المحامي محمود ربيع يقدّم إضاءة قانونية عن حكم محكمة التمييز

المدير مسؤول شخصيًّا عن الوفاء بقيمة شيك للشركة بدون رصيد

| محرر الشؤون المحلية

طلبت‭ ‬“البلاد”‭ ‬إضاءة‭ ‬قانونية‭ ‬من‭ ‬المحامي‭ ‬محمود‭ ‬ربيع‭ ‬عن‭ ‬حكم‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬المنشور‭ ‬بعدد‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬خضوع‭ ‬المسؤولين‭ ‬بالشركات‭ ‬للمساءلة‭ ‬والعقاب‭ ‬عند‭ ‬توقيعهم‭ ‬شيكات‭ ‬بلا‭ ‬رصيد،‭ ‬وأن‭ ‬الملاحقة‭ ‬القضائية‭ ‬لا‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬الشركة،‭ ‬وإنما‭ ‬تشمل‭ ‬المديرين‭ ‬متخذي‭ ‬القرار‭. ‬وفيما‭ ‬يلي‭ ‬نص‭ ‬الإضاءة‭:‬

يمكن‭ ‬تعريف‭ ‬الشيك‭ ‬بأنه‭ ‬محرر‭ ‬مكتوب‭ ‬وفق‭ ‬شكل‭ ‬مطبوع‭ ‬على‭ ‬نماذج‭ ‬معينة‭ ‬ويتضمن‭ ‬أمرًا‭ ‬صادرًا‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬هو‭ ‬الساحب‭ ‬إلى‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬يكون‭ ‬معرفًا‭ ‬وهو‭ ‬البنك‭ ‬المسحوب‭ ‬عليه‭ ‬بأن‭ ‬يدفع‭ ‬لشخص‭ ‬ثالث‭ ‬أو‭ ‬لأمره‭ ‬أو‭ ‬لحامل‭ ‬الشيك‭ ‬وهو‭ ‬المستفيد‭ ‬–‭ ‬مبلغًا‭ ‬معيّنًا‭ ‬بمجرد‭ ‬الاطلاع‭ ‬على‭ ‬الشيك‭. ‬

والشيك‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬المادة‭ ‬393‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬هو‭ ‬الشيك‭ ‬المعروف‭ ‬في‭ ‬قانون‭ ‬التجارة‭ ‬بأنه‭ ‬أداة‭ ‬دفع‭ ‬ووفاء‭ ‬يستحق‭ ‬الأداء‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬إصداره‭ ‬ويُغني‭ ‬عن‭ ‬استعمال‭ ‬النقود‭ ‬في‭ ‬المعاملات،‭ ‬وما‭ ‬دام‭ ‬قد‭ ‬استوفى‭ ‬المقومات‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬منه‭ ‬أداة‭ ‬وفاء‭ ‬فإنه‭ ‬لا‭ ‬عبرة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بالبواعث‭ ‬والأسباب‭ ‬التي‭ ‬دفعت‭ ‬إلى‭ ‬إصداره‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تأثير‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬قيام‭ ‬المسئولية‭ ‬الجنائية‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬يستلزم‭ ‬القانون‭ ‬لتوافرها‭ ‬نية‭ ‬خاصة‭.‬

ومن‭ ‬المقرر‭ ‬قانونًا‭ ‬أن‭ ‬تحرير‭ ‬الشيك‭ ‬إنما‭ ‬يكون‭ ‬وفاء‭ ‬لدين‭ ‬سابق‭ ‬مُستحق‭ ‬على‭ ‬الساحب‭ ‬للمستفيد‭ ‬مما‭ ‬يتضمن‭ ‬إثباتًا‭ ‬لهذا‭ ‬الدين‭ ‬بمحرر‭ ‬عرفي‭ ‬مكتوب‭ ‬يستمد‭ ‬حجيته‭ ‬في‭ ‬الإثبات‭ ‬من‭ ‬توقيع‭ ‬الساحب‭ ‬عليه‭ ‬فقط‭ ‬وأن‭ ‬الأصل‭ ‬في‭ ‬الشيك‭ ‬أنه‭ ‬أداة‭ ‬وفاء‭ ‬ويقوم‭ ‬إصداره‭ ‬دليلاً‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬سبب‭ ‬مشروع‭ ‬لتحريره‭ ‬فإذا‭ ‬ادعى‭ ‬محرره‭ ‬غير‭ ‬ذلك‭ ‬كان‭ ‬عليه‭ ‬عبء‭ ‬إثبات‭ ‬ما‭ ‬يدعيه‭. ‬

