5 سنوات لموظف مرتشٍ بـ “المباحث” أفشى أسرار عملاء بنك

| عباس إبراهيم

عاقبت‭ ‬المحكمة‭ ‬الكبرى‭ ‬الجنائية‭ ‬الأولى‭ ‬موظفا‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬المباحث‭ ‬الجنائية‭ ‬بالسجن‭ ‬لمدة‭ ‬5‭ ‬سنوات‭ ‬وبتغريمه‭ ‬مبلغ‭ ‬10600‭ ‬دينار‭ ‬قيمة‭ ‬رشوة‭ ‬تحصل‭ ‬عليها‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬بواقع‭ ‬300‭ ‬دينار‭ ‬شهريا‭ ‬ليفشي‭ ‬أسرار‭ ‬جهة‭ ‬عمله‭ ‬لدى‭ ‬أحد‭ ‬البنوك‭ ‬التي‭ ‬تقدم‭ ‬تمويلا‭ ‬للمشاريع‭ ‬الصغيرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬إبلاغ‭ ‬البنك‭ ‬بالمعلومات‭ ‬الجنائية‭ ‬السرية‭ ‬حول‭ ‬العملاء‭ ‬المتقدمين‭ ‬بطلبات‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬القروض‭ ‬متناهية‭ ‬الصغر،‭ ‬حتى‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬الواقعة‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭.‬

وقضت‭ ‬أيضا‭ ‬ببراءة‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للبنك‭ ‬المشار‭ ‬إليه‭ ‬عما‭ ‬نسب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬تهمة‭ ‬الاشتراك‭ ‬مع‭ ‬الموظف‭ ‬سالف‭ ‬البيان؛‭ ‬نظرا‭ ‬لتشككها‭ ‬بصحة‭ ‬الواقعة‭ ‬في‭ ‬حقه‭ ‬خصوصا‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يعلم‭ ‬بوظيفته‭ ‬لدى‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬كما‭ ‬أعفت‭ ‬مديرة‭ ‬العمليات‭ ‬بالبنك‭ ‬من‭ ‬العقاب؛‭ ‬نظرا‭ ‬لاعترافها‭ ‬بخصوص‭ ‬الواقعة‭ ‬قبل‭ ‬اتصال‭ ‬علم‭ ‬المحكمة‭ ‬بها،‭ ‬فيما‭ ‬حبست‭ ‬موظفين‭ ‬اثنين‭ ‬بالبنك‭ ‬كانا‭ ‬على‭ ‬تواصل‭ ‬مع‭ ‬الموظف،‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬عقد‭ ‬أبرمه‭ ‬البنك‭ ‬مع‭ ‬موظف‭ ‬التحقيقات‭ ‬حصل‭ ‬بموجبه‭ ‬على‭ ‬مبلغ‭ ‬300‭ ‬دينار‭ ‬شهريا؛‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬تلك‭ ‬البيانات،‭ ‬وذلك‭ ‬لمدة‭ ‬سنة‭ ‬واحدة،‭ ‬وأمرت‭ ‬بوقف‭ ‬تنفيذ‭ ‬عقوبة‭ ‬حبسهما‭ ‬لمدة‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬تبدأ‭ ‬من‭ ‬تاريخ‭ ‬صيرورة‭ ‬الحكم‭ ‬نهائيا‭.‬

وقائع‭ ‬الأسرار

وذكرت‭ ‬المحكمة‭ ‬أن‭ ‬تفاصيل‭ ‬الواقعة‭ ‬تتحصل‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬بغضون‭ ‬شهر‭ ‬أبريل‭ ‬2014‭ ‬تولى‭ ‬المتهم‭ ‬الثاني‭ ‬منصب‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للبنك،‭ ‬والذي‭ ‬يتولى‭ ‬إقراض‭ ‬الأشخاص‭ ‬الراغبين‭ ‬في‭ ‬الاستثمار‭ ‬في‭ ‬المشاريع‭ ‬المتناهية‭ ‬الصغر،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬فقد‭ ‬طلب‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬منه‭ ‬الاستعلام‭ ‬عن‭ ‬المقترضين‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬حالتهم‭ ‬الجنائية‭ ‬والمالية‭ ‬قبل‭ ‬منح‭ ‬القروض‭ ‬لهم،‭ ‬ولكن‭ ‬هذا‭ ‬الأمر‭ ‬لم‭ ‬يلقى‭ ‬قبولا‭ ‬لدى‭ ‬العملاء‭.‬

