المحامي ربيع يقدم إضاءة قانونية عن حكم محكمة التمييز

ارتكاب المصاب بحادث خطأ يخفض مبلغ تعويضه وقد يلغيه

| محرر الشؤون المحلية

طلبت‭ ‬“البلاد”‭ ‬من‭ ‬المحامي‭ ‬محمود‭ ‬ربيع‭ ‬إضاءة‭ ‬قانونية‭ ‬عن‭ ‬حيثيات‭ ‬حكم‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬بشأن‭ ‬المساهمة‭ ‬والاشتراك‭ ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬لخفض‭ ‬مبلغ‭ ‬التعويض،‭ ‬والاستغراق‭ ‬الذي‭ ‬يلغي‭ ‬الحق‭ ‬في‭ ‬التعويض‭. ‬وكتب‭ ‬ربيع‭ ‬ما‭ ‬يأتي‭:‬

الأصل‭ ‬في‭ ‬مسؤولية‭ ‬سائق‭ ‬السيارة‭ ‬المتسبب‭ ‬في‭ ‬الحادث‭ ‬هو‭ ‬تعويض‭ ‬المصاب‭ ‬أو‭ ‬المضرور‭ ‬وذلك‭ ‬بأن‭ ‬يلتزم‭ ‬بسداد‭ ‬مبلغ‭ ‬مالي‭ ‬على‭ ‬سبيل‭ ‬جبر‭ ‬الأضرار‭ ‬الجسدية‭ ‬والنفسية‭ ‬التي‭ ‬أصابت‭ ‬الأخير،‭ ‬ويُقدر‭ ‬هذا‭ ‬التعويض‭ ‬حسب‭ ‬ما‭ ‬أُصيب‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬إصابات‭ ‬نالت‭ ‬من‭ ‬جسده‭ ‬وبمراعاة‭ ‬مكان‭ ‬الإصابة،‭ ‬فالاصابة‭ ‬التي‭ ‬تُحدث‭ ‬تشوياً‭ ‬في‭ ‬وجه‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬الإصابة‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬آخر‭ ‬من‭ ‬جسم،‭ ‬وتقدر‭ ‬كذلك‭ ‬بمدى‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬حياته‭ ‬المهنية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬العمر،‭ ‬وذلك‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تقوم‭ ‬اللجان‭ ‬الطبية‭ ‬بتحديد‭ ‬نسبة‭ ‬العجز‭ ‬وفق‭ ‬قواعد‭ ‬ومعايير‭ ‬متعارف‭ ‬عليها‭.‬

وغنيّ‭ ‬عن‭ ‬البيان‭ ‬أن‭ ‬مسؤولية‭ ‬سداد‭ ‬مبلغ‭ ‬التعويض‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬شركة‭ ‬التأمين‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬المتسبب‭ ‬في‭ ‬الحادث‭ ‬مرتبط‭ ‬معها‭ ‬بوثيقة‭ ‬تأمين‭ ‬سارية‭ ‬المفعول‭ ‬ونصت‭ ‬في‭ ‬أحكامها‭ ‬وشروطها‭ ‬على‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬الحادث‭ ‬وفق‭ ‬ظروف‭ ‬وأسباب‭ ‬حدوثه‭.‬

ولكن‭ ‬في‭ ‬حالات‭ ‬أخرى‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬ثمة‭ ‬خطأ‭ ‬من‭ ‬المصاب‭ ‬أو‭ ‬خطأ‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬ثالث‭ ‬حينئذ‭ ‬يكون‭ ‬هناك‭ ‬تشارك‭ ‬أو‭ - ‬مساهمة‭ - ‬في‭ ‬الخطأ‭ ‬ويكون‭ ‬الجميع‭ ‬مسؤولين‭ ‬عن‭ ‬التعويض‭ ‬كل‭ ‬بقدر‭ ‬مساهمته‭ ‬في‭ ‬وقوع‭ ‬الضرر‭ ‬وذلك‭ ‬يكون،‭ ‬حيث‭ ‬يرتكب‭ ‬المضرور‭ ‬أو‭ ‬المصاب‭ ‬من‭ ‬الحادث‭ ‬خطأ،‭ ‬إضافة‭ ‬الى‭ ‬توافر‭ ‬خطأ‭ ‬السائق‭ ‬كأن‭ ‬يكون‭ ‬المضرور‭ ‬قد‭ ‬دخل‭ ‬الشارع‭ ‬دون‭ ‬انتباه‭ ‬او‭ ‬مراعاة‭ ‬لمرور‭ ‬السيارات‭ ‬أو‭ ‬كان‭ ‬يسير‭ ‬في‭ ‬نهر‭ ‬الطريق‭ ‬بدراجته‭ ‬الهوائية‭ ‬وكان‭ ‬سائق‭ ‬السيارة‭ ‬المتسبب‭ ‬في‭ ‬الحادث‭ ‬مسرعا‭ ‬أو‭ ‬متجاوزا‭ ‬الإشارة‭ ‬الحمراء،‭ ‬ففي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬يتحمل‭ ‬المتضرر‭ ‬خطأه‭ ‬ويتم‭ ‬استنزال‭ ‬مبلغ‭ ‬التعويض‭ ‬من‭ ‬عاتق‭ ‬المتسبب‭ ‬في‭ ‬الحادث‭ ‬نسبة‭ ‬وتناسبا‭ ‬كلاً‭ ‬حسب‭ ‬مساهمته‭ ‬في‭ ‬وقوع‭ ‬الحادث‭ ‬حسب‭ ‬ملابسات‭ ‬الحال‭ ‬وظروف‭ ‬المرور‭ ‬وزمانه‭ ‬ومكانه،‭ ‬وأن‭ ‬تقدير‭ ‬ذلك‭ ‬كله‭ ‬من‭ ‬متروك‭ ‬لمحكمة‭ ‬الموضوع‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تستظهر‭ ‬سلوك‭ ‬المخطئ‭ ‬أثناء‭ ‬قيادة‭ ‬السيارة‭ ‬وتُقدر‭ ‬موقف‭ ‬المضرور‭ ‬وكيفية‭ ‬عبوره‭ ‬الطريق‭ ‬بيان‭ ‬مدى‭ ‬قدرة‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬وقع‭ ‬فيها‭ ‬الحادث‭ ‬على‭ ‬تلافي‭ ‬إصابة‭ ‬الثاني‭.‬

