دمج الشركات للحد من الخسائر في ظل الجائحة

دعوة لإنشاء هيئة تنظيمية لمزاولة مهنة المقاولات

| أمل الحامد

خرجت‭ ‬ندوة‭ ‬جمعية‭ ‬المقاولين‭ ‬البحرينية‭ ‬بعنوان‭ ‬“أثر‭ ‬جائحة‭ ‬كوورنا‭ (‬كوفيد‭ ‬19‭) ‬على‭ ‬عقود‭ ‬المقاولين”‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬التوصيات‭ ‬أبرزها‭ ‬ضرورة‭ ‬الحاجة‭ ‬لإنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيمية‭ ‬لمزاولة‭ ‬مهنة‭ ‬المقاولات،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬تبعات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وقانونية‭ ‬إمكان‭ ‬دمج‭ ‬شركات‭ ‬المقاولات‭ ‬للمشاريع‭.‬

واستعرض‭ ‬عضو‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬هشام‭ ‬مطر‭ ‬أبرز‭ ‬ما‭ ‬جاء‭ ‬من‭ ‬توصيات‭ ‬بالندوة،‭ ‬هي‭: ‬ضرورة‭ ‬إنشاء‭ ‬هيئة‭ ‬تنظيمية‭ ‬لمزاولة‭ ‬مهنة‭ ‬المقاولات،‭ ‬عمل‭ ‬نموذج‭ ‬عقد‭ ‬أحكام‭ ‬المقاولة‭ ‬بين‭ ‬المتعاقدين،‭ ‬إضافة‭ ‬بند‭ ‬التوجه‭ ‬لحل‭ ‬النزاعات‭ ‬بين‭ ‬المقاولين‭ ‬عبر‭ ‬القنوات‭ ‬البديلة‭ ‬عن‭ ‬التوجه‭ ‬التقليدي‭ ‬للمحاكم‭ ‬كغرفة‭ ‬تسوية‭ ‬المنازعات‭ ‬البحرينية‭ ‬وجمعية‭ ‬المقاولين‭ ‬البحرينية‭ ‬وغرفة‭ ‬تجارة‭ ‬وصناعة‭ ‬البحرين‭ ‬مما‭ ‬يكون‭ ‬أسهل‭ ‬وأسرع‭ ‬وبأقل‭ ‬كلفة‭ ‬عن‭ ‬التوجه‭ ‬التقليدي،‭ ‬خلق‭ ‬فرص‭ ‬أعمال‭ ‬جديدة‭ ‬لتواكب‭ ‬مراحل‭ ‬التطور‭ ‬العمراني‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬المقاولات،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬تبعات‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وقانونية‭ ‬إمكان‭ ‬دمج‭ ‬شركات‭ ‬المقاولات‭ ‬للمشاريع،‭ ‬رؤية‭ ‬جمعية‭ ‬المقاولين‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬ارتقاء‭ ‬قطاع‭ ‬المقاولات‭ ‬على‭ ‬الصعيد‭ ‬المهني‭ ‬والفني‭ ‬والإداري‭.‬

وتناولت‭ ‬الندوة‭ ‬التي‭ ‬أدارها‭ ‬مطر،‭ ‬وقدمها‭ ‬المستشار‭ ‬القانوني‭ ‬والمحكم‭ ‬التجاري‭ ‬الدولي‭ ‬خاطر‭ ‬العبدالله،‭ ‬محورين،‭ ‬أولهما‭ ‬أحكام‭ ‬عقد‭ ‬المناولة،‭ ‬والمحور‭ ‬الثاني‭ ‬التوظيف‭ ‬القانوني‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬وأثره‭ ‬على‭ ‬عقود‭ ‬المقاولات‭.‬

ورأى‭ ‬العبدلله‭ ‬في‭ ‬الندوة‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬ما‭ ‬يمنع‭ ‬في‭ ‬القانون‭ ‬للاندماج‭ ‬بين‭ ‬شركات‭ ‬المقاولات‭ ‬والإنشاءات‭ ‬لتقليل‭ ‬الخسائر‭ ‬وتقليل‭ ‬الكلفة،‭ ‬مؤيدًا‭ ‬التوجه‭ ‬بشدة‭.‬

