ضحالة الفكر وقلة الخبرة والثقافة أدت إلى ظهور أعمال رديئة

الحليبي: الدراما الخليجية تعاني ضعفا كبيرا

| أسامة الماجد

قال‭ ‬المخرج‭ ‬البحريني‭ ‬حسين‭ ‬الحليبي‭ ‬“إن‭ ‬الشكل‭ ‬النهائي‭ ‬للمسلسل‭ ‬الذي‭ ‬أخرجه‭ ‬“كأن‭ ‬شيئا‭ ‬لم‭ ‬يكن”‭ ‬خرج‭ ‬بشكل‭ ‬مغاير‭ ‬عن‭ ‬تجاربه‭ ‬السابقة،‭ ‬وترك‭ ‬المجال‭ ‬للمشاهد‭ ‬للتحليل‭ ‬والتفكير‭ ‬وافتراض‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التوقعات‭ ‬التي‭ ‬تتضح‭ ‬له‭ ‬تفاصيلها‭ ‬تدريجيا‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬الأحداث”‭. ‬ورأى‭ ‬الحليبي‭ ‬أن‭ ‬الكتابة‭ ‬الدرامية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬عموما‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬كبير‭ ‬وهناك‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬المتمرسين‭. ‬“البلاد”‭ ‬التقت‭ ‬بالحليبي‭ ‬وسجلت‭ ‬معه‭ ‬هذا‭ ‬الحوار‭:‬

المعروف‭ ‬عن‭ ‬الإخراج‭ ‬هو‭ ‬رسم‭ ‬الحركة‭ ‬وتخطيطها،‭ ‬ما‭ ‬الذي‭ ‬فعله‭ ‬الحليبي‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬“كأن‭ ‬شيئا‭ ‬لم‭ ‬يكن”؟

استطعنا‭ ‬في‭ ‬مسلسل‭ ‬“كأن‭ ‬شيئا‭ ‬لم‭ ‬يكن”‭ ‬لشركة‭ ‬“جلف‭ ‬جلوبال‭ ‬ميديا”،‭ ‬عبر‭ ‬عنصر‭ ‬الغموض‭ ‬والتشويق‭ ‬أن‭ ‬نتوجه‭ ‬إلى‭ ‬فئة‭ ‬من‭ ‬محبي‭ ‬هذا‭ ‬النوع‭ ‬من‭ ‬الأعمال‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬محتوى‭ ‬يشد‭ ‬المشاهد،‭ ‬ويترك‭ ‬له‭ ‬مجال‭ ‬التحليل‭ ‬والتفكير،‭ ‬وافتراض‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬التوقعات‭ ‬التي‭ ‬تتضح‭ ‬له‭ ‬تفاصيلها‭ ‬تدريجيا‭ ‬مع‭ ‬تطور‭ ‬الأحداث‭.‬

وكان‭ ‬للصمت‭ ‬حضور‭ ‬واضح‭ ‬في‭ ‬الشكل‭ ‬والرؤية‭ ‬الإخراجية‭ ‬للعمل،‭ ‬مرتبطا‭ ‬بذلك‭ ‬ارتباطا‭ ‬مباشرا‭ ‬بالحالة‭ ‬النفسية‭ ‬لشخصيات‭ ‬العمل،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬الشكل‭ ‬النهائي‭ ‬للعمل‭ ‬خرج‭ ‬بشكل‭ ‬مغاير‭ ‬عن‭ ‬تجاربي‭ ‬السابقة،‭ ‬وهنا‭ ‬يكمن‭ ‬التحدي،‭ ‬فنحن‭ ‬أمام‭ ‬عمل‭ ‬يجسد‭ ‬الأبعاد‭ ‬النفسية‭ ‬في‭ ‬تفاصيله‭ ‬كافة،‭ ‬فلغة‭ ‬العين‭ ‬وتعابير‭ ‬الممثلين‭ ‬ولغة‭ ‬جسدهم‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬دور‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬الحوار‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬المعنى‭.‬

ولذلك‭ ‬كنت‭ ‬حريصا‭ ‬كل‭ ‬الحرص‭ ‬في‭ ‬التركيز‭ ‬على‭ ‬التفاصيل‭ ‬كافة‭ ‬مع‭ ‬فريق‭ ‬عملي،‭ ‬ابتداء‭ ‬من‭ ‬إعداد‭ ‬الممثلين‭ ‬وبناء‭ ‬الشخصيات،‭ ‬ووضع‭ ‬تصور‭ ‬لشكل‭ ‬وسلوك‭ ‬كل‭ ‬شخصية‭ ‬مع‭ ‬خبيرة‭ ‬المظهر،‭ ‬وتحديد‭ ‬شكل‭ ‬الديكور‭ ‬والألوان‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالحالة‭ ‬النفسية‭ ‬مع‭ ‬مصمم‭ ‬المناظر،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬للرؤية‭ ‬البصرية‭ ‬دور‭ ‬في‭ ‬إيصال‭ ‬الحالة،‭ ‬وكان‭ ‬لمدير‭ ‬التصوير‭ ‬خليفة‭ ‬حداد‭ ‬لمسات‭ ‬واضحة‭ ‬ومؤثرة‭ ‬في‭ ‬تجسيد‭ ‬التصور‭ ‬المطلوب‭.‬

 

