حوّل اختراعه لمشروع تجاري ناجح عقب إخفاقات

بحريني يبتكر جهازا لتبريد المياه الحارة بالطاقة الشمسية

| علي الفردان

الجهاز‭ ‬“صنع‭ ‬في‭ ‬البحرين”‭ ‬وهو‭ ‬الوحيد‭ ‬في‭ ‬العالم شقيق‭ ‬عبدالعال‭ ‬يستثمر‭ ‬نحو‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬المشروع

 

محمد‭ ‬عبدالعال‭ ‬شاب‭ ‬بحريني‭ (‬33‭ ‬عاما‭) ‬لم‭ ‬يستسلم‭ ‬للإخفاق‭ ‬حين‭ ‬بدأ‭ ‬أول‭ ‬مشروع‭ ‬له‭ ‬لتصنيع‭ ‬اللوحات‭ ‬الشمسية‭ ‬لمنافسة‭ ‬المنتجات‭ ‬الصينية،‭ ‬حيث‭ ‬أخذ‭ ‬يبني‭ ‬على‭ ‬تجربته‭ ‬السابقة‭ ‬نجاحا‭ ‬جديدا‭ ‬في‭ ‬مشروع‭ ‬آخر‭ ‬رأى‭ ‬النور‭ ‬قبل‭ ‬عامين‭ ‬وبدأ‭ ‬بالإنطلاق‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬عبر‭ ‬فكرة‭ ‬تجارة‭ ‬مبتكرة‭ ‬باختراع‭ ‬بحريني‭ ‬خالص‭ ‬لتبريد‭ ‬مياه‭ ‬الخزانات‭ ‬بالطاقة‭ ‬الشمسية‭. ‬يحكي‭ ‬عبدالعال‭ ‬قصة‭ ‬مشواره‭ ‬في‭ ‬تأسيس‭ ‬شركة‭ ‬“سايلنت‭ ‬باور‭ ‬للطاقة‭ ‬المتجددة”‭ ‬وابتكاره‭ ‬التجاري،‭  ‬لـ‭ ‬“البلاد”،‭ ‬والذي‭ ‬بدأه‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬تخرج‭ ‬في‭ ‬الجامعة،‭ ‬إذ‭ ‬درس‭ ‬الهندسة‭ ‬الميكانكية‭ ‬بجامعة‭ ‬البحرين،‭ ‬ثم‭ ‬التحق‭ ‬بإحدى‭ ‬الجامعات‭ ‬الخاصة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬دراسة‭ ‬إدارة‭ ‬الأعمال‭.‬

‭ ‬البداية‭ ‬بالألواح‭ ‬الشمسية

لم‭ ‬يفارق‭ ‬شغف‭ ‬ريادة‭ ‬الأعمال‭ ‬الشاب‭ ‬الطموح‭ ‬الذي‭ ‬قرر‭ ‬البدء‭ ‬في‭ ‬أولى‭ ‬خطواته‭ ‬بإنشاء‭ ‬شركة‭ ‬لتصنيع‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية‭ ‬بجهد‭ ‬متواضع،‭ ‬حيث‭ ‬قام‭ ‬هو‭ ‬وبرفقة‭ ‬عامل‭ ‬بتصنيع‭ ‬وتركيب‭ ‬الخلايا‭ ‬الشمسية‭ ‬على‭ ‬ألواح،‭ ‬لكن‭ ‬المنافسة‭ ‬الكبيرة‭ ‬لمشروعه‭ ‬الصغير‭ ‬لم‭ ‬تسعفه‭ ‬في‭ ‬الاستمرار‭.‬

ثم‭ ‬ترك‭ ‬عبدالعال‭ ‬طموحه‭ ‬الهندسي‭ ‬وتوجه‭ ‬للعقار،‭ ‬حيث‭ ‬عمل‭ ‬على‭ ‬إنشاء‭ ‬منصة‭ ‬إلكترونية‭ ‬لبيع‭ ‬العقارات‭ ‬والسيارات‭ ‬ثم‭ ‬دشن‭ ‬مكتبا‭ ‬عقاريا‭ ‬وعمل‭ ‬فيه‭ ‬لبضع‭ ‬سنوات،‭ ‬واستطاع‭ ‬تلبية‭ ‬احتياجاته‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬لكن‭ ‬حلمه‭ ‬القديم‭ ‬وشغفه‭ ‬بالهندسة‭ ‬راوده‭ ‬من‭ ‬جديد،‭ ‬ليعود‭ ‬لتحقيق‭ ‬تطلعاته‭ ‬السابقة‭.‬