وقد‭ ‬يكون‭ ‬المساهم‭ ‬شخص‭ ‬ثالث‭ ‬شارك‭ ‬في‭ ‬حدوث‭ ‬الضرر‭ ‬بتخليه‭ ‬عن‭ ‬مسؤوليته‭ ‬كأن‭ ‬يكون‭ ‬المضرور‭ ‬طفلا‭ ‬غير‭ ‬مميز‭ ‬ولم‭ ‬يُراعِ‭ ‬والديه‭ ‬الحيطة‭ ‬والحذر‭ ‬في‭ ‬مراقبته‭ ‬أثناء‭ ‬وجوده‭ ‬في‭ ‬الشارع‭ ‬بتركه‭ ‬يلهو‭ ‬ويلعب‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مراقبة‭ ‬او‭ ‬رعاية،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬القاعدة‭ ‬أن‭ ‬تعدد‭ ‬الأخطاء‭ ‬الموجبة‭ ‬لوقوع‭ ‬الحادث‭ ‬يوجب‭ ‬مساءلة‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬أسهم‭ ‬فيها‭ ‬أيا‭ ‬كان‭ ‬قدر‭ ‬الخطأ‭ ‬المنسوب‭ ‬إليه‭.‬

‭ ‬ويحدث‭ ‬أحيانا‭ ‬أن‭ ‬يصل‭ ‬خطأ‭ ‬المصاب‭ ‬أو‭ ‬المتضرر‭ ‬من‭ ‬الحادث‭ ‬إلى‭ ‬الدرجة‭ ‬التي‭ ‬تجعله‭ ‬كافياً‭ ‬بذاته‭ ‬لأحداث‭ ‬النتيجة،‭ ‬ولا‭ ‬يكون‭ ‬لخطأ‭ ‬سائق‭ ‬السيارة‭ ‬بجواره‭ ‬أي‭ ‬أثر،‭ ‬وفي‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬لا‭ ‬يكون‭ ‬المتسبب‭ ‬في‭ ‬الحادث‭ ‬–‭ ‬السائق–‭ ‬مسؤول‭ ‬عن‭ ‬دفع‭ ‬أي‭ ‬تعويض‭ ‬وذلك‭ ‬مثلا‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬ملتزما‭ ‬بكافة‭ ‬الضوابط‭ ‬المقررة،‭ ‬فلم‭ ‬يكن‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬سكر،‭ ‬وكانت‭ ‬سيارة‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬مسارها‭ ‬الصحيح‭ ‬والمباح‭ ‬وبسرعة‭ ‬تقل‭ ‬عن‭ ‬سرعة‭ ‬الشارع‭ ‬المسموح‭ ‬بها،‭ ‬ولم‭ ‬يصدر‭ ‬أي‭ ‬إهمال‭ ‬أو‭ ‬طيش‭ ‬من‭ ‬قبله‭ ‬أو‭ ‬مخالفة‭ ‬لقوانين‭ ‬السير‭ ‬والمرور،‭ ‬وإنما‭ ‬كل‭ ‬الخطأ‭ ‬كان‭ ‬صادر‭ ‬من‭ ‬المضرور‭ ‬من‭ ‬الحادث‭ ‬كأن‭ ‬كان‭ ‬يجري‭ ‬في‭ ‬شارع‭ ‬رئيس‭ ‬حيوي‭ ‬تكثر‭ ‬فيه‭ ‬حركة‭ ‬السيارات‭ ‬دون‭ ‬اتخاذه‭ ‬العناية،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬مكان‭ ‬عبوره‭ ‬مكان‭ ‬غير‭ ‬مخصص‭ ‬لعبور‭ ‬المشاة‭ ‬أو‭ ‬دخل‭ ‬الشارع‭ ‬بشكل‭ ‬عرضي‭ ‬ومفاجئ‭ ‬ودون‭ ‬أن‭ ‬يلاحظ‭ ‬السيارة،‭ ‬وهي‭ ‬مقبلة‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬اصطدامها‭ ‬به،‭ ‬فعندئذ‭ ‬يكون‭ ‬السائق‭ ‬معفي‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬تعويض؛‭ ‬لكون‭ ‬خطأ‭ ‬المتضرر‭ ‬وصل‭ ‬حد‭ ‬الكفاية‭ ‬و‭ ‬–‭ ‬استغرق‭ ‬–‭ ‬خطأ‭ ‬سائق‭ ‬السيارة‭.‬