كيف‭ ‬يفسر‭ ‬المخرج‭ ‬بصورة‭ ‬محكمة‭ ‬ما‭ ‬يقوله‭ ‬المؤلف؟

أعتقد‭ ‬أن‭ ‬الكاتب‭ ‬والمخرج‭ ‬يسيران‭ ‬في‭ ‬خطين‭ ‬متوازيين،‭ ‬وهذان‭ ‬الخطان‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يلتقيا‭ ‬ولكنهما‭ ‬يبقيان‭ ‬متوازيين،‭ ‬فللكاتب‭ ‬قراءته‭ ‬ورؤيته،‭ ‬وللمخرج‭ ‬أيضا‭ ‬حقه‭ ‬في‭ ‬وضع‭ ‬قراءة‭ ‬ورؤية‭ ‬جديدة‭ ‬للعمل،‭ ‬وكثير‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬خلاف‭ ‬بين‭ ‬الكاتب‭ ‬والمخرج‭ ‬حول‭ ‬ذلك‭ ‬الموضوع،‭ ‬وقليل‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬من‭ ‬يستوعب‭ ‬ذلك‭ ‬الأمر،‭ ‬وبالنسبة‭ ‬لتجربتي‭ ‬الأخيرة‭ ‬مع‭ ‬الكاتبة‭ ‬سحاب،‭ ‬فقد‭ ‬كانت‭ ‬مقدرة‭ ‬لهذا‭ ‬الشأن،‭ ‬احترمت‭ ‬قراءة‭ ‬المخرج‭ ‬للعمل‭ ‬المتوازية‭ ‬مع‭ ‬كتابتها‭.‬

لماذا‭ ‬معظم‭ ‬قصص‭ ‬المسلسلات‭ ‬الخليجية‭ ‬متشابهة،‭ ‬أين‭ ‬التجديد،‭ ‬هل‭ ‬العلة‭ ‬في‭ ‬الكتابة‭ ‬أم‭ ‬ماذا؟

الكتابة‭ ‬الدرامية‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬عموما‭ ‬تعاني‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬كبير،‭ ‬فهناك‭ ‬قلة‭ ‬من‭ ‬الكتاب‭ ‬المتمرسين‭ ‬وأصحاب‭ ‬الأفكار‭ ‬المتجددة،‭ ‬وهذا‭ ‬ملحوظ‭ ‬في‭ ‬الساحة‭ ‬الفنية،‭ ‬ولكن‭ ‬عموما‭ ‬نرى‭ ‬هذا‭ ‬الضعف‭ ‬المتمثل‭ ‬فيما‭ ‬يطرح‭ ‬من‭ ‬محتوى‭ ‬سطحي‭ ‬وهابط،‭ ‬ونجد‭ ‬التكرار‭ ‬في‭ ‬الطرح‭ ‬الساذج،‭ ‬وهذا‭ ‬يعكس‭ ‬مدى‭ ‬ضحالة‭ ‬بعض‭ ‬الكتاب‭ ‬وقلة‭ ‬خبرتهم،‭ ‬وضعف‭ ‬مستواهم‭ ‬المعرفي‭ ‬والثقافي‭.‬

وللأسف‭ ‬فإنهم‭ ‬لا‭ ‬يقبلون‭ ‬النقد‭ ‬ولا‭ ‬يسعون‭ ‬لتطوير‭ ‬أدواتهم‭ ‬عبر‭ ‬الدراسة‭ ‬والاطلاع‭.‬

وقد‭ ‬نتج‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬ظهور‭ ‬أعمال‭ ‬رديئة‭ ‬واغلبها‭ ‬يكون‭ ‬موجها‭ ‬للمراهقين،‭ ‬وهنا‭ ‬تكمن‭ ‬الخطورة‭ ‬عندما‭ ‬تبني‭ ‬ذائقة‭ ‬مشوشة‭ ‬لدى‭ ‬الجماهير‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬العمرية‭.‬

 

ما‭ ‬حدود‭ ‬الرقابة‭ ‬عندك؟

يجب‭ ‬على‭ ‬الفنان‭ ‬أن‭ ‬يتحلى‭ ‬بحس‭ ‬المسؤولية‭ ‬المجتمعية‭ ‬فيما‭ ‬يقدم،‭ ‬والمعروف‭ ‬أن‭ ‬لكل‭ ‬وسيلة‭ ‬إعلامية‭ ‬مساحة‭ ‬محددة‭ ‬من‭ ‬الحرية،‭ ‬فالتلفزيون‭ ‬يختلف‭ ‬عن‭ ‬السينما‭ ‬أو‭ ‬المسرح،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬ذلك‭ ‬مرتبط‭ ‬بالفئات‭ ‬التي‭ ‬توجه‭ ‬لها‭ ‬المادة‭ ‬الفنية،‭ ‬وبالتالي‭ ‬فإن‭ ‬دور‭ ‬الفنان‭ ‬في‭ ‬رقابته‭ ‬الذاتية‭ ‬فيما‭ ‬يقدم‭ ‬أمر‭ ‬مهم‭.‬

أما‭ ‬فيما‭ ‬يخص‭ ‬الرقابة‭ ‬المبالغ‭ ‬فيها‭ ‬والتي‭ ‬تفرض‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬بعض‭ ‬القنوات‭ ‬التلفزيونية،‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬نطلق‭ ‬عليه‭ ‬مقص‭ ‬الرقيب،‭ ‬فأعتقد‭ ‬أنها‭ ‬رقابة‭ ‬مدمرة‭ ‬للإبداع،‭ ‬خصوصا‭ ‬إن‭ ‬كانت‭ ‬الرقابة‭ ‬خارجة‭ ‬عن‭ ‬الأساسيات‭ ‬الفنية‭ ‬والمهنية‭.‬