فلجأ‭ ‬إلى‭ ‬طريقة‭ ‬أخرى‭ ‬بمقتضاها‭ ‬يقدم‭ ‬الراغب‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬قرض‭ ‬بيانات‭ ‬عن‭ ‬3‭ ‬إلى‭ ‬5‭ ‬أشخاص‭ ‬وأرقام‭ ‬هواتفهم‭ ‬وعلاقاتهم‭ ‬به،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المقترح‭ ‬أيضا‭ ‬لم‭ ‬يلق‭ ‬قبولا‭ ‬لديهم،‭ ‬مما‭ ‬نتج‭ ‬عنه‭ ‬قلة‭ ‬مبالغ‭ ‬القروض‭ ‬وخسائر‭ ‬للبنك،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬دعاه‭ ‬أن‭ ‬يطلب‭ ‬من‭ ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للبنك‭ ‬أن‭ ‬يبحثوا‭ ‬عن‭ ‬شركة‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬معها‭ ‬بخصوص‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬بيانات‭ ‬العملاء‭ ‬طالبي‭ ‬القروض‭ ‬إلا‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يعثروا‭ ‬على‭ ‬شركة‭ ‬تقوم‭ ‬بمثل‭ ‬هذه‭ ‬الأعمال‭.‬

آنذاك‭ ‬عرضت‭ ‬عليه‭ ‬المتهمة‭ ‬الثالثة‭ ‬بصفتها‭ ‬مديرة‭ ‬العمليات‭ ‬بالبنك‭ ‬اسم‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬باعتبار‭ ‬أن‭ ‬لديها‭ ‬معرفة‭ ‬سابقة‭ ‬لأعمال‭ ‬بمثل‭ ‬هذا‭ ‬المجال،‭ ‬وأنها‭ ‬تربطها‭ ‬به‭ ‬علاقة‭ ‬شخصية،‭ ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬أعطاها‭ ‬التعليمات‭ ‬بالتعاقد‭ ‬معه،‭ ‬رغم‭ ‬علمها‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬فوافق‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬على‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬البنك‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬يتقاضى‭ ‬مبلغ‭ ‬300‭ ‬دينار‭ ‬شهريا‭ ‬مقابل‭ ‬تزويده‭ ‬للبنك‭ ‬بالمعلومات‭ ‬عن‭ ‬مدى‭ ‬تعثر‭ ‬العملاء‭ ‬طالبي‭ ‬القروض‭ ‬أو‭ ‬وجود‭ ‬أية‭ ‬قضايا‭ ‬شخصية‭ ‬أو‭ ‬قانونية‭ ‬أو‭ ‬سياسية‭ ‬أو‭ ‬إرهابية،‭ ‬وأبرم‭ ‬العقد‭ ‬فيما‭ ‬بينهما‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الأساس‭ ‬ووقع‭ ‬عليه‭ ‬بصفته‭ ‬المخول‭ ‬بالتوقيع‭ ‬عن‭ ‬البنك‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬يلتقيا‭ ‬أو‭ ‬يتعرف‭ ‬على‭ ‬وظيفته‭.‬

ونفاذا‭ ‬لذلك‭ ‬العقد‭ ‬قام‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬بصفته‭ ‬موظفا‭ ‬عاما‭ ‬بالإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للمباحث‭ ‬والأدلة‭ ‬الجنائية‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية‭ ‬بإمداد‭ ‬البنك‭ ‬بمعلومات‭ ‬سرية‭ ‬عن‭ ‬الحالة‭ ‬الجنائية‭ ‬للعملاء‭ ‬المتقدمين‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬قروض،‭ ‬والذي‭ ‬كانت‭ ‬ترد‭ ‬إليه‭ ‬أسماؤهم‭ ‬في‭ ‬كشوف‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬المتهمين‭ ‬الرابع‭ ‬والخامس‭ ‬بناء‭ ‬على‭ ‬طلب‭ ‬المتهمة‭ ‬الثالثة،‭ ‬رغم‭ ‬علمهما‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬في‭ ‬وزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برنامجي‭ ‬BBM‭ ‬أو‭ ‬kik‭.‬

