استغلال عملية “الفرز” للتحايل وتصغير المساحات

هل وصلت قضية تقسيم الأراضي لطريق مسدود؟

| علي الفردان

مطلوب‭ ‬معايير‭ ‬واضحة‭ ‬لتلافي‭ ‬الضغط‭ ‬على‭ ‬الخدمات دعوة‭ ‬لفرض‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬على‭ ‬ملاك‭ ‬المخططات‭ ‬أسوة‭ ‬بـ‭ ‬“الجوار” ‭ ‬ارتفاع‭ ‬نسب‭ ‬استقطاع‭ ‬المخططات‭ ‬40‭ % ‬يشجع‭ ‬التلاعب طريقة‭ ‬“الفرز”‭ ‬جاءت‭ ‬لحل‭ ‬قضايا‭ ‬الورثة‭ ‬أو‭ ‬الشركاء‭ ‬المختلفين

 

على‭ ‬خلفية‭ ‬ما‭ ‬أثير‭ ‬عن‭ ‬تجميد‭ ‬“فرز”‭ ‬الأراضي‭ ‬أو‭ ‬تقسيمها‭ ‬عبر‭ ‬المحاكم،‭ ‬رأى‭ ‬عقاريون‭ ‬بحرينيون‭ ‬أنه‭ ‬ينبغي‭ ‬على‭ ‬إدارة‭ ‬التخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬تطبيق‭ ‬معايير‭ ‬واضحة‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتصنيف‭ ‬المخططات‭ ‬الجديدة،‭ ‬خصوصا‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بتصنيف‭ ‬“RHA”،‭ ‬الذي‭ ‬يتيح‭ ‬أراضي‭ ‬بمساحات‭ ‬صغيرة‭ ‬حتى‭ ‬160‭ ‬متراً‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف،‭ ‬وقد‭ ‬أقر‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬عدة‭ ‬ضمن‭ ‬مساعي‭ ‬زيادة‭ ‬المعروض‭ ‬الذي‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬مستوى‭ ‬دخل‭ ‬البحرينيين‭.‬

وعملية‭ ‬“الفرز”‭ ‬هي‭ ‬أن‭ ‬يقوم‭ ‬شخصان‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬يمتلكان‭ ‬قطعة‭ ‬أرض‭ ‬بتقديم‭ ‬طلب‭ ‬لهيئة‭ ‬“الفرز”‭ ‬أو‭ ‬دعوى‭ ‬للمحكمة‭ ‬لتقسيم‭ ‬الأرض‭ ‬بين‭ ‬المتخاصمين،‭ ‬إذ‭ ‬تستقبل‭ ‬لجنة‭ ‬“فرز”‭ ‬مكونة‭ ‬من‭ ‬ممثلين‭ ‬من‭ ‬جهات‭ ‬حكومية‭ ‬خدمية‭ ‬مثل‭ ‬التخطيط‭ ‬والأشغال‭ ‬والكهرباء‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬الطلب،‭ ‬ثم‭ ‬تقسيم‭ ‬الأرض‭ ‬وتسجيلها‭.‬

وتنظر‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬القضية‭ ‬على‭ ‬أنها‭ ‬قضية‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬شركاء،‭ ‬لكن‭ ‬غالبية‭ ‬القضايا‭ ‬التي‭ ‬ترد‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬تستخدم‭ ‬كوسيلة‭ ‬للتحايل‭ ‬أو‭ ‬الالتفاف‭ ‬لتقسيم‭ ‬الأراضي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مستثمرين‭ ‬أو‭ ‬ملاك‭.‬

ووضعت‭ ‬هذه‭ ‬الطريقة‭ ‬بالأساس‭ ‬للورثة‭ ‬أو‭ ‬الشركاء‭ ‬في‭ ‬الأراضي،‭ ‬غير‭ ‬المتفقين‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬تقسيم‭ ‬الأرض‭ ‬بينهم،‭ ‬ولكن‭ ‬لجأ‭ ‬بعض‭ ‬المواطنين‭ ‬والمستثمرين‭ ‬لهذه‭ ‬الطريقة‭ ‬كبوابة‭ ‬خلفية‭ ‬للالتفاف‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬تصنيف‭ ‬الأراضي‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يسمح‭ ‬في‭ ‬الماضي‭ ‬بإصدار‭ ‬مخططات‭ ‬بمساحات‭ ‬أراضي‭ ‬صغيرة‭ ‬نسبيا‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬ارتفاع‭ ‬أسعار‭ ‬العقارات‭ ‬خلال‭ ‬العقدين‭ ‬الأخرين‭.‬

