الجلوس في البيت فرصة لتعلم مهارات جديدة

رمضان 2020 عند الشباب البحريني.. غير!

| طارق البحار

يكرّس‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني،‭ ‬وفي‭ ‬بقية‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬أنفسهم‭ ‬للصلاة‭ ‬والدعاء،‭ ‬ويرى‭ ‬فيه‭ ‬البعض‭ ‬الآخر‭ ‬فرصة‭ ‬للتقرب‭ ‬من‭ ‬الأهل‭ ‬والإفطار‭ ‬والجلوس‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬بعيدا‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬عن‭ ‬التسكع‭ ‬في‭ ‬الخيم‭ ‬الرمضانية‭ ‬في‭ ‬السهر‭ ‬والشيشة‭! ‬مشاعر‭ ‬متنوعة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬في‭ ‬رمضان‭ ‬تراود‭ ‬الشباب‭ ‬البحريني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل،‭ ‬تنسيهم‭ ‬بعض‭ ‬العادات‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬منتشرة‭ ‬في‭ ‬الأعوام‭ ‬الماضية،‭ ‬وتنمّي‭ ‬فيهم‭ ‬روح‭ ‬المحبة‭ ‬والعطاء‭ ‬وتجمعهم‭ ‬مع‭ ‬محبيهم‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار‭. ‬كل‭ ‬يمضي‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬المبارك‭ ‬على‭ ‬طريقته،‭ ‬فبين‭ ‬من‭ ‬ينتهز‭ ‬حلول‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬للمساعدة‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬وقراءة‭ ‬القرآن‭ ‬والعمل‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬غرفته،‭ ‬وبين‭ ‬من‭ ‬يتوق‭ ‬للخروج‭!‬

يعتبر‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬مجالا‭ ‬إيمانيا‭ ‬كبير‭ ‬للجميع،‭ ‬بغض‭ ‬النظر‭ ‬عن‭ ‬أي‭ ‬فوارق‭ ‬أخرى،‭ ‬وهذا‭ ‬الأمر‭ ‬نلمسه‭ ‬على‭ ‬موائد‭ ‬الإفطار‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬مع‭ ‬التجمعات‭ ‬الصغيرة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الخيم‭ ‬الرمضانية،‭ ‬فعلى‭ ‬الرغم‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬ذلك‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬لا‭ ‬يحبون‭ ‬الخروج‭ ‬خلال‭ ‬هذا‭ ‬الشهر،‭ ‬ويقضون‭ ‬معظم‭ ‬أوقاتهم‭ ‬مع‭ ‬العائلة‭ ‬بانتظار‭ ‬ساعة‭ ‬الإفطار،‭ ‬إذ‭ ‬يجتمعون‭ ‬وتسود‭ ‬أجواء‭ ‬المحبة‭ ‬والفرح،‭ ‬فهم‭ ‬ليسوا‭ ‬من‭ ‬روّاد‭ ‬الخيم‭ ‬الرمضانية‭ ‬والشيشة‭ ‬والضجيج‭ ‬بعد‭ ‬يوم‭ ‬الصوم‭ ‬الطويل،‭ ‬وهم‭ ‬قلة‭ ‬للأسف،‭ ‬ويفضلون‭ ‬الهدوء‭ ‬ومتابعة‭ ‬البرامج‭ ‬والمسلسلات‭ ‬على‭ ‬شاشة‭ ‬التلفزيون‭ ‬والعديد‭ ‬من‭ ‬النشاطات‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬التي‭ ‬تعودوا‭ ‬عليها‭ ‬طول‭ ‬الطلب‭ ‬بالجلوس‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬في‭ ‬الأشهر‭ ‬الماضية،‭ ‬فيحرصون‭ ‬على‭ ‬البقاء‭ ‬مع‭ ‬الأهل،‭ ‬خصوصا‭ ‬الفتيات‭ ‬اللاتي‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬يساعدن‭ ‬الأمهات‭ ‬بالمطبخ‭ ‬في‭ ‬إعداد‭ ‬الطعام‭ ‬والحلويات،‭ ‬وتعلم‭ ‬الطبخ‭ ‬من‭ ‬المدرسة‭ ‬الأولى‭ ‬في‭ ‬فنون‭ ‬الطبخ‭ ‬في‭ ‬البيت،‭ ‬وهي‭ ‬الأم‭ ‬بالطبع،‭ ‬بمساعدة‭ ‬الأب‭.‬

واليوم‭ ‬جميعا‭ ‬مع‭ ‬إمكانات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬نستطيع‭ ‬المساعدة‭ ‬في‭ ‬أعمال‭ ‬الخير‭ ‬“واحنا‭ ‬في‭ ‬بيوتنا”‭ ‬أو‭ ‬عبر‭ ‬القنوات‭ ‬الرسمية،‭ ‬وبالطبع‭ ‬نتمنى‭ ‬ألا‭ ‬تقتصر‭ ‬أعمال‭ ‬الخير‭ ‬والصلاة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬فحسب،‭ ‬بل‭ ‬أن‭ ‬ترافقنا‭ ‬طيلة‭ ‬أيام‭ ‬السنة،‭ ‬وأن‭ ‬تبقى‭ ‬العائلات‭ ‬مجتمعة‭ ‬على‭ ‬المحبة‭ ‬والفرح‭ ‬والتسامح،‭ ‬ونبادر‭ ‬في‭ ‬فعل‭ ‬الخير‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وقت‭. ‬ويعتبر‭ ‬شهر‭ ‬رمضان‭ ‬شهر‭ ‬الخير‭ ‬والمحبة،‭ ‬إنه‭ ‬شهر‭ ‬الخير‭ ‬والكرم‭ ‬والإيمان،‭ ‬يتصالح‭ ‬فيه‭ ‬الإنسان‭ ‬مع‭ ‬نفسه‭ ‬بعد‭ ‬إعادة‭ ‬حساباته،‭ ‬ويتذكر‭ ‬ربه‭ ‬الذي‭ ‬سيحاسبه‭ ‬على‭ ‬أعماله‭ ‬ويفكر‭ ‬مليا‭ ‬قبل‭ ‬قيامه‭ ‬بعمل‭ ‬قد‭ ‬يسيء‭ ‬إلى‭ ‬الآخرين،‭ ‬وفيه‭ ‬نستطيع‭ ‬الاستفادة‭ ‬منه‭ ‬بما‭ ‬يقدمه‭ ‬الشهر‭ ‬من‭ ‬تقارب‭ ‬وتواصل‭ ‬مع‭ ‬رب‭ ‬العالمين،‭ ‬فالسعادة‭ ‬في‭ ‬قضاء‭ ‬القسم‭ ‬الأكبر‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬مع‭ ‬الأهل‭ ‬والشعور‭ ‬بالغبطة‭ ‬عندما‭ ‬تجتمع‭ ‬على‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار‭ ‬والجلسات‭ ‬العائلية‭ ‬التي‭ ‬تتبعها‭ ‬لمشاهدة‭ ‬المسلسلات‭ ‬الكوميدية‭ ‬بعد‭ ‬الإفطار‭ ‬مع‭ ‬لعب‭ ‬الأطفال‭ ‬في‭ ‬أرجاء‭ ‬البيت‭.‬

العمل‭ ‬في‭ ‬البيت‭ ‬له‭ ‬مساحات‭ ‬كبيرة‭ ‬في‭ ‬شهر‭ ‬رمضان،‭ ‬خصوصا‭ ‬مع‭ ‬طول‭ ‬وقت‭ ‬النهار‭ ‬وانتظار‭ ‬الصلاة،‭ ‬فيستطيع‭ ‬الشاب‭ ‬أن‭ ‬يقسم‭ ‬وقته‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬والعبادة‭ ‬والمساعدة‭ ‬داخل‭ ‬البيت‭ ‬ولو‭ ‬بالبسيط،‭ ‬خصوصا‭ ‬الذين‭ ‬لا‭ ‬تستهويهم‭ ‬الخيم‭ ‬الرمضانية‭ ‬التي‭ ‬ابتعدت‭ ‬عن‭ ‬معناها‭ ‬الأصلي‭ ‬وغدت‭ ‬تجارية،‭ ‬ولا‭ ‬تجسد‭ ‬روح‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭! ‬ننتظر‭ ‬هذا‭ ‬الشهر‭ ‬الفضيل‭ ‬من‭ ‬سنة‭ ‬إلى‭ ‬أخرى؛‭ ‬لأنه‭ ‬يختلف‭ ‬في‭ ‬جوهره‭ ‬وروحه‭ ‬عن‭ ‬الأشهر‭ ‬الأخرى،‭ ‬إذ‭ ‬يعيش‭ ‬فيه‭ ‬الإنسان‭ ‬جوًّا‭ ‬من‭ ‬التقوى‭ ‬والمحبة‭ ‬والفرح‭ ‬والسلام‭ ‬الداخلي،‭ ‬لذا‭ ‬تختلف‭ ‬اهتمامات‭ ‬الشباب‭ ‬فيه‭ ‬وتصبح‭ ‬لديهم‭ ‬أولويات‭ ‬أبرزها‭ ‬قراءة‭ ‬القرآن‭ ‬الكريم‭ ‬ومشاركة‭ ‬العائلة‭ ‬مائدة‭ ‬الإفطار،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬أسعد‭ ‬اللحظات‭ ‬كما‭ ‬ذكرنا،‭ ‬وبالطبع‭ ‬متابعة‭ ‬المسلسلات‭ ‬الخليجية‭ ‬الدرامية‭ ‬والكوميدية‭ ‬والبرامج‭ ‬الترفيهية،‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الشباب‭ ‬أيضا‭ ‬لا‭ ‬يحبون‭ ‬الإفطار‭ ‬خارج‭ ‬المنزل‭ ‬ولا‭ ‬يلبون‭ ‬غالبا‭ ‬دعوات‭ ‬الإفطار‭ ‬بالخارج؛‭ ‬لأن‭ ‬عندهم‭ ‬رمضان‭ ‬هو‭ ‬شهر‭ ‬الهدوء‭ ‬والاستجمام‭ ‬الروحي‭ ‬والأسري،‭ ‬ورمضان‭ ‬له‭ ‬طعم‭ ‬جميل‭ ‬وذكريات‭ ‬كثيرة‭ ‬كلها‭ ‬دفء‭ ‬وأهمها‭ ‬اجتماع‭ ‬الأهل‭ ‬بالرغم‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬مظاهر‭ ‬الصيام‭ ‬اختلفت‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬بسبب‭ ‬الفيروس‭ ‬المنتشر‭.‬