ودخل‭ ‬موظف‭ ‬التحقيقات‭ ‬على‭ ‬نظام‭ ‬نجم‭ ‬التابع‭ ‬للوزارة‭ ‬والمرخص‭ ‬له‭ ‬بالدخول‭ ‬إليه‭ ‬بسبب‭ ‬عمله‭ ‬لتنفيذ‭ ‬قرارات‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬والمحاكم،‭ ‬وحصل‭ ‬منه‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬المعلومات‭ ‬الأمنية‭ ‬الخاصة‭ ‬بالعملاء‭ ‬الذين‭ ‬وردت‭ ‬إليه‭ ‬أسماؤهم‭ ‬بالكيفية‭ ‬سالفة‭ ‬البيان،‭ ‬والتي‭ ‬تتمتع‭ ‬بالسرية؛‭ ‬كونها‭ ‬غير‭ ‬متاحة،‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬إلا‭ ‬لمن‭ ‬رُخِّصَ‭ ‬له‭ ‬بالدخول‭ ‬للنظام‭ ‬سالف‭ ‬البيان‭ ‬التوصل‭ ‬إليها،‭ ‬وأرسلها‭ ‬لهما‭ ‬بذات‭ ‬الطريقة،‭ ‬فقاما‭ ‬بتدوينها‭ ‬بكشف‭ ‬استمارة‭ ‬التحري،‭ ‬وأنه‭ ‬كان‭ ‬يتوجه‭ ‬في‭ ‬نهاية‭ ‬كل‭ ‬شهر‭ ‬للمتهمين‭ ‬الرابع‭ ‬والخامس‭ ‬ويوقع‭ ‬على‭ ‬ذلك‭ ‬الكشف‭ ‬ويضع‭ ‬التاريخ‭ ‬ويتسلم‭ ‬شيكا‭ ‬بالمبلغ‭ ‬المتفق‭ ‬عليه‭.‬

وبلغ‭ ‬إجمالي‭ ‬المبالغ‭ ‬التي‭ ‬تقاضاها‭ ‬نظير‭ ‬اتجاره‭ ‬بوظيفته‭ ‬10600‭ ‬دينار،‭ ‬إذ‭ ‬استمر‭ ‬هذا‭ ‬الوضع‭ ‬حتى‭ ‬تم‭ ‬اكتشاف‭ ‬أمر‭ ‬التعاقد‭ ‬مع‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬مع‭ ‬البنك‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬مصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬في‭ ‬أغسطس‭ ‬العام‭ ‬2019،‭ ‬وقد‭ ‬اقر‭ ‬المتهمون‭ ‬جميعا‭ ‬عدا‭ ‬الثاني‭ ‬بقيام‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬بإمداد‭ ‬البنك‭ ‬بالمعلومات‭ ‬الخاصة‭ ‬بعملائهم‭ ‬رغم‭ ‬علمهم‭ ‬بأنه‭ ‬يعمل‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية‭.‬

عقوبة‭ ‬مخففة

وذكرت‭ ‬المحكمة‭ ‬في‭ ‬أسباب‭ ‬حكمها‭ ‬أنه‭ ‬نظرا‭ ‬لظروف‭ ‬الدعوى‭ ‬وملابساتها‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمتهمين‭ ‬الرابع‭ ‬والخامس،‭ ‬فإنها‭ ‬تأخذهما‭ ‬بقسط‭ ‬من‭ ‬الرأفة‭ ‬وتنزل‭ ‬بالعقوبة‭ ‬لحد‭ ‬الحبس،‭ ‬عملا‭ ‬بمقتضى‭ ‬المادة‭ (‬72‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات،‭ ‬ولما‭ ‬كان‭ ‬الثابت‭ ‬من‭ ‬أخلاقهما‭ ‬وماضيهما‭ ‬ما‭ ‬يحمل‭ ‬على‭ ‬الاعتقاد‭ ‬أنهما‭ ‬لن‭ ‬يعودا‭ ‬إلى‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬جديدة،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تنتهي‭ ‬معه‭ ‬إلى‭ ‬شمول‭ ‬حكمها‭ ‬بوقف‭ ‬التنفيذ‭ ‬عملا‭ ‬بالمادتين‭ (‬81‭ ‬و83‭) ‬من‭ ‬ذات‭ ‬القانون‭.‬

