“كورونا” عرَّت مأزق العمالة الوافدة

الشعلة في “لايف إنستغرام البلاد”: 25 مليون مقيم بدول الخليج

| سعيد محمد

طرح‭ ‬رئيس‭ ‬مجلس‭ ‬إدارة‭ ‬صحيفة‭ ‬“البلاد”‭ ‬عبدالنبي‭ ‬عبدالله‭ ‬الشعلة‭ ‬مرئيات‭ ‬متعددة‭ ‬الاتجاهات‭ ‬في‭ ‬شأن‭ ‬المأزق‭ ‬الذي‭ ‬تعيشه‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لدول‭ ‬الخليج‭ ‬العربي؛‭ ‬بسبب‭ ‬تضخم‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة،‭ ‬وما‭ ‬كشفته‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬من‭ ‬تحديات‭ ‬مقلقة‭ ‬للغاية،‭ ‬مشددًا‭ ‬على‭ ‬أهمية‭ ‬وضع‭ ‬خطة‭ ‬خليجية‭ ‬علي‭ ‬يد‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬من‭ ‬ذوي‭ ‬الخبرة؛‭ ‬لإيجاد‭ ‬التصورات‭ ‬المسقبلية‭ ‬للحل‭.‬

الوضع‭ ‬في‭ ‬الخليج

وخلال‭ ‬حوار‭ ‬“لايف‭ ‬انستغرام”‭ ‬أجراه‭ ‬مشرف‭ ‬منتدى‭ ‬“البحرين‭ ‬مستقبلنا”‭ ‬محمد‭ ‬العرادي‭ ‬مع‭ ‬الشعلة‭ ‬مساء‭ ‬أمس‭ ‬الأول،‭ ‬أسهب‭ ‬الشعلة‭ ‬في‭ ‬حديثه‭ ‬في‭ ‬المحور‭ ‬الديمغرافي‭ ‬بدول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬قائلا‭ ‬منذ‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا‭ ‬وعدد‭ ‬العاطلين‭ ‬عن‭ ‬العمل‭ ‬الذين‭ ‬فقدوا‭ ‬أعمالهم‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬أجمع‭ ‬فاق‭ ‬الملايين‭ ‬والمزيد‭ ‬في‭ ‬الطريق،‭ ‬ونحن‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬نتأثر‭ ‬نتيجة‭ ‬لذلك،‭ ‬ونرى‭ ‬الصورة‭ ‬في‭ ‬الخليج،‭ ‬حيث‭ ‬عدد‭ ‬العمالة‭ ‬الأجنبية‭ ‬الوافدة‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬17‭ ‬مليونا‭ ‬ومع‭ ‬عائلتهم‭ ‬يرتفع‭ ‬العدد‭ ‬إلى‭ ‬24‭ ‬مليونا،‭ ‬ونحن‭ ‬نتعامل‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬مع‭ ‬الوافد‭ ‬كمواطن‭ ‬وفي‭ ‬بعض‭ ‬الأحيان‭ ‬نعاملهم‭ ‬بالمساواة‭ ‬الكاملة‭ ‬ويستفيدون‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬الخدمات‭ ‬التي‭ ‬يحصل‭ ‬عليها‭ ‬المواطن،‭ ‬واليوم‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الظروف‭ ‬الاستثنائية،‭ ‬فإن‭ ‬الوضع‭ ‬يضيق‭ ‬عليهم‭ ‬وأعداد‭ ‬المتسربين‭ ‬من‭ ‬السوق‭ ‬المنتظمة‭ ‬إلى‭ ‬السوق‭ ‬المفتوحة‭ ‬يتزايد‭ ‬نتيجة‭ ‬لتخلي‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬أصحاب‭ ‬الأعمال‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬العمالة؛‭ ‬نظرًا‭ ‬لتراجع‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬والأعمال،‭ ‬فيما‭ ‬المنطقة‭ ‬استكملت‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬مشاريع‭ ‬البنية‭ ‬التحتية‭ ‬مثل‭ ‬المطارات‭ ‬والموانئ‭ ‬وغيرها‭.‬

غلطان‭ ‬

وفيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمقترح‭ ‬الذي‭ ‬طرحه‭ ‬في‭ ‬مقالين‭ ‬سابقين‭ ‬بعنوان‭: ‬”مأزق‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭.. ‬أين‭ ‬كنت‭ ‬يا‭ ‬مطر‭ ‬في‭ ‬يوم‭ ‬عاشوراء”‭ ‬يومي‭ ‬10‭ ‬و13‭ ‬مايو‭ ‬بتشكيل‭ ‬فريق‭ ‬عمل‭ ‬خليجي،‭ ‬أكد‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬توفرت‭ ‬الإرادة‭ ‬من‭ ‬الجميع‭ ‬يمكن‭ ‬تحقيق‭ ‬ذلك‭ ‬ومعالجة‭ ‬الوضع‭ ‬في‭ ‬أسرع‭ ‬وقت‭ ‬ممكن‭.‬

