شقيقه امتنع عن تأمينه بلا مبرر

إلزام “التأمينات” بتسجيل صياد محترف لـ 8 سنوات

| عباس إبراهيم

قال‭ ‬المحامي‭ ‬محمد‭ ‬الجزيري‭ ‬إن‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬الدائرة‭ ‬الأولى‭ ‬رفضت‭ ‬طعنا‭ ‬مقدما‭ ‬من‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمينات‭ ‬الاجتماعية،‭ ‬وألزمتها‭ ‬بأن‭ ‬تقوم‭ ‬بتسجيل‭ ‬مواطن‭ ‬في‭ ‬سجلاتها‭ ‬منذ‭ ‬أكتوبر‭ ‬1993‭ ‬وحتى‭ ‬أبريل‭ ‬2001،‭ ‬إذ‭ ‬كان‭ ‬يعمل‭ ‬صيادا‭ ‬محترفا‭ ‬لدى‭ ‬شقيقه،‭ ‬والذي‭ ‬امتنع‭ ‬عن‭ ‬تأمينه‭ ‬دون‭ ‬مبرر،‭ ‬فألزمته‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة‭ ‬والهيئة‭ ‬بالتأمين‭ ‬عليه‭ ‬عن‭ ‬الفترة‭ ‬المذكورة‭.‬

وأوضح‭ ‬أن‭ ‬المحكمة‭ ‬العمالية‭ ‬الكبرى‭ ‬الأولى،‭ ‬كانت‭ ‬قد‭ ‬قضت‭ ‬بإلزام‭ ‬المدعى‭ ‬عليه‭ ‬الأول‭ - ‬شقيق‭ ‬المدعي‭ - ‬بسداد‭ ‬مستحقات‭ ‬المدعي‭ ‬التأمينية‭ ‬الناشئة‭ ‬عن‭ ‬علاقة‭ ‬العمل‭ ‬لديه‭ ‬عن‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬26‭ ‬أكتوبر‭ ‬1993‭ ‬وحتى‭ ‬14‭ ‬أبريل‭ ‬2001‭ ‬للمدعى‭ ‬عليها‭ ‬الثانية‭ ‬الهيئة،‭ ‬مع‭ ‬إلزام‭ ‬الأخيرة‭ ‬بتعديل‭ ‬بياناته‭ ‬التأمينية‭ ‬عن‭ ‬تلك‭ ‬الفترة،‭ ‬وألزمت‭ ‬المدعى‭ ‬عليه‭ ‬الأول‭ ‬بالمصروفات‭.‬

ولم‭ ‬تقبل‭ ‬الهيئة‭ ‬العامة‭ ‬للتأمينات‭ ‬الاجتماعية‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬الصادر‭ ‬من‭ ‬محكمة‭ ‬أول‭ ‬درجة،‭ ‬فلجأت‭ ‬إلى‭ ‬الاستئناف،‭ ‬إذ‭ ‬حكمت‭ ‬محكمة‭ ‬الاستئناف‭ ‬العليا‭ ‬المدنية‭ ‬الرابعة‭ ‬بقبول‭ ‬الاستئناف‭ ‬وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬برفضه‭ ‬وتأييد‭ ‬الحكم‭ ‬المستأنف‭.‬

فطعنت‭ ‬الهيئة‭ ‬مجددا‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬بطريق‭ ‬التمييز،‭ ‬والتي‭ ‬قضت‭ ‬برفض‭ ‬الطعن‭ ‬المقدم‭ ‬منها‭. ‬وجاء‭ ‬في‭ ‬حكم‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز،‭ ‬إنه‭ ‬لما‭ ‬كانت‭ ‬أحكام‭ ‬قانون‭ ‬التأمين‭ ‬الاجتماعي‭ ‬تسري‭ ‬إلزاميًّا‭ ‬على‭ ‬كل‭ ‬من‭ ‬يعمل‭ ‬لمصلحة‭ ‬صاحب‭ ‬عمل‭ ‬أو‭ ‬أكثر‭ ‬مهما‭ ‬كانت‭ ‬مدة‭ ‬العقد‭ ‬أو‭ ‬طبيعته‭ ‬أو‭ ‬شكله،‭ ‬ومهما‭ ‬كان‭ ‬مبلغ‭ ‬أجره‭ ‬ونوعه،‭ ‬وكان‭ ‬الحكم‭ ‬المطعون‭ ‬فيه‭ ‬قد‭ ‬خلص‭ ‬إلى‭ ‬ثبوت‭ ‬عمل‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬الأول‭ ‬لدى‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬الثاني‭ ‬بتاريخ‭ ‬26‭ ‬أكتوبر‭ ‬1993‭ ‬استنادا‭ ‬إلى‭ ‬إقرار‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬الثاني‭ ‬وشهادة‭ ‬الشهود‭. ‬وبناء‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬قضت‭ ‬الاستئناف‭ ‬بتأييد‭ ‬الحكم‭ ‬الابتدائي‭ ‬فيما‭ ‬قضى‭ ‬بإلزام‭ ‬الطاعنة‭ ‬بتعديل‭ ‬بياناته‭ ‬التأمينية‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس،‭ ‬وكان‭ ‬هذا‭ ‬الذي‭ ‬خلص‭ ‬إليه‭ ‬الحكم‭ ‬استخلاصا‭ ‬موضوعيًّا‭ ‬سائغا‭ ‬كافيا‭ ‬لحمل‭ ‬قضائه‭ ‬وفقا‭ ‬لصحيح‭ ‬القانون،‭ ‬فإن‭ ‬النعي‭ ‬عليه‭ ‬يكون‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬غير‭ ‬أساس‭.‬