أسباب‭ ‬البراءة

وبشأن‭ ‬براءة‭ ‬الرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للبنك‭ - ‬المتهم‭ ‬الثاني‭- ‬قالت‭ ‬إنه‭ ‬يكفي‭ ‬أنها‭ ‬تشككت‭ ‬في‭ ‬صحة‭ ‬إسناد‭ ‬الاتهام‭ ‬المسند‭ ‬إليه‭ ‬لكي‭ ‬تقضي‭ ‬بالبراءة؛‭ ‬لأنها‭ ‬وبعدما‭ ‬استعرضت‭ ‬وقائع‭ ‬الدعوى‭ ‬ترى‭ ‬أن‭ ‬الاتهام‭ ‬المسند‭ ‬إليه‭ ‬تحيط‭ ‬به‭ ‬ظلال‭ ‬من‭ ‬الشك‭ ‬والريبة،‭ ‬وأن‭ ‬للواقعة‭ ‬صورة‭ ‬أخرى‭ ‬غير‭ ‬تلك‭ ‬التي‭ ‬قررها‭ ‬ضابط‭ ‬التحريات‭ ‬والمتهمة‭ ‬الثالثة،‭ ‬وأنهما‭ ‬أحجما‭ ‬عن‭ ‬ذكرها‭ ‬لإسباغ‭ ‬الشرعية‭ ‬عليها‭.‬

آية‭ ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬قرر‭ ‬بالتحقيقات‭ ‬أنه‭ ‬على‭ ‬علاقة‭ ‬صداقة‭ ‬سابقة‭ ‬بالمتهمة‭ ‬الثالثة،‭ ‬وهي‭ ‬من‭ ‬طلبت‭ ‬منه‭ ‬أن‭ ‬يمد‭ ‬البنك‭ ‬بالحالة‭ ‬الجنائية‭ ‬للعملاء‭ ‬طالبي‭ ‬القروض،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنها‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬بوزارة‭ ‬الداخلية،‭ ‬فرفض‭ ‬بالبداية‭ ‬لكنها‭ ‬أبلغته‭ ‬أن‭ ‬العمل‭ ‬قانوني‭ ‬وسيتقاضى‭ ‬عنه‭ ‬مقابل‭ ‬من‭ ‬البنك‭ ‬بين‭ ‬400‭ ‬إلى‭ ‬500‭ ‬دينار،‭ ‬فالتقاها‭ ‬بالبنك‭ ‬وكان‭ ‬بحوزتها‭ ‬عقد‭ ‬موقع‭ ‬من‭ ‬المتهم‭ ‬الثاني،‭ ‬والذي‭ ‬لم‭ ‬يلتق‭ ‬به‭ ‬أو‭ ‬يعرفه‭ ‬ولم‭ ‬يبلغه‭ ‬بطبيعة‭ ‬عمله؛‭ ‬كونه‭ ‬لم‭ ‬يتحدث‭ ‬معه‭.‬

فضلا‭ ‬عن‭ ‬أن‭ ‬المتهم‭ ‬الثاني‭ ‬طلب‭ ‬منها‭ ‬جلب‭ ‬شركة‭ ‬تمد‭ ‬البنك‭ ‬بالمعلومات‭ ‬التي‭ ‬يتطلبها‭ ‬المصرف‭ ‬البحرين‭ ‬المركزي‭ ‬للعملاء‭ ‬الراغبين‭ ‬بالحصول‭ ‬على‭ ‬القروض،‭ ‬وأنها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬جلبت‭ ‬له‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬لمعرفتها‭ ‬المسبقة‭ ‬به،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬المحكمة‭ ‬اطمئنانا‭ ‬وأوصلها‭ ‬لحد‭ ‬اليقين‭ ‬بأن‭ ‬ما‭ ‬أقدم‭ ‬معه‭ ‬المتهم‭ ‬الثاني‭ ‬لإبرام‭ ‬عقد‭ ‬مع‭ ‬الأول‭ ‬كان‭ ‬مرجعه‭ ‬أنه‭ ‬يستطيع‭ ‬التوصل‭ ‬للبيانات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البحث‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬المحاكم‭ ‬والجرائد‭ ‬الرسمية‭ ‬حسبما‭ ‬قرر‭ ‬وأخبرته‭ ‬المتهمة‭ ‬الثالثة‭ ‬أنه‭ ‬محل‭ ‬اختبار‭ ‬سابق‭ ‬منها،‭ ‬وأنه‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬على‭ ‬علم‭ ‬بأن‭ ‬الأول‭ ‬يعمل‭ ‬بالداخلية‭ ‬وإلا‭ ‬لما‭ ‬أقدم‭ ‬على‭ ‬تحرير‭ ‬ذلك‭ ‬العقد‭ ‬ليثبت‭ ‬على‭ ‬نفسه‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬الرشوة،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصوره‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬بمستواه‭ ‬الفكري،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬إنكاره‭ ‬أثناء‭ ‬التحقيق‭ ‬معه‭ ‬بما‭ ‬نسب‭ ‬إليه،‭ ‬وترجح‭ ‬دفاع‭ ‬المتهم؛‭ ‬كونه‭ ‬أولى‭ ‬بالاعتبار‭ ‬مما‭ ‬عداه‭ ‬مما‭ ‬يتعين‭ ‬معه‭ ‬عملا‭ ‬بنص‭ ‬المادة‭ (‬255‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الإجراءات‭ ‬الجنائية‭ ‬القضاء‭ ‬ببراءة‭ ‬المتهم‭ ‬ما‭ ‬نسب‭ ‬إليه‭ ‬من‭ ‬اتهام‭.‬

