ ‬مسئولًا‭ ‬عما‭ ‬تطالب‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬مبالغ،‭ ‬فإن‭ ‬الحكمَ‭ ‬إذ‭ ‬رفض‭ ‬إلزامَه‭ ‬بها‭ ‬يكون‭ ‬معيبًا‭ ‬بما‭ ‬يستوجب‭ ‬نقضه‭.‬

وحيث‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬النعيَ‭ ‬في‭ ‬محلّه،‭ ‬ذلك‭ ‬أنه‭ ‬ولئن‭ ‬كان‭ ‬الأصلُ‭ ‬المقرَّرُ‭ ‬بمقتَضَى‭ ‬المادة‭ ‬292‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الشركات‭ ‬رقم‭ ‬21‭ ‬لسنة‭ ‬2001‭ ‬أن‭ ‬مالك‭ ‬رأسمال‭ ‬شركة‭ ‬الشخص‭ ‬الواحد‭ ‬لا‭ ‬يُسْأَل‭ ‬عن‭ ‬التزاماتها‭ ‬إلا‭ ‬بمقدار‭ ‬رأس‭ ‬المال‭ ‬المخصَّص‭ ‬للشركة،‭ ‬فإنه‭ ‬طبقا‭ ‬لنص‭ ‬المادة‭ ‬18‭ ‬مكررا‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬والمضافة‭ ‬بالقانون‭ ‬رقم‭ ‬50‭ ‬لسنة‭ ‬2014‭ ‬والمعمولِ‭ ‬به‭ ‬اعتبارًا‭ ‬من‭ ‬19‭/‬9‭/‬2014‭ ‬–‭ ‬ويخضع‭ ‬النزاعُ‭ ‬له‭ ‬–‭ ‬فإن‭ ‬مالك‭ ‬شركة‭ ‬الشخص‭ ‬الواحد‭ ‬يكون‭ ‬مسئولا‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أمواله‭ ‬الخاصة‭ ‬عن‭ ‬أيِّ‭ ‬أضرارٍ‭ ‬تصيب‭ ‬الشركةَ‭ ‬أو‭ ‬الغيرَ‭ ‬إذا‭ ‬تسبب‭ ‬في‭ ‬عجز‭ ‬الشركة‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬الضرائب‭ ‬والرسوم‭ ‬المستحقَّة‭ ‬للحكومة‭ ‬أو‭ ‬الهيئات‭ ‬أو‭ ‬المؤسسات‭ ‬العامة،‭ ‬وكان‭ ‬يعلم‭ ‬بذلك‭ ‬علمًا‭ ‬يقينيًّا‭ ‬أو‭ ‬مفتَرَضًا،‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬عجز‭ ‬الشركة‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬تلك‭ ‬الضرائب‭ ‬والرسوم‭ ‬بسبب‭ ‬إهماله‭ ‬أو‭ ‬خطئه‭ ‬الجسيم،‭ ‬وبالجملة‭ ‬إذا‭ ‬خالف‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬أو‭ ‬عقد‭ ‬تأسيس‭ ‬الشركة‭ ‬أو‭ ‬نظامها‭ ‬الأساسي‭.‬

وكان‭ ‬الواقعُ‭ ‬الثابت‭ ‬بالأوراق‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬المطعون‭ ‬ضدها‭ ‬الأولى‭ ‬شركة‭ ‬الشخص‭ ‬الواحد‭ ‬ومملوكة‭ ‬للمطعون‭ ‬ضده‭ ‬الثاني‭ ‬وقد‭ ‬توقفت‭ ‬كليّة‭ ‬عن‭ ‬ممارسة‭ ‬نشاطها‭ ‬وتمت‭ ‬تصفيتُها‭ ‬بعد‭ ‬شطبها‭ ‬من‭ ‬السجل‭ ‬التجاري‭ ‬ولم‭ ‬ينفِ‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬الثاني‭ ‬مسئوليته‭ ‬المفترضة‭ ‬عما‭ ‬آل‭ ‬إليه‭ ‬حال‭ ‬الشركة‭ ‬وعجزها‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بالتزاماتها‭ ‬قِبَل‭ ‬الطاعنة،‭ ‬فإنه‭ ‬يكون‭ ‬مسئولا‭ ‬في‭ ‬أمواله‭ ‬الخاصة‭ ‬عن‭ ‬المبالغ‭ ‬التي‭ ‬تطالِب‭ ‬بها‭ ‬الطاعنة،‭ ‬فإن‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬إذ‭ ‬ذهب‭ ‬إلى‭ ‬خلاف‭ ‬ذلك‭ ‬وأيد‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنَف‭ ‬فيما‭ ‬قضى‭ ‬برفض‭ ‬الدعوى‭ ‬بالنسبة‭ ‬له‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬خالف‭ ‬القانونَ‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬يعيبه‭ ‬ويوجب‭ ‬نقضه‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الجزئية‭.‬

وحيث‭ ‬إن‭ ‬الموضوعَ‭ ‬صالحٌ‭ ‬للفصل‭ ‬فيه،‭ ‬ولما‭ ‬تقدم،‭ ‬فإنه‭ ‬يتعيّن‭ ‬إلغاء‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنَف‭ ‬فيما‭ ‬قضى‭ ‬به‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمستأنَف‭ ‬ضده‭ ‬الثاني،‭ ‬والقضاء‭ ‬مجدَّدا‭ ‬بإلزامه‭ ‬بالتضامن‭ ‬مع‭ ‬المستأنف‭ ‬ضدها‭ ‬الأولى‭ ‬بأداء‭ ‬المبلغ‭ ‬المطالب‭ ‬به‭ ‬وإلزامه‭ ‬بمصاريف‭ ‬الطعن‭ ‬ومصاريف‭ ‬هذا‭ ‬الطلب‭ ‬عن‭ ‬درجتَي‭ ‬التقاضي‭.‬

منطوق‭ ‬الحكم

حكمت‭ ‬المحكمةُ‭: ‬بقَبولِ‭ ‬الطعنِ‭ ‬شكلًا،‭ ‬وفي‭ ‬موضوعِه‭ ‬بنقضِ‭ ‬الحكمِ‭ ‬المطعونِ‭ ‬فيه‭ ‬فيما‭ ‬قضَى‭ ‬بالنسبةِ‭ ‬للمطعونِ‭ ‬ضدّه‭ ‬الثاني‭.‬

‭ ‬وحكمت‭ ‬في‭ ‬موضوعِ‭ ‬الاستئنافِ‭ ‬بإلغاءِ‭ ‬الحكمِ‭ ‬المستأنَف‭ ‬فيما‭ ‬قضى‭ ‬برفضِ‭ ‬إلزامِ‭ ‬المستأنَف‭ ‬ضدّه‭ ‬الثاني‭ ‬بالمبلغ‭ ‬المطالَب‭ ‬به،‭ ‬والقضاء‭ ‬مجدَّدَا‭ ‬بإلزامه‭ ‬بالتضامنِ‭ ‬مع‭ ‬المستأنَف‭ ‬ضدها‭ ‬الأولى‭ ‬بأدائه‭ ‬للمستأنِفة،‭ ‬وألزمته‭ ‬بمصاريفِ‭ ‬الطعن‭ ‬ومصاريفِ‭ ‬هذا‭ ‬الطلبِ‭ ‬عن‭ ‬درجتَي‭ ‬التقاضي،‭ ‬وبمبلغ‭ ‬مائة‭ ‬دينارٍ‭ ‬مقابل‭ ‬أتعابِ‭ ‬المحاماةِ‭.‬