ستة على ستة

تركيا على خطى إيران في تهديد إسرائيل

| عطا السيد الشعراوي

تمر‭ ‬على‭ ‬الإنسان‭ ‬لحظات‭ ‬من‭ ‬الحماسة‭ ‬والاندفاع‭ ‬تجعله‭ ‬يتهور‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬بتصريحات‭ ‬ومواقف‭ ‬قد‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬مدركا‭ ‬عواقبها‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬واعيًا‭ ‬بمدى‭ ‬قدرته‭ ‬عليها‭ ‬والوفاء‭ ‬بها،‭ ‬ما‭ ‬يوقعه‭ ‬في‭ ‬حرج‭ ‬أو‭ ‬إيلام‭ ‬أمام‭ ‬الآخرين،‭ ‬وقد‭ ‬يمنى‭ ‬بخسائر‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬نوع‭ ‬كان‭ ‬جراء‭ ‬ذلك‭.‬

لهذا‭ ‬يحرص‭ ‬قادة‭ ‬الدول‭ ‬على‭ ‬التفكير‭ ‬جيدا‭ ‬والتأني‭ ‬قبل‭ ‬الإدلاء‭ ‬بتصريحات‭ ‬أو‭ ‬إبداء‭ ‬مواقف‭ ‬ومنح‭ ‬وعود‭ ‬لأنها‭ ‬تكون‭ ‬مرتبطة‭ ‬بمصير‭ ‬شعوب‭ ‬ومقدرات‭ ‬دول‭ ‬وحسابات‭ ‬معقدة‭ ‬يصعب‭ ‬التحكم‭ ‬فيها‭ ‬أو‭ ‬التنبؤ‭ ‬بها‭.‬

لكن‭ ‬يبدو‭ ‬أن‭ ‬الرئيس‭ ‬التركي‭ ‬رجب‭ ‬طيب‭ ‬أردوغان‭ ‬أخذته‭ ‬الحمية،‭ ‬وربما‭ ‬دفعته‭ ‬النشوة‭ ‬بما‭ ‬يتحقق‭ ‬لدولته‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬مكاسب‭ ‬وتمدد‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬بيئة‭ ‬إقليمية‭ ‬منشغلة‭ ‬أكثر‭ ‬بأمور‭ ‬أخرى،‭ ‬وبيئة‭ ‬دولية‭ ‬مترددة‭ ‬ومنقسمة‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬والتعامل‭ ‬معه،‭ ‬فمنح‭ ‬وعدًا‭ ‬عظيمًا‭ ‬بقوله‭ ‬إن‭ ‬“أنقرة‭ ‬ستحرر‭ ‬الأقصى”‭.‬

فمع‭ ‬التفاهم‭ ‬والتعاون‭ ‬القائم‭ ‬حاليا‭ ‬بين‭ ‬تركيا‭ ‬وإيران،‭ ‬يتبنى‭ ‬أردوغان‭ ‬ذات‭ ‬الخطاب‭ ‬الإيراني‭ ‬المعادي‭ ‬لإسرائيل‭ ‬القائم‭ ‬منذ‭ ‬سبعينات‭ ‬القرن‭ ‬الماضي‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬نجد‭ ‬له‭ ‬أثرا‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬أو‭ ‬تغييرا‭ ‬في‭ ‬الحقائق‭ ‬أو‭ ‬حتى‭ ‬تحركًا‭ ‬على‭ ‬الأرض‭ ‬يوحي‭ ‬بتنفيذ‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬رفعه‭ ‬من‭ ‬شعارات‭ ‬وما‭ ‬طرح‭ ‬من‭ ‬وعود‭ ‬براقة‭.‬

مرة‭ ‬أخرى‭ ‬نؤكد‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الهدف‭ ‬هو‭ ‬أمل‭ ‬وأمنية‭ ‬كل‭ ‬مسلم‭ ‬على‭ ‬وجه‭ ‬هذه‭ ‬الأرض،‭ ‬لكن‭ ‬الطريق‭ ‬إليه‭ ‬وتحقيقه‭ ‬لن‭ ‬يكون‭ ‬عبر‭ ‬الأماني‭ ‬والشعارات،‭ ‬بل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العمل‭ ‬الإسلامي‭ ‬المشترك‭ ‬والضاغط‭ ‬والمنظم‭ ‬القادر‭ ‬على‭ ‬الفعل‭ ‬والتأثير‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬وردع‭ ‬المعتدي‭ ‬وإجبار‭ ‬كل‭ ‬المتعاونين‭ ‬والمتعاطفين‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬الإنصاف‭ ‬والحياد،‭ ‬والعمل‭ ‬معا‭ ‬لإعطاء‭ ‬كل‭ ‬ذي‭ ‬حق‭ ‬حقه‭.‬

إلا‭ ‬أن‭ ‬أردوغان‭ ‬ربما‭ ‬ظن‭ ‬في‭ ‬قرارة‭ ‬نفسه‭ ‬أن‭ ‬واشنطن‭ ‬التي‭ ‬تصمت‭ ‬أحيانًا‭ ‬وتتعاطف‭ ‬أحيانا‭ ‬أخرى‭ ‬مع‭ ‬طموحاته‭ ‬وتحركاته‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬وليبيا‭ ‬وغيرها‭ ‬ستظل‭ ‬على‭ ‬نفس‭ ‬الموقف‭ ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بإسرائيل،‭ ‬أو‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬الأخيرة‭ ‬قليلة‭ ‬الحيلة‭ ‬وضعيفة‭ ‬القوة‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬حال‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬يصول‭ ‬ويجول‭ ‬فيها‭.‬