موقف ثابت ومشروع للدول المقاطعة لقطر

| المنامة - بنا

إن‭ ‬الممارسات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬قطر‭ ‬في‭ ‬تهديد‭  ‬أمن‭ ‬واستقرار‭ ‬جيرانها،‭ ‬كالتصعيد‭ ‬والتحريض‭ ‬الإعلامي‭ ‬المستمر،‭ ‬ودعم‭ ‬الأنشطة‭ ‬الإرهابية،‭ ‬وتمويل‭ ‬الجماعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬بإيران،‭ ‬والإضرار‭ ‬بثوابت‭ ‬العلاقات‭ ‬الخليجية‭ ‬والعربية،‭ ‬والتنكر‭ ‬لتعهدات‭ ‬التزمت‭ ‬بها،‭ ‬تشكل‭ ‬انتهاكا‭ ‬صارخا‭ ‬لمبادئ‭ ‬حسن‭ ‬الجوار‭ ‬والمواثيق‭ ‬الدولية‭.‬

ولا‭ ‬تعود‭ ‬البداية‭ ‬الفعلية‭ ‬لنشوب‭ ‬الأزمة‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬نُشر‭ ‬على‭ ‬لسان‭ ‬نظامها‭ ‬في‭ ‬وكالة‭ ‬الأنباء‭ ‬الرسمية‭ ‬،‭ ‬وتعرض‭ ‬فيه‭ ‬لقيادات‭ ‬دول‭ ‬شقيقة،‭ ‬وإنما‭ ‬إلى‭ ‬تاريخ‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬الإساءات‭ ‬والتدخلات‭ ‬التي‭ ‬قامت‭ ‬بها‭ ‬الدوحة‭ ‬وأذرعها‭ ‬لتحقيق‭ ‬تطلعات‭ ‬دول‭ ‬لها‭ ‬أطماع‭ ‬إقليمية‭ ‬بموارد‭ ‬المنطقة‭ ‬والمس‭ ‬بمصالحها،‭ ‬لذلك‭  ‬فهذه‭ ‬الممارسات‭ ‬القطرية‭ ‬غير‭ ‬الرشيدة‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬وليدة‭ ‬هذه‭ ‬الفترة،‭ ‬وإنما‭ ‬تعود‭ ‬لسنوات‭ ‬خلت‭ ‬واصلت‭ ‬فيها‭ ‬الدوحة‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المالي‭ ‬والغطاء‭ ‬الإعلامي‭ ‬واللوجستي‭ ‬لعناصر‭ ‬وكيانات‭ ‬متطرفة،‭ ‬والإضرار‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬بأمن‭ ‬واستقرار‭ ‬المنطقة‭ . ‬

إزاء‭ ‬هذه‭ ‬الانتهاكات‭ ‬والمخاطر‭ ‬الأمنية‭ ‬شديدة‭ ‬الحساسية،‭ ‬وقفت‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭ ‬المقاطعة‭ ‬لقطر‭ ‬لثني‭ ‬نظام‭ ‬قطر‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الممارسات‭ ‬والأنشطة‭ ‬الضارة‭ ‬بمصالحها،‭ ‬وذلك‭ ‬بهدف‭ ‬حماية‭ ‬أمنها‭ ‬واستقرارها‭ ‬وسياداتها،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬الهدف‭ ‬من‭ ‬وراء‭ ‬هذه‭ ‬التحركات‭ ‬سوى‭ ‬إقناع‭ ‬قطر‭ ‬بتبديل‭ ‬وتصحيح‭ ‬مسار‭ ‬سياستها‭ ‬والعودة‭ ‬مجددا‭ ‬إلى‭ ‬وحدة‭ ‬الصف‭ ‬الخليجي‭.‬

وخلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاثة‭ ‬السابقة،‭ ‬تمسكت‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭ ‬بمواقفها‭ ‬ومطالبها‭ ‬المشروعة‭ ‬التي‭ ‬صدرت‭ ‬في‭ ‬اجتماع‭ ‬عُقد‭ ‬بالقاهرة‭ ‬في‭ ‬يوليو‭ ‬2017،‭ ‬ونص‭ ‬على‭ ‬ضرورة‭ ‬أن‭ ‬تتعهد‭ ‬قطر‭ ‬بمسؤولياتها‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية،‭ ‬وأن‭ ‬تلتزم‭ ‬بمكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب،‭ ‬وأن‭ ‬توقف‭ ‬كافة‭ ‬أعمال‭ ‬التحريض‭ ‬وخطاب‭ ‬الحض‭ ‬على‭ ‬الكراهية‭ ‬أو‭ ‬العنف‭ ‬عبر‭ ‬أذرعها،‭ ‬وأن‭ ‬تلتزم‭ ‬التزاما‭ ‬كاملا‭ ‬باتفاقات‭ ‬الرياض‭ ‬2013‭ ‬و2014،‭ ‬وأن‭ ‬تمتنع‭ ‬عن‭ ‬التدخل‭ ‬في‭ ‬الشؤون‭ ‬الداخلية‭ ‬للدول،‭ ‬وعن‭ ‬دعم‭ ‬الكيانات‭ ‬الخارجة‭ ‬عن‭ ‬القانون‭.‬

ويأتي‭ ‬التزام‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬والمملكة‭ ‬العربية‭ ‬السعودية‭ ‬ودولة‭ ‬الإمارات‭ ‬العربية‭ ‬المتحدة‭ ‬وجمهورية‭ ‬مصر‭ ‬العربية‭ ‬نابعا‭ ‬من‭ ‬إيمانها‭ ‬المطلق‭ ‬بضرورة‭ ‬تعزيز‭ ‬الجهود‭ ‬الإقليمية‭ ‬والدولية‭ ‬لمكافحة‭ ‬التطرف‭ ‬والإرهاب،‭ ‬وملاحقة‭ ‬الأفراد‭ ‬والجماعات‭ ‬المرتبطة‭ ‬به،‭ ‬وتجفيف‭ ‬مصادر‭ ‬دعمها‭ ‬وتمويلها،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬قوبل‭ ‬بمزيد‭ ‬من‭ ‬التعنت‭ ‬القطري،‭ ‬والإصرار‭ ‬على‭ ‬المضي‭ ‬قدما‭ ‬في‭ ‬سياسات‭ ‬هددت‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تهدد‭ ‬المصالح‭ ‬العليا‭ ‬لدول‭ ‬المنطقة‭.‬

ولعل‭ ‬الأمثلة‭ ‬الدالة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬التعنت‭ ‬كثيرة،‭ ‬حيث‭ ‬يبرز‭ ‬هنا‭ ‬رفض‭ ‬نظام‭ ‬قطر‭ ‬الالتزام‭ ‬بتعهداته،‭ ‬ومنها‭ ‬وقف‭ ‬الحملات‭ ‬الإعلامية،‭ ‬ووضع‭ ‬شروط‭ ‬مسبقة‭ ‬للتحاور،‭ ‬ومحاولات‭ ‬تدويل‭ ‬الأزمة‭ ‬رغم‭ ‬إصرار‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭ ‬المكافحة‭ ‬للإرهاب‭ ‬على‭ ‬إمكانية‭ ‬حلها‭ ‬بين‭ ‬الأشقاء‭ ‬وضمن‭ ‬المنظومة‭ ‬الخليجية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الممارسات‭ ‬الضارة‭ ‬الأخرى‭ ‬كعرقلة‭ ‬أداء‭ ‬مناسك‭ ‬الحج‭ ‬للمواطنين‭ ‬القطريين،‭ ‬وتسييس‭ ‬فريضة‭ ‬الحج‭.‬

