تطليق بحرينية هجرها زوجها دون مبرر

| عباس إبراهيم

أفادت‭ ‬المحامية‭ ‬ابتسام‭ ‬الصباغ‭ ‬بأن‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬العليا‭ ‬الشرعية‭ ‬الأولى‭ ‬أيدت‭ ‬تطليق‭ ‬موكلتها‭ ‬البحرينية‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ ‬الخليجي،‭ ‬الذي‭ ‬تعرفت‭ ‬عليه‭ ‬خلال‭ ‬عملها‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬خليجية،‭ ‬وقبل‭ ‬ولادتها‭ ‬هجرها‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬مبرر،‭ ‬وبعد‭ ‬وولادة‭ ‬ابنهما‭ ‬لم‭ ‬يتعب‭ ‬نفسه‭ ‬حتى‭ ‬بالإنفاق‭ ‬عليهما‭ ‬وتركها‭ ‬كالمعلقة‭ ‬لمدة‭ ‬سنة‭ ‬ونصف‭ ‬تقريبا،‭ ‬كما‭ ‬تسبب‭ ‬بدخولها‭ ‬وحدة‭ ‬العناية‭ ‬القصوى‭ ‬في‭ ‬مستشفى‭ ‬بالمملكة‭ ‬ورفض‭ ‬حتى‭ ‬البقاء‭ ‬بجانبها‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬المحنة‭.‬

وأوضحت‭ ‬الصباغ‭ ‬أن‭ ‬وقائع‭ ‬الدعوى‭ ‬تتمثل‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الطرفين‭ ‬زوجين‭ ‬بموجب‭ ‬عقد‭ ‬نكاح‭ ‬مؤرخ‭ ‬في‭ ‬24‭ ‬مارس‭ ‬2017،‭ ‬وأنجبت‭ ‬منه‭ ‬المدعية‭ ‬ولدا‭ ‬بتاريخ‭ ‬1‭ ‬نوفمبر‭ ‬2018،‭ ‬وأن‭ ‬المدعى‭ ‬عليه‭ ‬هجر‭ ‬المدعية‭ (‬موكلتها‭) ‬منذ‭ ‬شهر‭ ‬يونيو‭ ‬2018،‭ ‬مانعا‭ ‬إياها‭ ‬من‭ ‬حقوقها‭ ‬الشرعية،‭ ‬إذ‭ ‬تركها‭ ‬في‭ ‬إحدى‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية‭ ‬وحدها‭ ‬أثناء‭ ‬ما‭ ‬كانت‭ ‬حامل‭ ‬بابنهما‭ ‬الوحيد،‭ ‬فعادت‭ ‬لمملكة‭ ‬البحرين‭ ‬وبعد‭ ‬ولادتها‭ ‬تم‭ ‬الاتصال‭ ‬به‭ ‬مرارا‭ ‬وتكرارا‭ ‬وبإلحاح‭ ‬من‭ ‬أهلها‭ ‬حضر‭ ‬يوما‭ ‬واحدا‭ ‬واستخرج‭ ‬المستندات‭ ‬الرسمية‭ ‬للطفل‭ ‬وعاد‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭.‬

وأشارت‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬المدعى‭ ‬عليه‭ ‬ممتنع‭ ‬عن‭ ‬الإنفاق‭ ‬على‭ ‬المدعية‭ ‬وابنهما‭ ‬ولم‭ ‬يوفر‭ ‬لها‭ ‬مسكن‭ ‬زوجية‭ ‬ولم‭ ‬يرفع‭ ‬دعوى‭ ‬يطلب‭ ‬فيها‭ ‬الالتحاق‭ ‬به‭ ‬في‭ ‬منزل‭ ‬زوجية‭ ‬وفره‭ ‬لها،‭ ‬بل‭ ‬غادر‭ ‬مسكن‭ ‬الزوجية‭ ‬الذي‭ ‬كانا‭ ‬يسكنان‭ ‬فيه‭ ‬وترك‭ ‬أعباء‭ ‬سداد‭ ‬الإيجارات‭ ‬والفواتير‭ ‬على‭ ‬عاتقها‭ ‬حتى‭ ‬أن‭ ‬والدها‭ ‬هو‭ ‬من‭ ‬تكفل‭ ‬بسداد‭ ‬ذلك‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭.‬