عفو‭ ‬للاعتراف

أما‭ ‬بشأن‭ ‬طلب‭ ‬الإعفاء‭ ‬المقدم‭ ‬من‭ ‬المتهمة‭ ‬الثالثة،‭ ‬فأفادت‭ ‬أنه‭ ‬لما‭ ‬كان‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أنه‭ ‬وفقا‭ ‬لنص‭ ‬المادة‭ (‬193‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬بادر‭ ‬الشريك‭ ‬بإبلاغ‭ ‬السلطات‭ ‬القضائية‭ ‬أو‭ ‬الإدارية‭ ‬أو‭ ‬اعترف‭ ‬بها‭ ‬قبل‭ ‬اتصال‭ ‬المحكمة‭ ‬بالدعوى،‭ ‬عُدَّ‭ ‬ذلك‭ ‬عذرا‭ ‬مخففا‭ ‬للعقوبة،‭ ‬ويجوز‭ ‬للقاضي‭ ‬إعفاؤه‭ ‬من‭ ‬العقوبة‭ ‬إذا‭ ‬رأى‭ ‬محلا‭ ‬لذلك‭.‬

ولما‭ ‬كان‭ ‬ذلك،‭ ‬وكان‭ ‬الثابت‭ ‬للمحكمة‭ ‬أن‭ ‬المتهمة‭ ‬اعترفت‭ ‬بتحقيقات‭ ‬النيابة‭ ‬وقبل‭ ‬اتصال‭ ‬المحكمة‭ ‬بالدعوى‭ ‬أنها‭ ‬توسطت‭ ‬بين‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬والرئيس‭ ‬التنفيذي‭ ‬للبنك‭ ‬لإمدادهم‭ ‬بالمعلومات‭ ‬الجنائية‭ ‬باعتبار‭ ‬أنه‭ ‬يعمل‭ ‬بالداخلية‭ ‬ولديه‭ ‬تلك‭ ‬القدرة‭ ‬رغم‭ ‬علمها‭ ‬أن‭ ‬تلك‭ ‬الطريقة‭ ‬غير‭ ‬قانونية،‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬تكون‭ ‬معه‭ ‬الشروط‭ ‬التي‭ ‬أوجبتها‭ ‬المادة‭ ‬آنفة‭ ‬البيان‭ ‬قد‭ ‬تحققت‭ ‬في‭ ‬جانب‭ ‬المتهم‭ ‬مما‭ ‬يتعين‭ ‬معه‭ ‬إعفاؤها‭ ‬من‭ ‬العقاب‭ ‬عن‭ ‬التهمتين‭ ‬المسندتين‭ ‬إليها‭.‬

المرافعة‭ ‬والدفوع

وكان‭ ‬قد‭ ‬ترافع‭ ‬المحاميان‭ ‬عبدالرحمن‭ ‬غنيم‭ ‬وإسلام‭ ‬غنيم‭ ‬عن‭ ‬المتهمين‭ ‬الثاني‭ ‬والرابع‭ ‬والخامس،‭ ‬وتساءلا‭ ‬أنه‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬نية‭ ‬المتهمين‭ ‬انصرفت‭ ‬لرشوة‭ ‬المتهم‭ ‬الأول،‭ ‬فلماذا‭ ‬أبرم‭ ‬البنك‭ ‬معه‭ ‬عقد‭ ‬عمل‭ ‬يتقاضي‭ ‬بموجبه‭ ‬مبلغ‭ ‬300‭ ‬دينار‭ ‬شهريا‭.‬