وذكر‭ ‬أن‭ ‬الجائحة‭ ‬عندما‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬الانتشار‭ ‬تعرضت‭ ‬بعض‭ ‬الأنشطة‭ ‬الاقتصادية‭ ‬للشلل‭ ‬التام‭ ‬وبعضها‭ ‬تأثر‭ ‬وبعضها‭ ‬الآخر‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬يتأثر‭ ‬وبعض‭ ‬القطاعات‭ ‬ربما‭ ‬لاقت‭ ‬رواجًا‭ ‬كالمنتجات‭ ‬الصحية‭ ‬والمنتجات‭ ‬المستخدمة‭ ‬في‭ ‬الوقاية‭ ‬والتعقيم،‭ ‬وقطاع‭ ‬التقنيات‭ ‬والبرمجيات،‭ ‬ولكن‭ ‬تأثرت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬العقود،‭ ‬فما‭ ‬حقوق‭ ‬والتزامات‭ ‬الطرفين‭ ‬في‭ ‬التعاقد،‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي‭ ‬يعد‭ ‬قطاع‭ ‬المقاولات‭ ‬واسعا‭ ‬وحيويا‭ ‬ومهما‭ ‬ويشكل‭ ‬جزءا‭ ‬كبيرا‭ ‬من‭ ‬اقتصادات‭ ‬الدول‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬المدني‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬عرف‭ ‬عقد‭ ‬المقاولة‭ ‬أنه‭ ‬عقد‭ ‬يلتزم‭ ‬بمقتضاه‭ ‬أحد‭ ‬الطرفين‭ (‬المقاول‭) ‬أن‭ ‬يؤدي‭ ‬عملا‭ ‬للطرف‭ ‬الآخر‭ (‬رب‭ ‬العمل‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬مالك‭ ‬الأرض‭ ‬أو‭ ‬الوكيل‭ ‬أو‭ ‬المستثمر‭ ‬أو‭ ‬غيره‭) ‬مقابل‭ ‬عوض‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬تابعًا‭ ‬له‭ ‬أو‭ ‬نائبا‭ ‬عنه‭. ‬وأكد‭ ‬المستشار‭ ‬القانوني‭ ‬أن‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬القطاعات‭ ‬أصيبت‭ ‬بالشلل‭ ‬التام‭ ‬بسبب‭ ‬الجائحة،‭ ‬منها‭ ‬عقود‭ ‬المقاولات‭ ‬التي‭ ‬تأثرت‭ ‬بعضها‭ ‬نتيجة‭ ‬الحجر‭ ‬الصحي‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬الوقائية،‭ ‬وعدم‭ ‬التمكن‭ ‬من‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬العمل‭ ‬والتباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬بين‭ ‬العمال،‭ ‬مؤكدًا‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬لم‭ ‬يحدد‭ ‬جائحة‭ ‬بعينها‭ ‬أو‭ ‬ضرر‭ ‬بعينه‭ ‬وإنما‭ ‬ذكر‭ ‬قوانين‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬نستخلص‭ ‬منها‭ ‬أثر‭ ‬الجائحة‭ ‬على‭ ‬العقود‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬عقد‭ ‬المقاولة‭ ‬ملزم‭ ‬للطرفين،‭ ‬ونصت‭ ‬المادة‭ ‬128‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬المدني‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬العقد‭ ‬شريعة‭ ‬المتعاقدين‭ ‬فلا‭ ‬يجوز‭ ‬لأحدهما‭ ‬أن‭ ‬يستقل‭ ‬في‭ ‬نقضه‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تعديل‭ ‬أحكامه‭ ‬إلا‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬ما‭ ‬يسمح‭ ‬به‭ ‬الاتفاق‭ ‬أو‭ ‬القانون،‭ ‬ومتى‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬العقد‭ ‬صحيحًا‭ ‬فهو‭ ‬ملزم‭ ‬للطرفين‭.‬

وذكر‭ ‬وجود‭ ‬استثناءات‭ ‬لقاعدة‭ ‬شريعة‭ ‬المتعاقدين،‭ ‬فقد‭ ‬نصت‭ ‬المادة‭ ‬130‭ ‬إذا‭ ‬طرأت‭ ‬على‭ ‬العقد‭ ‬وقبل‭ ‬تمام‭ ‬تنفيذه‭ ‬ظروف‭ ‬استثنائية‭ ‬عامة‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬الوسع‭ ‬توقعها‭ ‬عند‭ ‬إبرامه‭ ‬وترتب‭ ‬على‭ ‬حدوثها‭ ‬أن‭ ‬تنفيذ‭ ‬الالتزام‭ ‬أصبح‭ ‬مرهقًا‭ ‬أو‭ ‬يهدد‭ ‬بخسارة‭ ‬كبيرة‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬مستحيلا‭ ‬تنفيذ‭ ‬الالتزام‭ ‬فإنه‭ ‬يجوز‭ ‬للقاضي‭ ‬بعد‭ ‬الموازنة‭ ‬بين‭ ‬مصلحة‭ ‬الطرفين‭ ‬أن‭ ‬يرد‭ ‬الالتزام‭ ‬المرهق‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬المعقول‭ ‬بأن‭ ‬يضيق‭ ‬مداه‭ ‬أو‭ ‬يزيد‭ ‬مقابله‭ ‬المادي‭.‬