وبينت‭ ‬أن‭ ‬المادة‭ ‬98‭/‬‏‭ ‬ب‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الأسرة‭ ‬نصت‭ ‬على‭ ‬أنه‭ ‬“للزوجة‭ ‬طلب‭ ‬التطليق‭ ‬إذا‭ ‬هجرها‭ ‬زوجها‭ ‬كليا‭ ‬وتركها‭ ‬معلقة‭ ‬بدون‭ ‬عذر”،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فإن‭ ‬حق‭ ‬المدعية‭ ‬في‭ ‬طلب‭ ‬التطليق‭ ‬للهجر‭ ‬يكون‭ ‬مشروعا‭. ‬وبالفعل‭ ‬قضت‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬الشرعية‭ (‬أول‭ ‬درجة‭) ‬بتطليق‭ ‬المدعية‭ ‬من‭ ‬زوجها‭ ‬طلقة‭ ‬بائنة‭ ‬للضرر‭ ‬وتحرر‭ ‬لها‭ ‬وثيقة‭ ‬طلاق‭ ‬بعد‭ ‬صيرورة‭ ‬الحكم‭ ‬باتا،‭ ‬ورفضت‭ ‬دعواه‭ ‬المتقابلة‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لاحق‭ ‬للدعوى‭ ‬الأصلية‭ ‬لمطالبة‭ ‬موكلتها‭ ‬بالعودة‭ ‬لمسكن‭ ‬الزوجية،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬الأخير‭ ‬طعن‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬بالاستئناف‭ ‬الماثل‭.‬

ويدعي‭ ‬المستأنف‭ ‬بأن‭ ‬الحكم‭ ‬المذكور‭ ‬قد‭ ‬أخطأ‭ ‬في‭ ‬تطبيق‭ ‬أحكام‭ ‬الشرع؛‭ ‬لأن‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬لم‭ ‬تبذل‭ ‬الجهد‭ ‬في‭ ‬الإصلاح‭ ‬ذات‭ ‬البين‭ ‬وذهبت‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬الضرر‭ ‬بموجب‭ ‬شهادة‭ ‬شهود‭ ‬هم‭ ‬أقرب‭ ‬الناس‭ ‬للمستأنف‭ ‬ضدها،‭ ‬مبينا‭ ‬أنها‭ ‬خرجت‭ ‬من‭ ‬منزل‭ ‬الزوجية‭ ‬دون‭ ‬مبرر‭ ‬شرعي‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬دعاه‭ ‬إلى‭ ‬إقامة‭ ‬دعوى‭ ‬شرعية‭ ‬بإلزامها‭ ‬بالرجوع‭ ‬لكن‭ ‬المحكمة‭ ‬التفتت‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬الدعوى‭ ‬وحكمت‭ ‬بالطلاق؛‭ ‬لذلك‭ ‬فإنه‭ ‬طالب‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬بإلغاء‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬والقضاء‭ ‬مجددا‭ ‬بإلزام‭ ‬المستأنف‭ ‬ضدها‭ ‬بالرجوع‭ ‬إلى‭ ‬منزل‭ ‬الزوجية‭ ‬الكائن‭ ‬بإحدى‭ ‬الدول‭ ‬الخليجية،‭ ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬رفضها‭ ‬الحكم‭ ‬بنشوزها‭ ‬مع‭ ‬إلزامها‭ ‬بالمصاريف‭ ‬ومقابل‭ ‬أتعاب‭ ‬المحاماة‭ ‬عن‭ ‬درجتي‭ ‬التقاضي‭.‬