وحين‭ ‬وجد‭ ‬عبدالعال‭ ‬كميات‭ ‬من‭ ‬الألواح‭ ‬الشمسية‭ ‬من‭ ‬مشروعه‭ ‬السابق‭ ‬لم‭ ‬يوفق‭ ‬في‭ ‬بيعها،‭ ‬تبادرت‭ ‬لخاطره‭ ‬فكرة‭ ‬استغلالها‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬تبريد‭ ‬مياه‭ ‬الخزانات،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬تبريد‭ ‬الخزانات‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الصيف‭ ‬مطلوب‭ ‬لاستخدام‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬المرافق‭ ‬الصحية‭ ‬والاستخدامات‭ ‬اليومية‭.‬

‭ ‬اختراع‭ ‬بحريني

كانت‭ ‬المياه‭ ‬الحارة‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬الصيف‭ ‬مشكلة‭ ‬عصية‭ ‬لكثير‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬البحرين،‭ ‬هنا‭ ‬بدأ‭ ‬عبدالعال‭ ‬أولى‭ ‬تجاربه‭ ‬في‭ ‬ابتكار‭ ‬أول‭ ‬جهاز‭ ‬لتبريد‭ ‬المياه‭ ‬باستخدام‭ ‬الطاقة‭ ‬الشمسية‭ ‬وباستخدام‭ ‬المبادلات‭ ‬الحرارية‭ ‬كالتي‭ ‬تستخدم‭ ‬في‭ ‬تبريد‭ ‬محركات‭ ‬السيارات‭ (‬الرديترات‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬هناك‭ ‬منتج‭ ‬مشابه‭ ‬لهذه‭ ‬الفكرة‭ ‬في‭ ‬السوق‭.‬

يقول‭ ‬عبدالعال‭ ‬“الفكرة‭ ‬بدأت‭ ‬في‭ ‬الصيف،‭ ‬وهي‭ ‬عبارة‭ ‬عن‭ ‬مبرد‭ ‬ماء‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬ثلاث‭ ‬مراحل،‭ ‬حيث‭ ‬يقوم‭ ‬بسحب‭ ‬المياه‭ ‬من‭ ‬الخزان،‭ ‬ويقوم‭ ‬بتغيير‭ ‬مياه‭ ‬الخزان‭ ‬لنحو‭ ‬12‭ ‬مرة‭ ‬في‭ ‬اليوم‭ ‬وتنقية‭ ‬المياه‭ ‬عبر‭ ‬مضخة‭ ‬بقوة‭ ‬1500‭ ‬لتر،‭ ‬حيث‭ ‬يستطيع‭ ‬النظام‭ ‬العمل‭ ‬بالطاقة‭ ‬المشمسية‭ ‬لمدة‭ ‬10‭ ‬ساعات‭ ‬في‭ ‬اليوم”‭. ‬ويضيف‭ ‬أنه‭ ‬حسب‭ ‬الاختبارات‭ ‬التي‭ ‬أجراها،‭ ‬فإن‭ ‬درجة‭ ‬حرارة‭ ‬المياه‭ ‬في‭ ‬الصيف‭ ‬تصل‭ ‬الى‭ ‬63‭ ‬درجة،‭ ‬ولكن‭ ‬بعد‭ ‬استخدام‭ ‬الجهاز‭ ‬تم‭ ‬تقليص‭ ‬درجة‭ ‬الحرارة‭ ‬إلى‭ ‬28‭ ‬درجة‭ ‬فقط‭. ‬ويشير‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬نظامين‭ ‬حاليين‭ ‬منتشران‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬لتبريد‭ ‬الخزانات‭ ‬لا‭ ‬يخليان‭ ‬من‭ ‬العيوب،‭ ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬باستخدام‭ ‬مروحة‭ ‬تهوية‭ ‬تثبت‭ ‬على‭ ‬غطاء‭ ‬الخزان،‭ ‬وهي‭ ‬تنقل‭ ‬الأتربة‭ ‬والأوساخ‭ ‬بكشل‭ ‬كبير‭ ‬للخزان‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬وجود‭ ‬خطر‭ ‬ماس‭ ‬كهربائي‭ ‬حيث‭ ‬النظام‭ ‬يعمل‭ ‬بطاقة‭ ‬كهربائية‭ ‬كاملة‭. ‬أما‭ ‬النظام‭ ‬الثاني،‭ ‬فهو‭ ‬استخدام‭ ‬أجهزة‭ ‬التبريد‭ ‬عبر‭ ‬تمرير‭ ‬أنابيب‭ ‬التبريد‭ ‬داخل‭ ‬الخزان‭ ‬وهي‭ ‬معرضة‭ ‬للتأكسد‭ ‬وتفاعلها‭ ‬مع‭ ‬مياه‭ ‬الخزان،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬المياه‭ ‬تكون‭ ‬باردة‭ ‬جداً،‭ ‬وتحتاج‭ ‬لخلطها‭ ‬بماء‭ ‬ساخن‭ ‬لتكون‭ ‬مناسبة‭ ‬للاستخدام‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬اختراعه‭ ‬هو‭ ‬التوفير‭ ‬الكبير‭ ‬في‭ ‬الطاقة‭ ‬الكهربائية‭ ‬ومستوى‭ ‬الحماية،‭ ‬حيث‭ ‬يعمل‭ ‬النظام‭ ‬بتيار‭ ‬كهربائي‭ ‬منخفض‭ ‬لا‭ ‬يشكل‭ ‬خطرا،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬مستوى‭ ‬النظافة،‭ ‬وتوفير‭ ‬مبالغ‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬15‭ ‬دينارا‭ ‬شهريا‭ ‬في‭ ‬فاتورة‭ ‬الكهرباء،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬عمر‭ ‬اللوح‭ ‬الشمسي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬عشرين‭ ‬عاما،‭ ‬حيث‭ ‬لا‭ ‬تتجاوز‭ ‬قيمة‭ ‬الجهاز‭ ‬250‭ ‬دينارا‭.‬