‭ ‬وزاد‭ ‬قوله‭: ‬“الوقت‭ ‬متأخر‭ ‬جدًا‭ ‬وإن‭ ‬فكر‭ ‬أحد‭ ‬بالتخلص‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الشريحة‭ ‬بإعادتها‭ ‬إلى‭ ‬أوطانها،‭ ‬فهو‭ ‬غلطان؛‭ ‬لأن‭ ‬بلدانهم‭ ‬سترفض‭ ‬عودتهم‭! ‬وفي‭ ‬الواقع‭ ‬صرحت‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭.. ‬مثلًا‭.. ‬سفيرا‭ ‬الهند‭ ‬وباكستان‭ ‬صرحا‭ ‬بأن‭ ‬بلاديهما‭ ‬ليستا‭ ‬على‭ ‬استعداد‭ ‬لاستعادة‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬بسبب‭ ‬ظروف‭ ‬كورونا،‭ ‬ولكن‭ ‬ما‭ ‬قالاه‭ ‬هي‭ ‬كلمة‭ ‬حق‭ ‬يراد‭ ‬بها‭ ‬باطل‭ ‬والنية‭ ‬معروفة،‭ ‬فهم‭ ‬لن‭ ‬يسترجعوا‭ ‬العمالة‭ ‬وهم‭ ‬يرفضون‭ ‬عمليًا”،‭ ‬وبسؤال‭ ‬مدير‭ ‬اللقاء‭ ‬محمد‭ ‬حسن‭ ‬العرادي‭ ‬حول‭ ‬ما‭ ‬إذا‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬حقهم‭ ‬الرفض‭ ‬أجاب‭ ‬الشعلة‭: ‬“الأعراف‭ ‬الدولية‭ ‬المتعلقة‭ ‬بحقوق‭ ‬الإنسان‭ ‬وحقوق‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬والهيئات‭ ‬المعنية‭ ‬بذلك‭ ‬لفتت‭ ‬أنظار‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وتم‭ ‬تحذيرهم،‭ ‬وحدث‭ ‬ذلك‭ ‬منذ‭ ‬سنين‭ ‬والآن‭ ‬الوضع‭ ‬اختلف‭ ‬مع‭ ‬كورونا‭ ‬واتضحت‭ ‬الأمور‭ ‬وفضحت‭ ‬أمور‭ ‬أخرى‭ ‬وكشفتها،‭ ‬فهذه‭ ‬العمالة‭ ‬خصوصًا‭ ‬الدنيا‭ ‬منها،‭ ‬أصبحت‭ ‬عبئًا‭ ‬على‭ ‬المجتمع‭ ‬وعلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬وكلفته‭ ‬عالية‭ ‬حتى‭ ‬على‭ ‬هويتنا”‭.‬

تحرك‭ ‬الملف

تطرق‭ ‬الشعلة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬حالة‭ ‬البحرين‭ ‬لا‭ ‬تختلف‭ ‬عن‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬المنطقة‭ ‬وحجم‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬أي‭ ‬حجم‭ ‬الأيدي‭ ‬العاملة‭ ‬في‭ ‬الخليج‭ ‬ككل‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬60‭ % ‬وبدرجات‭ ‬متفاوتة‭ ‬صغيرة‭ ‬جدًا‭ ‬بين‭ ‬كل‭ ‬دولة‭ ‬وأخرى،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬وضعنا‭ ‬في‭ ‬البحرين‭ ‬أفضل‭ ‬بكثير،‭ ‬لكن‭ ‬بلاشك‭ ‬فمع‭ ‬تغير‭ ‬الموازين‭ ‬بسبب‭ ‬هجمة‭ ‬كورونا،‭ ‬استيقظنا‭ ‬وتحرك‭ ‬ملف‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬لدى‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬بسبب‭ ‬الأوضاع‭ ‬الاقتصادية‭ ‬المتراجعة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬ومنه‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬وبلادنا،‭ ‬وعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬جهود‭ ‬الدولة‭ ‬لدعم‭ ‬النشاط‭ ‬الاقتصادي‭ ‬ودعم‭ ‬القطاع‭ ‬الخاص‭ ‬وعلى‭ ‬الأخص‭ ‬المؤسسات‭ ‬الصغيرة‭ ‬والمتوسطة،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬العبء‭ ‬أصبح‭ ‬محسوسًا‭ ‬في‭ ‬البلاد‭.‬

