ما لم تدركه إيران

| صالح القلاب

أليس‭ ‬الأفضل‭ ‬لإيران،‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تسجل‭ ‬الرقم‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬فايروس‭ ‬“كورونا”‭ ‬بعد‭ ‬الصين‭ ‬التي‭ ‬انطلق‭ ‬منها‭ ‬هذا‭ ‬الوحش‭ ‬المرعب،‭ ‬أن‭ ‬تلملم‭ ‬نفسها‭ ‬وأن‭ ‬تتخلى‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬“الإنفلاش”‭ ‬التوسعي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬بأغلبها،‭ ‬وهذا‭ ‬إن‭ ‬ليس‭ ‬كلها،‭ ‬منطقة‭ ‬عربية‭ ‬وتهتم‭ ‬بشؤونها‭ ‬الداخلية‭ ‬بدل‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬التدخل‭ ‬الشائن‭ ‬في‭ ‬شؤون‭ ‬الآخرين،‭ ‬وإذْ‭ ‬انه‭ ‬ما‭ ‬هي‭ ‬مصلحة‭ ‬شعبها‭ ‬الذي‭ ‬بالإضافة‭ ‬إلى‭ ‬الجوع‭ ‬والمسغبة‭ ‬بات‭ ‬يواجه‭ ‬هذا‭ ‬المرض‭ ‬المرعب‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬قد‭ ‬بدأ‭ ‬بالصين‭ ‬وانتقل‭ ‬إليها‭ ‬وتسرب‭ ‬منها‭ ‬إلى‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬المجاورة‭.‬

لقد‭ ‬تمددت‭ ‬إيران‭ ‬“احتلاليا”‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬واليمن‭ ‬أيضاً‭ ‬وكان‭ ‬عليها‭ ‬أن‭ ‬تدرك‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التمدد‭ ‬المذهبي‭ ‬والطائفي‭ ‬سيكون‭ ‬مكلفاً‭ ‬سياسياًّ‭ ‬وعسكريا‭ ‬وبالتالي‭ ‬اقتصادياً‭ ‬وأنها‭ ‬بالنتيجة‭ ‬ستدفع‭ ‬ثمناً‭ ‬غالياً‭ ‬وعلى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬عليه‭ ‬واقع‭ ‬الحال‭ ‬الآن‭ ‬وعليه‭ ‬فقد‭ ‬كان‭ ‬الأفضل‭ ‬لو‭ ‬أنها‭ ‬بعد‭ ‬انتصار‭ ‬ثورتها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1979‭ ‬قد‭ ‬اهتمت‭ ‬بشؤونها‭ ‬الداخلية‭ ‬واقتدت‭ ‬بعبر‭ ‬التاريخ‭ ‬الذي‭ ‬أصبح‭ ‬بعيداً‭ ‬حيث‭ ‬فشلت‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬فرد‭ ‬العباءة‭ ‬الطائفية‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬التي‭ ‬مهما‭ ‬حاول‭ ‬أصحابها‭ ‬فإن‭ ‬النتيجة‭ ‬ستكون‭ ‬أسوأ‭ ‬من‭ ‬تجربة‭ ‬“الفاطميين”‭ ‬المعروفة‭ ‬وتجربة‭ ‬“الصفويين”‭ ‬وغيرهم‭.‬

والمعروف‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الصعيد‭ ‬وفي‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬أن‭ ‬العرب‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭ ‬قد‭ ‬استقبلوا‭ ‬انتصار‭ ‬الثورة‭ ‬الخمينية‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬أنها‭ ‬ستحول‭ ‬إيران‭ ‬من‭ ‬دولة‭ ‬بقيت‭ ‬تتطلع‭ ‬إلى‭ ‬ما‭ ‬وراء‭ ‬حدودها‭ ‬الغربية‭ ‬إلى‭ ‬دولة‭ ‬شقيقة‭ ‬وصديقة‭ ‬للدول‭ ‬العربية‭ ‬وعكس‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬فعله‭ ‬و”حاوله”‭ ‬شاه‭ ‬إيران‭ ‬الذي‭ ‬إذا‭ ‬أردنا‭ ‬قول‭ ‬الحقيقة‭ ‬فإنه‭ ‬رغم‭ ‬تطلعاته‭ ‬الإقليمية‭ ‬كان‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الملالي‭ ‬بألف‭ ‬مرة‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬بالإمكان‭ ‬التفاهم‭ ‬معه‭ ‬على‭ ‬معظم‭ ‬الأمور‭ ‬“العالقة”‭ ‬الكثيرة‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬العرب‭ ‬بصورة‭ ‬عامة‭.‬

لقد‭ ‬كان‭ ‬على‭ ‬“الخمينيين”‭ ‬بعد‭ ‬حرب‭ ‬الثمانية‭ ‬أعوام‭ ‬مع‭ ‬العراق‭ ‬أنْ‭ ‬يكتفوا‭ ‬من‭ ‬الغنيمة‭ ‬بالإياب‭ ‬وأن‭ ‬يفكروا‭ ‬ملياًّ‭ ‬بنتائج‭ ‬فرد‭ ‬الهمينة‭ ‬على‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬ولبنان‭ ‬وأيضاً‭ ‬على‭ ‬اليمن‭ ‬“الحوثي”‭ ‬وكان‭ ‬عليهم‭ ‬أن‭ ‬يوقفوا‭ ‬كل‭ ‬محاولات‭ ‬هذا‭ ‬التمدد‭ ‬الاستحواذي‭ ‬على‭ ‬دول‭ ‬هذه‭ ‬المنطقة‭ ‬العربية‭ ‬إذْ‭ ‬إنه‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬يصح‭ ‬الصحيح‭ ‬وأن‭ ‬الصحيح‭ ‬هو‭ ‬أنه‭ ‬وكما‭ ‬فشل‭ ‬الصفويون‭ ‬في‭ ‬السيطرة‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الجزء‭ ‬من‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬فإن‭ ‬“الخمينيين”‭ ‬سيفشلون‭ ‬أيضاً‭.‬

على‭ ‬إيران‭ ‬أن‭ ‬تدرك،‭ ‬وأن‭ ‬تتصرف‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬أنها‭ ‬اقتربت‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬فشلها‭ ‬ذريعاً‭ ‬في‭ ‬العراق‭ ‬وسوريا‭ ‬وأيضاً‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬الذي‭ ‬بات‭ ‬يقف‭ ‬معظم‭ ‬“شيعته”‭ ‬ضدها‭ ‬وضد‭ ‬“عاملها”‭ ‬حسن‭ ‬نصر‭ ‬الله‭ ‬وهذا‭ ‬ينطبق‭ ‬على‭ ‬شيعة‭ ‬العراق‭ ‬الذين‭ ‬غلبوا‭ ‬التزامهم‭ ‬وانتماءهم‭ ‬القومي‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬أشكال‭ ‬هذه‭ ‬النزاعات‭ ‬الطائفية‭ ‬وهو‭ ‬ينطبق‭ ‬أيضاً‭ ‬على‭ ‬اليمن‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬التزامه‭ ‬القومي‭ ‬العربي‭ ‬يتغلب‭ ‬على‭ ‬أية‭ ‬ولاءات‭ ‬مذهبية‭. ‬“إيلاف”‭.‬