وقررت‭ ‬الصباغ‭ ‬أنها‭ ‬تقدمت‭ ‬بمذكرة‭ ‬رد‭ ‬طالبت‭ ‬في‭ ‬ختامها‭ ‬برفض‭ ‬استئناف‭ ‬زوج‭ ‬موكلتها،‭ ‬وبتأييد‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬المعزز‭ ‬بشهادة‭ ‬الشهود‭ ‬الثلاثة‭ ‬‭(‬رجل‭ ‬وامرأتين‭) ‬على‭ ‬حصول‭ ‬الضرر‭ ‬الواقع‭ ‬على‭ ‬موكلتها،‭ ‬لاسيما‭ ‬أن‭ ‬الطرفين‭ ‬اتفقا‭ ‬عند‭ ‬إبرام‭ ‬عقد‭ ‬الزواج‭ ‬أن‭ ‬تبقى‭ ‬المستأنف‭ ‬ضدها‭ ‬على‭ ‬رأس‭ ‬عملها‭ ‬وقد‭ ‬استأجر‭ ‬المستأنف‭ ‬لها‭ ‬شقة‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬خليجية‭ ‬أخرى‭ ‬كانت‭ ‬مقرا‭ ‬لعملها‭ (‬وهو‭ ‬مكان‭ ‬تعارفهما‭) ‬باعتبارها‭ ‬موطن‭ ‬عمل‭ ‬الطرفين،‭ ‬إلا‭ ‬أنه‭ ‬بعد‭ ‬5‭ ‬شهور‭ ‬من‭ ‬الزواج‭ ‬ترك‭ ‬المستأنف‭ ‬موكلتها‭ ‬بمفردها‭ ‬وغادر‭ ‬إلى‭ ‬بلاده‭ ‬وتركها‭ ‬دون‭ ‬معيل‭ ‬أو‭ ‬منفق‭ ‬هاجرا‭ ‬إياها‭ ‬مدة‭ ‬سنة‭ ‬ونصف‭ ‬قبل‭ ‬رفعها‭ ‬للدعوى‭.‬

وفي‭ ‬أسباب‭ ‬الحكم‭ ‬قالت‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬أنها‭ ‬عرضت‭ ‬الصلح‭ ‬على‭ ‬طرفي‭ ‬النزاع،‭ ‬بيد‭ ‬أن‭ ‬المستأنف‭ ‬ضدها‭ ‬ترفض‭ ‬الصلح‭ ‬وصممت‭ ‬على‭ ‬إيقاع‭ ‬الطلاق‭. ‬وأضافت‭ ‬أنها‭ ‬وبعدما‭ ‬أمعنت‭ ‬النظر‭ ‬في‭ ‬الحكم‭ ‬الابتدائي،‭ ‬وجدت‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬عوّل‭ ‬في‭ ‬الضرر‭ ‬على‭ ‬شهادة‭ ‬شهود‭ ‬الإثبات‭ ‬المقدمين‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستأنف‭ ‬ضدها‭ ‬‭(‬رجل‭ ‬وامرأتان‭) ‬فاطمأنت‭ ‬المحكمة‭ ‬إلى‭ ‬شهادتهم‭ ‬على‭ ‬حصول‭ ‬الضرر‭ ‬الموجب‭ ‬التطليق،‭ ‬ولم‭ ‬تطمئن‭ ‬لشهود‭ ‬النفي‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬المستأنف،‭ ‬وحيث‭ ‬إن‭ ‬المقرر‭ ‬شرعا‭ ‬أنه‭ ‬متى‭ ‬ما‭ ‬ثبت‭ ‬الضرر‭ ‬بإحدى‭ ‬طرق‭ ‬الإثبات،‭ ‬فإنه‭ ‬يجب‭ ‬على‭ ‬الحاكم‭ ‬رفعه‭ ‬عن‭ ‬المتضرر،‭ ‬لقوله‭ ‬صلى‭ ‬الله‭ ‬عليه‭ ‬وسلم‭ (‬لا‭ ‬ضرر‭ ‬ولا‭ ‬ضرار‭).‬

وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬فقد‭ ‬حكمت‭ ‬المحكمة‭ ‬بقبول‭ ‬الاستئناف‭ ‬شكلا‭ ‬وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬برفض‭ ‬الاستئناف‭ ‬وتأييد‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭ ‬مع‭ ‬إلزام‭ ‬رافعه‭ ‬بالمصروفات‭ ‬و20‭ ‬دينارا‭ ‬مقابل‭ ‬أتعاب‭ ‬المحاماة‭.‬