المجني عليه طالب بتعويض يصل إلى 80 ألف دينار

“التمييز” تنقض حكمًا بعد تعديلات قانون الإجراءات الجنائية

| عباس إبراهيم

في‭ ‬أول‭ ‬حكم‭ ‬من‭ ‬نوعه‭ ‬بعد‭ ‬صدور‭ ‬التعديلات‭ ‬الجديدة‭ ‬على‭ ‬قانون‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجنائية‭ ‬قبل‭ ‬عدة‭ ‬أيام،‭ ‬أصدرت‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬الثانية‭ ‬حكما‭ ‬بإعادة‭ ‬قضية،‭ ‬مدان‭ ‬بالتسبب‭ ‬في‭ ‬إصابة‭ ‬أحد‭ ‬عمال‭ ‬شركة‭ ‬المقاولات‭ ‬التي‭ ‬يعمل‭ ‬فيها‭ ‬لإصابات‭ ‬جراء‭ ‬عدم‭ ‬استعمال‭ ‬حزام‭ ‬السلامة‭ ‬أثناء‭ ‬تسلق‭ ‬السقالات‭ ‬عقب‭ ‬سقوطه‭ ‬منها؛‭ ‬وذلك‭ ‬للمحكمة‭ ‬التي‭ ‬أصدرت‭ ‬حكمها‭ ‬بتغريمه‭ ‬ومتهم‭ ‬آخر‭ -‬لم‭ ‬يطعن‭ ‬على‭ ‬الحكم‭- ‬1200‭ ‬دينار‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬الاتهامات‭ ‬المسندة‭ ‬إليه،‭ ‬نظرا‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬طالب‭ ‬بتعويض‭ ‬يصل‭ ‬إلى‭ ‬80‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬جراء‭ ‬الإصابات‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬به‭.‬

وكانت‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬أحالت‭ ‬الطاعن‭ ‬ومتهما‭ ‬آخر‭ ‬للمحاكمة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنهما‭ ‬بتاريخ‭ ‬20‭/‬9‭/‬2017،‭ ‬ارتكبا‭ ‬الآتي‭:‬

‭ ‬أولا‭: ‬تسببا‭ ‬بخطئهما‭ ‬في‭ ‬إصابة‭ ‬عامل‭ ‬نتيجة‭ ‬إخلالهما‭ ‬بما‭ ‬تفرضه‭ ‬عليهما‭ ‬أصول‭ ‬مهنتهما‭ ‬بأن‭ ‬ارتكبا‭ ‬المخالفات‭ ‬أدناه‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تسبب‭ ‬بإصابة‭ ‬العامل‭ ‬سالف‭ ‬الذكر‭.‬

ثانيا‭: ‬لم‭ ‬يلتزما‭ ‬بمراعاة‭ ‬تقييم‭ ‬المخاطر‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬العمل‭ ‬وتحديد‭ ‬الإجراءات‭ ‬المتخذة‭ ‬سابقا‭ ‬ومدى‭ ‬فعاليتها‭ ‬واتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬اللازمة‭ ‬والتي‭ ‬تكفل‭ ‬سلامة‭ ‬العمال‭ ‬في‭ ‬موقع‭ ‬العمل‭. ‬

ثالثا‭: ‬المتهم‭ ‬الأول‭:‬

1‭ - ‬لم‭ ‬يلتزم‭ ‬بمراعاة‭ ‬توفير‭ ‬سقالات‭ ‬مأمونة‭ ‬ومناسبة‭ ‬لأداء‭ ‬العمل‭ ‬المطلوب‭.‬

2‭ - ‬لم‭ ‬يلتزم‭ ‬باتخاذ‭ ‬الاحتياطات‭ ‬اللازمة‭ ‬لحماية‭ ‬عماله‭ ‬من‭ ‬مخاطر‭ ‬بيئة‭ ‬العمل‭ ‬أثناء‭ ‬العمل‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬إحاطة‭ ‬العامل‭ ‬علما‭ ‬بمخاطر‭ ‬مهنته‭ ‬والوسائل‭ ‬الوقاية‭ ‬الواجب‭ ‬عليه‭ ‬مراعاتها‭. ‬

3‭ - ‬لم‭ ‬يلتزم‭ ‬بمراعاة‭ ‬تدريب‭ ‬العامل‭ ‬على‭ ‬استخدام‭ ‬حزام‭ ‬السلامة‭ ‬لمزاولة‭ ‬عمله‭ ‬بشكل‭ ‬آمن‭.‬