ودفع‭ ‬وكيل‭ ‬المتهم‭ ‬الثاني‭ ‬في‭ ‬الاتهام‭ ‬الخاص‭ ‬بالاشتراك‭ ‬في‭ ‬جناية‭ ‬الرشوة‭ ‬بعدم‭ ‬قبول‭ ‬الدعوى‭ ‬الجنائية‭ ‬لتحريكها‭ ‬بغير‭ ‬الطريق‭ ‬الذي‭ ‬رسمه‭ ‬القانون‭ ‬ومن‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬صفة‭ ‬وعلى‭ ‬غير‭ ‬ذي‭ ‬صفة،‭ ‬وببراءة‭ ‬موكله‭ ‬من‭ ‬الاشتراك‭ ‬في‭ ‬الرشوة‭ ‬لعدم‭ ‬قيام‭ ‬أركان‭ ‬الجريمة‭ ‬في‭ ‬حقه‭ ‬والمنصوص‭ ‬عليها‭ ‬بالمادة‭ (‬186‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭.‬

كما‭ ‬دفع‭ ‬المحامي‭ ‬إسلام‭ ‬غنيم‭ ‬عن‭ ‬المتهمين‭ ‬الثاني‭ ‬والرابع‭ ‬والخامس،‭ ‬والمتهمين‭ ‬بالاشتراك‭ ‬في‭ ‬جناية‭ ‬إفشاء‭ ‬الأسرار،‭ ‬بخطأ‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬في‭ ‬قيد‭ ‬ووصف‭ ‬واقعة‭ ‬الاتهام‭ ‬بإحالة‭ ‬المتهمين‭ ‬بموجب‭ ‬المادة‭ (‬371‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬المادة‭ (‬58/1‭/‬ط‭) ‬من‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ (‬30‭) ‬لسنة‭ ‬2018‭ ‬بإصدار‭ ‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬البيانات‭ ‬الشخصية،‭ ‬وطلب‭ ‬براءة‭ ‬المتهمين‭ ‬الرابع‭ ‬والخامس‭ ‬من‭ ‬تهمة‭ ‬إفشاء‭ ‬معلومات‭ ‬سرية‭ ‬المعاقب‭ ‬عليها‭ ‬بموجب‭ ‬المادة‭ (‬371‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬البحريني‭ ‬لانتفاء‭ ‬أركان‭ ‬الجريمة‭ ‬وصفة‭ ‬السرية‭ ‬عن‭ ‬المعلومات‭ ‬محل‭ ‬الاتهام،‭ ‬واحتياطيا‭ ‬بانتفاء‭ ‬علم‭ ‬المتهمين‭ ‬الرابع‭ ‬والخامس‭ ‬بالظرف‭ ‬المشدد‭ (‬صفة‭ ‬الموظف‭ ‬العام‭) ‬المنصوص‭ ‬عليها‭ ‬بالمادة‭ (‬371‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات،‭ ‬كون‭ ‬أنهم‭ ‬لم‭ ‬يكونوا‭ ‬يعلمون‭ ‬بأن‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬موظف‭ ‬عام‭.‬

والتمس‭ ‬من‭ ‬المحكمة‭ ‬قبل‭ ‬الفصل‭ ‬في‭ ‬الموضوع‭ ‬بتعديل‭ ‬القيد‭ ‬الوارد‭ ‬في‭ ‬أمر‭ ‬الإحالة‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬المتهمين‭ ‬الثاني‭ ‬والرابع‭ ‬والخامس‭ ‬لتصبح‭ ‬المواد‭ ‬الواجبة‭ ‬التطبيق‭ ‬إما‭ ‬المادة‭ (‬58/1‭/‬ط‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬رقم‭ (‬30‭) ‬لسنة‭ ‬2018‭ ‬بإصدار‭ ‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬البيانات‭ ‬الشخصية‭ ‬أو‭ ‬المادة‭ ‬الرابعة‭ ‬والمادة‭ ‬السادسة‭ ‬فقرة‭ (‬و‭) ‬من‭ ‬القانون‭ ‬رقم‭ (‬16‭) ‬لسنة‭ ‬2014‭ ‬بشأن‭ ‬معلومات‭ ‬ووثائق‭ ‬الدولة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬المادة‭ (‬371‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭.‬

