نجمة “ستموت في العشرين” ودور كبير في الفيلم

إسلام مبارك... ومثال المرأة السودانية

| طارق البحار

لعله‭ ‬من‭ ‬أنجح‭ ‬الأفلام‭ ‬العربية‭ ‬التي‭ ‬شاهدتها‭ ‬في‭ ‬أواخر‭ ‬العام‭ ‬الماضي،‭ ‬واستمر‭ ‬عرضه‭ ‬إلى‭ ‬بدايات‭ ‬العام‭ ‬الجاري‭ ‬قبل‭ ‬إقفال‭ ‬السينما‭ ‬والمهرجانات‭.‬

أتحدث‭ ‬هنا‭ ‬عن‭ ‬الفيلم‭ ‬السوداني‭ ‬الجميل‭ ‬“ستموت‭ ‬في‭ ‬العشرين”،‭ ‬لصديقي‭ ‬المخرج‭ ‬أمجد‭ ‬أبو‭ ‬العلاء،‭ ‬الذي‭ ‬شاركه‭ ‬في‭ ‬كتابته‭ ‬يوسف‭ ‬إبراهيم‭.‬

وتدور‭ ‬أحداثه‭ ‬حول‭ ‬طفل‭ ‬يدعى‭ ‬“مزمل”،‭ ‬ينشأ‭ ‬في‭ ‬قرية‭ ‬سودانية‭ ‬تسيطر‭ ‬عليها‭ ‬الأفكار‭ ‬الصوفية،‭ ‬ويقتنع‭ ‬هو‭ ‬والمحيطون‭ ‬به‭ ‬بنبوءة‭ ‬أحد‭ ‬المتصوفة‭ ‬التي‭ ‬تفيد‭ ‬بأنه‭ ‬سيموت‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬العشرين،‭ ‬فيعيش‭ ‬أيامه‭ ‬في‭ ‬خوف‭ ‬وقلق‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬يظهر‭ ‬في‭ ‬حياته‭ ‬المصور‭ ‬السينمائي‭ ‬“سليمان”،‭ ‬لتتغير‭ ‬نظراته‭ ‬إلى‭ ‬الحياة‭ ‬وإلى‭ ‬هذا‭ ‬المعتقد،‭ ‬ويبدأ‭ ‬الحياة‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬الشعوذة‭ ‬والخوف‭ ‬اللذين‭ ‬عاشهما‭.‬

وجسدت‭ ‬النجمة‭ ‬السودانية‭ ‬اسلام‭ ‬مبارك‭ ‬دور‭ ‬الأم‭ ‬“سكينة”‭ ‬بإبداع‭ ‬كبير‭.‬

والعمل‭ ‬مأخوذ‭ ‬من‭ ‬قصة‭ ‬قصيرة‭ ‬بعنوان‭ ‬“النوم‭ ‬عند‭ ‬قدمي‭ ‬الجبل”،‭ ‬من‭ ‬تأليف‭ ‬الكاتب‭ ‬السوداني‭ ‬حمور‭ ‬زيادة‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬العمل،‭ ‬كان‭ ‬لدور‭ ‬الأم‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬القصة‭ ‬زوايا‭ ‬عديدة،‭ ‬أولها‭ ‬الصعوبة‭ ‬الكبيرة‭ ‬في‭ ‬تقديم‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬تنتظر‭ ‬موت‭ ‬ابنها‭ ‬في‭ ‬العشرين‭.‬

وتكمن‭ ‬الصعوبة‭ ‬في‭ ‬شخصيتها‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬مليئة‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬الغامضة‭ ‬والشائكة،‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬النفسي؛‭ ‬كونها‭ ‬أم‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬طفلها‭ ‬أمامه‭ ‬سنوات‭ ‬قليلة‭ ‬ويموت‭ ‬بسبب‭ ‬معتقد‭ ‬لا‭ ‬تستطيع‭ ‬أن‭ ‬تغيره،‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬مواجهتها‭ ‬لابنها‭ ‬وزوجها‭ ‬الضعيف‭ ‬ومجتمعها‭ ‬صعبة‭ ‬للغاية،‭ ‬وكانت‭ ‬تؤدي‭ ‬الشخصية‭ ‬وكل‭ ‬ما‭ ‬ذكرت‭ ‬في‭ ‬ملامحها‭ ‬بإتقان‭ ‬كبير‭.‬

ودرست‭ ‬الممثلة‭ ‬السودانية‭ ‬اسلام‭ ‬مبارك‭ ‬التمثيل‭ ‬والإخراج،‭ ‬ودخلت‭ ‬عالم‭ ‬الدراما‭ ‬منذ‭ ‬العام‭ ‬2001‭ ‬ويعتبر‭ ‬الفيلم‭ ‬“ستكون‭ ‬في‭ ‬العشرين”‭ ‬أولى‭ ‬تجاربها‭ ‬السينمائية،‭ ‬وقدمت‭ ‬دورها‭ ‬للجمهور‭ ‬من‭ ‬حول‭ ‬العالم‭ ‬بقوة،‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬يمثل‭ ‬المرأة‭ ‬السودانية‭ ‬القوية‭ ‬والمعطاءة‭ ‬والمضحية،‭ ‬التي‭ ‬تضع‭ ‬عائلتها‭ ‬أولا‭ ‬أمام‭ ‬نصب‭ ‬أعينها،‭ ‬وتتحمل‭ ‬الألم‭ ‬بهدوء‭.‬

