نحن لا نملك أفكارا ولكننا نملك الكثير من الأسئلة

لماذا يجب علينا الحصول على أجوبة؟

| وديعة الوداعي

المقهى‭ ‬شبه‭ ‬فارغ‭ ‬والشمس‭ ‬قبالتي‭ ‬تسطع‭ ‬بشكل‭ ‬جميل‭ ‬جدًا،‭ ‬خيوطها‭ ‬الذهبية‭ ‬باتت‭ ‬تختفي‭ ‬باستحياء‭ ‬وكأنها‭ ‬تعتذر‭ ‬مني،‭ ‬أجلس‭ ‬أنا‭ ‬على‭ ‬مقربة‭ ‬من‭ ‬النافذة‭ ‬وأستمع‭ ‬في‭ ‬ذات‭ ‬الوقت‭ ‬لموسيقى‭ ‬رائعة‭ ‬أريد‭ ‬أن‭ ‬أشتت‭ ‬تفكيري‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مزعج‭ ‬وأن‭ ‬أستسلم‭ ‬لها‭ ‬وللكتابة‭ .. ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬ماذا‭ ‬أكتب‭ ‬حقًا،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬أملك‭ ‬سببًا‭ ‬أو‭ ‬فكرة‭ ‬معينة‭ ‬لكي‭ ‬أكتب‭ .. ‬أعتقد‭ ‬بأنني‭ ‬أحب‭ ‬سماع‭ ‬طقطة‭ ‬أزرار‭ ‬الحاسوب‭. ‬

حقًا‭ ‬أريد‭ ‬الكتابة،‭ ‬ولكن‭ ‬لا‭ ‬أعرف‭ ‬من‭ ‬أين‭ ‬أبدأ‭. ‬

لماذا‭ ‬كل‭ ‬البدايات‭ ‬صعبة؟‭ ‬ولماذا‭ ‬نشعر‭ ‬بأننا‭ ‬مجبرون‭ ‬على‭ ‬البداية‭ ‬من‭ ‬نقطة‭ ‬معينة؟‭ ‬

بدأت‭ ‬هذا‭ ‬المقال؛‭ ‬لأنني‭ ‬أريد‭ ‬البدء‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬تصور‭ ‬واضح‭ ‬لنهايته‭ ‬وربما‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬له‭ ‬نهاية‭ ‬أصلًا‭. ‬يبقى‭ ‬هكذا‭ ‬مفتوحًا؛‭ ‬حتى‭ ‬يتسنى‭ ‬لك‭ ‬أنت‭ ‬أيها‭ ‬القارئ‭ ‬وضع‭ ‬النهاية‭ ‬التي‭ ‬تلائمك‭. ‬

أمسكت‭ ‬بهاتفي‭ ‬لأقوم‭ ‬بإرسال‭ ‬رسالة‭ ‬نصية‭ ‬لصديقتي‭ ‬أخبرها‭ ‬عما‭ ‬أكتب‭ ‬وأنه‭ ‬من‭ ‬دون‭ ‬هدف،‭ ‬فقامت‭ ‬بتشجيعي‭ ‬على‭ ‬المواصلة،‭ ‬ولكني‭ ‬لا‭ ‬أملك‭ ‬فكرة‭ ‬حقًا‭. ‬

لماذا‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬هو‭ ‬موضوع‭ ‬النص؟‭ ‬أنني‭ ‬لا‭ ‬أمتلك‭ ‬فكرة‭ ‬لأكتب،‭ ‬حسنًا‭ ‬وما‭ ‬الفكرة؟‭ ‬ولماذا‭ ‬يجب‭ ‬عليَّ‭ ‬أن‭ ‬أمتلكها؟‭ ‬ولماذا‭ ‬أنا‭ ‬الأن‭ ‬أطرح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسئلة؟‭ ‬

أظن‭ ‬بأنني‭ ‬توصلت‭ ‬لموضوع‭ ‬النص‭ .. ‬الأسئلة‭ ‬أصل‭ ‬كل‭ ‬الأشياء‭ ‬التي‭ ‬حولنا‭ ‬والتي‭ ‬تؤدي‭ ‬لأسئلة‭ ‬غيرها‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أسئلة‭ ‬لا‭ ‬متناهية‭ ‬تجعلنا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬مستمرة‭ ‬من‭ ‬البحث‭ ‬والسعي‭ ‬للوصول‭ ‬لإجابة‭ ‬محددة‭. ‬ولكننا‭ ‬في‭ ‬الحقيقة‭ ‬لا‭ ‬نصل،‭ ‬فكلما‭ ‬ظننا‭ ‬أننا‭ ‬اقتربتنا‭ ‬من‭ ‬الإجابة‭ ‬الوافية‭ ‬والكافية‭ ‬يظهر‭ ‬أمامنا‭ ‬سؤال‭ ‬جديد‭ ‬ينسف‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬بحثنا‭ ‬وكتبنا‭ ‬عنه‭. ‬

الكتابة‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬لفكرة‭ ‬إنها‭ ‬بحاجة‭ ‬إلى‭ ‬سؤال‭ ‬وإجابة‭ ‬هذا‭ ‬السؤال‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬ذاتها،‭ ‬وقد‭ ‬يستمر‭ ‬الأمر‭ ‬بطرح‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭ ‬وربما‭ ‬نصل‭ ‬لطريق‭ ‬مسدود‭ ‬ونشعر‭ ‬بالإحباط؛‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نستطع‭ ‬أن‭ ‬نجاري‭ ‬الشعور‭ ‬الذي‭ ‬بداخلنا‭ ‬لنكتب‭ ‬ولم‭ ‬نرضَ‭ ‬تعطشنا‭ ‬لتلك‭ ‬الأسئلة‭ ‬وأجوبتها‭. ‬

أظن‭ ‬بأنني‭ ‬خرجت‭ ‬عن‭ ‬الهدف‭ ‬الواضح‭ ‬للكتابة‭ ‬وبدأت‭ ‬أتخبط‭ ‬بين‭ ‬أسئلتي‭ ‬وأفكاري،‭ ‬وهذا‭ ‬هو‭ ‬الوضع‭ ‬الطبيعي‭ ‬نحن‭ ‬لا‭ ‬نملك‭ ‬أفكارا،‭ ‬ولكننا‭ ‬نملك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الأسئلة‭. ‬

الخامسة‭ ‬وسبع‭ ‬دقائق‭ ‬بتوقيت‭ ‬الروح‭.‬