ناهيك‭ ‬عن‭ ‬الادعاءات‭ ‬القطرية‭ ‬التي‭ ‬استمرت‭ ‬طوال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‭ ‬تارة‭ ‬بدعوى‭ ‬الحالات‭ ‬الإنسانية‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬قطع‭ ‬العلاقات،‭ ‬وتارة‭ ‬ثانية‭ ‬تحت‭ ‬عنوان‭ ‬إغلاق‭ ‬المجال‭ ‬الجوي‭ ‬إلى‭ ‬درجة‭ ‬اختراق‭ ‬المقاتلات‭ ‬العسكرية‭ ‬القطرية‭ ‬للأجواء‭ ‬البحرينية‭ ‬وتهديد‭ ‬سلامة‭ ‬الطيران‭ ‬المدني،‭ ‬وتارة‭ ‬أخرى‭ ‬بالإجراء‭ ‬غير‭ ‬المسؤول‭ ‬الذي‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬الدوحة‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬2020‭ ‬عبر‭ ‬تدخلها‭ ‬السافر‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬جهود‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬في‭ ‬تأمين‭ ‬عودة‭ ‬مواطنيها‭  ‬إلى‭ ‬أرض‭ ‬الوطن‭ ‬من‭ ‬مختلف‭ ‬دول‭ ‬العالم‭ ‬عبر‭ ‬رحلات‭ ‬جوية‭ ‬مبرمجة‭ ‬ومباشرة‭ ‬إلى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬تتوافق‭ ‬مع‭ ‬الإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬الطبية‭ ‬إثر‭ ‬تفشيي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬كوفيد‭ ‬19‭ ‬وتعمد‭ ‬قطر‭ ‬بعرقلة‭ ‬هذه‭ ‬الجهود‭ ‬الإنسانية‭ ‬بنقل‭ ‬مواطنين‭ ‬من‭ ‬إيران‭ ‬إلى‭ ‬الدوحة‭ ‬في‭ ‬مخالفة‭ ‬صارخة‭ ‬للقواعد‭ ‬الصحية‭ ‬اللازمة‭ ‬التي‭ ‬توصي‭ ‬بها‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬،و‭ ‬القواعد‭ ‬والإجراءات‭ ‬الاحترازية‭ ‬اللازمة‭ ‬لحفظ‭ ‬صحة‭ ‬وسلامة‭ ‬المسافرين‭ ‬وطواقم‭ ‬الطائرات‭ ‬وموظفي‭ ‬مختلف‭ ‬المطارات‭ ‬بما‭ ‬يتوافق‭ ‬مع‭ ‬أنظمة‭ ‬اتحاد‭ ‬النقل‭ ‬الجوي‭ ‬الدولي‭ ‬‮«‬IATA‮»‬‭.‬

إن‭ ‬الدول‭ ‬الأربع‭ ‬المكافحة‭ ‬للإرهاب‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬بما‭ ‬قامت‭ ‬به‭ ‬خلال‭ ‬السنوات‭ ‬الثلاثة‭ ‬الماضية‭ ‬إلا‭ ‬بغرض‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬سيادتها‭ ‬وأمنها،‭ ‬وحرصت‭ ‬كل‭ ‬الحرص‭ ‬على‭ ‬مراعاة‭ ‬الحالات‭ ‬الإنسانية‭ ‬والصحية‭ ‬المتضررة‭ ‬من‭ ‬جراء‭ ‬قطع‭ ‬العلاقات‭ ‬الدبلوماسية،‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬حصارا،‭ ‬وعملت‭ ‬وما‭ ‬زالت‭ ‬تعمل‭ ‬لبيان‭ ‬طبيعة‭ ‬التهديدات‭ ‬الأمنية‭ ‬التي‭ ‬تسببت‭ ‬فيها‭ ‬السياسات‭ ‬القطرية،‭ ‬وما‭ ‬زالت،‭ ‬ويعد‭ ‬التراجع‭ ‬عنها‭ ‬شرطا‭ ‬رئيسيا‭ ‬لإعادة‭ ‬العلاقات‭ ‬إلى‭ ‬مسارها‭ ‬الصحيح‭.‬