مملكة البحرين والإنماء المتوازي

| د. محمد ناجي علم الدين

بدأت‭ ‬زياراتي‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬أوائل‭ ‬ثمانينيات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬واستمرت‭ ‬وازدادت‭ ‬وامتدت‭ ‬فترات‭ ‬الإقامة‭ ‬فيها‭ ‬لما‭ ‬لقيته‭ ‬من‭ ‬ترحاب‭ ‬وحسن‭ ‬لقاء‭ ‬من‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬أمضي‭ ‬أغلب‭ ‬أوقاتي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬البلد‭ ‬المضياف‭ ‬حكما‭ ‬وشعبا‭.‬

زياراتي‭ ‬الأولى‭ ‬كانت‭ ‬بعد‭ ‬إنهاء‭ ‬تخصصي‭ ‬في‭ ‬الجامعه‭ ‬الاميركية‭ ‬في‭ ‬بيروت،‭ ‬وقبل‭ ‬سفري‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحده‭ ‬الاميركية‭ ‬حيث‭ ‬أمضيت‭ ‬فيها‭ ‬شهورا‭ ‬عده‭ ‬عملت‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬السلمانية‭ ‬وفيها‭ ‬تعرفت‭ ‬إلى‭ ‬زملاء‭ ‬العمل‭ ‬وكنا‭ ‬جميعا‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬حياتنا‭ ‬المهنيه،‭ ‬من‭ ‬ثم‭ ‬تكررت‭ ‬زياراتي‭ ‬بعد‭ ‬عودتي‭ ‬من‭ ‬الولايات‭ ‬المتحده‭ ‬الاميركية‭ ‬لما‭ ‬شهدته‭ ‬من‭ ‬حسن‭ ‬ضيافة‭ ‬ورفعة‭ ‬أخلاقية‭ ‬مميزه‭ ‬من‭ ‬البحرينيين‭ ‬وعلى‭ ‬جميع‭ ‬المستويات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬فمنذ‭ ‬وصولك‭ ‬للمطار‭ ‬يستقبلك‭ ‬رجل‭ ‬الأمن‭ ‬بابتسامته‭ ‬المعهودة‭ ‬مرحبا‭ ‬بك‭ ‬حتى‭ ‬لتشعر‭ ‬بأنك‭ ‬رب‭ ‬المنزل‭.‬

بدأت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬رحلة‭ ‬التطور‭ ‬منذ‭ ‬أمد‭ ‬بعيد‭ ‬وهنا‭ ‬ليس‭ ‬لي‭ ‬إلا‭ ‬ما‭ ‬شهدته‭ ‬خلال‭ ‬زياراتي‭ ‬المتكررة‭ ‬وعلى‭ ‬مدى‭ ‬الأعوام‭ ‬الطوال‭.‬

ما‭ ‬هي‭ ‬خصائص‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬المميزه‭:‬

‮١‬‭. ‬قبول‭ ‬الاخر‭: ‬قبول‭ ‬الاخر‭ ‬كلمة‭ ‬مستعملة‭ ‬وقد‭ ‬أضاف‭ ‬عليها‭ ‬البحرينيون‭ ‬الكثير‭ ‬وأعطوها‭ ‬بعدا‭ ‬اجتماعيا‭ ‬مميزا‭ ‬فهم‭ ‬ليسوا‭ ‬فقط‭ ‬يقبلون‭ ‬الاخر‭ ‬بل‭ ‬يعاملونه‭ ‬كفرد‭ ‬من‭ ‬نسيج‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭.‬

‮٢‬‭.‬التميز‭: ‬تميز‭ ‬الشعب‭ ‬البحريني‭ ‬ومنذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬بحبه‭ ‬للعلم‭ ‬وقد‭ ‬دأبت‭ ‬حكومة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬ومنذ‭ ‬زمن‭ ‬بعيد‭ ‬بإرسال‭ ‬الطلاب‭ ‬لتلقي‭ ‬العلم‭ ‬في‭ ‬أهم‭ ‬الجامعات‭ ‬العالمية‭ ‬والجامعة‭ ‬الاميركية‭ ‬في‭ ‬بيروت‭ ‬شاهدة‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬حيث‭ ‬استقبلت‭ ‬في‭ ‬صفوفها‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬طلاب‭ ‬البحرين‭ ‬والذين‭ ‬أثروا‭ ‬الجامعة‭ ‬كما‭ ‬البحرين‭ ‬بتفاعلهم‭ ‬الثقافي‭ ‬والحضاري‭.‬