وفي‭ ‬الموضوع‭ ‬طلب‭ ‬براءة‭ ‬موكليه‭ ‬من‭ ‬تهمة‭ ‬إفشاء‭ ‬الأسرار‭ ‬المعاقب‭ ‬عليها‭ ‬بموجب‭ ‬المادة‭ (‬371‭) ‬من‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬لانتفاء‭ ‬أركان‭ ‬الجريمة‭ ‬المذكورة،‭ ‬ولعدم‭ ‬تقديم‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬الدليل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬أداة‭ ‬قانونية‭ ‬تصنف‭ ‬درجة‭ ‬سرية‭ ‬المعلومات‭ ‬الخاصة‭ ‬بالحالة‭ ‬الجنائية‭ ‬للأشخاص‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬القانوني‭ ‬البحريني‭.‬

كما‭ ‬طالب‭ ‬وكيل‭ ‬المتهمة‭ ‬الثالثة‭ ‬ببراءة‭ ‬موكلته‭ ‬مما‭ ‬نسب‭ ‬إليها‭ ‬من‭ ‬اتهامات،‭ ‬باعتبار‭ ‬أنها‭ ‬لم‭ ‬تقم‭ ‬بأي‭ ‬مخالفة‭ ‬قانونية،‭ ‬وأنها‭ ‬هي‭ ‬من‭ ‬تقدمت‭ ‬بعقد‭ ‬العمل‭ ‬المبرم‭ ‬بين‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬والبنك‭ ‬إلى‭ ‬المصرف‭ ‬المركزي،‭ ‬مطالبا‭ - ‬بشكل‭ ‬احتياطي‭ - ‬بوقف‭ ‬تنفيذ‭ ‬العقوبة‭ ‬أو‭ ‬إعفائها‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ارتأت‭ ‬المحكمة‭ ‬إدانتها‭.‬

وكانت‭ ‬أحالتهم‭ ‬النيابة‭ ‬العامة‭ ‬للمحاكمة‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬أنهم‭ ‬في‭ ‬غضون‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬سبتمبر‭ ‬2016‭ ‬وحتى‭ ‬سبتمبر‭ ‬2019،‭ ‬ارتكبوا‭ ‬الآتي‭:‬

أولا‭: ‬المتهم‭ ‬الأول‭:‬

1-‭ ‬حال‭ ‬كونه‭ ‬موظفا‭ ‬عاما‭ ‬طلب‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬عطية‭ ‬لأداء‭ ‬عمله‭ ‬وذلك‭ ‬بأن‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬المتهمين‭ ‬الثاني‭ ‬والثالث‭ ‬مبلغ‭ ‬10‭ ‬آلاف‭ ‬دينار‭ ‬مقابل‭ ‬قيامه‭ ‬بتزويد‭ ‬البنك‭ ‬بمعلومات‭ ‬سرية‭ ‬عن‭ ‬العملاء‭ ‬المتقدمين‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬قروض‭.‬

2-‭ ‬قام‭ ‬بصفته‭ ‬موظفا‭ ‬عاما‭ ‬بإفشاء‭ ‬أسرار‭ ‬مستودعة‭ ‬عنده‭ ‬بحكم‭ ‬عمله‭ ‬في‭ ‬غير‭ ‬الأحوال‭ ‬المصرح‭ ‬بها‭ ‬قانونا‭ ‬واستعملها‭ ‬لمنفعة‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭.‬

ثانيا‭: ‬المتهمان‭ ‬الثاني‭ ‬والثالثة‭: ‬اشتركا‭ ‬بطريق‭ ‬الاتفاق‭ ‬والمساعدة‭ ‬من‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬جناية‭ ‬الرشوة‭ ‬للإخلال‭ ‬بواجبات‭ ‬وظيفته،‭ ‬ومواراة‭ ‬لمبلغ‭ ‬الرشوة‭ ‬تم‭ ‬تحرير‭ ‬عقد‭ ‬بينهم‭.‬

ثالثا‭: ‬المتهمون‭ ‬من‭ ‬الثاني‭ ‬حتى‭ ‬الخامس‭: ‬اشتركوا‭ ‬بطريق‭ ‬الاتفاق‭ ‬والمساعدة‭ ‬مع‭ ‬المتهم‭ ‬الأول‭ ‬في‭ ‬ارتكاب‭ ‬جناية‭ ‬إفشاء‭ ‬الأسرار‭ ‬المبينة‭ ‬بالبند‭ ‬أولا‭/‬2‭.‬