‭ ‬انطلاق‭ ‬المشروع

وبالفعل‭ ‬بدأ‭ ‬عبدالعال‭ ‬في‭ ‬تصميم‭ ‬بعض‭ ‬الأجهزة‭ ‬التجريبية‭ ‬واختبارها‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يقتنع‭ ‬بنجاعة‭ ‬الفكرة‭ ‬والشروع‭ ‬بالبدء‭ ‬في‭ ‬الإنتاج‭ ‬التجاري،‭ ‬ولكن‭ ‬مشوار‭ ‬عبدالعال‭ ‬لم‭ ‬يخلُ‭ ‬من‭ ‬الصعوبات‭ ‬وكان‭ ‬أهمها‭ ‬التمويل،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬أنه‭ ‬طرق‭ ‬مؤسسات‭ ‬تمويلية‭ ‬مثل‭ ‬بنك‭ ‬البحرين‭ ‬للتنمية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬التمويل،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬لم‭ ‬يوفق‭ ‬بذلك‭ ‬بسبب‭ ‬الاشتراطات‭ ‬المشددة؛‭ ‬كونه‭ ‬رائد‭ ‬عمل‭ ‬في‭ ‬بداية‭ ‬مشواره‭ ‬التجاري‭.‬

هنا‭ ‬عرض‭ ‬الفكرة‭ ‬على‭ ‬شقيقه‭ ‬الذي‭ ‬رحب‭ ‬بها‭ ‬ووجدها‭ ‬استثمار‭ ‬جيد،‭ ‬وقرر‭ ‬أن‭ ‬يستثمر‭ ‬نحو‭ ‬200‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬في‭ ‬المشروع‭.‬

عندها‭ ‬بدأ‭ ‬عبدالعال‭ ‬بزيارة‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬والمصنعين‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬الصين‭ ‬وروسيا‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬المطلوبة‭ ‬من‭ ‬المحركات‭ ‬ونوعية‭ ‬البلاستيك‭ ‬التي‭ ‬تقاوم‭ ‬أجواء‭ ‬البحرين،‭ ‬وتوفر‭ ‬عملية‭ ‬تشغيل‭ ‬آمنة‭ ‬وسلسة‭.‬

‭  ‬خطة‭ ‬للتوسع‭ ‬في‭ ‬المشروع

قام‭ ‬عبدالعال‭ ‬بتشييد‭ ‬مصنع‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الهملة‭ ‬مساحته‭ ‬200‭ ‬متر،‭ ‬حيث‭ ‬يعتبر‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬2020‭ ‬سنة‭ ‬الانطلاق‭ ‬بعد‭ ‬سنتين‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬والتحضيرات‭. ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬وزارة‭ ‬الصناعة‭ ‬والتجارة‭ ‬والسياحة‭ ‬قامت‭ ‬بمساعدته‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬“صنع‭ ‬في‭ ‬البحرين”،‭ ‬خصوصا‭ ‬أن‭ ‬المنتج‭ ‬غير‭ ‬موجود‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬معروض‭ ‬لدى‭ ‬شركته‭. ‬وعبر‭ ‬عبدالعال‭ ‬عن‭ ‬أمله‭ ‬في‭ ‬توسعة‭ ‬المصنع‭ ‬لنحو‭ ‬ألفي‭ ‬متر‭ ‬والتوسع‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬عبر‭ ‬تعيين‭ ‬وكلاء‭ ‬في‭ ‬أسواق‭ ‬المنطقة،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬التي‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬في‭ ‬الحسبان‭ ‬قللت‭ ‬بشكل‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬وتيرة‭ ‬العمل‭.‬