عبارات تدغدغ مشاعر المارة وتبعث الأمل مجددًا

شخابيط جدارية في حب الوطن

| إبراهيم النهام | تصوير- رسول الحجيري

“قد‭ ‬لا‭ ‬توجد‭ ‬طريقة‭ ‬لفهم‭ ‬الإنسان‭ ‬إلا‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬الفن”،‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬تدري‭ ‬أو‭ ‬لا‭ ‬تدري‭ ‬تضمر‭ ‬الأديبة‭ ‬نادين‭ ‬غورديمير‭ ‬في‭ ‬جملتها‭ ‬هذه‭ ‬غريزة‭ ‬إنسانية‭ ‬يتشارك‭ ‬بها‭ ‬معظم‭ ‬البشر،‭ ‬في‭ ‬الفضول‭ ‬بكشف‭ ‬الخفايا‭ ‬والأسرار‭ ‬أي‭ ‬كانت‭.‬

وكثيرة‭ ‬هي‭ ‬الطريق‭ ‬التي‭ ‬يفضفض‭ ‬بها‭ ‬المرء‭ ‬عما‭ ‬يدور‭ ‬في‭ ‬خلجات‭ ‬نفسه،‭ ‬من‭ ‬قريحة‭ ‬أفكار،‭ ‬ومشاعر،‭ ‬وهموم،‭ ‬وربما‭ ‬آراء‭ ‬تعكس‭ ‬الواقع‭ ‬المعاش،‭ ‬فبالوقت‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يلجم‭ ‬به‭ ‬اللسان‭ ‬عن‭ ‬النطق‭ ‬والحديث،‭ ‬تنطلق‭ ‬فوهة‭ ‬القلم،‭ ‬أو‭ ‬الريشة،‭ ‬لتعبر‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬التراكمات‭ ‬المدفونة،‭ ‬والتي‭ ‬تترجم‭ ‬القيم‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬والعادات،‭ ‬والتقاليد،‭ ‬وطبيعة‭ ‬النظام‭ ‬السياسي‭ ‬نفسه‭.‬

بهذه‭ ‬الرؤية‭ ‬الموجزة،‭ ‬استذكرت‭ ‬تأثير‭ ‬الريشة‭ ‬في‭ ‬الرأي‭ ‬العام،‭ ‬والفرد‭ ‬خصوصا،‭ ‬وأن‭ ‬أتطلع‭ ‬بدهشة‭ ‬وإعجاب‭ ‬لسلسلة‭ ‬من‭ ‬الشخابيط‭ ‬الجميلة‭ ‬في‭ ‬حب‭ ‬الوطن‭ ‬والدين،‭ ‬والتي‭ ‬نحتت‭ ‬بخط‭ ‬جميل،‭ ‬تفاوت‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬اللونين‭ ‬الأحمر‭ ‬كلون‭ ‬رئيس‭ ‬والأسود‭ ‬كمحدد‭ ‬له،‭ ‬على‭ ‬عدد‭ ‬واسع‭ ‬من‭ ‬محطات‭ ‬الكهرباء‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬مناطق‭ ‬البحرين‭.‬

هذه‭ ‬المحطات‭ ‬البيضاء،‭ ‬وبفعل‭ ‬فاعل‭ ‬مجهول‭ ‬الهوية‭ ‬كما‭ ‬ذكر‭ ‬لي‭ ‬أحد‭ ‬رؤساء‭ ‬المجالس‭ ‬البلدية،‭ ‬حول‭ ‬واجهاتها‭ ‬الصماء‭ ‬الميتة،‭ ‬إلى‭ ‬واحة‭ ‬تنطق‭ ‬بالذكر،‭ ‬وبمحبة‭ ‬الأوطان،‭ ‬وفي‭ ‬تعزيز‭ ‬التكافل‭ ‬الاجتماعي‭.‬

“وطني‭ ‬حبيبي”‭ ‬،‭ ‬و”سبحان‭ ‬الله‭ ‬وبحمده”‭ ‬وغيرها،‭ ‬من‭ ‬العبارات‭ ‬التي‭ ‬تدغدغ‭ ‬المشاعر،‭ ‬وتثير‭ ‬فيه‭ ‬عواصف‭ ‬من‭ ‬الحنان‭ ‬والولاء‭ ‬والانتماء،‭ ‬كانت‭ ‬مرسومة‭ ‬على‭ ‬أحد‭ ‬هذه‭ ‬الجدران،‭ ‬بعملية‭ ‬منظمة‭ ‬ومقصودة،‭ ‬تخرج‭ ‬بشكل‭ ‬فني‭ ‬منمق‭ ‬ومرتب،‭ ‬بألوان‭ ‬وتصاميم‭ ‬مميزة‭ ‬للغاية‭.‬

هذه‭ ‬الكتابة‭ ‬الجدارية،‭ ‬والتي‭ ‬انسابت‭ ‬لشوارع‭ ‬المملكة‭ ‬بهدوء‭ ‬وجمال‭ ‬تام‭ (‬غير‭ ‬مرخص‭)‬،‭ ‬استطاعت‭ ‬بأيام‭ ‬معدودة‭ ‬من‭ ‬ظهورها،‭ ‬أن‭ ‬تنفض‭ ‬الغبار‭ ‬الجاثم‭ ‬بداخلنا،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الظروف‭ ‬التي‭ ‬تمر‭ ‬بها‭ ‬البحرين‭ ‬والعالم‭ ‬كله‭ ‬اليوم،‭ ‬مقدمة‭ ‬بنات‭ ‬أفكار‭ ‬محبي‭ ‬الأوطان،‭ ‬وهي‭ ‬تتراقص‭ ‬على‭ ‬جدران‭ ‬صماء،‭ ‬ميته،‭ ‬باردة،‭ ‬تاركة‭ ‬عليها‭ ‬بصمة‭ ‬من‭ ‬الروح‭ ‬النابضة‭ ‬بالحياة‭.‬