إفطار صائم

| مريم أبودريس

في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬الاستثنائية‭ ‬التي‭ ‬يمر‭ ‬بها‭ ‬العالم‭ ‬اليوم‭ ‬نتيجة‭ ‬تفشي‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬“كوفيد‭ ‬‮١٩‬”‭ ‬الذي‭ ‬فتك‭ ‬بالآلاف‭ ‬حتى‭ ‬اليوم‭ ‬وأصاب‭ ‬ما‭ ‬يفوق‭ ‬ثلاثة‭ ‬ملايين‭ ‬شخص‭ ‬حول‭ ‬العالم،‭ ‬منهم‭ ‬قرابة‭ ‬ثلاثة‭ ‬آلاف‭ ‬في‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬التدابير‭ ‬التي‭ ‬اتخذت‭ ‬للسيطرة‭ ‬على‭ ‬تفشي‭ ‬المرض،‭ ‬إلا‭ ‬أننا‭ ‬نُفاجأ‭ ‬بارتفاع‭ ‬مخيف‭ ‬في‭ ‬الأعداد‭ ‬يوما‭ ‬بعد‭ ‬آخر،‭ ‬وتتحمل‭ ‬مسؤوليته‭ ‬بعض‭ ‬التصرفات‭ ‬اللامسؤولة‭ ‬من‭ ‬المواطنين‭ ‬أو‭ ‬التجمعات‭ ‬للعمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬بحجة‭ ‬توزيع‭ ‬إفطار‭ ‬صائم‭.‬

إن‭ ‬ما‭ ‬اعتادت‭ ‬عليه‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬من‭ ‬توزيع‭ ‬الطعام‭ ‬خلال‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬لا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬أمرا‭ ‬مقبولا‭ ‬ومُيسرا‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الظروف،‭ ‬ولسنا‭ ‬في‭ ‬ظرف‭ ‬يمارس‭ ‬فيه‭ ‬الجوع‭ ‬سطوته،‭ ‬ولكننا‭ ‬في‭ ‬حرب‭ ‬ضد‭ ‬شيء‭ ‬فتاك‭ ‬ينتقل‭ ‬بأنفاسنا‭ ‬وأيدينا‭ ‬وأجسامنا‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬بنا‭. ‬العمال‭ ‬الآسيويون‭ ‬لا‭ ‬يعانون‭ ‬الفاقة‭ ‬بسبب‭ ‬هذه‭ ‬الجائحة،‭ ‬وتوجيه‭ ‬الأموال‭ ‬لإفطار‭ ‬صائم‭ ‬ليس‭ ‬بهذه‭ ‬الطريقة،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬كل‭ ‬الخطوات‭ ‬التي‭ ‬اتخذتها‭ ‬الحكومة‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬يُضار‭ ‬أحد،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬ولابد‭ ‬أن‭ ‬نتحدث‭ ‬بصراحة‭ ‬فإن‭ ‬الأموال‭ ‬المتاحة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تُصرف‭ ‬في‭ ‬شراء‭ ‬الأدوية‭ ‬والمعدات‭ ‬الطبية‭ ‬التي‭ ‬تثقل‭ ‬كاهل‭ ‬ميزانية‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬الحرج‭.‬

الإنسانية‭ ‬أمر‭ ‬جيد‭ ‬لكنها‭ ‬ذات‭ ‬أوجه،‭ ‬وليس‭ ‬إطعام‭ ‬المحتاج‭ ‬الأمر‭ ‬اليتيم‭ ‬الذي‭ ‬يمكن‭ ‬تقديمه،‭ ‬يجب‭ ‬ألا‭ ‬نسمح‭ ‬للعواطف‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬نحن‭ ‬فيه‭ ‬بحاجة‭ ‬للعقل‭ ‬كي‭ ‬يحدد‭ ‬الأولويات‭ ‬في‭ ‬الأوقات‭ ‬الاستثنائية‭.‬

جميعنا‭ ‬مطالبون‭ ‬بالتصرف‭ ‬بحكمة،‭ ‬ومازال‭ ‬أمامنا‭ ‬طريق‭ ‬طويل‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬التحدي‭ ‬الأكبر،‭ ‬وإهدار‭ ‬أموال‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬ليست‭ ‬ذات‭ ‬أولوية‭ ‬يصب‭ ‬في‭ ‬خانة‭ ‬الهدر‭ ‬الذي‭ ‬لا‭ ‬مجال‭ ‬لقبوله‭ ‬ونحن‭ ‬نمر‭ ‬بهذا‭ ‬الاختبار‭ ‬الذي‭ ‬سيغير‭ ‬بلا‭ ‬شك‭ ‬وجه‭ ‬الحياة‭ ‬التي‭ ‬عرفناها‭ ‬قبله‭.‬

لندعم‭ ‬بكل‭ ‬الإمكانيات‭ ‬القطاع‭ ‬الصحي‭ ‬ونوجه‭ ‬كل‭ ‬تبرع‭ ‬ممكن‭ ‬لتوفير‭ ‬المستلزمات،‭ ‬فدون‭ ‬ذلك‭ ‬لا‭ ‬طائل‭ ‬من‭ ‬إطعام‭ ‬المرضى‭ ‬أو‭ ‬المصابين‭.‬