وأشار‭ ‬الجزيري‭ ‬وكيل‭ ‬المطعون‭ ‬ضده‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬موكله‭ ‬يعمل‭ ‬بحارا‭ ‬محترفا‭ ‬بموجب‭ ‬رخصة‭ ‬لممارسة‭ ‬الصيد،‭ ‬مؤكدا‭ ‬أن‭ ‬طبيعة‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬الصيد‭ ‬في‭ ‬البحر‭ ‬تتطلب‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬أوقات‭ ‬مختلفة؛‭ ‬سبب‭ ‬ذلك‭ ‬مراعاة‭ ‬عدة‭ ‬عوامل‭ ‬منها‭ ‬حركة‭ ‬المياه‭ ‬والأمواج‭ ‬والأجواء،‭ ‬فلا‭ ‬يُتصور‭ ‬أن‭ ‬العامل‭ ‬في‭ ‬عرض‭ ‬البحر‭ ‬يمتلك‭ ‬كشفا‭ ‬بالحضور‭ ‬والانصراف؛‭ ‬كون‭ ‬ذلك‭ ‬يرجع‭ ‬إلى‭ ‬طبيعة‭ ‬عمله‭ ‬الخاصة‭. ‬كما‭ ‬أنه‭ ‬تقدم‭ ‬للمحكمة‭ ‬بما‭ ‬يفيد‭ ‬استلام‭ ‬المدعي‭ ‬للأجور‭ ‬الخاصة‭ ‬به،‭ ‬فمن‭ ‬المشهور‭ ‬في‭ ‬مهنة‭ ‬الصيد‭ ‬أن‭ ‬الأجور‭ ‬فيها‭ ‬تكون‭ ‬نقدا‭ ‬من‭ ‬صاحب‭ ‬العمل‭ ‬للعامل‭ ‬مباشرة،‭ ‬وأثبت‭ ‬أن‭ ‬علاقة‭ ‬العمل‭ ‬قائمة‭ ‬بينه‭ ‬والمدعى‭ ‬عليه‭ ‬الأول،‭ ‬إذ‭ ‬إن‭ ‬علاقة‭ ‬العمل‭ ‬يمكن‭ ‬إثباتها‭ ‬بكافة‭ ‬طرق‭ ‬الإثبات‭ ‬كما‭ ‬نص‭ ‬عليه‭ ‬قانون‭ ‬العمل‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الأهلي،‭ ‬إذ‭ ‬نصت‭ ‬المادة‭ (‬19‭) ‬منه‭ ‬على‭ ‬أنه‭ (‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬عقد‭ ‬العمل‭ ‬ثابتا‭ ‬بالكتابة‭ ‬ومحررا‭ ‬باللغة‭ ‬العربية‭ ‬من‭ ‬نسختين‭ ‬لكل‭ ‬طرف‭ ‬نسخة،‭ ‬وإذا‭ ‬كان‭ ‬العقد‭ ‬محررا‭ ‬بغير‭ ‬اللغة‭ ‬العربية‭ ‬ترفق‭ ‬به‭ ‬نسخة‭ ‬محررة‭ ‬باللغة‭ ‬العربية،‭ ‬وإذا‭ ‬أحال‭ ‬العقد‭ ‬إلى‭ ‬لوائح‭ ‬داخلية‭ ‬وجب‭ ‬إرفاقها‭ ‬بعقد‭ ‬العمل،‭ ‬ويوقعها‭ ‬طرفا‭ ‬العقد‭ ‬ويعتد‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬الإثبات‭. ‬وفي‭ ‬حال‭ ‬عدم‭ ‬وجود‭ ‬عقد‭ ‬عمل‭ ‬مكتوب‭ ‬جاز‭ ‬للعامل‭ ‬وحده‭ ‬إثبات‭ ‬كافة‭ ‬حقوقه‭ ‬بجميع‭ ‬طرق‭ ‬الإثبات‭)‬،‭ ‬وهنا‭ ‬اشترط‭ ‬القانون‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬العقد‭ ‬ثابتا‭ ‬بالكتابة،‭ ‬لكنه‭ ‬أتاح‭ ‬أيضا‭ ‬للعامل‭ ‬أن‭ ‬يثبت‭ ‬حقوقه‭ ‬كافة‭ ‬بجميع‭ ‬طرق‭ ‬الإثبات،‭ ‬ومنها‭ ‬شهادة‭ ‬الشهود‭.‬

وتابع‭: ‬وعليه‭ ‬فإن‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬الأول‭ ‬وليثبت‭ ‬قيام‭ ‬علاقة‭ ‬العمل‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬المستأنف‭ ‬ضده‭ ‬الثاني‭ ‬طلب‭ ‬إحالة‭ ‬الدعوى‭ ‬للتحقيق؛‭ ‬ليتسنى‭ ‬له‭ ‬إثبات‭ ‬علاقة‭ ‬العمل‭ ‬بشهادة‭ ‬الشهود،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬حصل‭ ‬فعلا‭.‬