شعائر شهر رمضان وطقوسه في “زمن كورونا”

استقبل‭ ‬المسلمون‭ ‬أكثر‭ ‬شهورهم‭ ‬قدسية‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬“هادئًا”‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬العادة،‭ ‬إذ‭ ‬طلَّ‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬في‭ ‬توقيت‭ ‬صعب‭ ‬على‭ ‬العالم‭ ‬الإسلامي؛‭ ‬بسبب‭ ‬جائحة‭ ‬كورونا،‭ ‬وفرضت‭ ‬هذه‭ ‬الأزمة‭ ‬التباعد‭ ‬في‭ ‬الشهر‭ ‬الذي‭ ‬يعتبره‭ ‬المسلمون‭ ‬فرصة‭ ‬للتواصل‭ ‬والتقارب‭.‬

‭ ‬بلا‭ ‬مساجد

أسهم‭ ‬قيّم‭ ‬جامع‭ ‬محمد‭ ‬بن‭ ‬يوسف‭ ‬الحسن‭ ‬خالد‭ ‬الشنو‭ ‬بقوله‭: ‬ما‭ ‬يميز‭ ‬المساجد‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬عن‭ ‬بقية‭ ‬الشهور‭ ‬هي‭ ‬صلاة‭ ‬التراويح‭ ‬التي‭ ‬تؤدّى‭ ‬بشكل‭ ‬جماعي‭ ‬واعتكاف‭ ‬المسلمين‭ ‬فيه‭. ‬

لكن‭ ‬بعد‭ ‬إعلان‭ ‬إيقاف‭ ‬التجمعات‭ ‬والصلاة،‭ ‬اعترى‭ ‬المسلمين‭ ‬مشاعر‭ ‬الحزن‭ ‬والشوق‭ ‬لبيوت‭ ‬الله،‭ ‬حيث‭ ‬إن‭ ‬عدد‭ ‬المصلين‭ ‬يزداد‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬ونفوس‭ ‬المسلمين‭ ‬تصبح‭ ‬أقرب‭ ‬إلى‭ ‬ربها،‭ ‬وتابع‭ ‬قوله‭: ‬ولتعويض‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬نرى‭ ‬أن‭ ‬يختار‭ ‬رب‭ ‬الأسرة‭ ‬مكانًا‭ ‬ملائمًا‭ ‬ليحيي‭ ‬الصلاة‭ ‬جماعةً‭ ‬في‭ ‬بيته‭ ‬مع‭ ‬أسرته،‭ ‬فيكون‭ ‬ذلك‭ ‬المكان‭ ‬هو‭ ‬مسجد‭ ‬البيت”‭.‬

تجميد‭ ‬دور‭ ‬العبادة

وحفاظًا‭ ‬على‭ ‬الأجواء‭ ‬العبادية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬والالتزام‭ ‬الكامل‭ ‬بالتوجيهات‭ ‬الاحترازية‭ ‬الضرورية‭ ‬من‭ ‬جهة‭ ‬أخرى،‭ ‬قال‭ ‬رئيس‭ ‬اللجنة‭ ‬الإعلامية‭ ‬لمأتم‭ ‬قرية‭ ‬المرخ‭ ‬عدنان‭ ‬جابر‭: ‬إن‭ ‬للمآتم‭ ‬دورا‭ ‬كبيرا‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬فهو‭ ‬يشكّل‭ ‬نقطة‭ ‬تلاقي‭ ‬للأهالي‭ ‬في‭ ‬التعارف‭ ‬والتواصل‭ ‬مع‭ ‬بعضهم‭ ‬البعض،‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الدور‭ ‬الثقافي‭ ‬والتوعوي‭.‬

