“ساعي” ودوره في إصلاح المحكوم عليه

تماشيًا‭ ‬لتوجيهات‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬الفريق‭ ‬أول‭ ‬الشيخ‭ ‬راشد‭ ‬بن‭ ‬عبدالله‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬منذ‭ ‬صدور‭ ‬قانون‭ ‬رقم‭ ‬18‭ ‬لسنة‭ ‬2017،‭ ‬بشأن‭ ‬العقوبات‭ ‬والتدابير‭ ‬البديلة‭ ‬بأهمية‭ ‬تطوير‭ ‬آليات‭ ‬جديدة‭ ‬للتوسع‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬القانون‭ ‬وتوفير‭ ‬البرامج‭ ‬التأهيلية‭ ‬التي‭ ‬تتناسب‭ ‬مع‭ ‬الظروف‭ ‬الشخصية‭ ‬للمحكوم‭ ‬عليهم؛‭ ‬بهدف‭ ‬إصلاحهم‭ ‬وعودتهم‭ ‬إيجابيا‭ ‬إلى‭ ‬محيطهم‭ ‬المجتمعي‭ ‬ليعود‭ ‬بالنفع‭ ‬العام‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭.‬

وأعدت‭ ‬إدارة‭ ‬الوقاية‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬برنامج‭ ‬ساعي‭ ‬أعمال‭ ‬المنفعة‭ ‬العامة‭ (‬سامع‭)‬،‭ ‬الذي‭ ‬يعتبر‭ ‬أحد‭ ‬البرامج‭ ‬التي‭ ‬نفذتها‭ ‬وزارة‭ ‬إدارات‭ ‬وزارة‭ ‬بالتنسيق‭ ‬والشراكة‭ ‬مع‭ ‬مؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬ذات‭ ‬العلاقة،‭ ‬إذ‭ ‬يتضمن‭ ‬البرنامج‭ ‬أعلى‭ ‬المعايير‭ ‬الدولية‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التدريب‭ ‬المهني‭ ‬والتأهيل‭ ‬العلمي‭ ‬والتدريبي‭ ‬ليحقق‭ ‬الأهداف‭ ‬الرئيسة‭ ‬والمتمثلة‭ ‬في‭ ‬إصلاح‭ ‬المحكوم‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬العقوبة‭ ‬البديلة‭ ‬ومنع‭ ‬وصول‭ ‬آثار‭ ‬العقوبة‭ ‬إلى‭ ‬حياته‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬المهنية‭ ‬أو‭ ‬الأسرية،‭ ‬وتزويده‭ ‬بالعلوم‭ ‬التي‭ ‬يتم‭ ‬ترجمتها‭ ‬على‭ ‬أرض‭ ‬الواقع‭ ‬بما‭ ‬يضمن‭ ‬عدم‭ ‬العودة‭ ‬للجريمة‭.‬

ويهدف‭ ‬برنامج‭ ‬ساعي‭ ‬أعمال‭ ‬المنفعة‭ ‬العامة‭ (‬سامع‭) ‬إلى‭ ‬تحقيق‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المحاور‭ ‬أبرزها‭ ‬تعزيز‭ ‬قيم‭ ‬الانتماء‭ ‬الوطني،‭ ‬وحب‭ ‬الوطن‭ ‬وتعميق‭ ‬روح‭ ‬العمل‭ ‬التطوعي‭ ‬لدى‭ ‬المستفيدين‭ ‬من‭ ‬البرنامج‭ ‬وذلك‭ ‬بتطبيق‭ ‬الشراكة‭ ‬المجتمعية،‭ ‬كما‭ ‬انه‭ ‬يتمثل‭ ‬في‭ ‬القيام‭ ‬بمجموعة‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬والمهن‭ ‬التطويرية،‭ ‬منها‭: ‬أعمال‭ ‬صباغة‭ ‬الأرصفة‭ ‬والمباني،‭ ‬وتنظيف‭ ‬السواحل،‭ ‬وأعمال‭ ‬زراعة‭ ‬وتشجير‭ ‬الحدائق‭ ‬والمناطق‭ ‬الزراعية‭ ‬والبستنة،‭ ‬وتطوير‭ ‬المنشآت‭ ‬الرياضية،‭ ‬وإزالة‭ ‬الإعلانات‭ ‬والملصقات‭ ‬المخالفة‭.‬

ونفّذ‭ ‬البرنامج‭ ‬منذ‭ ‬تأسيسه،‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الدورات‭ ‬التدريبية،‭ ‬والتطويرية،‭ ‬واستطاع‭ ‬المحكمون‭ ‬الملحقون‭ ‬بالبرنامج‭ ‬المساهمة‭ ‬في‭ ‬إنشاء‭ ‬سوق‭ ‬المزارعين‭ ‬بدعم‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مساهمين‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الحكومي‭ ‬والأهلي،‭ ‬الذي‭ ‬يعتمد‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬الإمكانات‭ ‬كافة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬توفيرها‭.‬