تميزت‭ ‬البحرين‭ ‬كمنارة‭ ‬للعلم‭ ‬والطب‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الخليج‭ ‬وقد‭ ‬اعتمدت‭ ‬من‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬دول‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي‭ ‬لتحتضن‭ ‬جامعة‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬بكلياتها‭ ‬المتعددة‭ ‬والتي‭ ‬تعاونت‭ ‬مع‭ ‬جامعات‭ ‬عالمية‭ ‬متعددة‭ ‬لتطوير‭ ‬مناهجها‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أنشأت‭ ‬حكومة‭ ‬البحرين‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين‭ ‬ثم‭ ‬استقبلت‭ ‬الكلية‭ ‬الملكية‭ ‬للجراحين‭ ‬بايرلندا‭ ‬لإنشاء‭ ‬وتشغيل‭ ‬كلية‭ ‬طب‭ ‬ممميزة‭ ‬وقدمت‭ ‬حكومة‭ ‬المملكة‭ ‬كافة‭ ‬التسهيلات‭ ‬الممكنه‭ ‬لإنشائها‭ ‬وتشغيلها‭ ‬وكنت‭ ‬أنا‭ ‬شخصيا‭ ‬شاهدا‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬حتى‭ ‬أصبحت‭ ‬من‭ ‬كليات‭ ‬الطب‭ ‬المميزة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الاقليمي‭ ‬والعالمي‭.‬

وبعقل‭ ‬وإدارة‭ ‬مميزه‭ ‬سمحت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬للقطاع‭ ‬الخاص‭ ‬بإنشاء‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬وحسب‭ ‬مواصفات‭ ‬علمية‭ ‬محددة‭ ‬فتطور‭ ‬قطاع‭ ‬التعليم‭ ‬الجامعي‭ ‬وأصبحت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مركزا‭ ‬علميا‭ ‬مميزا‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬فكانت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬الرائده‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬أول‭ ‬نظام‭ ‬صحي‭ ‬متكامل‭ ‬يبدأ‭ ‬من‭ ‬مراكز‭ ‬رعايه‭ ‬صحية‭ ‬أولية‭ ‬إلى‭ ‬المستشفيات‭ ‬التخصصية‭ ‬وكانت‭ ‬الرائدة‭ ‬في‭ ‬البدء‭ ‬بنظام‭ ‬تعليمي‭ ‬وتدريبي‭ ‬لطب‭ ‬الاسره‭.‬

وعملت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬على‭ ‬تطوير‭ ‬القطاع‭ ‬المصرفي‭ ‬حتى‭ ‬أضحت‭ ‬مركزا‭ ‬ماليا‭ ‬واقتصاديا‭ ‬لمنطقة‭ ‬الخليج‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬التطور‭ ‬العمراني‭ ‬فشهدت‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تطورا‭ ‬متوازيا‭ ‬مع‭ ‬سائر‭ ‬القطاعات‭ ‬لتوفير‭ ‬الاحتياجات‭ ‬اللازمه‭ ‬للسكان‭ ‬ولسوق‭ ‬العمل‭.‬

إن‭ ‬التطور‭ ‬المتوازي‭ ‬المخطط‭ ‬والمدروس‭ ‬الذي‭ ‬شهدته‭ ‬البحرين‭ ‬بدأ‭ ‬بالقوى‭ ‬البشرية‭ ‬العاملة‭ ‬وشمل‭ ‬جميع‭ ‬القطاعات‭ ‬التربوية‭ ‬والصحية‭ ‬والانشائية‭ ‬والخدماتية‭ ‬والمالية‭ ‬والاقتصادية‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬حسن‭ ‬التخطيط‭ ‬والتنفيذ‭ ‬لحاضر‭ ‬زاهر‭ ‬ومستقبل‭ ‬واعد‭.‬

أما‭ ‬في‭ ‬نظام‭ ‬الحكم‭ ‬والحوكمة‭ ‬فتتميز‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬بالتقارب‭ ‬بين‭ ‬الحكم‭ ‬والشعب‭ ‬فمجالس‭ ‬أهل‭ ‬الحكم‭ ‬ليست‭ ‬إلا‭ ‬منتديات‭ ‬اجتماعية‭ ‬ثقافية‭ ‬علمية‭ ‬مفتوحة‭ ‬للجميع‭ ‬لمناقشه‭ ‬قضايا‭ ‬المجتمع‭ ‬البحريني‭ ‬لتأخذ‭ ‬طريقها‭ ‬إلى‭ ‬مجالس‭ ‬النواب‭ ‬والشورى‭. ‬إنها‭ ‬الديمقراطية‭ ‬الاجتماعية‭ ‬الانمائية‭ ‬التي‭ ‬هدفها‭ ‬أولا‭ ‬وأخيرا‭ ‬توفير‭ ‬الافضل‭ ‬للمواطن‭ ‬البحريني‭.‬

فهنيئا‭ ‬لمواطني‭ ‬وسكان‭ ‬البحرين‭ ‬بهذا‭ ‬الحكم‭ ‬والشعب‭ ‬الحضاري‭ ‬وكما‭ ‬تكونوا‭ ‬يولّى‭ ‬عليكم‭. ‬حكم‭ ‬حضاري‭ ‬لشعب‭ ‬حضاري‭.‬