بما‭ ‬معناه‭ ‬أن‭ ‬الشرط‭ ‬الوحيد‭ ‬لصحة‭ ‬الشيك‭ ‬هو‭ ‬توقيع‭ ‬الساحب‭ ‬عليه،‭ ‬وأن‭ ‬الشيك‭ ‬لا‭ ‬يستلزم‭ ‬ربطه‭ ‬باتفاقية‭ ‬معينة‭ ‬لأن‭ ‬الشيك‭ ‬بحد‭ ‬ذاته‭ ‬يحمل‭ ‬سببًا‭ ‬مشروعًا‭. ‬

وإن‭ ‬جريمة‭ ‬إعطاء‭ ‬شيك‭ ‬بدون‭ ‬رصيد‭ ‬تتحقق‭ - ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬جرى‭ ‬عليه‭ ‬القضاء‭ - ‬بمجرد‭ ‬إعطاء‭ ‬الساحب‭ ‬الشيك‭ ‬إلى‭ ‬المستفيد‭ ‬مع‭ ‬علمه‭ ‬بأنه‭ ‬ليس‭ ‬له‭ ‬مقابل‭ ‬وفاء‭ ‬قابل‭ ‬للسحب،‭ ‬إذ‭ ‬يتم‭ ‬بذلك‭ ‬طرح‭ ‬الشيك‭ ‬فى‭ ‬التداول‭ ‬فتنعطف‭ ‬عليه‭ ‬الحماية‭ ‬القانونية‭ ‬التى‭ ‬أسبغها‭ ‬الشارع‭ ‬بالعقاب‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الجريمة‭ ‬باعتباره‭ ‬أداة‭ ‬وفاء‭ ‬تجرى‭ ‬مجرى‭ ‬النقود‭ ‬فى‭ ‬المعاملات،‭ ‬ولا‭ ‬عبرة‭ ‬بعد‭ ‬ذلك‭ ‬بالأسباب‭ ‬الدافعة‭ ‬لإصدار‭ ‬الشيك‭ ‬لأنها‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬البواعث‭ ‬التى‭ ‬لا‭ ‬تأثير‭ ‬لها‭ ‬فى‭ ‬قيام‭ ‬المسئولية‭ ‬الجنائية‭.‬

‭ ‬وتحقق‭ ‬مسؤولية‭ ‬مديري‭ ‬الشركات‭ ‬أو‭ ‬ملالكها‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بقيمة‭ ‬الشيك‭ ‬المسحوب‭ ‬من‭ ‬حساب‭ ‬الشركة‭ ‬لسببين‭ ‬هما‭:-‬

السبب‭ ‬الأول‭ ‬ما‭ ‬تنص‭ ‬عليه‭ ‬الفقرة‭ (‬2‭) ‬من‭ ‬المادة‭ (‬450‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬التجارة‭ (‬وعلى‭ ‬من‭ ‬سحب‭ ‬الشيك‭ ‬أو‭ ‬أمر‭ ‬غيره‭ ‬بسحبه‭ ‬لحسابه‭ ‬أداء‭ ‬مقابل‭ ‬وفائه‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يكون‭ ‬الساحب‭ ‬لحساب‭ ‬غيره‭ ‬مسئولاً‭ ‬شخصيًّا‭ ‬قبل‭ ‬المظهرين‭ ‬والحامل‭ ‬دون‭ ‬غيرهم‭ ‬عن‭ ‬إيجاد‭ ‬مقابل‭ ‬الوفاء‭).‬

‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬يقوم‭ ‬بسحب‭ ‬–‭ ‬أي‭ ‬بمعنى‭ ‬التوقيع‭ - ‬على‭ ‬شيكات‭ ‬صادرة‭ ‬من‭ ‬حساب‭ ‬الشركة‭ ‬التي‭ ‬يشغل‭ ‬منصب‭ ‬مديرها‭ ‬أو‭ ‬يكون‭ ‬هو‭ ‬المخوّل‭ ‬بالتوقيع‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬وقع‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الشيك‭ ‬يكون‭ ‬مسؤولاً‭ ‬مسؤولية‭ ‬شخصية‭ ‬عن‭ ‬الوفاء‭ ‬بقيمة‭ ‬الشيك‭ ‬وفقًا‭ ‬للمادة‭ ‬أعلاه‭.‬

‭ ‬والسبب‭ ‬الثاني‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬مقرر‭ ‬قانونًا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬المؤسس‭ ‬والشريك‭ ‬أو‭ ‬مالك‭ ‬رأس‭ ‬مال‭ ‬أو‭ ‬مدير‭ ‬الشركة‭ ‬أو‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬الإدارة‭ ‬في‭ ‬شركة‭ ‬المساهمة‭ ‬أو‭ ‬الشركة‭ ‬ذات‭ ‬المسئولية‭ ‬المحدودة‭ ‬أو‭ ‬شركة‭ ‬الشخص‭ ‬الواحد‭ ‬بحسب‭ ‬الأحوال‭ ‬مسؤولاً‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أمواله‭ ‬الخاصة‭ ‬عن‭ ‬أية‭ ‬أضرار‭ ‬تُصيب‭ ‬الشركاء‭ ‬والمساهمين‭ ‬أو‭ ‬الغير‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬معينة‭ ‬عددتها‭ ‬المادة‭ ‬18‭ ‬مكرر‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الشركات‭ ‬التجارية‭ ‬المعدلة‭ ‬بموجب‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬50‭ ‬لسنة‭ ‬2014‭ ‬من‭ ‬أبرز‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬إذا‭ ‬تسبب‭ ‬المدير‭ ‬أو‭ ‬المالك‭ ‬بترتيب‭ ‬التزامات‭ ‬على‭ ‬الشركة‭ ‬رغم‭ ‬علمه‭ ‬المفترض‭ ‬بأن‭ ‬الشركة‭ ‬غير‭ ‬قادرة‭ ‬على‭ ‬أداء‭ ‬تلك‭ ‬الالتزامات‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬ترتيب‭ ‬تلك‭ ‬الالتزامات‭ ‬بسبب‭ ‬إهماله‭ ‬أو‭ ‬خطئه‭ ‬الجسيم‭ ‬أو‭ ‬سوء‭ ‬إدارته‭ ‬بشرط‭ ‬أن‭ ‬يُثبت‭ ‬المتضرر‭ ‬ذلك‭ ‬بأي‭ ‬وسيلة‭ ‬من‭ ‬وسائل‭ ‬الإثبات‭.‬

وأخيرًا‭ ‬وليس‭ ‬آخرًا‭ ‬فإن‭ ‬قضاء‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬جرى‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬ادعاء‭ ‬ساحب‭ ‬الشيك‭ ‬أن‭ ‬المستفيد‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬حمله‭ ‬على‭ ‬إعطاء‭ ‬الشيك‭ ‬رغم‭ ‬علمه‭ ‬بعدم‭ ‬وجود‭ ‬رصيد‭ ‬له‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ - ‬بفرض‭ ‬صحته‭ - ‬لا‭ ‬يحول‭ ‬دون‭ ‬مساءلته‭ ‬عن‭ ‬الجريمه‭ ‬التي‭ ‬ارتكبها‭ (‬الطعن‭ ‬160‭ ‬جنائي‭ ‬لسنة‭ ‬2006‭ ‬–‭ ‬جلسة‭ ‬07‭/‬01‭/‬2007‭ ).‬