وأنجز‭ ‬البرنامج‭ ‬أيضًا‭ ‬وبالتعاون‭ ‬مع‭ ‬وزارة‭ ‬الأشغال‭ ‬وشؤون‭ ‬البلديات‭ ‬والتخطيط‭ ‬العمراني‭ ‬تطوير‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المشاتل‭ ‬التابعة‭ ‬للوزارة،‭ ‬وتنفيذ‭ ‬أعمال‭ ‬البستنة‭ ‬والزراعة‭ ‬وتحسين‭ ‬أوضاع‭ ‬التربة‭ ‬وتجهيزها‭ ‬لزراعة‭ ‬نباتات‭ ‬جديدة‭.‬

إضافة‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬الحدائق‭ ‬والسواحل‭ ‬بمحافظات‭ ‬المملكة،‭ ‬كما‭ ‬قام‭ ‬المحكومون‭ ‬بتصنيع‭ ‬اسمدة‭ ‬خاصة‭ ‬من‭ ‬مخلفات‭ ‬الأشجار‭.‬

وبفضل‭ ‬توجيهات‭ ‬ودعم‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬ومتابعة‭ ‬رئيس‭ ‬الأمن‭ ‬العام،‭ ‬حقق‭ ‬البرنامج‭ ‬إنجازًا‭ ‬دوليًا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفوز‭ ‬بالمركز‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬جائزة‭ ‬معهد‭ ‬ROI‭ ‬العالمية‭ ‬بالولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأميركية‭ ‬لسنة‭ ‬2019‭ ‬بفئة‭ ‬أفضل‭ ‬دراسة‭ ‬أثر‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الحكومي،‭ ‬التي‭ ‬تقام‭ ‬سنويًا‭ ‬بمشاركة‭ ‬70‭ ‬دولة‭ ‬ومئات‭ ‬الدراسات‭ ‬المشتركة‭ ‬بمختلف‭ ‬الفئات‭. ‬

وتم‭ ‬إعداد‭ ‬دراسة‭ ‬الأثر‭ ‬بالمقارنة‭ ‬بين‭ ‬تنفيذ‭ ‬العقوبات‭ ‬الأصلية‭ ‬والعقوبات‭ ‬البديلة،‭ ‬إذ‭ ‬أظهرت‭ ‬الدراسة‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تطبيقها‭ ‬على‭ ‬برنامج‭ ‬سامع‭ ‬أهمية‭ ‬تنفيذ‭ ‬برنامج‭ ‬سامع‭ ‬للوقاية‭ ‬من‭ ‬العودة‭ ‬للجريمة‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المخرجات‭ ‬حددت‭ ‬كافة‭ ‬العوائد‭ ‬الإيجابية‭ ‬للبرنامج‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المردود‭ ‬الملموس‭ ‬وغير‭ ‬الملموس‭ ‬اللذين‭ ‬يحققان‭ ‬التنمية‭ ‬والاستدامة‭ ‬في‭ ‬المنظومة‭ ‬الأمنية‭ ‬والعدالة‭ ‬القانونية‭.‬

وتمثل‭ ‬الجائزة‭ ‬اعترافًا‭ ‬للممارسات‭ ‬الدولية‭ ‬التي‭ ‬تنفذ‭ ‬حسب‭ ‬معايير‭ ‬جائزة‭ ‬معهد‭ ‬ROI‭ ‬والنظريات‭ ‬التي‭ ‬أسسها‭ ‬مؤسس‭ ‬المعهد‭ ‬جاك‭ ‬فيليبس،‭ ‬التي‭ ‬تتضمن‭ ‬المقاييس‭ ‬والمعادلات‭ ‬وآلية‭ ‬التنفيذ‭ ‬ومعايير‭ ‬التطبيق‭ ‬والأداء،‭ ‬التي‭ ‬تماشت‭ ‬مع‭ ‬تطبيق‭ ‬برنامج‭ ‬ساعي‭ ‬أعمال‭ ‬المنفعة‭ ‬العامة‭ (‬سامع‭)‬،‭ ‬إذ‭ ‬تعتمد‭ ‬النظرية‭ ‬على‭ ‬التوسع‭ ‬لتقييم‭ ‬البرنامج‭ ‬باستخدام‭ ‬نماذج‭ ‬عملية‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬5‭ ‬مستويات‭ ‬ومعايير‭ ‬تشغيل‭ ‬لتحديد‭ ‬مقاييس‭ ‬الأداء‭ ‬من‭ ‬درجات‭ ‬الرضا‭ ‬البسيطة‭ ‬إلى‭ ‬قياس‭ ‬الأثر،‭ ‬وتتيح‭ ‬إمكانية‭ ‬جمع‭ ‬البيانات‭ ‬المناسبة‭ ‬للإبلاغ‭ ‬عن‭ ‬أداء‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬المبادرات‭ ‬وأنواع‭ ‬البرامج‭. ‬وإضافة‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬بيانات‭ ‬نوعية‭ ‬وكمية‭ ‬وتوفير‭ ‬تقنيات‭ ‬لعزل‭ ‬آثار‭ ‬البرنامج‭ ‬عن‭ ‬التأثيرات‭ ‬الأخرى،‭ ‬ما‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬مقاييس‭ ‬موثوقة‭ ‬وتقارير‭ ‬دقيقة‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬ورسم‭ ‬الخطط‭ ‬المستقبلية‭.‬