ولفت‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬استحالة‭ ‬تنفيذ‭ ‬الالتزام‭ ‬فإن‭ ‬العقد‭ ‬ينتهي‭ ‬وتنقضي‭ ‬الالتزامات‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬طرف،‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬الاستحالة‭ ‬جزئية‭ ‬وكان‭ ‬بالإمكان‭ ‬تنفيذه‭ ‬جزئيًا‭ ‬فيتم‭ ‬قبول‭ ‬تنفيذه‭ ‬جزئيًا،‭ ‬كذلك‭ ‬نصت‭ ‬المادة‭ ‬608‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬المدني‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬تنتهي‭ ‬المقاولة‭ ‬باستحالة‭ ‬تنفيذ‭ ‬العمل‭ ‬المعقود‭ ‬عليه‭ ‬بسبب‭ ‬لا‭ ‬يد‭ ‬لأحد‭ ‬الطرفين‭ ‬فيه،‭ ‬وعندئذ‭ ‬يكون‭ ‬للمقاول‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬مطالبة‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬فيما‭ ‬أنفقه‭ ‬وبما‭ ‬يستحقه‭ ‬من‭ ‬أجر‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬ما‭ ‬عاد‭ ‬من‭ ‬منفعة‭ ‬على‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬القضاء‭ ‬والفقه‭ ‬الدولي‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أجمعوا‭ ‬على‭ ‬شروط‭ ‬القوة‭ ‬القاهرة‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬تنفيذ‭ ‬العقد‭ ‬مستحيلا،‭ ‬هي‭ ‬3‭ ‬شروط‭: ‬عدم‭ ‬توقع‭ ‬الحادث،‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬رده‭ ‬أو‭ ‬التحرز‭ ‬منه‭ ‬وعدم‭ ‬صدور‭ ‬أي‭ ‬خطأ‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬المدين،‭ ‬وإذا‭ ‬تحققت‭ ‬هذه‭ ‬الحالات‭ ‬الثلاث‭ ‬فتكون‭ ‬هناك‭ ‬استحالة‭ ‬في‭ ‬تنفيذ‭ ‬الالتزام‭ ‬والعقد‭ ‬وبالتالي‭ ‬ينتهي‭ ‬العقد‭.‬

وأضاف‭ ‬أن‭ ‬كورونا‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متوقعا‭ ‬وحدث‭ ‬بشكل‭ ‬مفاجئ‭ ‬واجتاح‭ ‬العالم‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬قياسي،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬التحرز‭ ‬منه‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬العالم‭ ‬يعمل‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬لقاح‭ ‬لمنع‭ ‬تفشي‭ ‬الجائحة‭.‬

وذكر‭ ‬أن‭ ‬القضاء‭ ‬والفقه‭ ‬الدولي‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬أجمع‭ ‬أيضا‭ ‬على‭ ‬شروط‭ ‬الظروف‭ ‬الطارئة‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬تنفيذ‭ ‬العقد‭ ‬مرهقًا‭ ‬ومفلسًا‭ ‬للطرفين،‭ ‬لا‭ ‬يستحيل‭ ‬التنفيذ‭ ‬ولكن‭ ‬هنالك‭ ‬صعوبة‭ ‬وإرهاق‭ ‬وزيادة‭ ‬في‭ ‬المدة‭ ‬أو‭ ‬الزيارة‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬المالي،‭ ‬أولا‭ ‬عدم‭ ‬توقع‭ ‬الحادث،‭ ‬يمكن‭ ‬رد‭ ‬الحادث‭ ‬بعد‭ ‬حدوثه،‭ ‬مشيرًا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الجائحة‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تعامل‭ ‬كقوة‭ ‬قاهرة‭ ‬تستحيل‭ ‬التنفيذ‭ ‬وإنما‭ ‬يمكن‭ ‬تنفيذ‭ ‬العقد‭ ‬بصعوبة‭ ‬وخسارة‭ ‬يتحملها‭ ‬الطرفان‭ ‬كزيادة‭ ‬عبء‭.‬

ونصح‭ ‬العبدلله‭ ‬المقاولين‭ ‬مستقبلا‭ ‬عند‭ ‬توقيع‭ ‬عقد‭ ‬المقاولات‭ ‬بإدراج‭ ‬شرط‭ ‬التحكيم‭ ‬في‭ ‬العقود‭ ‬لما‭ ‬يتميز‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬خصائص‭ ‬السرعة‭ ‬والسرية‭ ‬والمرونة‭ ‬والحفاظ‭ ‬على‭ ‬العلاقة‭ ‬الودية‭ ‬بين‭ ‬الطرفين‭.‬