ولكن‭ ‬بسبب‭ ‬الظروف،‭ ‬ارتأت‭ ‬إدارة‭ ‬المأتم‭ ‬على‭ ‬تفعيل‭ ‬الوعظ‭ ‬الديني‭ ‬والخطابة‭ ‬في‭ ‬المأتم‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬قناة‭ ‬في‭ (‬اليوتيوب‭). ‬واختتم‭ ‬قوله‭:‬‭ ‬إن‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬أتى‭ ‬بالإيجاب،‭ ‬فتدريب‭ ‬الكوادر‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬السنين‭ ‬الفائتة‭ ‬جاء‭ ‬بالثمرة‭ ‬المميزة‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذا‭ ‬الظرف‭ ‬الاستثنائي‭. ‬

تضاعف‭ ‬دور‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية

يتجلى‭ ‬دور‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬واضحًا‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬أكبر‭ ‬قدر‭ ‬من‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬المجتمع،‭ ‬ويتكاثف‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬تحديدًا،‭ ‬فجاءت‭ ‬مشاركة‭ ‬رئيس‭ ‬جمعية‭ ‬جنوسان‭ ‬الخيرية‭ ‬حسين‭ ‬الصباغ،‭ ‬قائلًا‭: ‬تبذل‭ ‬الجمعيات‭ ‬الخيرية‭ ‬جهودًا‭ ‬مضنية‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬تقليص‭ ‬الفجوة‭ ‬بين‭ ‬معيشة‭ ‬الأسر‭ ‬المتعففة‭ ‬من‭ ‬جانب،‭ ‬ومعيشة‭ ‬الأسر‭ ‬الغنية‭ ‬والمتوسطة‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬آخر‭.‬

ويمثل‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬المواسم‭ ‬لتسلم‭ ‬الجمعيات‭ ‬المساعدات‭ ‬النقدية‭ ‬والعينية‭ ‬لصالح‭ ‬تلك‭ ‬الأسر،‭ ‬وتقوم‭ ‬هذه‭ ‬الجمعيات‭ ‬بدورها‭ ‬في‭ ‬توصيل‭ ‬المساعدات‭ ‬لمستحقيها،‭ ‬لكنها‭ ‬تشترك‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬المساعدات‭ ‬الغذائية‭ ‬ومتطلبات‭ ‬الملابس‭ ‬الجديدة‭ ‬في‭ ‬عيد‭ ‬الفطر‭ ‬المبارك،‭ ‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬زكاة‭ ‬الفطرة‭.‬

إلغاء‭ ‬الفعاليات‭ ‬الرياضية‭ ‬

شهد‭ ‬العالم‭ ‬الرياضي‭ ‬تحولًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬الأيام‭ ‬الماضية،‭ ‬بعدما‭ ‬وجد‭ ‬الرياضيون‭ ‬ومحبو‭ ‬الرياضة‭ ‬أنفسهم‭ ‬مجبرين‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬منازلهم؛‭ ‬نتيجة‭ ‬توقف‭ ‬الأنشطة‭ ‬الرياضية،‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬الشأن‭ ‬قال‭ ‬المقدم‭ ‬الرياضي‭ ‬حمد‭ ‬الشملان‭: ‬تقام‭ ‬عادةً‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬البطولات‭ ‬الرياضية‭ ‬والشبابية‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬مناطق‭ ‬ومدن‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين،‭ ‬فلا‭ ‬تخلو‭ ‬أي‭ ‬منطقة‭ ‬من‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأنشطة‭ ‬الجماعية‭ ‬التي‭ ‬تشحن‭ ‬بالأجواء‭ ‬التنافسية‭ ‬الشديدة؛‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التتويج‭ ‬بالفوز‭. ‬وعبر‭ ‬من‭ ‬وجهة‭ ‬نظره‭: ‬دائمًا‭ ‬ما‭ ‬أحب‭ ‬أذكر‭ ‬الجمهور‭ ‬في‭ ‬استغلال‭ ‬هذا‭ ‬الوقت‭ ‬بصورة‭ ‬إيجابية،‭ ‬ومشاهدة‭ ‬الجانب‭ ‬المشرق‭ ‬من‭ ‬الظرف‭ ‬الاستثنائي‭ ‬الذي‭ ‬نعيشه‭ ‬الآن،‭ ‬فهو‭ ‬تحدٍّ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬كونه‭ ‬أزمة‭. ‬

