علي بحر.. أنقذ سراج المحبة من السقوط ورحل مع سفن العشق

| أسامة الماجد

استذكر‭ ‬أهل‭ ‬البحرين‭ ‬قبل‭ ‬أيام‭ ‬وتحديدا‭ ‬بتاريخ‭ ‬3‭ ‬يوليو،‭ ‬الذكرى‭ ‬التاسعة‭ ‬لوفاة‭ ‬أسطورة‭ ‬الغناء‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬بحر‭ (‬رحمه‭ ‬الله‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬توفي‭ ‬في‭ ‬العام‭ ‬2011؛‭ ‬نتيجة‭ ‬مرض‭ ‬ضيق‭ ‬التنفس،‭ ‬ويومها‭ ‬احتشد‭ ‬مئات‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬داخل‭ ‬البحرين‭ ‬وخارجها‭ ‬بمقبرة‭ ‬المحرق‭ ‬لتشييع‭ ‬الراحل،‭ ‬في‭ ‬مشهد‭ ‬يعبر‭ ‬عن‭ ‬حياة‭ ‬الحزن‭ ‬بكل‭ ‬غناها‭.‬

فمحبة‭ ‬الفنان‭ ‬علي‭ ‬بحر‭ ‬كانت‭ ‬مثل‭ ‬اللغز‭ ‬الكامن‭ ‬في‭ ‬أعماق‭ ‬كل‭ ‬مواطن،‭ ‬وأغانيه‭ ‬كانت‭ ‬بمثابة‭ ‬تيار‭ ‬حياة‭ ‬دافئة،‭ ‬عميقة‭ ‬الجذور،‭ ‬قريبة،‭ ‬عالية‭ ‬الصيحة‭ ‬كأنها‭ ‬النبض‭ ‬في‭ ‬قلبنا‭ ‬والخفقان‭ ‬في‭ ‬وجداننا‭.‬

لأغاني‭ ‬علي‭ ‬بحر‭ ‬وقع‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬النفس،‭ ‬فيها‭ ‬مظهر‭ ‬الحياة‭ ‬والحب،‭ ‬وكأنها‭ ‬الميدان‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬يحتضن‭ ‬الروح‭ ‬وتتغذى‭ ‬منه‭ ‬الإنسانية‭.‬

أغانيه‭ ‬العاطفية،‭ ‬مثل‭: ‬إسدال‭ ‬الشعر‭ ‬الجميل،‭ ‬جلسة‭ ‬مفعمة‭ ‬بالنبل،‭ ‬موجة‭ ‬ذهبية‭ ‬تتناثر‭ ‬مثل‭ ‬الرذاذ،‭ ‬على‭ ‬النار‭ ‬والرمل‭.‬

علي‭ ‬بحر‭ ‬كان‭ ‬يبحث‭ ‬ويسافر‭ ‬عبر‭ ‬صوته‭ ‬في‭ ‬الألحان‭ ‬وأضرحة‭ ‬العشق،‭ ‬ويمسك‭ ‬النجوم‭ ‬ويستمطر‭ ‬بالأغنية‭ ‬شمس‭ ‬الشوق‭.‬

عرفته‭ ‬عن‭ ‬قرب‭ ‬مثل‭ ‬أي‭ ‬بحريني‭ ‬وبحرينية،‭ ‬تشم‭ ‬روح‭ ‬التواضع‭ ‬في‭ ‬شجرته‭ ‬والنخوة‭ ‬القديمة‭ ‬“الأولية‭ ‬الصافية”‭.‬

كان‭ ‬يتقدم‭ ‬أسماء‭ ‬الماشين‭ ‬في‭ ‬كوكبة‭ ‬الحب‭ ‬والتواضع،‭ ‬ولديه‭ ‬سحر‭ ‬عجيب‭ ‬مخفي‭ ‬بداخله‭ ‬من‭ ‬الروعة‭ ‬والبساطة‭. ‬كان‭ ‬فنانا‭ ‬ينقذ‭ ‬سراج‭ ‬المحبة‭ ‬من‭ ‬السقوط‭ ‬ويرحل‭ ‬مع‭ ‬سفن‭ ‬العشق‭.‬

التقط‭ ‬السنابل‭ ‬البريئة‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“البارحة”‭ ‬وأرشق‭ ‬مرآة‭ ‬العشاق‭ ‬بطائر‭ ‬التفاح‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“ترحل‭ ‬يا‭ ‬أغلى‭ ‬الناس”،‭ ‬وعجل‭ ‬بالغروب‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“بسألك‭ ‬بس‭ ‬يا‭ ‬الحبيب”،‭ ‬ورأينا‭ ‬جسد‭ ‬الليل‭ ‬يهرب‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“تلاقينا”،‭ ‬والدموع‭ ‬على‭ ‬الأرصفة‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“يمه‭ ‬وردة”،‭ ‬والتغرب‭ ‬في‭ ‬التيه‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“يا‭ ‬درتي‭ ‬لو‭ ‬ابتعد‭ ‬عنك‭ ‬في‭ ‬أسفاري”،‭ ‬وتبدل‭ ‬لون‭ ‬فستان‭ ‬الأرض‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“روح‭ ‬الله‭ ‬يسامحك‭ ‬روح”،‭ ‬والليل‭ ‬يكبر‭ ‬ويهلل‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“على‭ ‬غفلة‭ ‬وبلا‭ ‬ميعاد”،‭ ‬والخضرة‭ ‬الدائمة‭ ‬في‭ ‬شجرة‭ ‬الحزن‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“غريب‭ ‬الوقت”،‭ ‬والبحر‭ ‬يهرب‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“مات‭ ‬النخل‭ ‬يا‭ ‬عيد”،‭ ‬والحجارة‭ ‬تحكي‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“كم‭ ‬عانيت”،‭ ‬والسفن‭ ‬الغارقة‭ ‬تترقب‭ ‬مرساة‭ ‬النجاة‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“محروم”،‭ ‬وجرح‭ ‬الكلمات‭ ‬النيئة‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“مريت‭ ‬على‭ ‬بابكم”‭ ‬والإنسان‭ ‬محكوم‭ ‬بأحزان‭ ‬السقوط‭ ‬في‭ ‬أغنية‭ ‬“نامت‭ ‬عيون‭ ‬الناس”‭.‬

علي‭ ‬بحر،‭ ‬عين‭ ‬المحبة‭ ‬والعشق‭ ‬في‭ ‬الأوجه‭ ‬القادمة،‭ ‬وآخر‭ ‬وهج‭ ‬العظماء‭ ‬والفرح‭ ‬المتبقي‭.‬