وقالت‭ ‬النجمة‭ ‬في‭ ‬آخر‭ ‬لقاء‭ ‬لي‭ ‬معها،‭ ‬أثناء‭ ‬حضوري‭ ‬مهرجان‭ ‬العين‭ ‬السينمائي‭ ‬“إن‭ ‬الفيلم‭ ‬يعتبر‭ ‬نقلة‭ ‬حقيقية‭ ‬للسينما‭ ‬السودانية”‭.‬

وذكرت‭ ‬أن‭ ‬“ستموت‭ ‬في‭ ‬العشرين”‭ ‬ناقش‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬قضية‭ ‬الصوفية‭ ‬وعكس‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬السلبيات‭ ‬والخفايا‭ ‬التي‭ ‬تصاحبها،‭ ‬مبينة‭ ‬أن‭ ‬تناول‭ ‬الصوفية‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬لإثارة‭ ‬الجدل‭ ‬أو‭ ‬الاستعداء،‭ ‬بل‭ ‬لعكس‭ ‬الوجه‭ ‬الحقيقي‭ ‬لما‭ ‬يحدث‭ ‬هناك‭.‬

وعن‭ ‬الشخصية‭ ‬التي‭ ‬قدمتها‭ ‬في‭ ‬العمل‭ ‬وتصوير‭ ‬الفيلم،‭ ‬قالت‭ ‬إسلام‭ ‬“إن‭ ‬فترة‭ ‬التحضير‭ ‬والتصوير‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬3‭ ‬سنوات،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬جعلها‭ ‬تندمج‭ ‬وتقترب‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬تفاصيل‭ ‬شخصية‭ ‬سكينة”‭.‬

وكشفت‭ ‬إسلام‭ ‬أن‭ ‬الصدفة‭ ‬كان‭ ‬لها‭ ‬الدور‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬اختيارها‭ ‬للدور،‭ ‬إذ‭ ‬ذهبت‭ ‬إلى‭ ‬المسرح‭ ‬فوجدت‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬يقومون‭ ‬باختبار‭ ‬أداء‭ ‬المرشحين‭ ‬للعب‭ ‬أدوار‭ ‬بالفيلم،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬أثار‭ ‬إعجابها‭ ‬لحداثة‭ ‬هذه‭ ‬التجربة‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬فقالت‭ ‬شعرت‭ ‬أن‭ ‬مشاركتي‭ ‬سوف‭ ‬تضيف‭ ‬الكثير‭ ‬لمسيرتي‭ ‬الفنية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مخرج‭ ‬سوداني‭ ‬له‭ ‬تجارب‭ ‬خارجية‭.‬

وتمنت‭ ‬مبارك‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬هذا‭ ‬الفيلم‭ ‬بمثابة‭ ‬خطوة‭ ‬تنعكس‭ ‬بشكل‭ ‬إيجابي‭ ‬على‭ ‬السينما‭ ‬السودانية،‭ ‬وأن‭ ‬تشهد‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭ ‬طفرة‭ ‬بها،‭ ‬خصوصًا‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬هو‭ ‬السابع‭ ‬في‭ ‬تاريخ‭ ‬السينما‭ ‬في‭ ‬السودان‭ ‬عموما‭.‬

ويتناول‭ ‬الفيلم‭ ‬في‭ ‬شخصية‭ ‬اسلام‭ ‬صمود‭ ‬وقوة‭ ‬المرأة‭ ‬في‭ ‬رفض‭ ‬فكرة‭ ‬أن‭ ‬ابنها‭ ‬سيموت‭ ‬في‭ ‬سن‭ ‬مبكرة،‭ ‬كما‭ ‬رصد‭ ‬مواجهتها‭ ‬للتحديات‭ ‬بمفردها،‭ ‬بعد‭ ‬هروب‭ ‬زوجها‭ ‬وتركها‭ ‬لمواجهة‭ ‬الحياة‭ ‬والمعتقد‭ ‬لوحدها‭. ‬

وقدمت‭ ‬بطلة‭ ‬الفيلم‭ ‬إسلام‭ ‬مبارك‭ ‬مشاهدها‭ ‬شديدة‭ ‬التأثير،‭ ‬وقُوبلت‭ ‬بإعجاب‭ ‬كل‭ ‬الحضور‭ ‬عندما‭ ‬عرض‭ ‬في‭ ‬المهرجانات‭ ‬من‭ ‬كبار‭ ‬الممثلين‭ ‬وصنَّاع‭ ‬السينما،‭ ‬خصوصا‭ ‬وان‭ ‬هذا‭ ‬الدور‭ ‬يعتبر‭ ‬الأول‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬السينما‭ ‬كما‭ ‬ذكرت،‭ ‬فهي‭ ‬بالأساس‭ ‬ممثلة‭ ‬تلفزيونية‭ ‬ومسرحية‭ ‬في‭ ‬السودان،‭ ‬وعن‭ ‬دورها‭ ‬أكدت‭ ‬اسلام‭ ‬“الفيلم‭ ‬به‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬الصعبة‭ ‬والحساسة،‭ ‬وكنت‭ ‬مرعوبة‭ ‬من‭ ‬تجسيدها،‭ ‬لكن‭ ‬جسّدتُها‭ ‬بإحساس‭ ‬بسيط”‭.‬