4‭ - ‬لم‭ ‬يلتزم‭ ‬بإجراءات‭ ‬التحليل‭ ‬وتقييم‭ ‬المخاطر‭ ‬والتي‭ ‬ثبت‭ ‬أن‭ ‬استخدام‭ ‬حزام‭ ‬السلامة‭ ‬ناجع‭ ‬عمليا‭. ‬

رابعا‭: ‬المتهم‭ ‬الثاني‭ (‬الطاعن‭): ‬لم‭ ‬يلتزم‭ ‬بمراعاة‭ ‬قيام‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬باتخاذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬والاحتياطات‭ ‬اللازمة‭ ‬لحماية‭ ‬الأشخاص‭ ‬المتواجدين‭ ‬بموقع‭ ‬العمل‭ ‬أو‭ ‬بالقرب‭ ‬منه‭.‬

وأثناء‭ ‬نظر‭ ‬الدعوى‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬الصغرى‭ ‬الجنائية‭ ‬تقدم‭ ‬العامل‭ ‬بدعوى‭ ‬مدنية‭ ‬طالب‭ ‬فيها‭ ‬بإلزامهما‭ ‬بتعويض‭ ‬مؤقت‭ ‬قدره‭ ‬80‭ ‬ألف‭ ‬دينار‭ ‬عن‭ ‬الإصابات‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬به‭ ‬جراء‭ ‬الحادث،‭ ‬ولكن‭ ‬المحكمة‭ ‬انتهت‭ ‬إلى‭ ‬القضاء‭ ‬بتغريم‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المتهمين‭ ‬مبلغ‭ ‬200‭ ‬دينار‭ ‬عما‭ ‬نسب‭ ‬إليهما‭ ‬بالبند‭ ‬أولا،‭ ‬وأمرت‭ ‬بتغريم‭ ‬كل‭ ‬منهما‭ ‬مبلغ‭ ‬500‭ ‬دينار‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تهمة‭ ‬من‭ ‬التهم‭ ‬المسندة‭ ‬اليهما،‭ ‬فلم‭ ‬يرتضيا‭ ‬بهذا‭ ‬الحكم‭ ‬وطعنا‭ ‬بالاستئناف،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬قضت‭ ‬برفض‭ ‬استئنافيهما‭ ‬وأيدت‭ ‬الحكم‭ ‬سالف‭ ‬البيان،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لم‭ ‬يقبل‭ ‬به‭ ‬المتهم‭ ‬الثاني‭ ‬وطعن‭ ‬عليه‭ ‬أمام‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭.‬

