خريجو زمن “كورونا” واستغلال الفرص

| أميرة وليد

في‭ ‬ظل‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬يشهد‭ ‬العالم‭ ‬تغييرا‭ ‬جذريا‭ ‬لم‭ ‬يشهده‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التوظيف،‭ ‬وهذا‭ ‬بالطبع‭ ‬له‭ ‬تأثير‭ ‬كبير‭ ‬على‭ ‬خريجي‭ ‬هذه‭ ‬السنة‭ ‬الاستثنائية،‭ ‬فهناك‭ ‬تقليص‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الوظائف‭ ‬المتاحة‭ ‬أمام‭ ‬فوج‭ ‬خريجي‭ ‬2020،‭ ‬خصوصًا‭ ‬بعد‭ ‬فرض‭ ‬إجراءات‭ ‬الإغلاق‭ ‬الجزئي‭ ‬أو‭ ‬الكامل‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول،‭ ‬ولعل‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬التي‭ ‬شهدت‭ ‬أسوأ‭ ‬تأثير‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬التوظيف‭ ‬بسبب‭ ‬الأزمة‭ ‬هي‭ ‬دول‭ ‬آسيا‭. ‬

من‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتفشى‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬كانت‭ ‬تعاني‭ ‬معظم‭ ‬دول‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬من‭ ‬مشكلة‭ ‬البطالة‭ ‬وقلة‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬أمام‭ ‬الخريجين‭. ‬ومع‭ ‬ظهور‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬كانت‭ ‬الصدمة‭ ‬الأكبر‭ ‬لخريجي‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬فلم‭ ‬يعد‭ ‬أمام‭ ‬هؤلاء‭ ‬الخريجين‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الخيارات‭ ‬التي‭ ‬أتيحت‭ ‬لمن‭ ‬سبقهم،‭ ‬فمعظم‭ ‬القطاعات‭ ‬لا‭ ‬تقبل‭ ‬بزيادة‭ ‬أعداد‭ ‬العاملين‭ ‬فيها‭ ‬وتعمل‭ ‬على‭ ‬تقليص‭ ‬أنشطتها‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التوظيف‭ ‬استجابةً‭ ‬للأزمة،‭ ‬فيتم‭ ‬قبول‭ ‬مجموعة‭ ‬صغيرة‭ ‬من‭ ‬الخريجين‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬قليل‭ ‬من‭ ‬الجامعات،‭ ‬ولجأت‭ ‬غالبية‭ ‬القطاعات‭ ‬لتحويل‭ ‬أنشطتها‭ ‬إلى‭ ‬النشاط‭ ‬الرقمي‭ ‬حتى‭ ‬أصبح‭ ‬العمل‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭ ‬هو‭ (‬شعار‭ ‬المرحلة‭). ‬

وبالطبع،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬قطاعات‭ ‬أكثر‭ ‬تأثرا‭ ‬من‭ ‬غيرها‭ ‬بجائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬كقطاع‭ ‬الفنادق‭ ‬مثلا،‭ ‬وقطاع‭ ‬الطيران‭ ‬وقطاع‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرياضية،‭ ‬وهذا‭ ‬كله‭ ‬ينعكس‭ ‬بدوره‭ ‬بالسلب‭ ‬على‭ ‬المتخرجين‭ ‬من‭ ‬تلك‭ ‬التخصصات‭ ‬كخريجي‭ ‬تخصص‭ ‬السياحة‭ ‬مثلا،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬تخصصات‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬العمل‭ ‬فيها‭ ‬عن‭ ‬بُعد‭.‬

وفي‭ ‬الجانب‭ ‬الآخر،‭ ‬هناك‭ ‬مجموعة‭ ‬محظوظة‭ ‬من‭ ‬الطلبة‭ ‬الخريجين‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬تؤثر‭ ‬عليهم‭ ‬الظروف‭ ‬الراهنة‭ ‬في‭ ‬فرص‭ ‬عملهم،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬العكس‭ ‬فهم‭ ‬المستفيدون‭ ‬الأكبر‭.‬

وهم‭ ‬خريجو‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مجهود‭ ‬بدني‭ ‬أو‭ ‬حضور‭ ‬شخصي‭ ‬إلى‭ ‬أماكن‭ ‬العمل‭. ‬

ومن‭ ‬أمثلتهم‭ ‬خريجو‭ ‬تخصصات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬والخدمات،‭ ‬الذين‭ ‬يمكنهم‭ ‬الالتحاق‭ ‬بالعمل‭ ‬في‭ ‬مواقع‭ ‬إلكترونية‭ ‬كبرى‭ ‬مثل‭ ‬موقع‭ ‬“Zoom”،‭ ‬الذي‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬مساعدة‭ ‬الأشخاص‭ ‬لإنجاز‭ ‬أعمالهم‭ ‬عبر‭ ‬المنزل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مكالمات‭ ‬الفيديو‭. ‬فشركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬القطاعات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬بنشاط‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬عالم‭ ‬يتحول‭ ‬بشكل‭ ‬متزايد‭ ‬إلى‭ ‬النشاط‭ ‬الرقمي‭.‬

ماذا‭ ‬يفعل‭ ‬الخريجون‭ ‬هذا‭ ‬الصيف؟

الاستسلام‭ ‬للظروف‭ ‬الراهنة‭ ‬ليس‭ ‬هو‭ ‬الحل،‭ ‬فهناك‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬طريق‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يسلكه‭ ‬الخريج‭ ‬في‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬فقد‭ ‬يلجأ‭ ‬بعض‭ ‬الخريجين‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ (‬مجانا‭) ‬من‭ ‬دون‭ ‬أجر‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬أنواع‭ ‬التطوع،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬سيحقق‭ ‬لهم‭ ‬الفائدة‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬ما‭ ‬تم‭ ‬دراسته‭ ‬نظريا‭ ‬في‭ ‬الجامعات‭ ‬وتحويله‭ ‬إلى‭ ‬التطبيق‭ ‬العملي،‭ ‬وتلك‭ ‬الخطوة‭ ‬ستنعكس‭ ‬بصورة‭ ‬إيجابية‭ ‬في‭ ‬سيرهم‭ ‬الذاتية‭.‬

ويمكنهم‭ ‬أيضا‭ ‬تعلم‭ ‬المهارات‭ ‬التي‭ ‬يمكن‭ ‬العمل‭ ‬فيها‭ ‬عبر‭ ‬الإنترنت،‭ ‬كالتسويق‭ ‬التجاري‭ ‬ومهارات‭ ‬البرمجة‭ ‬والتصميم‭ ‬للترويج‭ ‬عن‭ ‬خبراتهم‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬دراستهم‭ ‬ولتمرسهم‭ ‬عليه‭ ‬وتحقيق‭ ‬الاستفادة‭ ‬لهم‭ ‬وللمجتمع،‭ ‬حتى‭ ‬إشعار‭ ‬آخر‭ ‬بانقضاء‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭.‬