الإشكالية ازدادت تعقيدًا مع انتشار “كورونا” و”الترحيل” ليس هينًا

هل تنجح فكرة “صندوق ادخار الأجانب”؟

| محرر الشؤون المحلية

ليس‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي،‭ ‬تتصاعد‭ ‬مخاطر‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬اجتماعات،‭ ‬سياسية‭ ‬واقتصادية‭ ‬واجتماعية‭ ‬أيضًا،‭ ‬فتعداد‭ ‬تلك‭ ‬العمالة‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬25‭ ‬مليون‭ ‬شخص‭ ‬مع‭ ‬ذويهم،‭ ‬ومع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أصوات‭ ‬تطالب‭ ‬بترحيل‭ ‬تلك‭ ‬العمالة‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية‭ ‬أو‭ ‬إعادة‭ ‬تنظيم‭ ‬الاستقدام،‭ ‬ازدادت‭ ‬الإشكالية‭ ‬تعقيدًا‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬كوفيد‭ ‬19،‭ ‬وتبين‭ ‬أن‭ ‬ترحيل‭ ‬العمالة‭ ‬لاسيما‭ ‬الآسيوية‭ ‬ليس‭ ‬بالأمر‭ ‬الهين،‭ ‬ويبدو‭ ‬الجزء‭ ‬الأصعب‭ ‬منه‭ ‬سياسيًا،‭ ‬فدولهم‭ ‬ترفض‭ ‬إعادتهم‭ ‬ولو‭ ‬خلال‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬على‭ ‬الأقل‭.‬

وفي‭ ‬البحرين،‭ ‬يزيد‭ ‬تعداد‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬على‭ ‬600‭ ‬ألف‭ ‬نسمة،‭ ‬فيما‭ ‬تبلغ‭ ‬العمالة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬60‭ ‬ألف‭ ‬عامل،‭ ‬وبالطبع،‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المعضلات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬المحدود،‭ ‬والذي‭ ‬لا‭ ‬يستوعب‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الهائل،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬تواجه‭ ‬أرباب‭ ‬العمل‭ ‬مع‭ ‬هؤلاء‭ ‬العمال،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬الهروب‭ ‬انتهاءً‭ ‬عند‭ ‬ارتكابهم‭ ‬الجرائم‭ ‬والجنح،‭ ‬وبرزت‭ ‬مخاوف‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬مع‭ ‬انتشار‭ ‬“كورونا”‭ ‬ووجود‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬الهائل‭ ‬الذي‭ ‬توقف‭ ‬الآلاف‭ ‬منهم‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬وأصبحوا‭ ‬بلا‭ ‬لقمة‭ ‬عيش،‭ ‬مما‭ ‬أطلق‭ ‬بعض‭ ‬المحاولات‭ ‬“الترقيعية”،‭ ‬ومنها‭ ‬تصحيح‭ ‬أوضاع‭ ‬العمالة‭ ‬المخالفة‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬الآثار‭ ‬السلبية‭ ‬“الإنسانية‭ ‬والاقتصادية”‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الاستثنائية‭ ‬للجائحة‭.‬

إذن،‭ ‬الترحيل‭ ‬ليس‭ ‬أمرًا‭ ‬هينًا‭ ‬بجرة‭ ‬قلم‭! ‬يتطلب‭ ‬الأمر‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬التخطيط‭ ‬والاستعداد‭ ‬مسنودًا‭ ‬بأنظمة‭ ‬وتشريعات،‭ ‬ومن‭ ‬بين‭ ‬تلك‭ ‬الأفكار‭ ‬ما‭ ‬طرحه‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬النواب،‭ ‬وهم‭: ‬عمار‭ ‬قمبر،‭ ‬محمد‭ ‬العباسي،‭ ‬حمد‭ ‬الكوهجي،‭ ‬علي‭ ‬إسحاقي‭ ‬وأحمد‭ ‬العامر،‭ ‬كاقتراح‭ ‬برغبة‭ ‬بشأن‭ ‬إنشاء‭ ‬صندوق‭ ‬ادخار‭ ‬يمول‭ ‬من‭ ‬اقتطاعات‭ ‬أجور‭ ‬الأجانب‭ ‬وكضمان‭ ‬لتغطية‭ ‬نفقات‭ ‬ترحيلهم،‭ ‬والفكرة‭ ‬ببساطة‭ ‬هي‭ ‬اقتطاع‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬أجور‭ ‬العمالة،‭ ‬وتغطية‭ ‬نفقات‭ ‬عودتهم‭ ‬إلى‭ ‬بلدانهم،‭ ‬ومن‭ ‬ثم،‭ ‬يتم‭ ‬إعادة‭ ‬المبالغ‭ ‬المتبقية‭ ‬من‭ ‬مجموع‭ ‬المبالغ‭ ‬المقتطعة‭ ‬بعد‭ ‬خصم‭ ‬نفقات‭ ‬عودتهم‭.‬

هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬سيوفر‭ ‬فرصة‭ ‬كبيرة‭ ‬للعمال‭ ‬الأجانب‭ ‬لتوفير‭ ‬مبالغ‭ ‬من‭ ‬المال،‭ ‬وذلك‭ ‬لتأمين‭ ‬عودتهم‭ ‬إلى‭ ‬بلادهم،‭ ‬علاوة‭ ‬على‭ ‬المبالغ‭ ‬الإضافية‭ ‬التي‭ ‬سيحصلون‭ ‬عليها‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬استثمار‭ ‬الدولة‭ ‬لأموال‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الصندوق‭ ‬سيضمن‭ ‬لصالح‭ ‬العمل‭ ‬عدم‭ ‬تحمل‭ ‬نفقات‭ ‬ترحيل‭ ‬العمال‭ ‬الذي‭ ‬يعملون‭ ‬لديه،‭ ‬خصوصًا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬مخالفتهم‭ ‬شروط‭ ‬تصريح‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬هروبهم‭ ‬أو‭ ‬غيرها‭ ‬من‭ ‬المخالفات،‭ ‬وسيكون‭ ‬أحد‭ ‬إيرادات‭ ‬الدولة،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬ريع‭ ‬استثماره‭ ‬سينصب‭ ‬في‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬منح‭ ‬المشتركين‭ ‬جزءًا‭ ‬من‭ ‬أرباح‭ ‬هذه‭ ‬الاستثمارات‭.‬

وتتفاوت‭ ‬الآراء‭ ‬بشأن‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬استقدام‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬وترحيلها‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأصوات‭ ‬ترى‭ ‬أنه‭ ‬من‭ ‬الأهمية‭ ‬بمكان‭ ‬دراسة‭ ‬كافة‭ ‬الجوانب‭ ‬المتعلقة‭ ‬بهذه‭ ‬العمالة‭ ‬في‭ ‬غمرة‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬واستخلاص،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬الدروس‭ ‬والعبر‭ ‬من‭ ‬إغراق‭ ‬البلد‭ ‬بتلك‭ ‬العمالة،‭ ‬بل‭ ‬بكيفية‭ ‬إيجاد‭ ‬الآليات‭ ‬التي‭ ‬تنظم‭ ‬الاستقدام‭ ‬من‭ ‬جهة،‭ ‬وإنهاء‭ ‬العقود‭ ‬والترحيل‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬وبينهما،‭ ‬كيفية‭ ‬إيجاد‭ ‬كوادر‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية‭ ‬لتطبيق‭ ‬“الانحلال‭ ‬والإحلال”‭ ‬ضمن‭ ‬قائمة‭ ‬وظائف‭ ‬ومهن‭ ‬مناسبة‭.‬