وفي‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬عملت‭ ‬الحكومة‭ ‬على‭ ‬معالجة‭ ‬هذا‭ ‬الخلل‭ ‬بطرح‭ ‬تصانيف‭ ‬جديدة‭ ‬تلبي‭ ‬متطلبات‭ ‬المرحلة‭ ‬ومن‭ ‬بينها‭ ‬تصنيف‭ ‬RHA‭ ‬والذي‭ ‬سمح‭ ‬نظريا‭ ‬بوجود‭ ‬مساحات‭ ‬صغيرة‭ ‬وهو‭ ‬يشكل‭ ‬استجابة‭ ‬للسوق‭ ‬ويساعد‭ ‬ملاك‭ ‬الأراضي‭ ‬على‭ ‬تسويق‭ ‬المعروض‭ ‬لديهم‭ ‬لشريحة‭ ‬واسعة‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬بحيث‭ ‬تكون‭ ‬هناك‭ ‬أراضي‭ ‬في‭ ‬حدود‭ ‬200‭ ‬متر‭ ‬مربع،‭ ‬وهي‭ ‬مساحات‭ ‬مناسبة‭ ‬لمعظم‭ ‬البحرينيين‭ ‬ذوي‭ ‬الدخل‭ ‬المحدود‭ ‬حالياً‭.‬

توفير‭ ‬بنية‭ ‬تحتية‭ ‬للقسائم‭ ‬صغيرة‭ ‬المساحة

ولكن‭ ‬كان‭ ‬هناك‭ ‬شروط‭ ‬للحكومة‭ ‬بأن‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للقسائم‭ ‬الصغيرة‭ ‬المساحة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬ملاك‭ ‬المخطط‭ ‬بحيث‭ ‬يتم‭ ‬توفير‭ ‬خدمات‭ ‬جاهزة‭ ‬مثل‭ ‬الشوارع‭ ‬والكهرباء‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬لم‭ ‬يطبق‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬دائما،‭ ‬إذ‭ ‬لم‭ ‬يطبيق‭ ‬وضع‭ ‬هذا‭ ‬التصنيف‭ ‬كما‭ ‬ينبغي‭ ‬له‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬بحسب‭ ‬ما‭ ‬يرى‭ ‬عقاريون‭ ‬وسط‭ ‬غياب‭ ‬الوضوح‭.‬

وخلال‭ ‬هذه‭ ‬الفترة‭ ‬رفعت‭ ‬إدارة‭ ‬التخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬نسبة‭ ‬الاستقطاعات‭ ‬في‭ ‬المخططات‭ ‬الجديدة‭ ‬والتي‭ ‬يتم‭ ‬بموجبها‭ ‬استقطاع‭ ‬نسبة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬المرافق‭ ‬والخدمات‭ ‬لنحو‭ ‬40‭ % ‬مقارنة‭ ‬مع‭ ‬25‭ % ‬في‭ ‬السنوات‭ ‬الماضية،‭ ‬حيث‭ ‬تم‭ ‬فرض‭ ‬شروط‭ ‬جديدة‭ ‬وزيادة‭ ‬أعراض‭ ‬الشوارع‭ ‬من‭ ‬12‭.‬5‭ ‬متر‭ ‬سابق‭ ‬حتى‭ ‬15‭ ‬مترا‭ ‬وفي‭ ‬الفترة‭ ‬الأخيرة‭ ‬20‭ ‬مترا‭.‬

ومقابل‭ ‬جميع‭ ‬هذه‭ ‬الاشتراطات‭ ‬والالتزامات‭ ‬المتزايدة‭ ‬على‭ ‬أصحاب‭ ‬المخططات‭ ‬وملاك‭ ‬القسائم،‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬تغيير‭ ‬أو‭ ‬حافز‭ ‬للمستثمر‭ ‬يجعله‭ ‬يقبل‭ ‬بخسارة‭ ‬40‭ % ‬من‭ ‬من‭ ‬أرضه‭ ‬الذي‭ ‬يريد‭ ‬أن‭ ‬يحولها‭ ‬لمخطط‭ ‬سكني،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الكثيرين‭ ‬يلتفون‭ ‬على‭ ‬القرارات‭ ‬ويحولون‭ ‬مثلا‭  ‬مخطط‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬قسيمة‭ ‬إلى‭ ‬100‭ ‬قسيمة‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬استخدام‭ ‬“الفرز”،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬الجهات‭ ‬الخدمية‭ ‬الرسمية‭ ‬في‭ ‬تحدي‭ ‬لتوفير‭ ‬خدمات‭ ‬وطرق‭ ‬وكهرباء‭ ‬ومجاري‭ ‬لمنطقة‭ ‬تم‭ ‬تخطيط‭ ‬الشوارع‭ ‬والطرق‭ ‬وتيار‭ ‬الطاقة‭ ‬لتستوعب‭ ‬عدد‭ ‬محدد‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يتضاعف‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬بفعل‭ ‬الفرز‭.‬

