إذا زالَ الخطر

| هدى حرم

“أعزائي‭ ‬المشاهدين،‭ ‬جاءنا‭ ‬في‭ ‬خبرٍ‭ ‬عاجلٍ‭ ‬أنَّ‭ ‬العالمَ‭ ‬تمكَّنَ‭ ‬أخيراً‭ ‬من‭ ‬هزيمةِ‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ ‬ودحرهِ‭ ‬للأبد،‭ ‬كما‭ ‬صرَّحَ‭ ‬مصدر‭ ‬عالي‭ ‬المستوى‭ ‬أنَّ‭ ‬الحياةَ‭ ‬بجميع‭ ‬مناحيها‭ ‬ستعودُ‭ ‬لطبيعتها‭ ‬كما‭ ‬كانت‭ ‬قبل‭ ‬الجائحةِ‭ ‬ابتداءً‭ ‬من‭ ‬يومِ‭ ‬غدٍ‭ ‬بمشيئةِ‭ ‬اللهِ‭ ‬تعالى”‭... ‬حُلُمٌ‭ ‬سوف‭ ‬يتحققُ‭ ‬بإذنِ‭ ‬الله،‭ ‬وقريباً‭ ‬جداً‭ ‬سنعودُ‭ ‬للشارعِ‭ ‬والعملِ‭ ‬والتبضعِ‭ ‬والترفيه؛‭ ‬فهل‭ ‬سنكونُ‭ ‬كما‭ ‬كنا‭ ‬قبلَ‭ ‬الوباء؟‭! ‬هل‭ ‬سنخرجُ‭ ‬آمنينَ‭ ‬كما‭ ‬كنا،‭ ‬ونصافح‭ ‬بعضَنا‭ ‬بلا‭ ‬وجل؟‭ ‬هل‭ ‬ستدفعُنا‭ ‬بهجةُ‭ ‬الانتصارِ‭ ‬على‭ ‬الوباء‭ ‬والشوقِ‭ ‬للأحبةِ‭ ‬للعناقِ‭ ‬الممتزجِ‭ ‬بالدموع‭ ‬دون‭ ‬خوفٍ‭ ‬أو‭ ‬قلق؟‭ ‬هل‭ ‬سنجتمعُ‭ ‬كسابقِ‭ ‬عهدنا‭ ‬ونتبضع‭ ‬ونذهب‭ ‬لمراكزِ‭ ‬الترفيه‭ ‬وممارسةِ‭ ‬الرياضة‭ ‬دون‭ ‬كمّامٍ‭ ‬أو‭ ‬مُعقّم؟‭ ‬هل‭ ‬سنثقُ‭ ‬ببعضِنا‭ ‬البعض‭ ‬من‭ ‬جديد؟

الجوابُ‭ ‬من‭ ‬وجهةِ‭ ‬نظري،‭ ‬أننا‭ ‬سنصابُ‭ ‬بالرهابِ‭ ‬الاجتماعي،‭ ‬إِن‭ ‬لمْ‭ ‬نكنْ‭ ‬أُصبنا‭ ‬به‭ ‬أصلاً،‭ ‬سيتقي‭ ‬كلٌ‭ ‬منا‭ ‬الآخر،‭ ‬وسنبقى‭ ‬على‭ ‬التزامٍ‭ ‬بوسائلِ‭ ‬الحمايةِ‭ ‬والتباعدِ‭ ‬الاجتماعي‭ ‬رغمَ‭ ‬الشفاءِ‭ ‬التام‭.‬

سيشكُّ‭ ‬الكلُ‭ ‬في‭ ‬الكلِ‭ ‬ظناً‭ ‬من‭ ‬الكلِ‭ ‬أنَّ‭ ‬الآخرينَ‭ ‬مصابونَ‭ ‬ربما،‭ ‬أو‭ ‬أنهم‭ ‬مازالوا‭ ‬يحملونَ‭ ‬فيروس‭ ‬الداءِ‭ ‬المميت،‭ ‬أو‭ ‬أنَّ‭ ‬المرضَ‭ ‬لمْ‭ ‬يظهرْ‭ ‬عليهم‭ ‬بعدُ‭ ‬ولمْ‭ ‬يتقصهُ‭ ‬المختصون،‭ ‬أو‭ ‬أنَّ‭ ‬الفيروس‭ ‬مازالَ‭ ‬عالقاً‭ ‬بثيابِ‭ ‬المرضى‭ ‬الذين‭ ‬تماثلوا‭ ‬للشفاء‭.‬

وإنْ‭ ‬تراجعَ‭ ‬الفيروسُ‭ ‬منسحباً‭ ‬من‭ ‬المرضى،‭ ‬فلنْ‭ ‬يجدَ‭ ‬ملجأ‭ ‬آمنا‭ ‬له‭ ‬وأسلمَ‭ ‬من‭ ‬عقولِنا‭ ‬وقلوبِنا،‭ ‬ليفتكَ‭ ‬بنا‭ ‬دونَ‭ ‬هجومٍ‭ ‬أو‭ ‬قتال‭.‬

الفيروس‭ ‬عالقٌ‭ ‬في‭ ‬خيالِنا‭ ‬لا‭ ‬في‭ ‬أجسامِنا‭ ‬أو‭ ‬ملابسِنا،‭ ‬وقبل‭ ‬الشفاءِ‭ ‬من‭ ‬الوباء،‭ ‬نحنُ‭ ‬بحاجةٍ‭ ‬للشفاءِ‭ ‬من‭ ‬الرهاب؛‭ ‬كي‭ ‬نعودَ‭ ‬للحياةِ‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬ولا‭ ‬يتأتى‭ ‬لنا‭ ‬ذلكَ‭ ‬إلا‭ ‬بالإيمانِ‭ ‬بقدرِ‭ ‬اللهِ‭ ‬وقدرته‭ ‬والتسليمِ‭ ‬لأمرهِ‭ ‬والتوكل‭ ‬عليه‭ ‬والتزود‭ ‬بالأملِ‭ ‬والثقةِ‭ ‬بربِ‭ ‬الكونِ‭ ‬الذي‭ ‬يدبرُ‭ ‬الأمرَ‭ ‬كله‭.‬