وقالت‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬إنه‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬ذلك‭ ‬وكان‭ ‬قد‭ ‬صدر‭ ‬بعد‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬7‭ ‬لسنة‭ ‬2020‭ ‬بتاريخ‭ ‬2‭ ‬أبريل‭ ‬2020‭ ‬بتعديل‭ ‬بعض‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجنائية‭ ‬الصادر‭ ‬بالمرسوم‭ ‬بقانون‭ ‬رقم‭ ‬46‭ ‬لسنة‭ ‬2002‭ ‬ونص‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬5‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬العمل‭ ‬بأحكامه‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬لنشره‭ ‬في‭ ‬الجريدة‭ ‬الرسمية،‭ ‬والذي‭ ‬تم‭ ‬بتاريخ‭ ‬3‭ ‬أبريل‭ ‬2020،‭ ‬ونص‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬4‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬إضافة‭ ‬مواد‭ ‬جديدة‭ ‬من‭ ‬بينها‭ (‬21‭ ‬مكرر‭ ‬أ‭ ‬وب‭) ‬إلى‭ ‬قانون‭ ‬الاجراءات‭ ‬الجنائية،‭ ‬واللتان‭ ‬نص‭ ‬فيهما‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬للمجني‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬وكيله‭ ‬الخاص‭ ‬أو‭ ‬لورثته‭ ‬أو‭ ‬وكيلهم‭ ‬الخاص‭ ‬مجتمعين‭ ‬في‭ ‬الجنحة‭ ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬المادة‭ ‬343‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬أو‭ ‬المحكمة‭ ‬بحسب‭ ‬الأحوال‭ ‬إثبات‭ ‬صلحه‭ ‬مع‭ ‬المتهم‭ ‬بموجب‭ ‬محضر‭ ‬صلح‭ ‬كتابي‭ ‬موقع‭ ‬منهما‭ ‬في‭ ‬أية‭ ‬حالة‭ ‬كانت‭ ‬عليها‭ ‬الدعوى‭ ‬وبعد‭ ‬صيرورة‭ ‬الحكم‭ ‬باتا‭ ‬ويترتب‭ ‬على‭ ‬التصالح‭ ‬أو‭ ‬الصلح‭ ‬انقضاء‭ ‬الدعوى‭ ‬الجنائية‭ ‬في‭ ‬الجريمة‭ ‬محل‭ ‬التصالح‭ ‬أو‭ ‬الصلح‭ ‬والجرائم‭ ‬الأخرى‭ ‬المرتبطة‭ ‬بها‭ ‬ارتباطا‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬التجزئة‭ ‬بجميع‭ ‬أوصافها‭ ‬وكيوفها‭ ‬القانونية‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬العقوبة‭ ‬المقررة‭ ‬لها‭ ‬أخف‭ ‬من‭ ‬عقوبة‭ ‬الجريمة‭ ‬محل‭ ‬التصالح‭ ‬أو‭ ‬الصلح‭ ‬ولا‭ ‬أثر‭ ‬للتصالح‭ ‬أو‭ ‬الصلح‭ ‬على‭ ‬حقوق‭ ‬المضرور‭ ‬من‭ ‬الجريمة،‭ ‬وإن‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬المادة‭ ‬21‭ ‬مكرر‭ ‬أ‭ ‬وب‭ ‬سالفتي‭ ‬الذكر‭ ‬ظاهرهما‭ ‬إجرائي‭ ‬إلا‭ ‬ان‭ ‬حكمها‭ ‬يقرر‭ ‬قاعدة‭ ‬موضوعية؛‭ ‬لأنها‭ ‬تقيد‭ ‬حق‭ ‬الدولة‭ ‬في‭ ‬العقاب‭ ‬بتقرير‭ ‬انقضاء‭ ‬الدعوى‭ ‬الجنائية‭ ‬بالصلح‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬معاقبة‭ ‬المتهم‭.‬

وأضافت‭ ‬أنه‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬هذا‭ ‬القانون‭ ‬يسري‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬التالي‭ ‬لنشره‭ ‬بالجريدة‭ ‬الرسمية‭ ‬باعتباره‭ ‬القانون‭ ‬الأصلح‭ ‬للمتهم‭ ‬وفقا‭ ‬للفقرة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬المادة‭ ‬الأولى‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات،‭ ‬إذ‭ ‬أنشأ‭ ‬للمتهم‭ ‬وضعا‭ ‬أصلح‭ ‬له‭ ‬من‭ ‬القانون‭ ‬السابق‭.‬

وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أنه‭ ‬ولما‭ ‬كانت‭ ‬المادة‭ ‬33‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬الصادر‭ ‬بالمرسوم‭ ‬رقم‭ ‬8‭ ‬لسنة‭ ‬1989‭ ‬تخول‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬أن‭ ‬تنقض‭ ‬الحكم‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسها‭ ‬لمصلحة‭ ‬المتهم‭ ‬إذا‭ ‬صدر‭ ‬بعد‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬قانون‭ ‬يسري‭ ‬على‭ ‬واقعة‭ ‬الدعوى،‭ ‬فلكل‭ ‬ما‭ ‬تقدم‭ ‬فإنه‭ ‬يتعين‭ ‬نقض‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه،‭ ‬والاعادة،‭ ‬حتى‭ ‬تتاح‭ ‬للطاعن‭ ‬فرصة‭ ‬محاكمته‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬على‭ ‬ضوء‭ ‬أحكام‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ ‬7‭ ‬لسنة‭ ‬2020‭ ‬سالف‭ ‬الذكر‭ ‬وذلك‭ ‬دون‭ ‬حاجة‭ ‬لبحث‭ ‬سائر‭ ‬أوجه‭ ‬الطعن‭. ‬فلهذه‭ ‬الأسباب‭ ‬حكمت‭ ‬المحكمة‭ ‬بقبول‭ ‬الطعن‭ ‬شكلا‭ ‬وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬بنقض‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬وأمرت‭ ‬بإعادة‭ ‬القضية‭ ‬إلى‭ ‬المحكمة‭ ‬التي‭ ‬أصدرته‭ ‬للحكم‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬جديد‭.‬