سوالف

فلننزل إلى نهر السعادة حتى لو كنا لا نعرف السباحة

| أسامة الماجد

نعيش‭ ‬كبشر‭ ‬وسط‭ ‬جبال‭ ‬الصمت‭ ‬والأهوال،‭ ‬وكل‭ ‬يوم‭ ‬نمر‭ ‬بتجربة‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬التأمل‭ ‬والتفكير‭ ‬والسقوط‭ ‬في‭ ‬رحلة‭ ‬الذاكرة‭. ‬أحزان‭ ‬الليل‭ ‬تضيء‭ ‬جدران‭ ‬النهار‭ ‬ولا‭ ‬شيء‭ ‬غير‭ ‬ذلك،‭ ‬لكن‭ ‬الشاطر‭ ‬منا‭ ‬من‭ ‬لا‭ ‬يجعل‭ ‬مسافة‭ ‬عمره‭ ‬تقرب‭ ‬الحزن‭ ‬والقلق‭ ‬والعيش‭ ‬في‭ ‬البساتين‭ ‬الغائبة‭ ‬والليالي‭ ‬السجينة‭ ‬بالخوف،‭ ‬الشاطر‭ ‬من‭ ‬يتغذى‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬بالسعادة‭ ‬ويزداد‭ ‬جوعا‭ ‬إليها‭ ‬ويألف‭ ‬طعمها‭ ‬ويخدره‭ ‬الرقص‭ ‬معها‭ ‬وهو‭ ‬بين‭ ‬ذراعيها،‭ ‬الشاطر‭ ‬من‭ ‬يجعل‭ ‬شرفات‭ ‬بيته‭ ‬منفذا‭ ‬لشمس‭ ‬ونور‭ ‬السعادة‭ ‬والضوء‭ ‬والنغم‭ ‬المتدفق‭ ‬منها‭.‬

إن‭ ‬منبع‭ ‬شقاء‭ ‬الإنسان‭ ‬هو‭ ‬ذاته،‭ ‬فأحد‭ ‬علماء‭ ‬النفس‭ ‬يبين‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬عدة‭ ‬سموم‭ ‬يمكنها‭ ‬أن‭ ‬تدمرنا‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬نجد‭ ‬لها‭ ‬علاجا‭ ‬فوريا،‭ ‬أولها،‭ ‬الهروب‭ ‬والفرار‭ ‬من‭ ‬مواجهة‭ ‬الحقيقة،‭ ‬والعلاج‭ ‬الواقعية‭ ‬ومواجهة‭ ‬الموقف،‭ ‬وثاني‭ ‬السموم‭ ‬الخوف‭ ‬وفقدان‭ ‬الثقة‭ ‬والقلق،‭ ‬والعلاج‭ ‬الشجاعة،‭ ‬فهي‭ ‬خير‭ ‬السبل‭ ‬الدفاعية‭ ‬للحيلولة‭ ‬دون‭ ‬اقتحام‭ ‬الخوف‭ ‬عقولنا،‭ ‬وهناك‭ ‬قاعدة‭ ‬شائعة‭ ‬تقول‭ ‬إن‭ ‬تسعين‭ ‬في‭ ‬المئة‭ ‬من‭ ‬الأمور‭ ‬التي‭ ‬تثير‭ ‬قلقنا،‭ ‬لا‭ ‬تقع‭ ‬ولا‭ ‬تحدث‭ ‬البتة‭. ‬والسم‭ ‬الثالث‭ ‬هو‭ ‬الأنانية‭ ‬والطمع‭ ‬والإفراط‭ ‬في‭ ‬العداء،‭ ‬وعلاجه‭ ‬الأريحية‭ ‬وتقديم‭ ‬التضحية‭ ‬دون‭ ‬انتظار‭ ‬الجزاء،‭ ‬والسم‭ ‬الرابع‭ ‬هو‭ ‬الركود‭ ‬وشعورك‭ ‬بأنك‭ ‬تسير‭ ‬في‭ ‬الحياة‭ ‬بلا‭ ‬هدف،‭ ‬وعلاجه‭ ‬بكل‭ ‬بساطة‭ ‬الطموح‭ ‬وعدم‭ ‬الجلوس‭ ‬لانتظار‭ ‬سنوح‭ ‬الفرص‭ ‬بل‭ ‬عليك‭ ‬خلقها،‭ ‬فإذا‭ ‬كنت‭ ‬طموحا‭ ‬وكنت‭ ‬مثابرا‭ ‬وعاقدا‭ ‬العزم‭ ‬على‭ ‬السير‭ ‬قدما،‭ ‬فما‭ ‬من‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬تقف‭ ‬عقبة‭ ‬في‭ ‬طريقك‭.‬

والسم‭ ‬الخامس‭ ‬هو‭ ‬مركب‭ ‬النقص،‭ ‬وعلاجه‭ ‬الثقة‭... ‬إن‭ ‬الثقة‭ ‬للنجاح‭ ‬كالهواء‭ ‬للرئة،‭ ‬والسم‭ ‬السادس‭ ‬هو‭ ‬عشق‭ ‬الذات‭ ‬والنرجسية،‭ ‬وعلاجه‭ ‬التواضع‭ ‬وكما‭ ‬هو‭ ‬معروف‭ ‬أن‭ ‬التواضع‭ ‬طبيعة‭ ‬عند‭ ‬كل‭ ‬نوابغ‭ ‬الرجال‭ ‬وعباقرتهم،‭ ‬والناس‭ ‬يتقبلونك‭ ‬على‭ ‬حقيقتك‭ ‬لا‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬تحاول‭ ‬الظهور‭ ‬به‭. ‬والسم‭ ‬السابع‭ ‬عدم‭ ‬التسامح،‭ ‬وعلاجه‭ ‬ضبط‭ ‬النفس،‭ ‬وتذكر‭ ‬لا‭ ‬تحكم‭ ‬على‭ ‬الرجل‭ ‬بجنسه‭ ‬أو‭ ‬دينه‭ ‬أو‭ ‬رصيده‭ ‬في‭ ‬البنك،‭ ‬بل‭ ‬بصفاته‭ ‬وأخلاقه‭. ‬والسم‭ ‬الثامن‭ ‬الكراهية‭ ‬والرغبة‭ ‬في‭ ‬الانتقام،‭ ‬وعلاجه‭ ‬الحب‭ ‬وتطهير‭ ‬القلب‭ ‬من‭ ‬الحقد‭ ‬والكراهية‭.‬

فلننزل‭ ‬إلى‭ ‬نهر‭ ‬السعادة‭ ‬حتى‭ ‬لو‭ ‬كنا‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬السباحة،‭ ‬وإذا‭ ‬رغبنا‭ ‬في‭ ‬تعلمها،‭ ‬فلن‭ ‬نجد‭ ‬أية‭ ‬صعوبة،‭ ‬فهي‭ ‬سهلة‭ ‬وجميلة‭.‬