تجنب‭ ‬التجمعات‭ ‬العائلية‭ ‬

لأن‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬هو‭ ‬رمضان‭ ‬الأسرة؛‭ ‬بسبب‭ ‬ارتباطه‭ ‬بعادات‭ ‬اجتماعية‭ ‬راسخة،‭ ‬لكن‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬انتشار‭ ‬فايروس‭ ‬كورونا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬سيتم‭ ‬ممارسة‭ ‬تلك‭ ‬العادات‭ ‬بطريقة‭ ‬جديدة،‭ ‬إذ‭ ‬يجب‭ ‬تقديم‭ ‬بعض‭ ‬التنازلات،‭ ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬عبرت‭ ‬عنه‭ ‬استشارية‭ ‬الصحة‭ ‬العامة‭ ‬رئيسة‭ ‬جمعية‭ ‬أصدقاء‭ ‬الصحة‭ ‬كوثر‭ ‬العيد،‭ ‬قائلة‭:‬‭ ‬ننصح‭ ‬بالحفاظ‭ ‬على‭ ‬مسافة‭ ‬آمنة‭ ‬وعدم‭ ‬الاختلاط‭ ‬مع‭ ‬الآخرين‭ ‬خلال‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل؛‭ ‬حفاظا‭ ‬على‭ ‬السلامة‭ ‬العامة‭ ‬ومساندةً‭ ‬للجهود‭ ‬الحكومية‭.‬

فالتباعد‭ ‬الاجتماعي‭ ‬إلى‭ ‬جانب‭ ‬الحجر‭ ‬المنزلي‭ ‬باتا‭ ‬ضرورة‭ ‬ملحة،‭ ‬وعلى‭ ‬الجميع‭ ‬الالتزام‭ ‬بهما‭ ‬وتطبيقهما،‭ ‬كما‭ ‬يجب‭ ‬غرس‭ ‬ثقافة‭ ‬جديدة‭ ‬عند‭ ‬أفراد‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬التحكم‭ ‬في‭ ‬عواطفنا‭ ‬والابتعاد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬شأنه‭ ‬نقل‭ ‬العدوى،‭ ‬فبدلًا‭ ‬من‭ ‬التجمعات‭ ‬العائلية‭ ‬يمكننا‭ ‬التعبير‭ ‬عن‭ ‬حبنا‭ ‬لأسرنا‭ ‬وأصدقائنا‭ ‬بالتواصل‭ ‬معهم‭ ‬عبر‭ ‬المحادثات‭ ‬الهاتفية‭ ‬والمرئية،‭ ‬وتشجيعهم‭ ‬على‭ ‬الحفاظ‭ ‬على‭ ‬سلامتهم‭ ‬بالبقاء‭ ‬في‭ ‬المنزل‭.‬

العزوف‭ ‬عن‭ ‬محلات‭ ‬الحلويات‭ ‬

قالت‭ ‬صاحبة‭ ‬أحد‭ ‬محلات‭ ‬تقديم‭ ‬الحلويات‭: ‬بسبب‭ ‬تفشي‭ ‬الفايروس،‭ ‬لن‭ ‬يشهد‭ ‬الشهر‭ ‬أحد‭ ‬أبرز‭ ‬مظاهره؛‭ ‬بسبب‭ ‬الالتزامات‭ ‬الوقائية‭ ‬التي‭ ‬تفرض‭ ‬على‭ ‬الجميع‭ ‬البقاء‭ ‬في‭ ‬المنزل،‭ ‬ذلك‭ ‬ما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬الإقبال‭ ‬الضئيل‭ ‬الذي‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬20‭ % ‬فقط‭ ‬من‭ ‬الزبائن،‭ ‬ورغم‭ ‬سلبية‭ ‬العدد‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬مؤشر‭ ‬جيد‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬وعي‭ ‬الناس‭ ‬والتزامها‭. ‬

 

تحقيق‭ ‬طالبة‭ ‬الإعلام‭: ‬زينب‭ ‬محمد

‭ ‬جامعة‭ ‬البحرين