وليست‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬فيها‭ ‬تجميد‭ ‬طلبات‭ ‬الفرز،‭ ‬ولكن‭ ‬ربما‭ ‬تكون‭ ‬المرة‭ ‬الأولى‭ ‬التي‭ ‬ستقوم‭ ‬بها‭ ‬إدارة‭ ‬التخطيط‭ ‬والجهات‭ ‬القائمة‭ ‬على‭ ‬موضوع‭ ‬“الفرز”‭ ‬بوضع‭ ‬معايير‭ ‬واضحة،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬إيجاد‭ ‬حلول‭ ‬ناجعة‭ ‬ومستمرة‭.‬

ومن‭ ‬الحلول‭ ‬الممكنة،‭ ‬إتاحة‭ ‬المخططات‭ ‬الجديدة‭ ‬بمساحات‭ ‬تتراوح‭ ‬بنحو‭ ‬200‭ ‬متر‭ ‬مع‭ ‬فرض‭ ‬عمل‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬من‭ ‬شوارع‭ ‬وطرق‭ ‬لجميع‭ ‬الطلبات‭ ‬أو‭ ‬استثناء‭ ‬الجميع‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬التكاليف‭.‬ويكاد‭ ‬يتفق‭ ‬جميع‭ ‬العقاريين‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬وجود‭ ‬معايير‭ ‬واضحة‭ ‬للتخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬بحيث‭ ‬تلبي‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطنين‭ ‬من‭ ‬الأراضي‭ ‬وفق‭ ‬ميزانيتهم‭ ‬وقدراتهم‭ ‬المالية‭ ‬ومن‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭ ‬تصنف‭ ‬المستثمرين‭ ‬وملاك‭ ‬الاراضي‭ ‬مع‭ ‬زيادة‭ ‬الاستقطاعات‭ ‬وتكاليف‭ ‬المخططات‭ ‬الجديدة‭ ‬بالشروط‭ ‬الآخذه‭ ‬في‭ ‬التزايد‭.‬

معظم‭ ‬قضايا‭ ‬الفرز‭ ‬“صورية”

‭ ‬ويقول‭ ‬أحد‭ ‬العقاريين‭ ‬إن‭ ‬معظم‭ ‬قضايا‭ ‬الفرز‭ ‬هي‭ ‬“صورية”‭ ‬وتستخدم‭ ‬للتحايل،‭ ‬والحل‭ ‬يمكن‭ ‬في‭  ‬بالسماح‭ ‬بوجود‭ ‬مساحات‭ ‬صغيرة‭ ‬مع‭ ‬تحميل‭ ‬ملاك‭ ‬المخططات‭ ‬الذين‭ ‬يريدون‭ ‬بيع‭ ‬الأراضي‭ ‬وتحقيق‭ ‬مكاسب‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬في‭ ‬مخططاتهم‭.‬

وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الكثيرين‭ ‬“يتكسبون”‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬تصغير‭ ‬مساحات‭ ‬الأراضي،‭ ‬حيث‭ ‬يتم‭ ‬تصغير‭ ‬مساحات‭ ‬الأراضي‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬تكون‭ ‬الأسعار‭ ‬مرتفعة‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬المواطن‭ ‬وعلى‭ ‬حساب‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬للدولة،‭ ‬وأن‭ ‬هناك‭ ‬مجموعات‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬تملك‭ ‬الأراضي‭ ‬وفرزها‭ ‬وبيعها‭ ‬في‭ ‬السوق‭ ‬بأسعار‭ ‬مرتفعة‭ ‬وعادة‭ ‬ما‭ ‬يقوم‭ ‬بها‭ ‬أفراد‭ ‬وليست‭ ‬مكاتب‭ ‬أو‭ ‬شركات‭ ‬معروفة‭ ‬تعمل‭ ‬بالطرق‭ ‬التقليدية‭ ‬المعروفة‭.‬