وتناول‭ ‬الشعلة‭ ‬بعض‭ ‬المخاوف،‭ ‬فقال‭: ‬“لا‭ ‬يمكن‭ ‬ترك‭ ‬أي‭ ‬إنسان‭ ‬يعاني،‭ ‬فهناك‭ ‬من‭ ‬ارتكب‭ ‬الأخطاء‭ ‬واستقطب‭ ‬العمالة‭ ‬وأطلقها‭ ‬في‭ ‬سوق‭ ‬العمل،‭ ‬والدولة‭ ‬قدمت‭ ‬العناية‭ ‬والرعاية،‭ ‬وستضطر‭ ‬دول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬لأن‭ ‬يمدوا‭ ‬شبكة‭ ‬الرعاية‭ ‬والعناية‭ ‬الإنسانية‭ ‬لهؤلاء‭ ‬البشر،‭ ‬فبعضهم‭ ‬بدأ‭ ‬في‭ ‬التسول‭ ‬وهذه‭ ‬هي‭ ‬البداية‭ ‬وجزء‭ ‬منهم‭ ‬قد‭ ‬يتحول‭ ‬نحو‭ ‬الجريمة،‭ ‬فالإنسان‭ ‬الجائع‭ ‬بلا‭ ‬عمل‭ ‬يتجه‭ ‬للجريمة‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬في‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية،‭ ‬وهناك‭ ‬توقعات‭ ‬بظهور‭ ‬العنف‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬سيقابله‭ ‬إحساس‭ ‬بالكراهية‭ ‬تجاه‭ ‬الوافد‭ ‬الأجنبي،‭ ‬وأشار‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬قد‭ ‬تلجأ‭ ‬لإغراء‭ ‬هذه‭ ‬العمالة‭ ‬للعودة‭ ‬إلى‭ ‬بلدانهم،‭ ‬وربما‭ ‬تلجأ‭ ‬للتفاوض‭ ‬مع‭ ‬دولهم‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬لإعادة‭ ‬العمالة‭.‬

كوادر‭ ‬وطنية

وذهب‭ ‬الحديث‭ ‬إلى‭ ‬جو‭ ‬من‭ ‬التلطيف‭ ‬والطرفة،‭ ‬في‭ ‬اتجاه‭ ‬ما‭ ‬قيل‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬ستنقل‭ ‬رعاياها‭ ‬في‭ ‬بوارج‭ ‬حربية،‭ ‬فقال‭ ‬الشعلة‭: ‬“لم‭ ‬أسمع‭ ‬بذلك‭.. ‬وأضاف‭ ‬مازحًا،‭ ‬لكن‭ ‬إذا‭ ‬يشيلونهم‭ ‬في‭ ‬بوارج‭ ‬حربية‭ ‬على‭ ‬كيفهم‭ ‬بدال‭ ‬ما‭ ‬يحطونم‭ ‬في‭ ‬بواخر‭ ‬نقل‭.. ‬ما‭ ‬اعتقد‭ ‬فيها‭ ‬مشكلة،‭ ‬لكن‭ ‬أنا‭ ‬ما‭ ‬سمعت”‭!‬،‭ ‬ونوه‭ ‬الشعلة‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬خللا‭ ‬واضحا‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬سوق‭ ‬العمل‭ ‬وقواعد‭ ‬العرض‭ ‬والطلب،‭ ‬وأرى‭ ‬أن‭ ‬الحاجة‭ ‬ملحة‭ ‬كانت‭ ‬ولا‭ ‬تزال‭ ‬تحظى‭ ‬باهتمام‭ ‬المسؤولين،‭ ‬وهي‭ ‬العمل‭ ‬على‭ ‬تهيئة‭ ‬وإعداد‭ ‬الكوادر‭ ‬الوطنية‭ ‬من‭ ‬مخرجات‭ ‬التعليم‭ ‬لتكون‭ ‬قادرة‭ ‬ومؤهلة؛‭ ‬للاستفادة‭ ‬من‭ ‬فرص‭ ‬العمل‭ ‬التي‭ ‬يولدها‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البحريني،‭ ‬لكن‭ ‬ليست‭ ‬هناك‭ ‬كفاية‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬المؤهلة‭ ‬لتلك‭ ‬الفرص‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬حاجة‭ ‬المجتمع‭ ‬في‭ ‬الواقع‭ ‬لتصحيح‭ ‬نظرته‭ ‬فيما‭ ‬يتعلق‭ ‬بكفاءة‭ ‬وقدرة‭ ‬العمالة‭ ‬الوطنية‭.‬